مَن هم الذين في قلوبهم مرض الوارد ذكرهم في قوله تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾؟
يقول الحق سبحانه وتعالى في محكم كتابه: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 60-62].
والمراد بالذين في قلوبهم مرض في الآية الكريمة صنفٌ من المنافقين كانوا يتعرضون للنساء ويؤذونهن في أعراضهن، وكانوا يحبون الفاحشة وأخبارها والحديث عنها وغايتهم نشرها، وهذا فيه ما فيه من تحذير الشرع من تتبع النساء وأيذائهن، ومن نشر الفواحش بين الناس.
ونقل الإمام الطبري في "جامع البيان" (20/ 327، ط. مؤسسة الرسالة) عن ابن زيد في قوله: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾، قال: [هؤلاء صنف من المنافقين، ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ أصحاب الزنا، قال: أهل الزنا من أهل النفاق الذين يطلبون النساء فيبتغون الزنا، وقرأ: ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾. قال: والمنافقون أصنافٌ عشرة في براءة، قال: فالذين في قلوبهم مرض؛ صنفٌ منهم مَرِضَ من أمر النساء] اهـ.
ونقل الإمام المفسِّر يحيى بن سلام في "تفسيره" (2/ 739، ط. دار الكتب العلمية) عن الإمام الكلبي قوله: [لئن لم ينتهوا عن أذى نساء المسلمين] اهـ.
ونقل عنه الإمام الثعلبي في "تفسيره" (8/ 64، ط. دار إحياء التراث العربي) قوله: [كانوا يحبون أن يفشوا الأخبار، وأن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا] اهـ.
وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره" عن طاووس قال: "نزلت في بعض أمور النساء" يعني: ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [الأنفال: 49].
وقال الإمام السيوطي في "الدر المنثور في التفسير بالمأثور" (6/ 663، ط. دار الفكر): [وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: سألت عكرمة رضي الله عنه عن قول الله: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قال: "أصحاب الفواحش". وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله: ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قال: "أصحاب الفواحش". وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ﴾ قال: "كان النفاق على ثلاثة وجوه: نفاقٌ مثل نفاق عبد الله بن أبي بن سلول، ونفاقٌ مثل نفاق عبد الله بن نبتل ومالك بن داعس؛ فكان هؤلاء وجوهًا من وجوه الأنصار، فكانوا يستحبون أن يأتوا الزنا يصونون بذلك أنفسهم؛ ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قال: الزنا إن وجدوه عملوه وإن لم يجدوه لم يبتغوه. ونفاقٌ يكابِرون النساء مكابرةً –أيْ: يُغالِبونهن مُغالَبة-؛ وهم هؤلاء الذين كانوا يكابرون النساء ﴿لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾ يقول: لنُعْلِمَنَّك بهم، ثم قال: ﴿مَلْعُونِينَ﴾ ثم فصَّله في الآية: ﴿أَيْنَمَا ثُقِفُوا﴾ يعملون هذا العمل: مكابرة النساء ﴿أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾، قال السدي رضي الله عنه: هذا حكمٌ في القرآن ليس يُعمل به: لو أن رجلًا أو أكثر من ذلك اقتصوا أثر امرأة فغلبوها على نفسها ففجروا بها كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم: أن يؤخذوا فتُضرَب أعناقُهم ﴿سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ كذلك كان يُفعَل بمَن مضى من الأمم، ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا﴾ قال: فمَن كابر امرأة على نفسها فغلبها فقُتِل فليس على قاتله دية؛ لأنه مكابر] اهـ.
وقال الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (25/ 184، ط. دار إحياء التراث العربي): [الذي في قلبه مرض: الذي يؤذي المؤمن باتباع نسائه] اهـ.
وقال الإمام القرطبي في "تفسيره" (14/ 246-247، ط. دار الكتب المصرية): [قال ابن عباس: لم ينتهوا عن إيذاء النساء] اهـ. وممَّا سبق يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: ما المراد بالأولية في قوله سبحانه وتعالى: ﴿إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾؟ وما تفسير الآيات البينات فيه؟
أمرنا الشرع بتغيير المنكر، فما الضوابط التي نعرف بها أن هذا الفعل مُنْكَرٌ؟ وما الطَّرِيقَةُ والأدوات الصحيحة لتغييره؟
ما موقف العلماء من زخرفة المسجد النبوي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز؟ حيث توجد دعوى تقول: إن كثيرًا من أهل العلم سكتوا عن إنكار ما فعله سيدنا عمر بن العزيز بالمسجد النبوي من زخرفته وكتابة الآيات القرآنية عليه مخافة الفتنة.
ما حكم التبرع لرفع القمامة من أمام مسجد؛ حيث يوجد في قريتنا مسجد كبير، وأمام المسجد مقلب زبالة ومياه قذرة يتأذى منها المسلمون في المسجد. فهل يجوز للمسلمين أن يتبرعوا ببعض من الأموال لرفع القمامة والزبالة أمام المسجد أم لا؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي.
ما حكم معيشة ولد الزوج مع زوجة أبيه إذا كان يؤذيها؟ فقد توفي زوجي إلى رحمة الله، وهذا الزوج له ابن أتم تعليمه وبلغ سن الرشد، وكان والده قد أوصى بأنه عندما يتم تعليمه ينتقل لشقته حتى لا يكون مصدر خطر دائم، وكان يعيش معي في شقة الزوجية حال حياة والده، واستمر ذلك بعد وفاته إلى أن أتم تعليمه وبلغ سن الرشد، وحفاظًا مني على المودة والرحمة بالولد وبأسرة زوجي فقد عملت على خدمة هذا الولد بكل ما أستطيع، إلا أن هذا الولد فاسق بكل المعايير ويقوم بتوجيه ألفاظ نابية إليَّ، وحيائي يمنعني من ذكرها، وهي ألفاظ يندى لها الجبين لا تأتي إلا من مختل عقليًّا، علمًا بأنني أتلو كتاب الله دائمًا وأتدبر معانيه العظيمة، وحافظة جدًّا لحدود الله، وهذا الولد لا يقرأ القرآن ولا يستمع إليه، وحالته هذه كما كانت أيام حياة أبيه، وحاول الأب حال حياته بكل الأساليب التربوية أن يصلح من شأنه إلا أن الولد ظل كما هو حتى توفي والده، والآن أنا أواجَه بسوء سلوكه وعدم احترامه لي، وكان دائم الإساءة لفظًا وضربًا للشغالة وهي خرساء صماء، وخشية عليها وحتى لا تقع كارثة في بيتنا اضطررت أن أسلمها إلى أهلها، وأنا لا أرغب في العداء بحكم أنه نجل زوجي. فماذا أفعل وهو يرفض ترك شقة الزوجية -علمًا بأنها ملك لي- ومقيم معي بطريق البلطجة؟
ما حكم سماع الموسيقى والأغاني؟