حكم تعليم مناسك العمرة عن طريق عمل مجسم للكعبة

تاريخ الفتوى: 09 أغسطس 2005 م
رقم الفتوى: 1905
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الحج والعمرة
حكم تعليم مناسك العمرة عن طريق عمل مجسم للكعبة

ما مشروعية تعليم مناسك العمرة عن طريق عمل مجسم للكعبة والطواف حولها؟

لا بأس بتعليم مناسك العمرة على النحو الوارد بالسؤال، بل إنه قد يرتقي إلى الاستحباب، وإذا لم يُمكِن فَهْمُ المنسك إلا به فقد يجب، على أن يتم ذلك في جو من التعظيم لشعائر الله كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].

المحتويات

 

مكانة العلم والتعليم في الإسلام

رفع الله تعالى شأن العلماء فقال: ﴿قُل هَل يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعلَمُونَ﴾ [الزمر: 9]، وطلب منهم تعليم عباده فقال جل شأنه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: 187]، كما طلب منا سبحانه وتعالى الحج والعمرة بقوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمرَةَ للهِ﴾ [البقرة: 196]، فأمر بالأداء والإتمام، ومعلوم أنه لا عمل قبل العلم، قال الإمام البخاري في (كتاب العلم) من "صحيحه": (باب العلم قبل القول والعمل لقول الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ﴾ [محمد: 19] فبدأ بالعلم).

صور من التعليم التصوري في الإسلام

كان من سنة الله تعالى في تعليم نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وآله وسلم التنوع، من هذا ما صرَّح به النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث سُئِل: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ» أخرجه الشيخان عن السيدة عائشة رضي الله عنها.
وورد أن الغيب كان يُصَور أمامه كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ وَأَنَا أُصَلِّي فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» أخرجه الشيخان.
ومثله ورد في حادثة الإسراء حين سأل الكفَّارُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عن وصف بيت المقدس فقال: «لَمَّا كَذَّبَتنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْر، فَجَلا اللهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ» أخرجه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه.
وهكذا أيضًا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُعلِّم أصحابه بأساليب متنوعة، فقد صوَّر لهم ما يشبه اللوحات التوضيحية كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ، وَقَالَ: «هَذَا الْإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ -أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ- وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الْخُطُطُ الصِّغَارُ الْأعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا» أخرجه البخاري.
وأخرج أيضًا عَنْ أنس رضي الله عنه قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم خُطُوطًا، فَقَالَ: «هَذَا الْأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الْأَقْرَبُ».
وكان أحيانًا يُمَثِّل ما يحكيه بفعله كما في حديث الذين تكلموا في المهد، والذي يرويه سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه، وفيه: «... وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمصُّهُ»، قَالَ سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَمصُّ إِصْبَعَهُ". أخرجه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم: "فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ فِي فَمِهِ فَجَعَلَ يَمصُّهَا". قال الحافظ ابن حجر تعليقًا على الحديث: [وفيه المبالغة في إيضاح الخبر بتمثيله بالفعل] اهـ. "فتح الباري".
وقد يُشَبِّه الغائبَ بالشاهد لاستحضار الصورة، كما شبَّه عددًا من الأنبياء وجبريل عليهم السلام ببعض الصحابة رضي الله عنهم وقال: «أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ» رواه البخاري ومسلم، يعني نفسه صلى الله عليه وآله وسلم، والروايات في "صحيح مسلم" عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، وبعضها أصله في البخاري.
بل قد ورد تأديته بعض العبادات عمليًّا لقصد التعليم كما في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على المنبر، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلاتِي» أخرجه البخاري ومسلم.
ثم سَرَت هذه الطريقة في سلفنا الصالح أيضًا؛ فعن أَبِي قِلابَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ رضي الله عنه -أحد الصحابة رضي الله عنهم- فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، فَقَالَ: "إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُصَلِّي" أخرجه البخاري، وترجم له: (باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسنته).
وورد عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ، يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ أَوْ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ. قَالَ: فَرَجَّعَ فِيهَا. قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ يَحْكِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ؟ قَالَ: «آ آ آ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ» أخرجه البخاري.

التعلم عن طريق المعاينة أقوى من السمع

المعاينة تكون أقوى أثرًا في النفس من السمع كما ورد في الحديث: «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ مُوسَى بِمَا صَنَعَ قَوْمُهُ فِي الْعِجْلِ، فَلَمْ يُلْقِ الأَلْوَاحَ، فَلَمَّا عَايَنَ مَا صَنَعُوا أَلْقَى الأَلْوَاحَ فَانْكَسَرَتْ» أخرجه ابن حبان والحاكم والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، واللفظ لأحمد في "مسنده" عن ابن عباس رضي الله عنهما.
مما تقدم يُعلم أنه لا بأس بتعليم مناسك العمرة على النحو الوارد بالسؤال، بل إنه قد يرتقي إلى الاستحباب، وإذا لم يمكن فهم المنسك إلا به فقد يجب، وعلى أن يتم ذلك في جو من التعظيم لشعائر الله؛ ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]. نسأل الله لنا وللمسلمين حسن العلم والعمل بالدين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الذهاب للعمرة لمن لا تجد مَن يعتني بأطفالها؟ حيث أرغب في الذهاب للعمرة وعندي القدرة المالية لكن لا أجد مَن يعتني بأطفالي في وقت سفري؛ خاصة أن أحدهم ما زال في مدة الرضاع، ويصعب عليَّ اصطحابهم معي لصغر أعمارهم، فهل عليَّ إثم إن تخلفتُ عن العمرة في هذا العام، وهل الأفضل لي السفر أو البقاء لرعاية أولادي؟


ما حكم تقصير بعض شعر الرأس عند التحلل من العمرة بالنسبة للرجال؟ فأنا سافرت أنا ومجموعة من الأصدقاء إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة لأداء العمرة، وبعد أن انتهينا من المناسك، ذهبنا إلى الحلاق وطلبت منه أن يقص لي أطراف شعر رأسي من جوانبه فقط، فأخبرني أحد أصدقائي الذين كانوا معي أنه يجب علينا أن نحلق جميع شعر الرأس لنتحلل، فما الحكم الشرعي في ذلك؟


هل مساعدة الفقراء أَولى من نافلة الحج؟ وما هو الأفضل بالنسبة للأغنياء: هل هو حج التطوع وعمرة التطوع، أو كفاية الفقراء والمساكين والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغير ذلك من وجوه تفريج كرب الناس وتخفيف آلامهم وسد حاجاتهم، وذلك في ظل ما يعيشه المسلمون من ظروف اقتصادية صعبة؟


هل يضيع عليّ أجر صيام يوم عرفة بعد ما شرعت فيه؛ ثم جاءني الحيض فجأة؟


ما هي شروط الاستطاعة في الحج بالنسبة للنساء؟ فكثير من النساء في حاجة إلى معرفة شروط الاستطاعة بالنسبة لهن في الحج، بمعنى أنه متى تكون المرأة مستطيعة حتى تخرج بنفسها لأداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام؟


ما حكم نفقة حج الزوجة والحج عن الميت من التركة؟ حيث لي أخ كان قد وعد زوجته بأداء فريضة الحج معًا، ولكنه توفي قبل موعد الحج، فقامت زوجته بالحج وأخذت أخاها معها مَحرمًا لقضاء الحج عن شقيقي، وقامت بخصم مصاريف الحج من تَرِكته، ثم قامت بتقسيم التركة بعد خصم مصاريف الحج، وليس لأخي أولاد، وله أخت شقيقة، وتدخل بعض علماء الأزهر بالقرية وأفهموها أن الحج لا بد أن يكون من حقها الشرعي وليس من جملة التَّرِكة، فرفضت، ورفضت تكليف أحد أقاربنا بالسعودية لقضاء الحج عن أخي، وأصرت على موقفها، فأرجو الإفادة عن الحكم الشرعي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31