الرد على دعوى أن أئمة الفقه ليسوا من أهل السنة في باب العقيدة

تاريخ الفتوى: 27 ديسمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8217
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الفرق
الرد على دعوى أن أئمة الفقه ليسوا من أهل السنة في باب العقيدة

ما مدى صحة دعوى أنَّ أئمة الفقه ليسوا من أهل السنة في باب العقيدة؟ فهناك معهد من المعاهد غير الرسمية يُدَرِّس الفقه على أحد المذاهب الأربعة، ويدَّعون إعطاء إجازة لمن يجتاز الاختبارات، لكنهم يقولون لنا: إنَّ مشاهير أئمة المذاهب الفقهية كانوا أشاعرة، والأشاعرة ليسوا من أهل السنة في باب العقيدة؛ لذا فإنَّنا نأخذ منهم الفقه فقط، فهل هذا صحيح في المنهج العلمي أن يكون هناك فصل بين علم الفروع وعلم العقيدة؟

دعوى الأخذ بكلام الفقهاء في الفروع دون الأصول خطأٌ علمي محض ومخالفة للمنهج العلمي المستقر لدى علماء المسلمين سلفًا وخلَفًا؛ فقد اجتمع الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة في علم الكلام على طريقة أهل السنة والجماعة، وهو مصطلح صار عَلَمًا على أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري، وعلى أتباع الإمام أبي منصور الماتريدي من زمن قديم جدًّا، فمتى أطلق مصطلح أهل السنة والجماعة في كتب أهل العلم المعتبرين انصرف الذهن إليهم بلا ريب.

المحتويات

 

دعوى أنَّ أئمة الفقه ليسوا من أهل السنة في باب العقيدة

ممَّا هو مقرَّر أنَّ العلوم الإسلامية تقوم على منهج يجعل هذه العلوم يكمل بعضها بعضًا، فعلم الفقه مبنيٌّ على علم أصول الفقه، وعلم أصول الفقه مستمد من علم الكلام واللغة، فكأنَّ علم الفقه هو نتاج تلاقح تلك العلوم وترابطها، فالاجتهادات الفقهية للمجتهد مرتبطة باجتهاداته الكلامية لا محالة، ولا انفكاك لأحدهما عن الآخر.

وقد اجتمع الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة في علم الكلام على طريقة أهل السنة والجماعة، وهو مصطلح صار عَلَمًا على أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري، وعلى أتباع صِنوه الإمام أبي منصور الماتريدي من زمن قديم جدًّا، فمتى أطلق مصطلح أهل السنة والجماعة في كتب أهل العلم المعتبرين انصرف الذهن إليهم بلا ريب. ينظر: "إتحاف السادة المتقين" للعلامة المرتضى الزبيدي (2/ 6، ط. المطبعة الميمنية)، و"حاشية ابن عابدين" (1/ 48-49، ط. دار الكتب العلمية)، و"تبيين كذب المفتري" للعلامة ابن عساكر (ص: 410، ط. دار الكتاب العربي)، و"معيد النعم ومبيد النقم" للعلامة ابن السبكي (ص: 75، ط. مكتبة الخانجي).

وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي -كما في "طبقات الشافعية الكبرى" لتاج الدين السبكي (3/ 376، ط. دار هجر)-: [وأبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة، وعامة أصحاب الشافعي على مذهبه، ومذهبه مذهب أهل الحق] اهـ.

ومن ثم يعلم أن طريقة الأشاعرة والماتريدية هي التي عليها السواد الأعظم من فقهاء المسلمين، كما أنها هي الطريقة المرضية عند أكثر مدارس المسلمين العلمية في شرق البلاد وغربها، فهي الطريقة المعتمدة في الحواضر العلمية والجامعات الإسلامية العريقة، كالأزهر الشريف بمصر، والزيتونة بتونس، والقرويين بالمغرب، بالإضافة إلى المدارس الشرعية في الشام، والعراق، واليمن، وشنقيط، وغيرها من أماكن الدرس في معظم الديار الإسلامية.

كما أنَّ الأصول والتقاليد العلمية المتبعة في أسس بناء المدارس والأكاديميات تفرض على القائمين على التعليم فيها قيمًا واجبة الاتباع، منها: احترام المستقر لدى الجماعات العلمية، ومنها احترام المنهج العلمي بمعنى الاتساق العلمي بين الفروع والأصول، وعدم احترام هذا المنهج ينتج عنه اختلال المنظومة التعليمية، وهذا له من المفاسد النفسية والتعليمية على الطلاب -خصوصًا في مراحل التعلم الأولى- ما الله به عليم، ولا شك أن المعهد المسؤول عنه قد خالف هذه القيم والأعراف العلمية المعتبرة.

نصيحة لطالب العلم في ذلك

شأن طالب العلم ألَّا يأخذ العلم إلا عمَّن وثق بعلمه وعدالته، وأن ينأى بنفسه عن الأخذ من أهل البدع والأهواء، فعن محمد بن سيرين رضي الله عنه، قال: «إنَّ هذا العلم دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم» أخرجه مسلم.

قال الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (2/ 191، ط. دار ابن الجوزي): [ينبغي للمتعلِّم أن يقصد من الفقهاء من اشتهر بالديانة، وعرف بالستر والصيانة] اهـ.

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير".

قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (2/ 533، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [قال الطبراني عن بعضهم: يقال: إنَّ المراد الأصاغر من أهل البدع] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ دعوى الأخذ بكلام الفقهاء في الفروع دون الأصول خطأٌ علمي محض ومخالفة للمنهج العلمي المستقر لدى علماء المسلمين سلفًا وخلَفًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما هو التعريف الجامع والمانع لأهل السنة والجماعة؟


ما ضابط ما يحصل به قطع الخصام والخروج من الهجران المنهي عنه؟ فقد حدث خلاف وشجار بين شخصين، مما أدى ذلك إلى القطيعة التامة بينهما، ومرَّ على ذلك شهر أو أكثر، وبعد أن راجع أحدهما نفسه قرر الصلح وعزم على وصله، لكنه لم يفعل؛ ويسأل ما الفعل الذي يتحقق به قطع الخصام والخروج من الهجران الشرعي المنهي عنه؟ وهل يكفي في ذلك مجرد إلقاء السلام؟ 


يقول السائل: ما حكم التزام أهل بلد بمذهب فقهي واحد من دون المذاهب الأخرى؟


يقول السائل: أحد الأشخاص متعصّبٌ في بعض أمور الدين، ولا يقبل الرأي المخالف، ولا يقتصر على ذلك، بل يعادي صاحبه ويذمه؛ ممَّا يؤدي إلى إثارة الفتن بين الناس؛ فنرجو منكم بيان الرأي الشرعي الصحيح في ذلك؟


ما حكم دفع الزكاة لدار الايتام من أجل كفالة طفل؟ فأنا أتبرع لإحدى دور الرعاية بهدف كفالة طفل من الأيتام أو فاقدي الرعاية الأبوية ممن ترعاهم الجمعية. فهل يجوز تخصيص هذا المبلغ من زكاة المال؟


ما حكم إخراج زكاة الفطر مالًا؟ فقد سمعت في أحد البرامج أن زكاة الفطر يمكن أن تخرج مالًا، وكان معي صديقي فاعترض على ذلك وقال: إنها  لا بد أن تخرج حبوبًا كما جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل ما قاله صحيح؟ وهل أحد من الفقهاء أجاز إخراجها مالا؟ أو أن الفقهاء كلهم يرون عدم جواز إخراجها مالا؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20