حكم الفطر للمسافر إذا كان سفره يبدأ من بعد الظهر وينتهي قبل المغرب

تاريخ الفتوى: 17 سبتمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8019
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم الفطر للمسافر إذا كان سفره يبدأ من بعد الظهر وينتهي قبل المغرب

ما حكم الفطر للمسافر إذا كان سفره يبدأ من بعد الظهر وينتهي قبل المغرب؟ فقد عزم رجل على السفر في أحد أيام شهر رمضان، وسفره يبدأ مِن بعد الظهر، وينتهي قبل المغرب، فهل يجوز له الفطر في سفره هذا؟

ترخُّص المسافر بالفطر إذا كان سفرُه يبدأ بعد الفجر أو أثناء النهار، مَحَلُّ خلافٍ بين الفقهاء، ما بين مانعٍ مِن الترخُّص بالفطر في هذا اليوم، ومجيزٍ له، والأفضل والأكمل والأتمُّ للرجل المذكور الذي يبدأ سفره مِن بعد الظهر وهو صائمٌ في شهر رمضان وينتهي في نفس اليوم قبل المغرب أنْ يتمَّ صومه ولا يترخص بالفطر حتى لا يفوِّت على نَفْسه فضيلةَ الشهر وثوابَه الكبير، لكن إذا أراد أن يترخص بالفطر فله أنْ يقلد مَن أجاز ذلك وهو خلاف الأولى، إلا إذا شقَّ عليه الصوم أثناء سفره، فلَه الأخذ برخصة الفطر مِن غير إثمٍ عليه حينئذٍ ولا حرج.

المحتويات

 

رخصة الفطر في رمضان للمسافر

رخَّصَ الشرعُ الشريفُ للمسافر أن يُفطر مَتَى كانت مسافةُ سَفَرِهِ تُقصَر في مثلها الصلاةُ، ثم يَقضي ما أفطره عدةً مِن أيامٍ أُخَر، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].

وهذا ما عليه جماهير الفقهاء مِن المذاهب الفقهية المتبوعة. ينظر: "البحر الرائق" للإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي (2/ 304، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"مواهب الجليل" للإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي (2/ 443، ط. دار الفكر)، و"الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي الشافعي (3/ 445، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (1/ 617، ط. دار الكتب العلمية).

حكم الفطر للمسافر إذا كان سفره يبدأ من بعد الظهر وينتهي قبل المغرب

المسافرُ في شهر رمضان لا يخلو مِن عِدَّةِ أحوالٍ، منها: إذا كان سفرُه يبدأ بعد الفجر، أو أثناء النهار -كما هي مسألتنا-، وترخُّص المسافر بالفطر في هذه الحالة مَحَلُّ خلافٍ بين الفقهاء.

فذهب الحنفية والمالكية، والشافعية في الصحيح، والحنابلة في إحدى الروايتين، وهو قول مَكْحُول، والزُّهْرِي، ويحيى الأنصاري، والأَوْزَاعِي، إلى أنَّ المكلَّف يَلزمه صوم ذلك اليوم، ولا يجوز له الفطر فيه؛ لأنه عند وجود سبب الصوم وهو دخول الوقت لَم يوجد سببُ الرُّخصة وهو السفر، ولا يَصِحُّ صوم أوَّل اليوم إلا بصوم باقي أجزائه، وإذا صام أول اليوم لَزِمَهُ تصحيحُه بإتمام الباقي منه؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 33]، وفي إفطاره إبطالٌ للجزءِ المفعول مِن الصوم أنْ يكون صومًا شرعيًّا مع كونه كذلك، كما أنَّ الصوم عبادةٌ تختلف بالسفر والحَضَر، فإذا اجتَمَعَا فيها غُلِّبَ حُكمُ الحَضَر، تمامًا كما هي الحال في الصلاة، إذا اجتَمَع فيها السفر والحَضَر، قُدِّم الحَضَر على السفر، فيُتِمُّ المكلَّفُ الصلاةَ ويَلتزمُ مواقيتها، وحالُه في ذلك ليس كحال المريض الذي يُباح له الفطر بعد أن شرع في الصوم في نهار رمضان؛ لأن المريض مضطرٌّ إلى الفطر، أما المسافر فإنه مختارٌ فيه وليس مضطرًّا إليه.

قال الإمام أبو بكر الجَصَّاص الحنفي في "شرح مختصر الطحاوي" (2/ 411، ط. دار البشائر): [ومَن سافر بعد الفجر لَم يفطر ذلك اليوم] اهـ.

وقال شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 445، ط. دار الفكر): [إنْ لم يَشْرَعْ في السفر قبل الفجر بل عَزَمَ عليه، فيلزمه أنْ يُبَيِّتَ الصوم] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 260، ط. دار الفكر): [ومَن أصبح في الحَضَر صائمًا ثمَّ سافَر لَم يَجُز له أن يُفطر في ذلك اليوم] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 117، ط. مكتبة القاهرة) في بيان هذه الحالة مِن أحوال المسافر في رمضان وحكم الفطر فيها: [أن يسافر في أثناء يوم من رمضان، فحُكمُه في اليوم الثاني كمَن سافر ليلًا، وفي إباحة فطر اليوم الذي سافَر فيه عن أحمد روايتان.. والرواية الثانية: لا يُباح له الفطر ذلك اليوم، وهو قول مَكْحُول، والزُّهْرِي، ويحيى الأنصاري.. والأَوْزَاعِي] اهـ.

وذهب الشافعية في وجهٍ، وهو قول الإمام المُزَنِي منهم، والحنابلة في الصحيح مِن المذهب، وهو قول عمرو بن شُرَحْبِيل، والشَّعْبِي، وإسحاق، وداود، وابن المُنْذِر، إلى أنه يباح له الفطر في اليوم الذي سافَر فيه؛ وذلك لِمَا رُوي عن عُبَيْد بن جَبْرٍ قَالَ: "كُنْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي سَفِينَةٍ مِنَ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ، فَدَفَعَ، ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ"، قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ: "فَلَمْ يُجَاوِزِ الْبُيُوتَ حَتَّى دَعَا بِالسُّفْرَةِ، قَالَ: اقْتَرِبْ، قَالَ: قُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ؟ قَالَ أَبُو بَصْرَةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟"، قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ: "فَأَكَلَ" أخرجه الإمامان: أبو داود في "السنن"، والبيهقي في "السنن الكبرى" واللفظ له.

وكذا "لأنَّ السفر معنًى لو وُجِدَ ليلًا واستَمَرَّ في النهار لَأَبَاحَ الفطر، فإذا وُجِدَ في أثنائه أَبَاحَهُ كذلك، كالمرض، ولأنه أَحَدُ الأمرَيْن المنصوص عليهما في إباحة الفطر بهما، فأَبَاحَهُ في أثناء النهار كالآخَر"، كما قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (1/ 117).

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 261): [إذا سافَر المقيم، فهل له الفطر في ذلك اليوم؟ له أربعة أحوال: (أن) يبدأ السفرَ بالليل، ويفارق عُمران البلد قبل الفجر، فله الفطر بلا خلاف. (الثاني): ألَّا يفارق العُمران إلا بعد الفجر.. قال المُزَنِي: له الفطر.. وهو وجهٌ ضعيفٌ حكاه أصحابُنا عن غير المُزَنِي مِن أصحابنا أيضًا، والمذهب الأول] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني (3/ 117): [أن يسافر في أثناء يوم من رمضان، فحُكمُه في اليوم الثاني كمَن سافر ليلًا، وفي إباحة فطر اليوم الذي سافر فيه، عن أحمد روايتان: إحداهما: له أن يفطر، وهو قول عمرو بن شُرَحْبِيل، والشَّعْبِي، وإسحاق، وداود، وابن المُنْذِر] اهـ.

وقال علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 289، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وإنْ نَوَى الحاضِرُ صومَ يومٍ، ثم سافَر في أثنائه، فَلَهُ الفطر) هذا المذهب مطلقًا، وعليه الأصحاب، سواء كان طَوْعًا أو كرهًا، وهو مِن مفردات المذهب، ولكن لا يفطر قبل خروجه] اهـ.

وقيَّد الحنابلةُ جواز ترخُّص المسافر بالفطر في هذه الحالة بأنْ "يخلف البيوت وراء ظَهْرِهِ، يعني أنْ يُجَاوِزَهَا ويَخرُجَ مِن بين بُنْيَانِهَا. وقال الحسن: يُفطر في بيته إنْ شاء يومَ يُريدُ أنْ يَخرج، ورُوي نحوُه عن عطاء"، كما قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (1/ 117).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ ترخُّص المسافر بالفطر إذا كان سفرُه يبدأ بعد الفجر أو أثناء النهار، مَحَلُّ خلافٍ بين الفقهاء، ما بين مانعٍ مِن الترخُّص بالفطر في هذا اليوم، ومجيزٍ له، والأفضل والأكمل والأتمُّ للرجل المذكور الذي يبدأ سفره مِن بعد الظهر وهو صائمٌ في شهر رمضان وينتهي في نفس اليوم قبل المغرب أنْ يتمَّ صومه ولا يترخص بالفطر حتى لا يفوِّت على نَفْسه فضيلةَ الشهر وثوابَه الكبير، لكن إذا أراد أن يترخص بالفطر فله أنْ يقلد مَن أجاز ذلك وهو خلاف الأولى، إلا إذا شقَّ عليه الصوم أثناء سفره، فلَه الأخذ برخصة الفطر مِن غير إثمٍ عليه حينئذٍ ولا حرج.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الواجب شرعًا على من احتال على الجماع في نهار رمضان بالفطر قبله؟ فهناك رجلٌ سَوَّلَت له نفسُه وهواهُ أن يجامِع زوجته في نهار رمضان، فاحتال لذلك بأن أفطر بتناول شيءٍ مِن الطعام أولًا بدون عذرٍ ثُم جامَعَها، فما الواجب عليه شرعًا؟


امرأةٌ استعمَلَت حبوبَ منع الحمل، وكانت لها عادةٌ أقل مِن عشرة أيام، فتغيَّرت عادتُها حتى وصلَت إلى أكثر مِن عشرة أيام يستمر فيها نزولُ الدم عليها، وتسأل: هل عليها أن تصوم مع استمرار نزول الدم؟


ما حكم الدعاء بالعتق من النار في شهر رمضان الكريم للأحياء والأموات؟ حيث يقنت إمام المسجد عندنا في شهر رمضان، ويقول في دعائه: «اللهم أعتق رقابنا ورقاب أمواتنا من النار»، فأنكر عليه أحد الناس هذا الدعاء؛ وذلك بحجة أنه لا توجد أحاديث صحيحة في السُّنَّة النبوية قد ذكرتْ أن الأحياء ولا الأموات يعتقون في رمضان، فما حكم الشرع في ذلك؟


هل للمسافر في البحر لفترة طويلة أن يفطر؟ فرجلٌ يعمل على إحدى السفن التجارية، وقد يستمر سفرُه بالبحر مدةً طويلة، وأحيانًا يُدركه شهر رمضان المبارك وهو على مَتْنِهَا، فهل يجوز له الفطر؟


ما حكم من أفطر لعذر المرض؟ وما الواجب عليه القضاء أم الفدية؟  فأنا مريض بالكلى والبروستاتا ودائمًا تحت العلاج، وهذا المرض طرأ عليَّ هذا العام وقبل شهر رمضان، مما اضطرني إلى الإفطار في رمضان. فما الذي يجب عليَّ فعله؟


ما حكم صيام مرضى السكر؛ حيث تم إعداد برنامج جديد بالنسبة لتقييم حالة مرضى السكر، يحتوي على كل العوامل المسببة للخطورة، وإعطائها نقاطًا مختلفة حسب أهميتها، بشكل متناسب مع وضع كل مريض، ويقوم الأطباء بمراجعة حالة المريض بالتفصيل، وتضاف النقاط حسب المعلومات (عوامل الخطورة تتحدد بناءً على مدة المرض، ونوعه، ونوع العلاج، والمضاعفات الحادة من الحمض الكيتوني وارتفاع السكر الشديد مع الجفاف، والمضاعفات المزمنة، وهبوط السكر، وخبرة الصوم السابقة، والصحة الذهنية والبدنية، وفحص السكر الذاتي، ومعدل السكر التراكمي، وساعات الصيام، والعمل اليومي والجهد البدني، ووجود الحمل).
ويتم بعدها جمع النقاط لكل مريض لتحديد مستوى الخطورة في حال قرر صيام رمضان كما يلي: من 0: 3= خطورة خفيفة، ومن 3.5: 6= خطورة متوسطة، وأكبر من 6= خطورة مرتفعة.
نصائح وإرشادات:
أولًا: يجب تقديم النصائح الطبية لكل المرضى مهما كان مستوى الخطورة عندهم، وتعديل العلاج الدوائي بما يناسب كلِّ حالةٍ.
ثانيًا: يجب تقديم النصائح والمتابعة الدقيقة لكل المرضى، حتى في حال الإصرار على الصيام ضد نصيحة الطبيب.
ثالثًا: يُنصح المرضى الذين يقدر وضعهم على أنه مرتفع الخطورة بعدم الصيام مع توضيح احتمالات الضرر عليهم.
رابعًا: في حال المرضى متوسطي مستوى الخطورة، يتم التشاور بين الطبيب والمريض ومراجعة الوضع الصحي وخبرات المريض السابقة وأدويته، ويجب توضيح احتمال الخطورة المرافق، بشكل عام يسمح للمريض بالصيام مع الانتباه لضرورة المراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم حسب تعليمات الطبيب، وفي حال خوف المريض الشديد، دون وجود سبب طبي مقنع يتم اللجوء إلى الاستشارة الدينية.
خامسًا: في حال مستوى الخطورة المنخفض، يشجع المرضى على الصيام، مع ضرورة المراقبة الطبية الموصوفة.
سادسًا: يجب على كل المرضى الذين قرروا الصيام بنصيحة طبية أو حتى ضد النصيحة الطبية معرفة ضرورة التوقف عن الصيام في الحالات التالية:
حدوث ارتفاع السكر إلى أكثر من ٣٠٠ مع/ دل.
انخفاض السكر أقل من ٧٠ مع/ دل.
وجود أعراض الانخفاض أو الارتفاع الشديدة.
وجود أمراض حادة تسبب حدوث الحرارة أو الإسهال أو التعب أو الإرهاق العام.
الخلاصة: يجب على الأطباء مراجعة كل عوامل الخطورة المذكورة عند مرضاهم للوصول إلى تحديد مستوى الخطورة الصحيح، وستساعد هذه الوسيلة في تقييم خطورة الصيام عند المرضى في الوصول إلى تقييمات حقيقية للمرضى، حتى وإن اختلف الأطباء واختصاصاتهم، وستساعد الأطباء الأقل خبرة في الوصول إلى تقييم أقرب إلى الدقة؛ فنرجو من فضيلتكم بيان الرأي الشرعي في هذا الأمر.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:20
المغرب
7 : 0
العشاء
8 :18