حكم التخلّف عن صلاة الجمعة لمريض التوحد

تاريخ الفتوى: 09 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 8313
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم التخلّف عن صلاة الجمعة لمريض التوحد

إلى أي مدًى تُعدُّ الإصابة بالتوحد أو الذَّاتَوِيَّة من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة؟

إذا كان المصاب باضطراب التوحد أو الذَّاتَوِيَّة يتضرر من التواجد في أماكن التجمعات ونصحه الطبيب بتركها، فيباح له حينئذٍ ترك صلاة الجمعة، ويجب عليه صلاة الظهر في بيته أربع ركعات.

المحتويات

 

مراعاة الشريعة الإسلامية لأصحاب الاعذار والضعفاء

راعت الشريعة الإسلامية جميع فئات المجتمع رعاية بالغة، إلا أنها أولت الضعيف منهم مزيدَ عنايةٍ؛ فاختصَّته بأحكامٍ وتشريعاتٍ تَجبُر بها ما ابتُلي به من ضعفٍ أو مرضٍ، وتحفظ له بين الجميع حقَّه وقدْرَه دون أن تُعَرِّضَه لحال الحرج أو لمزيد ضرر، وزادت على ذلك أن أوصت به وبيَّنت جُرْم التفريط في حقِّه، فعنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يُعْطَى الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ» أخرجه ابن ماجه في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف"، وأبو يعلى الموصلي في "المسند".

بيان المراد بمرض التوحد

التوحد من الوحدة، وهو أصل لغوي يدل على الانفراد، وتوحَّد الرجل: بقي وحده، ورجل متوحِّد: لا يخالط الناس ولا يجالسهم. ينظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (6/ 90، ط. دار الفكر)، و"لسان العرب" لابن منظور (3/ 449، ط. دار صادر).

والتوحد في الاصطلاح الطبي يتحدد وفق معيارين؛ الأول: معيار التواصل الاجتماعي والتفاعل. والثاني: محدودية السلوكيات والاهتمامات والأنشطة النمطية المتكررة، بحيث يظهر على الشخص اضطراب نمائي يتسم بالقصور في التفاعل الاجتماعي والتواصل مع المحيطين وممارسة سلوكيات نمطية ومقاومة للتغير والاستجابة غير العادية للخبرات الحسية التي تظهر قبل بلوغ سن الثالثة من العمر، وتختلف أنواع وأعراض اضطراب التوحد من حالة إلى أخرى إلَّا أن جميعها يتسم بالقصور في القدرة على التواصل مع المحيطين، وذلك ما يعرض المصاب به لمشقة حال حضوره أماكن التجمعات، كما أفاده "الدليل الإحصائي والتشخيصي الخامس" الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي (عام 2013م) (ص: 40-42).

مدى عدِّ الإصابة بمرض التوحد من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة

مع وجوب صلاة الجمعة على كلِّ ذكرٍ مكلف؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9]، إلا أن الشرع الشريف جاء بالتيسير ورفع الحرج والمشقة، حيث قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].

ولذا، فقد نصَّ الفقهاء على عدِّ المرض من جملة الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجمعة، خاصة إذا لَحِقَ المريض بذلك مشقة أو خاف زيادة المرض، أو كانت لديه علةٌ لا يمكنه معها اللبث في الجامع حتى تنقضي الجمعة، ولا فرق في ذلك بين كون المشقة حاصلة من مرض عضوي أو مرض نفسي أو اضطراب كاضطراب التوحد.

قال العلامة الميداني الحنفي في "اللباب" (1/ 111، ط. المكتبة العلمية): [(ولا تجب الجمعة على مسافرٍ)؛ للحوق المشقة بأدائها... (ولا مريض) لعجزه عن ذلك] اهـ.

وقال العلامة اللخمي المالكي في "التبصرة" (2/ 554-555، ط. أوقاف قطر): [الأعذار التي تجيز التخلف عن الجمعة أربعةٌ، وهي: ما يتعلق بالنفس، والأهل، والدّين، والمال، فأما ما يتعلق بالنفس: فالمرض الذي يشقُّ معه الإتيان إليها، أو علةٌ لا يمكنه اللبث في الجامع حتى تنقضي الجمعة] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 345، ط. المكتب الإسلامي): [ومن الأعذار الخاصة: المرض، ولا يشترط بلوغه حدًّا يسقط القيام في الفريضة، بل يعتبر أن يلحقه مشقة كمشقة الماشي في المطر... ومنها: أن يخاف على نفسه، أو ماله... فله التخلف] اهـ.

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 464، ط. هجر): [قوله: (ويعذر في ترك الجمعة والجماعة) المريض بلا نزاع، ويعذر أيضًا في تركهما لخوف حدوث المرض] اهـ.

فإذا قرَّر الطبيب الذي يتابع حالة الشخص المصاب باضطراب التوحد أنَّ حضوره لصلاة الجمعة قد يؤدي إلى تضرر حالته الصحية؛ فإن ذلك يبيح له الترخص بتركها ويكفيه حينئذٍ أن يصلي صلاة الظهر في البيت ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، لما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ؛ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّاهَا» قَالُوا: مَا عُذْرُهُ؟ قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ» أخرجه أبو داود، والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"معرفة السنن والآثار"، وقال -مُعَلِّقًا عليه- في "السنن الصغرى" (1/ 190، ط. جامعة الدراسات الإسلامية. كراتشي): [قلت: وما كان من الأعذار في معناها فله حكمهما] اهـ.

قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط " (4/ 107، ط. دار طيبة): [أجمع كلُّ مَن نحفظ عنه من أهل العلم على أنَّ مَن فاتته الجمعة أن يصلي أربعًا] اهـ.

الخلاصة

بناء عليه وفي واقعة السؤال: فإذا كان المصاب باضطراب التوحد أو الذَّاتَوِيَّة يتضرر من التواجد في أماكن التجمعات ونصحه الطبيب بتركها، فيباح له حينئذٍ ترك صلاة الجمعة، ويجب عليه صلاة الظهر في بيته أربع ركعات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.


ما حكم ترك أداء صلاة التراويح في المسجد لعذر العمل؟ فأنا أعمل في مستشفى في قسم الرعاية المركزة، وأحيانًا تكون فترة مناوبتي من أول الليل حتى الصبح، وأنا أحرص منذ سنوات على أداء صلاة التراويح جماعة في المسجد؛ فهل عليَّ ذنب إذا تركتها خلال فترة مناوبتي، أم ماذا أفعل؟


قمت بالطهارة من الجنابة بالاغتسال ولم أقم بالوضوء، وحضرت في صلاة جنازة، فهل الصلاة صحيحة وهل هذه الطهارة تعتبر وضوءًا؟


نرجو منكم بيان ما يُقال عند العجز عن قول التشهد في الصلاة؟ فإن والدتي لا تحفظ التشهد، ولا تستطيع قراءته من ورقة، فما الواجب عليها أن تفعل حتى تكون صلاتها صحيحة؟ وهل يجوز لي أن أجلس بجانبها أثناء الصلاة، وإذا حان وقت التشهد أقرأه عليها وتردد وراءي حتى يتيسر لها حفظه؟


 مريض يعاني من سقوط شَرَجي نازف مزمن يُحدِث له إجهادًا مع كل عملية تبرز؛ نتيجة لتضخم وانتفاخ الشَّرَج بسبب الارتشاح المائي، كما يعاني أيضًا من انتفاخ بطني بصفة دائمة يخرج معه ريح فجائي لا يستطيع التحكم فيه؛ مما يمنعه من صلاة الجماعة وحضور الجمعة خوفًا من تعرضه للحرج، وقد يقوم أحيانًا بالجمع بين الصلاة جمعَ تأخير.
فما الطريقة الشرعية الصحيحة لطهارة هذا المريض ووضوئه وصلاته؟


طلب السائل من خطيب الزاوية التي يصلي بها بأن يقصر في الخطبة؛ لأنه رجل مسن عمره 80 عامًا، ويستند على عكازين، فرد عليه الشيخ وقال له: ليس لك صلاة، ودعنا نعلم الناس.
علمًا بأن السائل يقرر بأن خطبته تمتد أكثر من ساعة، ويقرر أنه تعرض للإهانة من ذلك الشيخ تمس شخصه.
ويطلب: هل من حق خطيب هذه الزاوية طرد شيخ مسن من مسجد لمجرد أنه طلب سرًّا منه عدم إطالة الخطبة لأكثر من ساعة رحمة بالمسنين والمرضى؟ وهل يحق لهذا الخطيب إهانة مسن والاستهزاء بمصلٍّ جاء إلى بيت الله يرجو رحمته ورضاه؟ وهل جعلت المساجد لذكر الله وعبادته أم للمجادلة والاستهزاء بكبار السن؟ وهل طلب التخفيف يوقف تعليم الناس كما اتهمه الإمام المذكور بأنه يقف عقبة في تعليم الناس؟ وبيان الحكم الشرعي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 18 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :14
الشروق
6 :41
الظهر
12 : 49
العصر
4:18
المغرب
6 : 56
العشاء
8 :14