أنا قارئٌ بمناسبات العزاء، وهذه هي مِهنَتِي الوحيدة أكتسبُ رِزقي منها. والسؤال: هل هناك حرمةٌ في الأجرة والقراءة وإحياء العزاء بالقرآن الكريم؛ حيث إنَّ بعض المشايخ يقولون إنَّ هذا الأمر بدعةٌ وحرامٌ؛ لذلك أرغب في الحصول على فتوى بخصوص هذا الأمر.
قراءة القُرَّاءِ لكتاب الله تعالى في المناسبات وأخذهم على ذلك أجرًا هي مِن الأمور المشروعة التي جَرَت عليها عادَةُ المسلمين مِن غيرِ نَكِير، وعلى ذلك جرى أهل مصر؛ حتى صارت قراءة القرآن في مدنها وقُراها وأحيائها مَعْلَمًا من معالم حضارتها الإسلامية، ومظهرًا من مظاهر هُوِيَّتِها الدينية عبر القرون، ومُدَّعِي أن ذلك بدعةٌ هو المبتدع حقًّا بتضييقه لِمَا وسَّعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على الناس مِن إقامة الذكر والاجتماع على قراءة القرآن.
المحتويات
قراءة القرآن الكريم والاجتماع عليها من أعظم القربات وأفضل الطاعات، وإحضار القُرَّاء لقراءة القرآن الكريم جائزٌ شرعًا ولا شيء فيه، وأجرُ القارئ جائزٌ ولا شيء فيه؛ فإنَّ بذلَ الأجرة على المباح مباحٌ، وتكييفُ الأجر جارٍ على أنه أجرُ احتباسٍ وليس أجرًا على محض قراءة القرآن؛ فنَحْنُ نُعطِي القارئَ أجرًا مقابل انقطاعه للقراءة وانشغاله بها عن مَصَالِحِهِ ومَعِيشَتِهِ.
قد وردت السنة النبوية الشريفة بجواز أخذ الأجرة على تلاوة كتاب الله تعالى للأغراض المشروعة؛ تعليمًا، ورقيةً، ونحو ذلك مِن وجوه الاحتباس للمشتغلين بكتاب الله تعالى قراءةً وإقراءً: فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: إني وهبتُ مِن نفسي، فقامت طويلًا، فقال رجل: زوِّجْنيها إن لم تكن لك بها حاجة، قال: «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا؟» قال: ما عندي إلا إزاري، فقال: «إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ؛ فَالْتَمِسْ شَيْئًا»، فقال: ما أجد شيئًا، فقال: «التَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»، فلم يجد، فقال: «أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟» قال: نعم، سورة كذا، وسورة كذا، لسُوَرٍ سمّاها، فقال: «قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» أخرجه البخاري ومسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ نفرًا مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرُّوا بماءٍ، فيهم لَدِيغٌ أو سَلِيمٌ، فعَرَضَ لهم رجلٌ مِن أهل الماء، فقال: هل فيكم مِن راقٍ، إنَّ في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا، فانطلق رجلٌ منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاءٍ، فبَرَأَ، فجاء بالشاءِ إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذتَ على كتاب الله أجرًا، حتى قَدِموا المدينةَ، فقالوا: يا رسول الله، أَخَذَ على كتاب الله أجرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ» رواه البخاري.
وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه أنَّ ناسًا مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَتَوْا على حَيٍّ مِن أحياء العرب فلَم يَقْرُوهُم، فبينما هُم كذلك، إذْ لُدِغَ سيدُ أولئك، فقالوا: هل معكم مِن دواءٍ أو راقٍ؟ فقالوا: إنكم لَم تَقْرُونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعْلًا، فجعلوا لهم قطيعًا مِن الشاء، فجعل يَقرأ بأُمِّ القرآن، ويجمع بُزَاقَهُ ويَتْفِل، فبَرَأَ، فأَتَوْا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسألوه فضحك وقال: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ» رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (10/ 221، ط. دار الوفاء) معلقًا على الحديث: [وهو عامٌّ في جواز أَخْذِ الأُجرةِ على كِتَابِ اللهِ تعالى بالتعليمِ وغيرهِ، وإذا جاز أخذُ الأجرةِ عليه جاز أن يكون مهرًا] اهـ.
قال الإمام ابن حزمٍ في المُحلَّى (7/ 18، ط. دار الفكر): [مسألةٌ: وَالإِجَارَةُ جَائزةٌ عَلَى تَعليمِ القرآنِ وعلى تَعليمِ العِلمِ مُشَاهَرَةً وَجُملةً، وَكُلُّ ذلك جَائزٌ، وعلى الرَّقْيِ، وعلى نَسْخِ المصاحفِ وَنَسْخِ كُتُبِ العِلمِ؛ لأنه لَم يَأْتِ فِي النهيِ عن ذلك نَصٌّ، بل قد جاءت الإباحة] اهـ.
وقال العلَّامة العيني في "عمدة القاري" (12/ 95، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيهِ جواز أَخْذِ الأُجرةِ لِقِراءةِ القرآن، وللتعليم أيضًا، ولِلرُّقْيَا به أيضًا؛ لِعُمُوم اللَّفْظ] اهـ.
وقال الحافظ المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 309، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [فأخْذُ الأُجرةِ على تَعليمه جائزٌ كالاستئجار لقراءته، وَالنهي عنه منسوخٌ أو مُؤَوَّل] اهـ.
وقال أيضًا في "فيض القدير" (2/ 418، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [وأمَّا خبرُ: «إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا» - أي: الهدية على تعليمه- فمُنَزَّلٌ على أنه كان متبرِّعًا بالتعليم ناويًا الاحتساب، فكَرِهَ تضييعَ أجره وإبطالَ حسنته] اهـ، ثم قال (6/ 42): [«مَنْ أَخَذَ عَلَى -تعليم- القُرْآنِ أَجْرًا فَذَلِكَ حَظُّهُ مِن الْقُرْآنِ» -أي: فلا ثواب له على إقرائه وتعليمه-؛ قال ابن حجر: يعارضه وما قبله خبرُ أبي سعيدٍ رضي الله عنه في قصة اللديغ ورقيهم إياه بالفاتحة، وكانوا امتنعوا حتى جعلوا لهم جعلًا، وصَوَّب النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فِعلَهم، وخَبَرُ البخاري: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَاب اللهِ» وفيه إشعارٌ بنسخ الحكم الأول اهـ] اهـ.
وإنما أمر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الصحابةَ أن يضربوا له بسهم فيما أخذوه من الجُعل إزالةً لترددهم وتأكيدًا لحِلِّ مثل هذا المال؛ قال العلَّامة أنور شاه الكشميري في "فيض الباري" (3/ 517، ط. دار الكتب العلمية): [فكلُّ موضعٍ تردَّد فيه الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم، أَزَالَهُ صلى الله عليه وآله وسلم بضربِ سَهْمٍ منه لنفسه الكريمة أيضًا] اهـ.
على أنه ينبغي أن يُراعَى أن لا يكون أجرُ القُرّاء مِن تركة الميت إلَّا أن يرضى الورثة، ولا يُؤخَذُ شيء من نصيب القُصَّر؛ إذ لا يُتَصَرَّف في أموالهم إلا بالمنفعة المحضة، وينبغي أن لا يكون ذلك في إطار المباهاة والتفاخر، وعلى الحاضرين أن يَستَمِعوا ويُنْصِتُوا لتلاوة القرآن الكريم.
بِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ قراءةَ القُرَّاءِ لكتاب الله تعالى في المناسبات وأخذهم على ذلك أجرًا هي مِن الأمور المشروعة التي جَرَت عليها عادَةُ المسلمين مِن غيرِ نَكِير، وعلى ذلك جرى أهل مصر؛ حتى صارت قراءة القرآن في مدنها وقُراها وأحيائها مَعْلَمًا من معالم حضارتها الإسلامية، ومظهرًا من مظاهر هُوِيَّتِها الدينية عبر القرون، ومُدَّعِي أن ذلك بدعةٌ هو المبتدع حقًّا بتضييقه لِمَا وسَّعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على الناس مِن إقامة الذكر والاجتماع على قراءة القرآن. وهذه الدعوات النَّشازُ الداعيةُ إلى القضاء على أعراف المسلمين وعاداتهم التي بَنَتْهَا الحضارة الإسلامية على مر الزمان وشكَّلَتْها في مناسباتهم وتقاليدهم ما هي إلَّا مشارب بدعة ومسالك ضلالة غفل مُرَوِّجُوها أو تغافلوا عن أنها ستؤول بهم إلى فقد المظاهر الدينية من المحافل العامة والمناسبات الخاصة، واستبعاد ذكر الله تعالى من الحياة الاجتماعية ومنظومة الحضارة، وهو عين ما يدعو إليه الملاحدة والمادِّيُّون من البشر. فليتق اللهَ الذين يَهرِفُون بما لا يَعرِفُون، وليتركوا الفتوى لأهلها الذين يدركون مرارة الواقع ويعقلون مآلات الأحكام.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاستيلاء على المال العام؟ وما حكم الإدلاء ببيانات ومعلومات خاطئة للتحايل على القانون والقرارات المنظمة للحصول على المساعدات النقدية والعينية المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي للأسر والأفراد الفقيرة والأكثر فقرًا من الأيتام والأرامل والمرأة المعيلة والمسنين وذوي الإعاقة، مما يؤدي إلى حرمان المستحقين من الأسر المهمَّشة للحصول على حقوقهم كاملة؟
هل يجوز العمل بوظيفةِ مدير عام مؤسسات خيرية بالراتب الشهري في أوروبا الغربية، هل يسمح الإسلام بذلك؟
ما حكم تحديد مبلغ الربح في المضاربة؟ حيث أعطى رجلٌ لآخر مبلغًا من المال على سبيل الاستثمار ليعمل به في تجارته، ويحدد له التاجر مبلغًا ثابتًا منسوبًا إلى رأس المال، وليس إلى الأرباح؛ كأن يكون 70 جنيهًا في كل ألف، مع تحمُّل التاجر للخسارة إن حدثت، وذلك بالتراضي بينهما. فهل هذا حلالٌ أم حرام؟
ما حكم العمل في الأحجار الكريمة وزكاتها؟ فنحن المسلمين من منطقة شنجيانغ الواقعة في شمال غرب الصين، نعيش في مدينة صغيرة تعد من أفقر المدن، إلا أن الله سبحانه وتعالى وهبها ثروة طبيعية معدنية وهي الأحجار الكريمة، فلذا من البديهي أن يوجد من يتاجر بها، وبالتالي يصل عدد المزاولين من المسلمين إلى عشرين ألف شخص أو يزيد عن ذلك، هذا ما عدا المنتفعين منها، وعلى هذا نستطيع أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام:
1- الأيدي العاملة: ويقوم هؤلاء بالحفر والتنقيب عن المعادن مقابل أجور لمالكي المعادن.
2- الوسطاء: ويقوم هؤلاء بشراء الأحجار المستخرجة من المعادن ويبيعونها للناقلين.
3- الناقلون: يقوم هؤلاء بشراء الأحجار من الوسطاء وأحيانًا من المعادن مباشرة، وبعدما تصبح لديهم كمية كبيرة من الأحجار يذهبون بها إلى المدن الصينية الأخرى البعيدة ويبيعونها إلى غير المسلمين من النحاتين والنقاشين الذين ينحتون منها بنسبة 70 % أشكالًا مجسمةً مثل: الأصنام والتماثيل والحيوانات، وبنسبة 30% أشكالًا غير مجسمة مثل: الأَسْوِرَة والخواتم.
علمًا بأن الأحجار بحسب أسعارها تنقسم إلى قسمين:
1- الأحجار ذات الأسعار الغالية، وهي تحتل نسبةً ضئيلةً جدًّا لا يصنع منها النحات شيئًا بل يحتفظ بها للتباهي والتفاخر.
2- الأحجار ذات الأسعار الرخيصة، وهي تحتل النسبة الكبيرة منها التي ينحت منها النحَّات الأشكال المجسمة وغير المجسمة كما ذُكر بعاليه.
ونفيدكم بأن أغلبية المزاولين من خيرة الرجال الذين يتفانون في بذل ما عندهم للأمور الخيرية ومساعدة الفقراء، وهم كذلك من المتمسكين بالعقيدة الصحيحة.
ومما تجدر الإشارة إليه بأن عمدة اقتصاد المسلمين في أيدي مزاولي هذه التجارة، وإذا لم يزاولها المسلمون فمن المؤكد جدًّا أن يستولي عليها غير المسلمين، وبالتالي يضعف اقتصاد المسلمين، وفي هذه الحالة فما على المسلمين إلا أن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه الأمور الخيرية.
والسؤال الآن هو: ما حكم هذه التجارة؟ وكيف تؤدى زكاتها؟ وإذا كانت حرامًا فكيف تُصرف الأموال المكتسبة منها؟ أفتونا مأجورين بالتفصيل مع ذكر الأدلة.
ما حكم السرقات والتعديات على مياه الصرف الصحي؟ حيث تدير الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي والشركات التابعة لها على امتداد الجمهورية مرافق مياه الشرب والصرف الصحي (محطات وشبكات) وهي مال عام مملوك بالكامل للدولة.
تتعرض تلك المرافق وبالتالي المال العام لأنواع مختلفة من الأضرار بممارسات؛ منها:
• عمل توصيلات مياه شرب وصرف صحي غير قانونية (خلسة) بدون معرفة الشركة، تتسبب في الإضرار بالشبكات والاستفادة بخدمات مياه الشرب والصرف الصحي دون دفع تكاليفها (سرقة الخدمة)؛ مما يعود على الشركات التي تدير المال العام بخسائر فادحة.
• استهلاك مياه الشرب التي تم دعم سعرها من جانب الدولة في غير الأغراض المخصصة لها (غسيل السيارات، ري المزروعات، رش الشوارع) مما يتسبب في حرمان المواطنين الآخرين من نصيبهم من هذه المياه، بالإضافة إلى خسارة الاستثمارات التي تم ضخها لتنقية المياه بغرض الشرب وليس للأغراض الأخرى.
• الإضرار بالعدادات التي تقيس استهلاك المواطنين بهدف تخفيض قيمة الاستهلاك.
وفي إطار حملات التوعية التي تقوم بها شركات مياه الشرب والصرف الصحي للمواطنين للتوقف عن هذه الممارسات، ونظرًا للحس الديني العميق الذي يتميز به الشعب المصري، والمكانة السامية التي تتبوأها دار الإفتاء المصرية الموقرة في قلوب المواطنين، لذا: يرجى التكرم من فضيلتكم بالتوجيه بما يلزم نحو إبداء الحكم الشرعي في الممارسات السابق ذكرها ليتسنى لنا دعم جهود توعية المواطنين بالفتوى الشرعية من جانب فضيلتكم؛ تطبيقًا للمبدأ الفقهي "لا ضرر ولا ضرار".
ما حكم الشرع في الموظف الذي يمكث في بيته أثناء الدوام الرسمي ويتم التوقيع عنه في دفاتر الحضور والانصراف دون حضوره للعمل أو في حال حضوره بعد المواعيد الرسمية، وكذا المأموريات التي يأخذها الموظف ويظل في بيته، هل هذا جائز؟