ما حكم دفن الشعر والأظفار بعد قصها؟ فهناك رجلٌ اعتاد إلقاءَ قُصَاصَة شَعرِه وأظفاره في كيس المهملات، ثمَّ سمع مِن بعض أصدقائه أنَّه يجب عليه دفنُها، فهل يجب عليه ذلك رغم صعوبته مع طبيعة البيوت الحديثة؟
لا مانع شرعًا من إلقاءِ قُصاصَةَ الشعر وقُلامَةَ الأظفارِ في كيس المهملات؛ فإن دفن ما يُقلم مِن الأظفار أو يُزال مِن الشعر مستحبٌّ لحرمةِ الإنسان وسائر أجزائه، وليس ذلك مِن قبيل الواجبات التي يأثم الإنسان بتركها، بل لا حرج في تركه عند التَّعذُّر أو المشقة.
المحتويات
النظافة شأنها في الإسلام عظيمٌ، فهي مطلَبٌ شرعيٌّ، ومقصِد مرعيٌّ؛ حفاظًا على حُسنِ صورةِ الإنسان التي خلقه الله عليها، قال تعالى: ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [التغابن: 3]، وقال جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، وفي الحديث الشريف: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ.. الحديث» أخرجه الأئمة: الترمذي في "السنن"، والبزار وأبو يعلى في "المسند"، وحسَّنه الحافظ السيوطي في "الجامع الصغير".
قصُّ الشَّعرِ وتقليم الأظفار مِن سُنن الفطرةِ التي تُحقِّقُ للمرءِ حُسْنَ هيئتِهِ، وجمالَ مَظْهَرِهِ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ» متفقٌ عليه.
وما ينتج عن قصِّ الشَّعرِ والأظفار مِن قُصَاصَةٍ وقُلَامَةٍ، له اعتباران: أحدهما: كونها مما تَعَافُ مِن رؤيته النفوس، فيستلزم ذلك إبعادَها عن أعيُن الناس، والآخَر: كونها جزءًا مِن جسد الإنسان الذي قرَّر اللهُ سبحانه وتعالى له حُرمتَه وكرامتَه، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]، فيُستحبُّ دفنُها مراعاةً لهذه الحرمة وامتثالًا لذلك التكريم مِن لَدُن رب العالمين.
والمراد بالدَّفن هنا: أن تتمَّ مواراتُها تحت التُّراب، في أيِّ مكانٍ تيسَّر فيه ذلك، داخل الدَّار أو خارجها، وليس المراد منه الدَّفن في المقبرة، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: 25-26].
قال الإمام أحمد في تأويل الآية -كما نقله الإمام شمس الدين ابن مُفْلِح في "الآداب الشرعية" (3/ 331، ط. عالم الكتب)-: [يُلْقُون الأحياءُ فيها الدَّمَ، والشَّعرَ، والأظافيرَ، وتَدفِنون فيها موتاكم] اهـ.
والقول باستحباب دفن الشَّعر والأظفار بعد قصِّها هو مذهب جماهير الفقهاء مِن الحنفية والشافعية والحنابلة؛ لأنها أجزاء آدميٍّ، والآدميُّ محترَمٌ ومكرَّمٌ، كما في "الاختيار" للإمام ابن مودود الموصلي الحنفي (4/ 167، ط. الحلبي)، و"رد المحتار" للعلامة ابن عَابِدِين (1/ 108، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي" (1/ 289-290، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (1/ 66، ط. مكتبة القاهرة).
فأفادت نصوص الفقهاء أنَّ دفن الشَّعرِ والأظفار ليس مِن قبيل الواجب الذي يأثم تَارِكُهُ، فإن كانت الأرض معزولةً بالبلاط وما شابهه ممَّا يكون في المنازل حاليًّا، ويحجب التربة عن الظهور، فلا بأس بعدم دفن الشَّعرِ والأظفارِ حينئذٍ، والاكتفاءِ بإبعادها عن أعين الناس بإلقائها مع القمامة أو نحو ذلك؛ صونًا لحرمتها، وحفظًا لهم عن التأذي مِن رؤيتها، مِن غير حرجٍ ولا كراهة في ذلك، إذ "لَا يَلزَمُ مِن تَركِ المُسْتَحَبِّ الكَرَاهَةُ"، كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (11/ 17، ط. دار المعرفة).
بناءً على ذلك: فإنَّ دفن ما يُقلم مِن الأظفار أو يُزال مِن الشعر مستحبٌّ لحرمةِ الإنسان وسائر أجزائه، وليس ذلك مِن قبيل الواجبات التي يأثم الإنسان بتركها، بل لا حرج في تركه عند التَّعذُّر أو المشقة.
وفي واقعة السؤال: لا مانع شرعًا من إلقاءِ الرَّجل المذكور قُصاصَةَ شَعرِهِ وقُلامَةَ أظفارِه في كيس المهملات، حيث إنَّ دفنها مستحبٌّ وليس بواجبٍ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
نرجو منكم بيان بعض فضائل الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه.
ما حكم تقديم الطعام للمعزين الذين يأتون من أماكن أو بلاد بعيدة للتعزية والمشاركة في الدفن؟
ما حكم عادة الجلوس للسلام على الكبير؛ فقد اعتادَ الناس في بلادنا عادات وتقاليد ورثوها أبًا عن جدٍّ؛ يحاولون بها إظهار التعظيم من الصغير للكبير، ومن الطالب لأستاذه، ومن الزوجة لزوجها، وتتجسَّد هذه العادة في صورة أنه إذا أراد الصغير السلامَ على الكبير فإنه يجلس أمامه أولًا كهيئة الجلوس بين السجدتين، جاثيًا على ركبتيه، ثم يَمُدُّ يدَه ليُسلِّمَ على من يقف أمامه؛ بحيث يكون أحدهما جالسًا جاثيًا على ركبتيه وهو المُسَلِّمُ، والآخر واقفًا مستقيمًا أمامه وهو المُسَلَّمُ عليه.
فهل هذا العملُ مخالف لتعاليم وآداب الشريعة الإسلامية؟ وهل هذا الجُثوُّ على الركب يُعدُّ من فعل الأعاجم الذين يُعظمُ بعضهم بعضًا، والذي نهى عنه رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم؟ أفيدونا أفادكم الله.
ما حكم تقليم أظافر الميت وحلق شعر عانته؟ وكيفية التخلص مِن ذلك، هل يوضع معه في الكفن، أو يُدفن في مكانٍ آخَر؟
ما حكم استعمال السواك؟
ما حكم إساءة معاملة الزوجة والأولاد في الإسلام؟ فقد حاول زوجي إقناعي أن ما يصدر من الزوج لزوجته من اعتداء عليها وتهديدها وترويعها وكذلك الأولاد هو أمر جائز وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية. ورغم أنني أقرأ القرآن دائمًا فإنني استشعرت عدم صحة ذلك، ولمست بالعكس سماحة الإسلام وبشره، فما صحة ما يدعيه زوجي؟