ما حكم الهدي لمن صام ثلاثة أيام في الحج ثم قدر عليه؟ فهناك رجلٌ أحرم بالحج متمتعًا، ولم تكن لديه القدرة المالية على شراء الهدي، فصام ثلاثة أيامٍ في الحج، ثم تيسَّرت حالُه، فهل يجب عليه الهدي؟
لا يجب على الرجل المذكور الهديُ بعدما صام ثلاثةَ أيامٍ في الحج بَدَلًا عنه حيث لَم تكن لديه القدرة المالية على شرائه، حتى وإنْ تيسَّرت حالُه، فإن أراد الرجوع إلى الهدي جاز له ذلك.
المحتويات
التمتع: هو أنْ يُحرم الحاجُّ بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو مِن غيره مِن المواقيت المكانية التي يمر بها أو مما يحاذيها، ثم يؤديها وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج، وإنما سمي بـ"التمتع"؛ لتمتع صاحبه بإحلال محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ مِن العمرة وإحرامه بالحج، وقيل: لتمتعه بسقوط العَوْدة في حَقِّه إلى الميقات ليُحرِمَ منه بالحج، وقيل: لهذين السببين معًا. ينظر: "تبيين الحقائق" لفخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي (2/ 45، ط. الأميرية)، و"الفواكه الدواني" لشهاب الدين النَّفَرَاوِي المالكي (1/ 371، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" لشمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (2/ 287، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (3/ 260، ط. مكتبة القاهرة).
إذا وُفِّقَ القادمُ مِن الآفاق -وهي: الأماكن الخارجة عن حدود المواقيت المكانية- وأتى بأعمال العمرة في أشهر الحج، ثم مكث في مكة حتى أدَّى مناسك الحج في نفس العام -على النحو المذكور سابقًا-: فإنه يصير بذلك متمتعًا بإجماع الفقهاء، ويجب عليه حينئذ أنْ يُهدي دمًا ما دام مستطيعًا؛ ويسمى "هدي التمتع"، وإلا فعليه الصيام عشرة أيام؛ كما في "الإجماع" للإمام ابن المُنْذِر (ص: 56، ط. دار المسلم).
والأصل في ذلك: أن يصوم الحاجُّ ثلاثةَ أيام في الحج، وسَبْعَةً بعد رجوعه إلى أهله؛ لقول الله تعالى في مُحْكَم التنزيل: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196].
قال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 132، ط. دار الحديث): [وأجمعوا أن هذه الكفارة على الترتيب، وأنَّ مَن لَم يجد الهدي فعليه الصيام] اهـ.
ومِن ثَمَّ، فإذا صام المتمتعُ الأيامَ الثلاثة التي وَجَبَت عليه في الحج -كما هي مسألتنا- فليس عليه هديٌ ولو استطاع وأَيْسَرَ بعد ذلك، ويُكمِل ما عليه مِن صيام سبعة أيام إذا رَجَع مِن حَجِّهِ؛ لأنه لَمَّا عجز عن الهدي انتَقَل إلى البَدَل عنه وهو الصيام، فلا يكون بذلك مطالَبًا بالهدي، ولا يلزمه الرجوع إليه، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء مِن المالكية والشافعية والحنابلة، فإن عاد للهدي جاز له ذلك، واستحبه الشافعية.
ووافَقَ الحنفيةُ الجمهورَ في عدم الانتقال إلى الهدي بعد صيام الأيام الثلاثة، إلا أنهم اشترطوا أن يكون ذلك بعد التحلُّل بالحَلْق أو التقصير، بحيث لو وَجَد الهديَ قبل أن يَحْلِقَ أو يُقَصِّرَ وَجَبَ عليه الهدي، وبطل حُكمُ الصوم في حَقِّهِ.
قال الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 174، ط. دار الكتب العلمية): [ولو وجد الهدي قبل أن يشرع في صوم ثلاثة أيامٍ، أو في خلال الصوم، أو بعدما صام، فوجده في أيام النحر قبل أن يَحْلِقَ أو يُقَصِّرَ، يَلزمه الهدي، ويسقط حُكم الصوم عندنا... ولو وجد الهدي في أيام الذبح أو بعدما حَلَقَ أو قَصَّرَ، فَحَلَّ قبل أن يصوم السبعة، صَحَّ صومه، ولا يجب عليه الهدي] اهـ.
وقال العلامة برهان الدين ابن مَازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 469، ط. دار الكتب العلمية): [ولو قدر على الهدي في خلال الصوم الثلاث أو بعدها قبل يوم النحر، لزمه الهدي، وسقط حُكمه؛ لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل؛ لأن المقصود هو التحلل، ولم يحصل، فسقط حكم البدل، كالمُقِيم إذا وجد الماء قبل الفراغ مِن الصلاة، ولو وجد الهدي بعدما حَلَقَ قبل أن يصوم السبعة، فلا هدي عليه؛ لأن المقصود قد حصل بالحَلْق وهو التحلل، فيسقط حكم البَدَل، وفي "المنتقى": رواية البشر عن أبي يوسف: إذا صام المتمتع ثلاثة أيام، ثم وجد هديًا قبل أن يَحِلَّ، انتقض صومه، وإن وجد الهدي بعدما حَلَّ، جاز صومه، ولا هدي عليه] اهـ.
وقال الإمام ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (2/ 132): [قال مالك: إذا شَرَعَ في الصوم فقد انتَقَل واجبُه إلى الصوم وإن وجد الهدي في أثناء الصوم] اهـ.
وقال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 85، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية العلامة الدسوقي"): [(وندب الرجوع له) أي: للهدي إن أَيْسَرَ (بعد) صومِ يومٍ أو (يومين) وكذا في اليوم الثالث قبل إكماله، وأما بعد إكماله فلا يندب له الرجوع؛ لأنها قسيمة، فكانت كالنصف] اهـ.
قال العلامة الدسوقي في "حاشيته عليه": [وأما إنْ أَيْسَرَ بعد كمال الثالث فإنه لا يندب له الرجوع له، لكن لو رجع له جاز؛ لأنه الأصل] اهـ.
وقال الإمام الرَّافِعِي الشافعي في "فتح العزيز" (7/ 191، ط. دار الفكر): [إذا شَرَعَ في الصوم ثم وجد الهدي، استُحِبَّ له أن يهدي، ولا يلزمه، سواء شَرَعَ في صوم الثلاثة أو في صوم السبعة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 190، ط. دار الفكر): [قال الشافعي والأصحاب: إذا شَرَعَ في صوم التمتع الثلاثة أو السبعة ثم وجد الهدي، لم يلزمه، لكن يستحب أن يهدي] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 420، ط. مكتبة القاهرة): [(ومَن دخل في الصيام، ثم قدر على الهدي، لم يكن عليه الخروج مِن الصوم إلى الهدي، إلا أن يشاء)... ولنا: أنه صوم دخل فيه لعدم الهدي، لم يلزمه الخروج إليه، كصوم السبعة، وعلى هذا يخرج الأصل الذي قاسوا عليه، وإنه ما شرع في الصيام] اهـ.
وقال العلامة علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 516، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله (ومتى وجب عليه الصوم، فشرع فيهن، ثم قدر على الهدي، لم يلزمه الانتقال إليه إلا أن يشاء) هذا المذهب، وعليه الأصحاب] اهـ.
فأفادت هذه النصوص أنَّ مَن أَكمَل صيامَ الأيامِ الثلاثةِ فإنه لا يجب عليه الرجوع إلى الهدي إذا قدر عليه.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب على الرجل المذكور الهديُ بعدما صام ثلاثةَ أيامٍ في الحج بَدَلًا عنه حيث لَم تكن لديه القدرة المالية على شرائه، حتى وإنْ تيسَّرت حالُه، فإن أراد الرجوع إلى الهدي جاز له ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الفطر للصائم الذي نام وفاته الإفطار والسحور واشتد عليه الجوع والعطش؟ فهناك شخص يعمل في مجال صناعة الملابس، ويبدأ موسم العمل والإنتاج بقوة في شهر رمضان الكريم، بحيث يستغرق وقت العمل يوميًا ثماني عشرة ساعة تقريبًا، وغالبًا ما يؤذن المغرب والفجر على العمال أثناء العمل، وفي يوم نسي أحد العمال أن يتناول فطوره واقتصر على شرب المياه وبعض التمرات بعد أذان المغرب حتى أذن عليه الفجر وفاته تناول السحور، فلما دخل اليوم التالي لم يقوَ على الصيام بسبب شدة الجوع والعطش؟
نظرًا لاقتراب موسم الحج لسنة 1364 هجرية سأل وكيل الوزارة المختصة في قرارهم بإصدار تعليمات إلى الجهات بقبول الطلبات من الراغبين في السفر إلى الأقطار الحجازية؛ لأداء فريضة الحج وزيارة الروضة الشريفة، ولما كانت التعليمات المشار إليها تقضي -ضمنًا- باتخاذ الإجراءات الصحية نحو مقدِّمِي هذه الطلبات؛ وذلك بتطعيمهم ضد الجدري وحقنهم ضد الكوليرا والتيفويد، وأن هذه الإجراءات ستتخذ نحوهم في خلال شهر رمضان المعظم؛ لذلك نرجو التفضل بإبداء الرأي فيما إذا كانت الإجراءات الصحية المشار إليها تبطل الصوم إذا اتخذت أثناء النهار مع الصائم، أم لا تبطل صحته؟ وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
هل سداد الدين مقدم أم حج النافلة؟ فقد اشتريت من خالي عمارة بمبلغ 275 ألف جنيه؛ دفعت مقدمًا 100 ألف جنيه، وأقوم بدفع 10 آلاف جنيه شهريًّا، والباقي الآن 115 ألف جنيه، وأرغب في الحج هذا العام مع أمي بحوالي 70000 ألف جنيه، علمًا بأنني سبق لي الحج العام الماضي، كما سبق لي الحج مع أمي منذ 4 سنوات، وخالي في حاجة إلى باقي المبلغ، وطلبه مني أكثر من مرةٍ؛ لأنه أُحيل إلى التقاعد، ومعاشُه لا يكفي احتياجاتِه.
أرجو التكرم بالإفادة، هل يجوز لي الحجُّ مع أمي، أو أُعطي خالي باقي المبلغ المستحق؟ لأنه أبلغني أنه في حاجة إليه.
ما حكم وضع كريم لمنع تساقط الشعر أثناء الحج؟
ما حكم خروج المتمتع إلى ميقات مكاني كأبيار علي؟ فهناك شخص سافر مع شركة سياحية لأداء الحج، وكان برنامج الرحلة أن يذهب إلى مكة حتى نهاية الحج، ثم يتوجهون إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنوى الحجَّ متمتعًا، وبعد أدائه العمرة وتحلُّله منها، أخبره المشرفون أن برنامج الرحلة قد تغير، وأن موعد زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكون قبل أداء الحج لظروف طارئة، فذهب للزيارة، وفي أثناء عودته أحرم بالحج من أبيار علي، فهل انقطع تمتعه أو لا؟ وإن لم ينقطع فهل يلزمه الهدي؟ وإذا أحرم منها فهل يمكنه أن يحرم متمتعًا أو قارنًا؟ وهل يلزمه هدي أو لا؟ وهل يصح إحرامه بعمرة ثانية؟ كما يُرجى الإفادة عن حكم ما فعله بعض المرافقين في الرحلة حيث لم يُحرموا من أبيار علي وأحرموا من داخل الحرم، فمنهم من أفرد، ومنهم من تمتع، ومنهم من قرن، وجزاكم الله خيرًا.
نرجو بيان ما يجب على من أفطر أيامًا في شهر رمضان لعذر؟ لأنه يوجد امرأة كبيرة بالسنِّ، أفطرت عدة أيام من كل شهر رمضان مرَّ عليها ولم تقضها، وعندما أرادت أن تُعوّض هذه الأيام أدركت أنها كثيرة وأنها تجد مشقة في صيامها؛ لأنها تصوم رمضان بمشقة وتعب. وتسأل عن الآتي:
- هل يجوز إطعام فقير عن كلِّ يوم، أو دفع نقود بدل الإطعام؟ وما المبلغ المطلوب دفعه عن كل يوم؟
- إذا كان دفع النقود جائزًا، فهل يجوز دفعه في أي شهر من السنة؟
- وهل يجوز دفعها إلى صندوق في مسجد، وهو مخصص لمساعدة أهل الحي الفقراء، ويقوم المشرفون عليه بتوزيعها على المستحقين؟