حكم أكل النعام

تاريخ الفتوى: 07 مارس 2023 م
رقم الفتوى: 7509
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
حكم أكل النعام

ما حكم أكل النعام؟ حيث يتجه بعض الناس إلى أكل لحم النعام في هذه الأيام، فما حكم ذلك شرعًا؟

يجوز أكل لحم النَّعَامِ، ولا حرج شرعًا في حلِّ تناوله؛ وذلك لأن النَّعام من الأشياء التي لم ينص الشرع الشريف على تحريمها، فتبقى على الأصل؛ وهو الإباحة.

المحتويات

 

مفهوم قاعدة "الأصل في الأشياء الإباحة" ودليلها

من المقرر شرعًا أن الأصل في الأشياء الإباحة؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [لقمان: 20]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: 13].

ومن يُسر الشريعة الإسلامية وسَعتها: رفع الحرج عن المكلفين، ولأجل ذلك نهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الصحابةَ أن يسألوا عما سكت عنه من أحكام؛ حتى لا يكون سؤالهم مدعاةً للتحريم والتضييق عليهم وعلى غيرهم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وتحقيقًا لهذا الأصل النبوي الشريف؛ فقد فَهِم الصحابةُ رضوان الله عليهم أنَّ المسكوت عنه بعد ورود النَصِّ المحرِّم؛ داخلٌ في دائرة الحِلِّ؛ ودليل ذلك: أن ابن عباسٍ رضي الله عنهما تَلَا قول الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ الآية [الأنعام: 145]، ثم قال: "ما خلا هذا فهو حلالٌ" أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في "تفسيره".

وتأسيسًا على هذا الإرشاد النبوي الشريف، والمنهج الشرعي الحنيف: استنبط الفقهاءُ القاعدةَ الكليةَ أنَّ "الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 60، ط. دار الكتب العلمية).

قال الإمام أبو بكرٍ الجصَّاص في "الفصول في الأصول" (3/ 249، ط. أوقاف الكويت): [ما كان على الإنسان مِن فعله تَبِعَة: فغير جائزٍ أن يُخَلِّيهُ الله تعالى مِن إقامة الدليل على أنَّ عليه فيه تَبِعَةً؛ لينتهي عنه، هذا حكم العقل، و(قد) أَكَّدَ السمعُ هذا المعنى بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ﴾ الآية [التوبة: 115]؛ فأخبر أنَّ ما لم يَدُلَّ على تحريمه: فلا تَبِعَةَ على فاعله] اهـ.

وقال الإمام القرافي في "الفروق" (2/ 19، ط. عالم الكتب): [ما لم يَدُلَّ فيه دليلٌ على تحريمه؛ قُلنا: هو مباح؛ عملًا بالبراءة] اهـ.

وقال العلامة الزركشي في "المنثور في القواعد الفقهية" (2/ 70-71، ط. أوقاف الكويت): [الحلال عند الإمام الشافعي: ما لم يَدُلَّ دليلٌ على تحريمه.. ويعضد قولَ الشافعي رضي الله عنه: قولُه تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ الآية، وقولُه صلى الله عليه وآله وسلم: «وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ؛ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا»، وعلى هذه القاعدة يتخرجُ كثيرٌ من المسائل المُشْكِلِ حالُها] اهـ.

حكم أكل النعام

النَّعام من الأشياء التي لم ينص الشرع الشريف على تحريمها، فتبقى على الأصل؛ وهو الإباحة، بل إنه قد نص جمهور الفقهاء على مشروعية أكلها.

أقوال الفقهاء في حكم أكل النعام

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (11/ 222، ط. دار المعرفة): [وذكر عن رجل قال: كانت لبعض أهل الحي نعامة فضربها إنسان فوقذها فألقاها على كناسة وهي حية فسألنا سعيد بن جبير فقال: ذكوها وكلوها، وبه نقول، فإن الموقوذة إذا أدرك ذكاتها جاز تناولها لقوله تعالى: ﴿إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: 3] ولحصول ما هو المقصود، وهو تسييل الدم النجس، ومنه دليل إباحة تناول النعامة] اهـ.

وقال الإمام العمراني في "البيان" (4/ 505، ط. دار المنهاج): [مسألة: (جواز أكل النعامة وغيرها من الطيور وحرمة ما له مخلب): ويحل أكل النعامة؛ لأن الصحابة رضي اللَّه عنهم قضوا فيها ببدنةٍ إذا قتلها المحرم، فدل على أنها صيد] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 557، ط. دار الكتب العلمية): [ويباح البقر والظباء والنعام..؛ لأنها مستطابة، قضت الصحابة فيها بالجزاء على الـمُحْرِم] اهـ.

الاستدلال على حلّ أكل النعام بأنه من صيد الحرم الذي يحرم التعدي عليه

مما يدل على مشروعية أكلها أنَّه قد نص العلماء على أن النعام من صيد الحرم، الذي وضع الشرع الشريف له جزاءً عند التعدي عليه.

قال برهان الدين ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 440، ط. دار الكتب العلمية): [وأما ما يؤكل من صيود البر يجب في جزائه قيمتها بالغة ما بلغت، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، ويستوي أن يكون المقتول صيدًا له مثل من النعم خلقة أو لا مثل له من النعم خلقة.

وقال محمد والشافعي: ما له مثل من النعم خلقة وصورة يجب في جزائه المثل خلقة، فيجب في النعامة بدنة] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي في فقه أهل المدينة" (1/ 393، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [ما قتل المحرم من الصيد فعليه جزاؤه، وما يجزي من الصيد شيئان: دواب وطير؛ فيجزي ما كان من الدواب بنظيره من الغنم، ففي النعامة بدنة] اهـ.

وقال الإمام الشافعي في "الأم" (2/ 209، ط. دار المعرفة): [فإذا أصاب المُحرمُ نعامةً ففيها بدنةٌ] اهـ.

الدليل من الإجماع على مشروعية أكل النعام

نقل الإجماع على حل أكلها غير واحد من العلماء:

قال الإمام الدميري الشافعي في "النجم الوهاج" (9/ 554، ط. دار المنهاج) في كتاب الأطعمة: [(وتحل نعامة) بالإجماع؛ ولأن الصحابة قضوا فيها إذا قتلها المحرم ببدنة] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 411، ط. مكتبة القاهرة): [ويباح النعام، وقد قضى الصحابة رضي الله عنهم في النعامة ببدنة. وهذا كله مجمع عليه، لا نعلم فيه خلافًا] اهـ.

مدى تأثير أكل النعام لروثه وفضلاته بعد جفافها على طهارة لحمه وإباحة أكله

لا يؤثر في الحكم بإباحة أكل النَّعَام أنَّه قد يأكل روثه بعد جفافه؛ فإن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية في وجه والحنابلة على طهارة روث ما يؤكل لحمه، ووافقهم الإمام زفر من الحنفية.

قال الإمام الموصلي الحنفي في "الاختيار" (1/ 32، ط. الحلبي): [وعند زفر: روث ما يؤكل لحمه طاهر] اهـ.

وقال الإمام أبو البركات الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 51، ط. دار الفكر): [(و) الطَّاهِرُ (بولٌ وعَذِرَةٌ) يعني رَوثًا (من مباح) أكله (إلا الـمُتَغَذِّي) منه (بنجسٍ) أكلًا أو شربًا تحقيقًا أو ظنًّا كشكٍّ، وكان شأنه ذلك؛ كدجاجٍ وفارٍ لا إن لم يكن شأنه ذلك كحمامٍ، وخرج بالمباح الـمُحَرَّمُ والمكروه، وفضلتهما نجسةٌ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 16، ط. المكتب الإسلامي): [لنا وجهٌ: أن بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهران. وهو أحدُ قَوْلَيْ أبي سعيد الإصطخري من أصحابنا، واختاره الروياني وهو مذهب مالكٍ وأحمد] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 65): [ وبول ما يؤكل لحمه وروثه طاهرٌ. وهذا مفهوم كلام الخرقي، وهو قول عطاءٍ والنخعي والثوري ومالك] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّه يجوز أكل لحم النَّعَامِ، ولا حرج شرعًا في حلِّ تناوله.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اطلعنا على الطلب الوراد إلينا ببيان إجابة اثنين وعشرين سؤالا في أحكام الأضحية وذلك ما يأتي:
السؤال الأول: ما الأضحية في اللغة والشرع؟
السؤال الثاني: ما الدليل على مشروعية الأضحية؟
السؤال الثالث: متى شرعت الأضحية على الأمة المحمدية؟
السؤال الرابع: ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟
السؤال الخامس: ما حكم الأضحية؟
السؤال السادس: ما شروط صحة الأضحية؟
السؤال السابع: متى وقت التضحية؟
السؤال الثامن: هل يجوز التضحية في ليالي أيام النحر؟
السؤال التاسع: ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟
السؤال العاشر: ما هي مستحبات الأضحية؟
السؤال الحادي عشر: ما يستحب وما يكره بعد التضحية؟
السؤال الثاني عشر: ما حكم النيابة في الأضحية كصك الأضحية؟
السؤال الثالث عشر: هل يجوز أن تكون النيابة لغير المسلم؟
السؤال الرابع عشر: ما حكم التضحية عن الميت؟
السؤال الخامس عشر: هل يقوم غير الأضحية من الصدقات مقامها؟
السؤال السادس عشر: هل الأضحية أفضل أم الصدقة؟
السؤال السابع عشر: هل ذبح الرجل يجزئ عنه وعن أهل بيته؟
السؤال الثامن عشر: هل يجوز الاشتراك في الأضحية؟
السؤال التاسع عشر: هل تجزئ الأضحية عن العقيقة؟
السؤال العشرون: ما هو الأفضل في الأضحية من أنواع الأنعام؟
السؤال الحادي والعشرون: هل يجوز إعطاء غير المسلمين من الأضحية؟
السؤال الثاني والعشرون: ما حكم إعطاء جلد الأضحية للجزار على سبيل الأجر؟


ما حكم اشتراك الولد مع والده في الأضحية بشاة واحدة؟ فهناك رجلٌ يريد أن يشترك مع والده في الأضحية بشاةٍ واحدةٍ، على أن يدفع كلُّ واحدٍ منهما نصفَ الثمن ويكون له نصفُها، فهل تجزئ عنهما تلك الأضحية على هذا النحو؟


يتعذَّر علينا تحديد سن الأُضحية، علمًا بأننا نقوم بشراء العجول من الجاموس والبقر بأوزان تتراوح بين 350 كجم إلى 400 كجم، وعند سؤال التُجَّار عن ذلك أجابوا بأنَّ العجل يزيد بناءً على كمية الأكل والاهتمام به، فهل التضحية بهذه الهيئة جائزٌة شرعًا؟ نرجو منكم التفضل بالإفادة عن مدى صحة ذلك. 


ما الشروط التي يجب توافرها في الأضحية حتى تكون صحيحة؟ وما هي العيوب التي تؤثر فيها؟


ما موقف من لم يعقد نية الأضحية؟ فقد تعوَّدتُ منذ أمدٍ بعيد أن أضحِّيَ كلَّ عام، ولكنِّي هذا العام أَمُرُّ بضائقة مادِّيَّة تحول -حتى الآن- بيني وبين التضحية، وربَّما تيسَّر لي الأمر أيام الذبح؛ فهل تجزئ التضحية حينئذٍ وأنا لم أعقد النية من قبل؟ وكذلك لم أمسك عن شعري وأظفاري من أول ذي الحجة.


جمعية للخدمات الاجتماعية تخضع لأحكام قانون ممارسة العمل الأهلي ولائحته التنفيذية، تمارس العديد من الأنشطة، منها: صكوك الأضاحي، لذا نرجو إفادتنا بالحكم الشرعي فيما يأتي:

- هل يجوز شرعًا أن يحصل كل مضحٍّ على الكمية المخصصة له من اللحوم (18 كيلو جرامًا من صك العجل، و15 كيلو جرامًا من صك الخروف) من أي ذبيحة تم ذبحها في اليوم نفسه، وذلك بعد توثيق ذبح الأضحية عن طريق الفيديو وتسمية المشتركين في هذه الأضحية قبل ذبحها وعددهم، أو يجب شرعًا أن تصله لحوم من نفس الذبيحة التي اشترك فيها تحديدًا؟ علما بأن محاولة المطابقة التامة قد تؤدي إلى وقوع أخطاء تنظيمية بسبب كثرة الذبائح والإجراءات في ذات اليوم.

- وهل يجوز للجمعية التصرف في حواشي الذبائح التي تبرع بها المضحي ضمن صكه، مثل: الكرشة، الكبدة، الجلد، وغير ذلك، وذلك ببيعها واستخدام العائد في تغطية مصروفات تنفيذ المشروع، أو توجيهها للفئات المستحقة للدعم داخل الجمعية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 57
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :33