حكم طواف الإفاضة مع الشك في نزول الحيض

تاريخ الفتوى: 25 ديسمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8195
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
حكم طواف الإفاضة مع الشك في نزول الحيض

ما حكم طواف الإفاضة مع الشك في نزول الحيض؟ فامرأة طافت طواف الإفاضة، وعندما انتهت منه ورجعت إلى الفندق وجدت أنها حائض، ولا تَعْلَم وقت نزول الحيض هل كان في أثناء الطواف أو بعده، فماذا تفعل؟

طوافُ المرأة في هذه الحالة صحيحٌ مجزئٌ على كلِّ حالٍ، وحَجَّتُها تامة غير ناقصة، بَيْدَ أنَّ عليها دمًا إذا لم تتيقن من وقتِ نزولِ الحيض، ويستحبُّ لها أن تذبح بدنة؛ خروجًا من خلاف مَن أوجبها مِن الحنفية، وإلَّا فلتذبح شاة، كما هو عند الحنابلة في رواية، فإن شَقَّ عليها ذلك فلا حرج عليها ألَّا تذبح شيئًا؛ أخذًا بما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وجماعة من السلف، واختاره مَن قال مِن الفقهاء بأن الطهارة للطواف سُنَّةٌ، أو هي واجبةٌ تسقط المؤاخذة بها عند العذر، وهو رواية عن الإمام أحمد أفتى بها جمعٌ مِن علماء مذهبه.

المحتويات

 

اختلاف الفقهاء في حكم الطواف أثناء الحيض

الحيضُ المسؤول عنه إمَّا أن يكون حاصلًا في أثناء الطواف أو بعده، فإن حَصَل بعده فلا يُؤثِّر على صحة الطواف، ولا شيء على المرأة؛ لأنَّها بطواف الإفاضة قد اكتمل لها أكثر أركان وواجبات الحج، وما بَقِي -كالرَّمي مثلًا- لا يُشْتَرط له النَّقَاء مِن الحيض.

أمَّا إن كان الحيضُ المسؤول عنه حاصلًا أثناء الطواف، فيرى الحنفية والحنابلة في روايةٍ عن الإمام أحمد: أَنَّ طوافها صحيحٌ؛ لأنَّ الطهارة مِن الحيض ليست مِن شروط صحة الطواف عندهم. وزاد الحنفية: أنَّها إِنْ طافت وهي حائض وَجَب عليها دم.

قال العلامة ابن مَوْدُود الموصلي في "الاختيار" (1/ 163- 164، ط. الحلبي) عند كلامه على طواف الإفاضة: [(وإن طاف للزيارة جُنُبًا فعليه بَدَنة، وكذلك الحائض)؛ لأنَّه لَمَّا وجب جَبْر نقصان الحَدَث بالشاة وَجَب جَبْر نقصان الجَنَابة بالبَدَنة؛ لأنها أعظم فتُعَظَّم العقوبة، وهو مرويٌّ عن ابن عباس رضي الله عنهما] اهـ.

وهذه الصحة للطواف هي أيضًا تقرير مذهب المالكية حالة انقطاع دمها ولو فترةً يسيرةً، حيث نَصُّوا على أن الحائض يجوز لها الطواف حال انقطاع الدم شريطةَ أن تغتسل.

فإن لم ينقطع الدم ففيه خلافٌ عند المالكية: فالذي نَقَله البغداديون عن الإمام مالك رضي الله عنه: أنَّ الطواف لا يصح، وعليها المكث في مكة لحين الطُّهْر، أو الرجوع لبلدها والعودة من قابِلٍ.

والعمل والفتوى عندهم على خلاف ذلك؛ أخذًا من قول المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي فيمَن طاف على غير طهارةٍ وخرج إلى بلده فإن ذلك يجزئه، وتخريجًا على ما رواه البصريون عن الإمام مالك من إحلاله طواف القدوم محل طواف الركن لمن نسيَه أو جهل فرضيته، فرجع إلى بلده دون أن يؤديه، من غير أن يوجب عليه دمًا، وعذر الحائض أبلغ من ذلك، وتصحيح طوافها أَوْلَى؛ فإنَّ تصحيح الطواف دون شرطه أَوْلَى من تصحيحه قبل وقته، إذ حُرمة الوقت مُقدَّمةٌ على حرمة الشرط.

بل قد نَصَّ المالكيةُ -كما هي عبارة الشيخ عِلِيش في "منح الجليل" (2/ 298، ط. دار الفكر)- بعد تقريرِ رواية البغداديين مَذْهبًا: على أنَّ مِن التيسير في هذه الحالة تقليد الإمام أبي حنيفة في عدم اشتراط الطهارة  للطواف، ومعناه: أنَّه يجب الدَّم لو طافت وهي حائض.

ويرى الشافعية، والحنابلة في الصحيح: أَنَّ الطواف في هذه الحالة غير صحيحٍ؛ إذ النَّقَاء من الحيض شرطٌ لصحةِ الطواف عندهم.

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 356، ط. دار الفكر): [وقد أجمع العلماء على تحريم الطواف على الحائض والنفساء، وأجمعوا أنَّه لا يصح منها طواف مفروض ولا تطوع، وأجمعوا أن الحائض والنفساء لا تمنع من شيء من مناسك الحج إلا الطواف وركعتيه، نَقَل الإجماع في هذا كله ابن جرير وغيره] اهـ.

وقال العلامة المَرْدَاوي الحنبلي في "الإنصاف" (1/ 222، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأما الطواف: فتُشترط له الطهارة على الصحيح من المذهب. عليه الأصحاب. فيَحْرُم عليه فعله بلا طهارةٍ ولا يجزيه] اهـ.

غير أنَّ الشافعية نصُّوا على أنَّ الأحوط لها -أي: الحائض التي تريد الطواف- والألْيَقَ بمحاسن الشريعة في حالتها هذه: أن تُقَلِّد مذهب مَن يُصَحِّح طوافَها وهي حائض؛ فتهجم وتطوف بالبيت، ويلزمها بدنة، مع لزوم الإثم، وذلك كما أفادته عبارة العلامة شمس الدين الرَّمْلِي الشافعي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (3/ 317، ط. دار الفكر)، والإمام ابن حجر الهَيْتَمِي الشافعي في "حاشيته على شرح الإيضاح للإمام النووي" (ص: 387-388، ط. دار الحديث).

وكذلك الحال في كل مسألةٍ خلافيةٍ قال بها إمام معتبرٌ، ونال الواقع فيها مشقة؛ فإنَّ له أَنْ يقلِّدَ القائل بما له فيه مَخْلَصٌ؛ إذ السلامة مِن الإثم وتصحيح أفعال المكلفين مقصدٌ شرعيٌّ.

الخلاصة

بناء عليه: فإن كان بمَقْدُورِكِ التَّيَقُّن مِن زمان نزول الحيض، وكان التَّيَقُّن أنَّه بعد الطواف؛ فحَجَّتُكِ صحيحةٌ. وإن لم تتيقَّني -بأَنْ تساوى عندَكِ كون الحيض أثناء الطواف أو حَادِثًا بعده- فالأَصْلُ في العبادات الاحتياط، وهو ما يَجْعلنا نقول بوقوع الحيض أثناء الطواف.

وإذا كان كذلك، فالذي يقتضيه يُسْر الشريعة -كما يقول المالكية، وهو الذي عليه العمل والفتوى- أن تُقَلِّدي مذهب الحنفية في القول بصحة طواف الحائض.

وفي واقعة السؤال: فطوافُكِ صحيحٌ مجزئٌ على كلِّ حالٍ، وحَجَّتُك تامة غير ناقصة، بَيْدَ أنَّ عليكِ دمًا إذا لم تتيقني من وقتِ نزولِ الحيض، ويستحبُّ لكِ أن تذبحي بدنة؛ خروجًا من خلاف مَن أوجبها مِن الحنفية، وإلَّا فلتذبحي شاة، كما هو عند الحنابلة في رواية، فإن شَقَّ عليك ذلك فلا حرج عليكِ ألَّا تذبحي شيئًا؛ أخذًا بما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وجماعة من السلف، واختاره مَن قال مِن الفقهاء بأن الطهارة للطواف سُنَّةٌ، أو هي واجبةٌ تسقط المؤاخذة بها عند العذر، وهو رواية عن الإمام أحمد أفتى بها جمعٌ مِن علماء مذهبه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم من بيت النية بالعمرة ولم يتلفظ بها عند الميقات؟ فهناك رجلٌ أكرمه اللهُ بالعمرة، ونَوَى الإحرام قبل الميقات بعدما تجرَّد مِن المخيط ولبس ملابس الإحرام الخاصة، لكنه نَسِيَ التلفُّظَ بالتَّلْبِيَة عند المرور بالميقات، ولم يتذكر إلا بعده، فلَبَّى عند مَوضِع تَذَكُّرِهِ، فهل إحرامه صحيحٌ شرعًا؟


هل يجوز تكرار العمرة أكثر من مرة في الرحلة الواحدة إلى البيت الحرام؟


ما حكم ما تم دفعه من ثمن الأضحية التي ماتت قبل استلامها من البائع؟ فقد اشتريت بهيمة للأضحية من أحد تجار المواشي وعاينتُها، ودفعتُ أكثر ثمنها بناءً على وزنها مبدئيًّا وقت المعاينة، مع الاتفاق على أنها في ضمان البائع حتى موعد تسليمها المتفق عليه بيننا وهو يوم العيد؛ حيث يتم الوزن حينئذ ودفع باقي الثمن الذي يتحدد بناءً على هذا الوزن النهائي، وتراضينا على ذلك، وبعد يومين ماتت هذه البهيمة، وأرجع لي التاجر المبلغ الذي كنت قد دفعته له. وسؤالي حتى لا أقع في الإثم: هل يجب عليَّ شيءٌ تجاه البائع؟ وهل يحصل لي ثواب الأضحية في هذه الحالة؟


سائل يسأل عن حكم الشرع فيما يقوم به بعض الناس من التعرّض للنساء بالأذى في الشوارع وبعض الأماكن العامة؟


ما حكم إجراء عملية تجميل لإرجاع الأنف لشكلها الأول قبل تعرضها لحادث؟ فقد أُصبتُ بحادث أدى لبعض التشوهات في وجهي، وقمت بعمل عمليات جراحية وتعافيت بحمد الله، لكن أثرت العمليات على وجهي وبرزت الأنف بشكل مختلف أثر على جمالي، ونصحني الطبيب بإجراء عملية تجميلية لإرجاع الأنف لشكلها الأول قبل الحادث، وأريد ذلك بشدة ليعود جمال وجهي، لكن أخبرني زوجي أن هذا تغييرٌ لخلق الله وهو حرام، فهل يجوز لي عمل العملية؟ وهل يكون ذلك تغييرًا لخلق الله؟ أفيدوني أفادكم الله.


ما حكم إقامة الرجل مع مطلقته البائن في مسكن واحد؛ حيث يوجد رجلٌ طلّق زوجته طلاقًا بائنًا، وبعد مدة مَرِض مرضًا مُزْمِنًا جعله لا يستطيع خدمة نفسه، فهل يجوز أن يقيم مع مُطلَّقته في مسكنٍ واحد مع وجود الأولاد طوال اليوم؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :45
الشروق
6 :14
الظهر
11 : 39
العصر
2:41
المغرب
5 : 3
العشاء
6 :23