ما حكم الصيام لإنقاص الوزن؟ فعندي سمنة وأتبع حِمْيَةً غذائية لإنقاص الوزن، وممَّا أتبعه في ذلك أنِّي أصوم يومًا وأفطر يومًا -في غير رمضان-؛ فهل أثاب على ذلك الصيام مع أنَّ الباعث عليه إنقاص الوزن لا القُرْبَة؟
النية شرط لصحة الصيام، فإنْ صام المكلف غير مريدٍ القربة لم يقع صومه صحيحًا، ولها أيضًا الأثر البالغ في تحقيق الثواب الأخروي، وعلى المكلف أن ينوي القربة مع الحمية وإنقاص الوزن رجاء تحقيق الأثر والثواب جميعًا.
المحتويات
أناط الله تعالى صحة الأعمال وقبولها والإثابة عليها بالنية، فمتى صلحت النية صلح العمل، ومتى فسدت النية فَسَد العمل، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» أخرجه الإمام البخاري ومسلم في "صحيحيهما"، واللفظ للبخاري.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري" (1/ 30، ط. دار إحياء التراث العربي): [معناه: أنَّ صحة أحكام الأعمال في حقِّ الدِّين إنَّما تقع بالنية، وأنَّ النية هي الفاصلة بين ما يصح وما لا يصح، وكلمة إنَّما عاملة بركنيها إيجابًا ونفيًا، فهي تثبت الشيء وتنفي ما عداه، فدلالتها أنَّ العبادة إذا صحبتها النِّيَّة صحَّت وإذا لم تصحبها لم تَصِح، ومقتضى حقِّ العموم فيها يوجب أن لا يصح عملٌ من الأعمال الدينية: أقوالها وأفعالها فرضها ونفلها قليلها وكثيرها إلَّا بنية] اهـ.
من صام غير مريدٍ القُربة لم يتحصَّل له ثواب الصوم، فقد اتفق فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أنَّ الصوم لا يصح ولا يقبل إلَّا بالنية، فرضًا كان أو نفلًا.
قال العلامة ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (1/ 126، ط. الحلبي): [اعلم أن النية شرط في الصوم، وهو أن يعلم بقلبه أنه يصوم] اهـ.
وقال الإمام الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 418، ط. دار الفكر): [شرط صحة الصوم مطلقًا -أي فرضًا كان أو نفلًا معيَّنًا أو غير معَيَّن- أن يكون بنية] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 300، ط. دار الفكر): [مذهبنا أنه لا يصح صوم إلا بنية سواء الصوم الواجب من رمضان وغيره والتطوع وبه قال العلماء كافة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 109، ط. مكتبة القاهرة): [لا يصح صوم إلا بنية إجماعًا، فرضًا كان أو تَطوُّعًا؛ لأنَّه عبادة محضة، فافتقر إلى النية] اهـ.
وأما من حيث القبول والثواب: فقد تقرر أن أمر الثواب وهو أمر أخروي لكنه أيضًا مرهون بصلاح النية وفسادها.
قال الإمام ابن نجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" (ص: 17، ط. دار الكتب العلمية): [القاعدة الأولى: "لا ثواب إلا بالنية" صرَّح به المشايخ في مواضع من الفقه أولها في الوضوء، سواء قلنا إنها شرط الصحة كما في الصلاة والزكاة والصوم والحج أو لا كما في الوضوء والغسل.. وعلى هذا قرروا حديث «إنما الأعمال بالنيات» أنَّه من باب المُقتَضَى، إذ لا يصح بدون التقدير لكثرة وجود الأعمال بدونها، فقدَّروا مضافًا، أي حكم الأعمال، وهو نوعان: أخروي وهو: الثواب واستحقاق العقاب، ودنيوي وهو: الصحة والفساد، وقد أريد الأخروي بالإجماع، للإجماع على أنه لا ثواب ولا عقاب إلا بالنية، فانتفى الآخر أن يكون مرادًا] اهـ.
تحقيقًا لهذا فإنَّ على مَن يصوم للحمية أن ينوي الصيام للعبادة وتحصيل الثواب مع مقصد التخسيس أو إنقاص الوزن، فإنَّ مَن صام مريدًا القُرْبَة والحمية أو التداوي صحَّ صومه ورجي له الثواب.
وعلى ذلك تواردت نصوص جمهور فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية:
قال الإمام الحموي الحنفي في "غمز عيون البصائر" (1/ 145، ط. دار الكتب العلمية) في الصور التي يصح فيها التشريك في النية: [في "فتح القدير": لو نوى الصوم والحمية أو التداوي، فالأصح الصحة؛ لأنَّ الحمية أو التداوي حاصلٌ، قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكًا وتركًا للإخلاص، بل هو قَصَدَ للعبادة على حسب وقوعها؛ لأنَّ من ضرورتها حصول الحمية أو التداوي] اهـ.
وقال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 533): [من صام ليصِحَّ جسده أو ليحصل له زوال مرض من الأمراض التي ينافيها الصوم ويكون التداوي هو مقصوده أو بعض مقصوده والصوم مقصوده مع ذلك، وأوقع الصوم مع هذه المقاصد لا يقدح في صومه، بل أمر بها صاحب الشرع في قوله: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوَّج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» أي قاطع، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بالصوم لهذا الغرض، ولو كان ذلك قادحًا لم يأمر به صلى الله عليه وآله وسلم في العبادة إلَّا معها] اهـ.
وقال الإمام السيوطي الشافعي في "الأشباه والنظائر" (ص: 21، ط. دار الكتب العلمية) في الصور التي يصح فيها التشريك في النية: [منها: ما لو نوى الصوم، أو الحمية أو التداوي، وفيه الخلاف المذكور] اهـ.
بناءً على ذلك: فالنية شرط لصحة الصيام، فإن صام المكلف غير مريدٍ القربة لم يقع صومه صحيحًا، ولها أيضا الأثر البالغ في تحقيق الثواب الأخروي، وعلى المكلف أن ينوي القربة مع الحمية وإنقاص الوزن رجاء تحقيق الأثر والثواب جميعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إفطار من يَحُول نظام العمل بينه وبين الإفطار وقت المغرب في رمضان؟ فهناك رجل يعمل طول اليوم ونظام العمل أنَّ الأكل ممنوع إلا في المواعيد المحددة ومن ثم لا يستطيع الصوم؛ لأنه إذا صام لن يستطيع أن يفطر في موعِدِ الإفطار، وإذا لم يفطر وواصل الصيام فسيكون في الأمر مشقة ولن يستطيع أن يعمل، فهل يجوز له الفطر ويُخرِج عن كل يوم فدية؟
أنا مصري مقيم في دبي، وكنت في رحلة عمل إلى أمريكا، وأنا صائم صيام رمضان، ويوم رحلة العودة كان يوم الجمعة وبدأته بالصيام ولم أفطر حتى بعد أن صعدت الطائرة؛ حيث بدأت رحلتي قبل المغرب بحوالي 3 ساعات، واستغرقت رحلتي 14 ساعة بالطائرة، ولم أشهد غروب الشمس طوال الرحلة، فأكملت الصيام حتى وصلت الطائرة وقت المغرب من يوم الغد إلى دبي.
ونظرًا لفروق التوقيت بين البلدين وصلت يوم السبت إلى دبي، وعلى الرغم من أنه كان يوم صيام طويلًا حوالي 28 ساعة، ولكن كان بالنسبة لي يومًا واحدًا بدلًا من يومين، فما حكم صيامي؟ وهل يجب عليَّ أن أقضيَ اليوم الناقص؟
ما حكم صيام سيدنا داود عليه السلام؛ فإني سمعت من أحد الأصدقاء أن صيام نبي الله داود عليه السلام هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى، وما كيفيته؟
ما حكم قطرة العين وهي مضاد حيوي وليست غذاءً؟ وما حكم محلول العدسات اللاصقة وهو عبارة عن مضاد حيوي ومنظف لها، وعند ارتدائها تدخل قطرة صغيرة إلى العين ومنها إلى الأنف والحلق؟
ما مدى صحة نية صيام التطوع آخر النهار؟ فقد أذَّن العصر ولم أفعل شيئًا يفسد الصيام، وفي هذا الوقت نويت الصيام؛ فهل ما فعلته صحيح شرعًا؟
ما حكم تناول عقار الكبتاجون؟ حيث انتشر في الآونة الأخيرة تناول بعض الفئات لعقار "الكبتاجون" (Captagon)؛ فما حكم الشرع في تناول هذا العقار وتداوله؟