ما حكم من فاته بعض التكبيرات في صلاة الجنازة؟ حيث تأخرتُ عن بداية صلاة الجنازة مع الإمام، وكان الإمام قد كبَّر تكبيرتين فدخلتُ معهم في الصلاة وهو في التكبيرة الثالثة، وبعد أن سلَّم الإمام تحركت الجنازة فأكملتُ ما بقي لي من التكبيرات. فما الحكم الشرعي في ذلك؟
إذا أدركتَ الإمام وهو في التكبيرة الثالثة؛ فلكَ أن تُتابعَ الإمام على ما أدركتَهُ من تكبيرات؛ فتكبِّر الثالثة على أنها ثالثة في حقِّكَ، والرابعة على أنها رابعة أيضًا في حقك، ثم تقضي التكبيرتين المسبوقتين؛ فتقرأ بالفاتحة في الأولى، ونصف التشهد الأخير في الثانية؛ كما هو مذهب الجمهور، ولكَ أن تكبِّرَ مع الإمام على أنها الأولى في حقِّكَ، ومن ثَمَّ تكون التكبيرة الرابعة له هي الثانية في حقِّكَ، ثم بعد سلامه تؤدي التكبيرتين المسبوقتين على أنهما الثالثة والرابعة؛ كما هو مذهب الشافعية.
المحتويات
إذا تأخر حضور المأموم عن صلاة الجنازة فسبقه الإمام ببعض التكبيرات: كبَّر المأموم، وصلَّى مع الإمام ما أدركه، ثم أتى بما فاته من تكبيرات بعد سلام الإمام، وذلك على تفصيل بين الفقهاء في هل ينتظر المأموم المسبوق حتى يكبِّر الإمام التكبيرة التالية ويكبِّر معه، أو يدخل معه ولا ينتظره؟ وهل يبني على ما فاته من التكبيرات، أو يستأنف؟
فذهب الإمام أبو حنيفة ومحمد بن الحسن والمالكية إلى أنه ينتظر حتى يكبِّر الإمام التكبيرة التالية ويكبِّر معه، خلافًا لما ذهب إليه القاضي أبو يوسف من الحنفية والشافعية والحنابلة القائلين بدخول المسبوق مع الإمام حيث أدركه من غير انتظار للتكبيرة التالية.
كما يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة: أن ما يأتي به المأموم بعد سلام الإمام هو قضاء ما فاته؛ فإن أدرك مع الإمام التكبيرة الثالثة والرابعة فقد فاتته التكبيرة الأولى والثانية؛ فبعد سلام الإمام يأتي بتكبيرتين؛ سواء رفعت الجنازة فورًا أو بقيتْ، مع اشتراطهم الانتهاءَ من القضاء قبل رفع الجنازة عن الأرض؛ فإن خاف رفعها والى بين التكبيرات دون قراءةٍ أو ذِكرٍ.
جاء في "الفتاوى الهندية" (1/ 164-165، ط. دار الفكر): [إذا جاء رجلٌ وقد كبَّر الإمام التكبيرة الأولى ولم يكن حاضرًا انتظره حتى يكبِّر الثانية ويكبِّر معه، فإذا فرغ الإمام كبَّر المسبوق التكبيرة التي فاتته قبل أن ترفع الجنازة، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، وكذا إن جاء وقد كبَّر الإمام تكبيرتين أو ثلاثًا، كذا في "السراج الوهاج"] اهـ.
وقال العلامة الحصكفي في "الدر المختار" (ص: 120، ط. دار الكتب): [(والمسبوق) ببعض التكبيرات لا يكبِّر في الحال، بل (ينتظر) تكبير (الإمام ليكبر معه) للافتتاح؛ لما مرَّ أن كل تكبيرة كركعة، والمسبوق لا يبدأ بما فاته، قال أبو يوسف: يكبِّر حين يحضر (كما لا ينتظر الحاضر) في (حال التحريمة)؛ بل يكبر اتفاقًا للتحريمة، لأنه كالمدرك، ثم يكبران ما فاتهما بعد الفراغ نسقًا (بلا دعاء إن خشيا رفع الميت على الأعناق)] اهـ.
وقال العلامة السغناقي في "النهاية في شرح الهداية" (4/ 140، ط. جامعة أم القرى): [وقال أبو يوسف: يكبّر حين يحضر، وتفسير المسألة على قوله: فإنّه لما جاء وقد كبّر الإمام تكبيرة الافتتاح كبّر هذا الرجل حين حضر تكبيرة الافتتاح، فإذا كبّر الإمام الثانية تابعه فيها، ولم يصر مسبوقًا بشيء، وعندهما لا يُكبّر تكبيرة الافتتاح حين حضر، ولكن ينتظر حتّى يكبّر الإمام الثانية فيكبّر معه التكبيرة الثانية، ويكون هذا التكبير تكبيرة الافتتاح في حق هذا الرجل، فيصير مسبوقًا بتكبيرة يأتي بها بعدما يسلم الإمام. وجه قول أبي يوسف قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اتبعْ إمَامَك فِي أيّ حَالٍ أَدرَكْتَه»، وقاس هذا بسائر الصلوات، فإن المسبوق يكبّر للافتتاح فيها حين ينتهي إلى الإمام فهذا مثله] اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (ص: 355، ط. المكتبة التجارية): [ومَن فاته بعض التكبير: قضى ما فاته، ودعا بين التكبيرات، إن لم يخف رفع الجنازة قبل فراغه، وإن خاف أن ترفع عن سرعة قضاه قضاء نسقًا؛ لأنه إذا خاف ذلك لم يمكنه أن يدعو؛ لأنه إن تشاغل بالدعاء حصل منه أن يكون مصليًا عليها بعد رفعها، وذلك غير جائز، وإذا أَمِن ذلك دعا بين التكبيرات؛ كما كان لو أدركها من أولها لزوال الضرورة] اهـ. ومعنى نَسَقًا؛ أي: يَعطِفُ ويَستأنِفُ التكبيرَ بعضَه على بعضٍ.
وقال العلَّامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 119، ط. دار الفكر): [(ص): ودعا إن تُركَت وإلَّا والى. (ش): يعني أن المسبوق إذا سلَّم الإمام فإنه يدعو بين تكبيرات قضائه إن تركت الجنازة، ويخفف في الدعاء إلا أن يُؤَخَّر رفعها فيتمهل في دعائه] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (1/ 888-889، ط. المكتب الإسلامي): [(ويقضي مسبوق ندبًا) إذا سلم إمامه (ما فاته على صفته).. فيتابع إمامه فيما أدركه فيه، ثم إذا سلَّم إمامه كبَّر، وقرأ الفاتحة؛ لأن ما أدرك آخر صلاته، وما يقضيه أولها.. (فإن خشي) المسبوق (رفعها)، أي: الجنازة (تابع)، أي: والى بين (التكبير) من غير قراءة وصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا دعاء، (رفعت) الجنازة (أو لا)، قدمه في "الفروع" وحكاه نصًّا. (وإن سلَّم) مسبوقٌ عقب إمامه (ولم يقض) ما فاته؛ (صحّت) صلاته.. (ولا توضع) الجنازة بعد أن صُلِّي عليها (لصلاة أحد بعد رفعها) عن الأرض؛ تحقيقًا للمبادرة إلى مواراة الميت] اهـ.
وقال الإمام الشوكاني في "السيل الجرَّار" (ص: 215، ط. دار ابن حزم): [واللاحق ينتظر تكبير الإمام ثم يُكبِّر ويُتمُّ ما فاته بعد التسليم قبل الرفع] اهـ.
وذهب الشافعية إلى أنَّ ما يدركه المأمومُ مع الإمامِ هو أوَّلُ صلاته؛ فإن كان الإمام في التكبيرة الثانية؛ فهي الأولى للمأموم، فيقرأ فيها فاتحة الكتاب، وإن كان الإمام في التكبيرة الثالثة، فهي الثانية في حقِّ المأموم، فيصلي فيها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهكذا بحيث يسير في صلاته وترتيبها على نظم الصلاة لو كان منفردًا، ويأتي بالأذكار في مواضعها، وسواء بقيت الجنازة أو رفعتْ.
قال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (2/ 481، ط. دار الفكر): [(ويكبِّر المسبوق، ويقرأ الفاتحة، وإن كان الإمام في) تكبيرة (غيرها)؛ كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو الدعاء؛ لأن ما أدركه أول صلاته، فيراعى ترتيبها] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "فتح الوهاب" (1/ 112، ط. دار الفكر): [ويسنّ ألَّا ترفع الجنازة حتى يتم المسبوق، ولا يضرُّ رفعها قبل إتمامه] اهـ.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا أدركتَ الإمام وهو في التكبيرة الثالثة؛ فلكَ أن تُتابعَ الإمام على ما أدركتَهُ من تكبيرات؛ فتكبِّر الثالثة على أنها ثالثة في حقِّكَ، والرابعة على أنها رابعة أيضًا في حقك، ثم تقضي التكبيرتين المسبوقتين؛ فتقرأ بالفاتحة في الأولى، ونصف التشهد الأخير في الثانية؛ كما هو مذهب الجمهور، ولكَ أن تكبِّرَ مع الإمام على أنها الأولى في حقِّكَ، ومن ثَمَّ تكون التكبيرة الرابعة له هي الثانية في حقِّكَ، ثم بعد سلامه تؤدي التكبيرتين المسبوقتين على أنهما الثالثة والرابعة؛ كما هو مذهب الشافعية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ترجمة خطبة الجمعة لغير الناطقين بالعربية في المذهب الشافعي؟
ما حكم صلاة المأمومين في طابق في المسجد غير الطابق الذي يصلي فيه الإمام؟ حيث يوجد مسجد مكون من طابقين، وتؤدى جميع الصلوات في الطابق الثاني، ولكن لظروف سن أو مرض عند بعض المصلين نقوم بفتح الدور الأول لهم لأداء الصلاة فيه، ويقوم بعض المصلين بأداء الصلاة معهم في الدور الأول في صفوف منتظمة رغم عدم اكتمال الصفوف بالدور الثاني. فهل تصح صلاتهم؟
ما حكم نسيان الإمام سجدة التلاوة في الصلاة؟ فقد كنت أصلي خلف إمام المسجد، وقرأ آية فيها سجدة، لكنه نسي السجود لها، وأتم صلاته، وبعد الصلاة اختلف المصلون؛ فقال بعضهم: لو تذكَّر في الركوع كان عليه أن يعود ويسجد لها، وقال بعضهم الآخر: هي سُنَّة، ولا شيء في تركها؛ فما الصواب في هذه الحالة؟
ما حكم اعتكاف المرأة في بيتها؟ فأنا لم أتزوج بعد، وأرغب في أن أنال ثواب الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هذا العام قبل أن تشغلني مشاغل الحياة بعد زواجي، ويخبرني بعض مَن حولي بأن اعتكاف المرأة إنما يكون في بيتها لا في المسجد، أرجو الإفادة بالرأي الشرعي في ذلك.
ما الرد على دعوى الخطأ في توقيت صلاة الفجر في الديار المصرية. حيث أحضر بعض المصلين في المسجد كتابًا به بعض الآراء الشاذة التي تقول بأنَّ صلاة الفجر لا تجوز بعد الأذان مباشرة، ولا بدَّ من الانتظار لمدة 25 دقيقة؛ حتى تجوز الصلاة وإلا كانت باطلة، على خلاف ما تعلمناه منكم بصحة الصلاة بعد الأذان مباشرة؛ وحيث إنّ هذا الأمر أثار فتنة بين المصلين بالمسجد، فما مدى صحة هذا الكلام؟ ولسيادتكم جزيل الشكر.
ما حكم زيارة مقام سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وروضته الشريفة، وزيارة الأضرحة، ومقامات آل البيت، والأولياء، والعارفين، والعلماء، والصالحين، ومشايخنا، والصحابة أجمعين؟