هل الأجر سواء إذا استخدمنا فرشاةً ومعجونًا أو سِوَاكًا؟
استخدام الفرشاة مع معجون تنظيف الأسنان يحصل به ثواب الإتيان بأصل سنة السواك ما دام يحقق الغاية المقصودة من دلك الأسنان وتنظيفها وتطييب رائحة الفم، مع التأكيد على تمام سنة السواك باستخدام عود الأراك، ثم ما كان من شجرة الزيتون، ومراعاة غسل العود بعد الاستخدام، واستعماله بطريقة صحية.
المحتويات
فرشاة الأسنان: هي أداةٌ صغيرةٌ مصنوعةٌ من شعيراتٍ تستخدم في تنظيف الأسنان واللثة مما يبقى عليها من بقايا الطعام وغير ذلك.
الاستياك لغةً: مصدر استاك. واستاك: نظّف فمه وأسنانه بالسواك، ومثله تسوك. ويقال: ساك فمه بالعود يسوكه سوكًا إذا دلكه به. ولفظ السواك يطلق ويراد به الفعل، ويطلق ويراد به الآلة التي يستاك بها، ويسمى أيضًا المسواك. ينظر: "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" للشيخ الصاوي المالكي (1/ 124، ط. دار المعارف)، و"المعجم الوسيط" (1/ 465، مادة "سوك"، ط. دار الدعوة).
وفي الاصطلاح: استعمال عودٍ أو نحوه في الأسنان لتذهب الصُّفرة وغيرها عنها. ينظر: "شرح النووي على صحيح مسلم" (3/ 142، ط. دار إحياء التراث العربي).
وهو سنةٌ من السنن النبوية المطهرة، حافظ عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورغب فيها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي -أَوْ عَلَى النَّاسِ- لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ» متفقٌ عليه.
والسواك مرضاةٌ للرب سبحانه وتعالى ومطهرةٌ للفم؛ فأخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن عَائِشَةُ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
ونص بعض العلماء على أن السواك من الأمور التي خص اللهُ بها أمةَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالسواك قبل أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان خاصًّا بالأنبياء دون أممهم، فلم يكن لأمةٍ قبل الأمة الإسلامية.
قال الإمام البيجوري في "حاشيته على شرح ابن القاسم الغزي على متن الشيخ أبي شجاع" (1/ 79، ط. دار الكتب العلمية): [وهو من الشرائع القديمة؛ كما يدل له قوله صَلَّى الله عليه وآله وسلم: «هَذَا سِّوَاكِي وسِّوَاك الأَنبياءِ من قَبلِي» أي من عهد إبراهيم عليه السَّلام، لا مطلقًا؛ لأنَّه أول من استاك. ونص بعضهم على أنَّه من خصائص هذه الأمة بالنسبة للأمم السابقة، لا للأنبياء؛ لأنَّه كان للأنبياء السابقين من عهد إبراهيم دون أممهم] اهـ.
وهو أيضًا من سنن الفطرة؛ لِمَا روى مسلمٌ في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ». قَالَ زَكَرِيَّا: "قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ".
أفضلية استخدام السواك محل إجماعٌ بين العلماء؛ قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (6/ 182، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقال أبو عمر: فضل السواك مجمعٌ عليه لا اختلاف فيه، والصلاة عند الجميع به أفضل منها بغيره، حتى قال الأوزاعي: هو شطر الوضوء، ويتأكد طلبه عند إرادة الصلاة وعند الوضوء وقراءة القرآن والاستيقاظ من النوم وعند تغير الفم، ويستحب بين كل ركعتين من صلاة الليل ويوم الجمعة وقبل النوم وبعد الوتر وعند الأكل في السحر] اهـ.
ونصُّوا على أفضلية الاستياك بعود الأراك وشجرة الزيتون؛ قال الإمام العيني في "عمدة القاري" (6/ 181): [المستحب أن يستاك بعودٍ مِن أراك، وروى البخاري في "تاريخه" وغيره من حديث أبي خيرة الصباحي رضي الله عنه قال: كنت في الوفد، فزوّدنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بالأراك، وقال: «استاكوا بهذا»، وروى الطبراني في "الأوسط" من حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «نِعْمَ السواك الزيتونُ؛ مِن شجرةٍ مباركةٍ، يطيب الفم ويذهب بالخفر، وهو سِوَاكِي وسِوَاكُ الأنبياء قبلي»] اهـ.
وصرَّح غير واحدٍ منهم بحصول أصل سنة السواك بكلِّ آلةٍ وأداةٍ يتم بها تنظيف الأسنان إذا تحقَّق بها المقصود ونوى التسنُّن بذلك، وسواء تم ذلك بعود الأراك أو الزيتون أو النخيل أو غيره؛ كفرشاة الأسنان، ما دامت يتحقق بها المقصود من السواك وهو دَلْك الأسنان وتنظيفها.
قال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 115، ط. دار الفكر): [(قوله: ويكره بِمُؤْذٍ) قال في الحلية: وقال غيرُ واحدٍ من العلماء كراهتَه بقضبان الرمان والريحان. اهـ. وفي "شرح الهداية" للعيني: روى الحارث في "مسنده" عن ضمير بن حبيب قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن السواك بعود الريحان، وقال: «إنه يحرك عِرْقَ الْجُذَامِ»". وفي النهر: ويستاك بكل عودٍ إلا الرمان والقصب. وأفضله الأراك ثم الزيتون] اهـ.
وقال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 124، ط. دار المعارف): [الِاستِيَاكُ بعودٍ لينٍ قبل المضمضة من نخلٍ أو غيره. والأفضل أن يكون من أَرَاكٍ، ويكفي الأُصبُعُ عند عدمه، وقيل: يكفي ولو وُجِدَ الْعُودُ] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "شرح صحيح مسلم" (3/ 143): [ويستحب أن يستاك بعودٍ من أراكٍ، وبأيِّ شيءٍ استاكَ مما يُزِيلُ التَّغَيُّرَ حَصَلَ السواك؛ كالخرقة الخشنة] اهـ.
وقال الإمام زين الدين العراقي في "طرح التثريب" (2/ 67، ط. الطبعة المصرية القديمة): [فيما يستحب السواك به ويصح: ذكر الغزالي أن السواك يكون بقضبان الأشجار. قال الرافعي: وليس ذلك على سبيل الاشتراط، لكنها أولى من غيرها. قال: والأولى منها الأراك. قال: والأحب أن يكون يابسًا لينًا بالماء. قال: وأصل السنة تتأدى بكل خشنٍ يصلح لإزالة القلح؛ كالخرقة، والخشبة، ونحوها] اهـ.
وقال الإمام ابن علان البكري الشافعي في "دليل الفالحين" (6/ 658، ط. دار المعرفة، بيروت): [ويحصل بكل خشنٍ ولو نحو سعدٍ وأُشنان؛ لحصول المقصود من النظافة بهما. نعم، يكره بمبردٍ وعودِ ريحانٍ يؤذي، ويحرم بِذِي سمٍّ ومع ذلك يحصل به أصل سنة السواك؛ لأن الكراهة والحرمة لأمرٍ خارج] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 72، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يكون السواك عودًا لينًا ينقي الفم ولا يجرحه ولا يضره ولا يتفتت فيه؛ كالأراك والعرجون، ولا يستاك بعود الرمان ولا الآس ولا الأعواد الذكية؛ لأنه روي عن قبيصة بن ذؤيبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تخلّلوا بعود الريحان، ولا الرمان؛ فإنهما يحركان عِرْقَ الْجُذَامِ» رواه محمد بن الحسين الأزدي الحافظ بإسناده. وقيل: السواك بعود الريحان يضر بلحم الفم.
وإن استاك بأصبعه أو خرقة؛ فقد قيل: لا يصيب السنة؛ لأن الشرع لم يَرِدْ به، ولا يحصل الإنقاء به حُصُولَهُ بالعود، والصحيح أنه يصيب بقدر ما يحصل من الإنقاء، ولا يترك القليل من السُّنَّةِ للعجز عن كثيرها. والله أعلم] اهـ.
على ذلك: فتحصل سنة السواك بفرشاة الأسنان؛ وذلك لأمور عدةٍ؛ منها:
أولًا: أن السواك في اللغة يُطلَق ويراد به الفعل وهو عملية دَلْكِ الأسنان وتنظيفها، وأيضًا يُطلَق ويراد به الآلة التي يقوم بها هذا الفعلُ كما سبق البيان.
ثانيًا: الآلة المستخدمة في السواك الواردة في السنة متعددةٌ؛ فهناك رواياتٌ واردةٌ في الأراك، ورواياتٌ واردةٌ في شجرة الزيتون، وأخرى واردةٌ في النخيل، واختلاف الروايات يدل على الجواز في استخدام الأراك وغيره مما يؤدي عمله.
ثالثًا: نص الفقهاء على سنية السواك ولم يقصروا الآلة المستخدمة في عودٍ بعينه؛ كالأراك أو غيره، بل إنهم نصوا على أن السواك يحصل بالأراك وبغيره مما يحقق المقصود.
بناءً على ذلك: فإن استخدام الفرشاة مع معجون تنظيف الأسنان يحصل به ثواب الإتيان بأصل سنة السواك ما دام يحقق الغاية المقصودة من دلك الأسنان وتنظيفها وتطييب رائحة الفم، مع التأكيد على تمام سنة السواك باستخدام عود الأراك، ثم ما كان من شجرة الزيتون، ومراعاة غسل العود بعد الاستخدام، واستعماله بطريقة صحية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: توضأتُ ولبستُ جوربين، ثم بعد مدة قصيرة لبستُ جوربين آخَرَين فوقهما قبل أن يَنتقض وضوئي، فهل يجوز لي المسح عليهما أو عليَّ نزعُهما والمسح على الأوَّلَين؟
هل يجب الغُسل على من احتلم في نهار رمضان ورأى أنه يجامع وأنزل تبعًا لذلك؟ وهل لذلك أثر على صيامه؟ علمًا بأنه لم ير بَلَلًا أو أثرًا لذلك في ثيابه بعد استيقاظه من نومه.
ما حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟ فوالد صديقي مريضٌ بالعناية المركزة في المستشفى، وأحيانًا يكون على بَدَنه وثَوبه نجاسة، والأطباء حفاظًا على صحته يمنعون عنه استعمال الماء، فهل يمكنه الصلاة بدون طهارة بدنه؟ وماذا يفعل في الطهارة من الأحداث لتصح صلاته؟
يحتاج بعض مرضى قصور وظائف الكُلى إلى القيام بعملية الغسيل البريتوني، فهل غسيل الكُلى بهذه العملية يؤثر على صحة الطهارة، فيحتاج المريض إلى إعادة الوضوء بعدها، أو أنه يظل على طهارته؟
ما هي مدة المسح على الخفين للمقيم والمسافر؟ وهل يبدأ وقت المسح عليهما من أول لبسهما أو من بداية الحدث؟
ما حكم الوضوء لقراءة القرآن؛ فأمي سيدة كبيرة في السن، ومريضة بمرض القولون، مما يسبب لها إخراج ريح دائمًا، فهي لا تستطيع أن تقرأ القرآن وهي على وضوء. فهل من الممكن لها قراءة القرآن بغير وضوء؟