ما حكم الوصية في المال قبل الموت؟ وهل يأثم المسلم إذا مات دون أن يكتب وصيةً في تركته؟
الوصية بشيءٍ مِن المال قبل الموت مُستحبةٌ وليست واجبةً؛ لذا فلايأثم المسلم إذا مات دون أن يترك وصية في تركته، على أنه يُرَاعَى فيها الموازنةُ بين الحقوق وجبر الخواطر، وألَّا تؤدِي إلى تضييع الورثة وتركهم فقراء.
المحتويات
الوصية: هي التَّبرُّع المضاف لِمَا بعد الموت؛ ومعنى كونه مضافًا لِمَا بعد الموت: أنَّ نفاذ هذا التبرع لا يكون إلَّا بعد موت المُوصِي، وهي جائزةٌ لغير الوارث اتفاقًا، مُستحبةٌ لِمَن له فائضُ مالٍ عن نفقته ونفقة عياله؛ فقد حث الشرعُ الشريفُ المسلمَ على الوصية بشيءٍ مِمَّا يُنتَفَعُ به وأن يتم توثيقُ ذلك كتابةً؛ فعَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» متفقٌ عليه.
مذهب جمهور العلماء أنَّ الوصيةَ بشيءٍ مِن المال مُستحبةٌ لا واجبة؛ أي أنَّ مدار الأمر على استمرار النفع والمصلحة؛ ليكون المسلم سببًا للفائدة والانتفاع به ويستمر عمله الصالح في حياته وبعد مماته، وهو أدبٌ راقٍ وتوجيهٌ نبيلٌ يتعلم المسلم منه أن يكون مِعْطَاءً كريمًا سَمْحَ اليد سَخِيَّ النفس، وأن يعمل على إسعاد مَن حوله وإن لم ينتفع هو بشيءٍ ماديّ.
أَلزَم الشرعُ الورثةَ بإنفاذ الوصية إذا وقَعَت صحيحةً، وجَعَلَها أحدَ الحقوق الواجبة في مال الميت بعد سداد دينه وقبل توزيع تركته؛ فقال تعالى بعد أن فَصَّل جانبًا مِن أحكام الميراث: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 11]، وقد أجمع العلماء على أنَّ الدَّيْن مُقَدَّمٌ على الوصية وإن تقدم ذِكرُها عليه في الآية.
يُرَاعَى في الوصية المستحبة ألَّا تؤول إلى تضييع الورثة وتركهم فقراء؛ بل لا بُدَّ أن تُتَوَخَّى الموازنةُ بين الحقوق وجبر الخواطر؛ فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع مِن وجعٍ أشفيتُ منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغَني ما ترى مِن الوجع، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلَّا ابنةٌ لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: «لَا»، قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: «لَا»، ثم قال: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ؛ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ» متفقٌ عليه. وقد روى سعيد بن منصور في "التفسير"، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"، وأبو عبد الله الحسين المروزي في "البر والصلة" عن الإمام الشعبي أنه قال: "ما مِن مالٍ أعظم أجرًا مِن مالٍ يتركه الرجل لولده، يغنيهم به عن الناس".
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الوصية غير الموثقة لكن عليها شهود؟ فقد توفي رجل عن: إخوة أشقاء: ذكر وأنثيين. ولم يترك المتوفى المذكور أي وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحق وصية واجبة. وقد ترك المتوفى المذكور وصية مكتوبة وغير موثقة مرفقة بالطلب بثلث أمواله إلى أولاد أختيه الشقيقتين. فما حكم هذه الوصية؟ وما نصيب كل وارث؟
يريد السائل التبرع بقطعة أرض يمتلكها لبناء معهد ديني عليها، ويسأل عن شروط الهبة والوصية.
ما حكم الوصية بقطع صلة الرحم؛ فقد منعني زوج شقيقتي من زيارتها في المستشفى بحجة وجود وصية من شقيقتي بمنعي من زيارتها، وقام بنفسه بمنعي من الدخول إليها في الرعاية المركزة، وتوفيت بعد خمسة أيام، فقام بدفنها ولم يبلغني بالوفاة أو الدفن، وأبلغ الناس عند الدفن أنه توجد وصية أيضًا بذلك.. إلخ. ويطلب السائل الإفادة عما إذا كان توجد وصية في الإسلام بقطع الرحم، وما حكم الإسلام في زوج شقيقتي وإخوته فيما قاموا به؟
ما حكم الوصية في المال قبل الموت؟ وهل يأثم المسلم إذا مات دون أن يكتب وصيةً في تركته؟
ما حكم تنفيذ الوصية في مكان آخر حتى يتم الاستفادة منها؟ فقد أوصت جدتي بوضع مكتبة علمية تركها زوجها بأحد مساجد قريتهم، إلا أن الكتب الموجودة بالمكتبة علمية قديمة وقيمة تحتاج إلى فهم دقيق وعلماء يطلعون عليها حتى تعم الفائدة، ولكن أهل القرية لا يستطيعون فهمها نظرا لقصورهم العلمي. والسؤال: هل يجوز نقل هذه المكتبة إلى مكان آخر يمكن استفادة أهل المكان منها، أم لا يجوز مثل هذا التصرف؟
يقول السائل: أوصى عمي قبل وفاته لزوجته بخمسة عشر فدانًا أرضًا زراعية، وأودع الشهر العقاري هذه الوصية. فهل تجوز هذه الوصية شرعًا؟