ما معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ»؟
معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ» أنَّ كل من كان من أهل الصيام -دعي من باب الصيام المسمى بـ"باب الريان"؛ جزاءً وإكرامًا لهم، ولمَّا تحمَّلوا مِن تعبِ العطش في صيامهم في الدنيا خُصُّوا بباب فيه الرِّي والأمان من العطش قبل تمكنهم من الجنة والدخول في رضوان الله تعالى.
المحتويات
الصيام له فضائل عظيمة، وآثار جليلة، أوضحتها نصوص الشرع الحنيف، منها: ما أعدَّه المولى عزَّ وجلَّ وكرَّم به الصائمين من تخصيص بابٍ من أبواب الجنة لهم، لا يُزاحمهم فيه غيرُهم، يسمَّى: "باب الريان"؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَة»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا"، قَالَ: «نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» متفقٌ عليه.
وعن سهل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» متفقٌ عليه.
يتجلى من ذلك اختصاص المولى عزَّ وجلَّ الصائمين ببابٍ لا يزاحمهم فيه غيرهم، ولا يدخل منه سواهم، يسمى: باب الرَيَّان؛ بفتح الراء وتشديد التحتية: فَعْلان من "الرِّيِّ"، وترجع تسمية هذا الباب بـ "الريان": إمَّا لكونه اسم عَلَم للباب نفسه مختص للصائمين، وإمَّا بنفسه ريان؛ لكثرة الأنهار الجارية إليه، والأزهار والأثمار فيه، وإمَّا لكون مَن وصل إليه يزول عنه العطش قبل تمكنهم في الجنة؛ ليزولَ عطشهم، جزاءً عَلَى عطشهم وجوعهم بالصوم في الدنيا، كما قال الإمام الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن" (5/ 1542، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز)، والعلامة المُلَّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 393، و443-444، ط. دار الفكر).
قال الإمام بدر الدين العَيْني في "عمدة القاري" (10/ 262، ط. دار إحياء التراث العربي): [أي: هذا باب يذكر فيه الريان الذي هو اسم علم لباب من أبواب الجنة مختص للصائمين، ووزن رَيَّان فَعْلان، وقد وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه؛ لأنه مشتق من الري الكثير الذي هو ضد العطش، وسمي بذلك؛ لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم، واكتفى بذكر الري عن الشبع؛ لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه، وأفرد لهم هذا الباب إكرامًا لهم واختصاصًا وليكون دخولهم الجنة غير متزاحمين فإن الزحام قد يؤدي إلى العطش] اهـ.
وقال العلامة المُلَّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 393، ط. دار الفكر): [«دعي من باب الريان» أي: من باب الصيام، المسمى: باب الريان، ضد العطشان، قيل: وهو باب يُسقَى الصُّيَّامُ فيه شرابًا طهورًا قبل وصوله إلى وسط الجنة ليزول عطشه] اهـ.
هذا، وناسب باب الصيام أن يسمى باب الريان ولم يُسمَّ باب الصيام؛ لأن الصيام هو إمساك وانقطاع عن الطعام والشراب وباقي الملذات، وقد كان هذا التكليف في الدنيا، أما في الآخرة فهي دار الجزاء وتنعيم الطائعين، ومنهم الصائمون الذي تحملوا العطش والجوع امتثالًا وابتغاء مرضاة الله عزَّ وجلَّ، فناسب الريان من الري الكثير في مقابل العطش والمشقة الواقعة بالصيام.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "منحة الباري بشرح صحيح البخاري" (4/ 341، ط. مكتبة الرشد): [(إنَّ في الجنة بابًا يقال له الريان) هو نقيض العطشان، وهو مناسب لحال الصائمين؛ لأنهم بتعطيشهم أنفسهم في الدنيا يدخلون من بابه؛ ليأمنوا من العطش] اهـ.
والذي يستفاد من إطلاق لفظ الصائمين اتساع المراد؛ ليشمل كلَّ صائم ولو كان مقتصرًا على صيام الفريضة:
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 17، ط. دار السلام): [(يدخل منه الصائمون يوم القيامة) مطلق في صائم الفرض والنفل، والأصل الفرض عند الإطلاق؛ لأنَّه الفرد الكامل. إن قلت: يلزم أن يدخل منه كلُّ المؤمنين، قلت: ذلك ملتزم ولا ضير فيه] اهـ.
بناءً عليه: فمعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ» أنَّ كلّ من كان من أهل الصيام -دعي من باب الصيام المسمى بـ"باب الريان"؛ جزاءً وإكرامًا لهم، ولمَّا تحمَّلوا مِن تعبِ العطش في صيامهم في الدنيا خُصُّوا بباب فيه الرِّي والأمان من العطش قبل تمكنهم من الجنة والدخول في رضوان الله تعالى.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
أرجو التكرم بإعطائي فتوى عن حكم الصيام في دول الشمال الإسكندنافية؛ حيث يمتد اليوم بحيث يكون الفرق بين الغروب والفجر في جنوب البلاد حوالي الساعتين، وفي شمال البلاد يمتد اليوم إلى 24 ساعة لا تغرب فيها الشمس مطلقًا.
ما حكم استخدام العطور في نهار رمضان للتطيب؟
ما حكم التختم بالذهب للرجال؛ فقد سأل شافعي المذهب في (كتاب الزينة) من كتاب "تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم" ما نصه: وعن سعيد بن المسيب قال: قال عمر لصهيب رضي الله عنهما: ما لي أرى عليك خاتم الذهب؟ فقال: قد رآه من هو خير منك فلم يعبه. قال: من هو؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أخرجه النسائي.
يؤخذ من فحوى هذه القصة -مع ما هو معلوم من حرص سيدنا عمر رضي الله عنه على الدين- أنها كانت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه، إذ لو كانت هذه الحادثة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرهم لما سكت عمر بل رفع الأمر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كذا لو كان أبو بكر موجودًا رضي الله عنه لرفع سيدنا عمر رضي الله عنه الأمر إليه أيضًا.
فما قولكم دام فضلكم في الجمع بين هذا الحديث المفيد بظاهره الإباحة، وبين ما عليه أئمة المسلمين من تحريم خاتم الذهب على الرجال. مع العلم بأن هذا الحديث مروي في الصحاح. وهل للإنسان أن يعمل بظاهره خروجًا من الإثم ولو في حق نفسه؟ أفيدوا الجواب ولكم الثواب. وهل يجوز تقليد هذا الحديث ولو لغير ضرورة؟ أفيدوا ولكم من الله الأجر.
ما الفرق بين التجسس والتحسس المنهي عنهما في الحديث النبوي الشريف «وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا»؟
يقول السائل: عندما نقوم بعيادة بعض أحبابنا من المرضى نقوم بالتنفيس عنهم في حالة مرضهم؛ عملًا بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ»، فهل هذا الحديث صحيح، وهل هذا العمل جائز شرعًا؟
هل حديث «الجنة تحت أقدام الأمهات» صحيح؟