ما حكم صوم المرأة التي نزل عليها دم قبل الولادة بيوم وهي صائمة؟ فهناك امرأةٌ حاملٌ، ونَزَل عليها دَمٌ قَبْل الولادة بيومٍ مصحوبًا بشيءٍ مِن الآلام التي تَسبِقُ الولادة، وكان ذلك في نهار رمضان وهي صائمة، فهل تُكمِل صومها أو تفطر بسبب نزول هذا الدم؟
الدَّم النَّازل على المرأة المذكورة قَبْل الولادة بيومٍ مصحوبًا بشيءٍ مِن الآلام التي تَسبق الولادة، إنما هو دم فساد (استحاضة)، ومِن ثَمَّ فإن عليها أن تُكمِلَ صومَ يومها، وصومُها صحيحٌ شرعًا.
المحتويات
الدم الذي يَلْفِظُهُ رحم المرأة، إما أن يكون دم حيضٍ، وهو: الدم الخارج من رحم المرأة لا من علة، ولا صغر، بدون ولادة، أو يكون دم نفاسٍ، وهو: الدم الخارج من رحم المرأة عَقِب الولادة، أو يكون الدمُ استحاضةً، وهو: الدم الخارج بدون سببِ حيضٍ أو نفاسٍ، لا على سبيل الصحة، وهو دم فساد وعلة، كما في "متن الغاية والتقريب" للإمام أبي شُجَاع (ص: 7، ط. عالم الكتب).
ومن المقرر شرعًا أنه إذا ثَبَتَ أن الدمَ النازل على المرأة دمُ حيضٍ أو نفاسٍ، فإنه يَحرُم عليها الصيامُ والصلاةُ، وسائرُ العبادات، وذلك حال حيضها أو نفاسها.
قال الإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 23، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا على أن الحائض لا تصلي ولا تصوم أيام حيضها] اهـ.
وقال في "المحلى بالآثار" (1/ 400، ط. دار الفكر): [ودمُ النفاس يَمنَع ما يَمنَعُ منه دمُ الحيض، هذا لا خلاف فيه مِن أَحَدٍ] اهـ.
وقال الإمام ابن القَطَّان في "الإقناع" (1/ 103، ط. الفاروق الحديثة): [وامتناع الصلاة والصيام والطواف والوطء في الفرج في حال الحيض بإجماعٍ مُتَيَقَّن، بلا خلاف بين أَحَدٍ مِن أهل الإسلام فيه] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (1/ 254، ط. مكتبة القاهرة): [وحُكم النُّفَسَاء حُكم الحائض في جميع ما يَحرُم عليها، ويَسقط عنها، لا نَعلم في هذا خلافًا] اهـ.
أما بخصوص الدم النازل على المرأة قبل الولادة بيومٍ أو يومَيْن -كما في مسألتنا-، فهو دم فساد (استحاضة)؛ لِمَا تقرَّر مما سبق أنَّ الدماءَ ثلاثةٌ لا أكثر، ولَمَّا كانت الحامل لا تحيض -على المختار للفتوى-، لم يكن هذا الدم النازل دم حيض، وكذلك لا يكون دم نفاس؛ لعدم وجود السبب الذي هو حصول الولادة، ومِن ثَمَّ يُحكم عليه بأنه دم استحاضة، وهو مذهب الحنفية، والشافعية في قولٍ، ويَتَّفق أيضًا مع ما قرَّره المتخصصون مِن أن الدم النازل على المرأة قبل الولادة مُتَّصِلًا بها، لا يخرج مِن مَنْبَعِ دمِ الحيض.
قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي الحنفي في "بداية المبتدي" (ص: 9، ط. مكتبة محمد علي صبيح): [الدَّم الَّذِي ترَاهُ الْحَامِل ابْتِدَاءً أَو حَال وِلَادَتهَا قبل خُرُوج الْوَلَد: اسْتِحَاضَة] اهـ.
وقال العلامة الشِّلْبِي الحنفي في "حاشيته على تبيين الحقائق" (1/ 67، ط. الأميرية): [(قوله في المتن: ودم الحامل استحاضة) أي ولو في حال ولادتها اهـ. "كافي".. قال في "مشارع الشارع": وما تراه الحامل لا يكون حيضًا.. وكذا ما تراه حال الطَّلْق قبل الولادة] اهـ.
وقال الإمام المَاوَرْدِي الشافعي في "الحاوي الكبير" (1/ 438، ط. دار الكتب العلمية): [الذي تراه المرأة مِن الدم على حملها، هل يكون حيضًا أم لا؟ على قولين: أحدهما: قاله في "القديم" وهو مذهب أبي حنيفة: يكون دم فساد، فلا يكون حيضًا] اهـ.
وقال الإمام أبو الحسين العِمْرَانِي الشافعي في "البيان" (1/ 404، ط. دار المنهاج): [وإنْ رأت المرأةُ الحاملُ الدمَ قبل ولادتها خمسة أيام، ثم وَلدت قبل مضي أقل الطهر، فإنَّ الدم الذي رأته قبل الولادة ليس بنفاس. وهل هو حيضٌ أو دمُ فسادٍ؟ اختلف أصحابُنا فيه، فمنهم مَن قال: إنه دم فساد قولًا واحدًا؛ لأنه لَمَّا لَم يكن بينه وبين النفاس طُهرٌ صحيح، كان دمَ فسادٍ] اهـ.
ولَمَّا كان الدَّمُ النَّازلُ على المرأة قَبْلَ الولادة بيومٍ أو يومين دمَ استحاضةٍ، فإنَّ مِن المُجْمَع عليه عند أهل العلم أنَّ المستحاضة تأخذ حكم الطاهرة -النقية مِن الدماء- في العبادات مِن صيام وصلاة ونحوهما، ومِن ثَمَّ فلو كانت المستحاضةُ صائمةً، فإنَّ عليها أنْ تُكمِل صومَها، ولا تُفطِر لنزول هذا الدم، إذ قد أجمع أهل العلم على أن "المستحاضة تصوم وتصلي وأحكامها أحكام الطاهر"، كما قال الإمام ابن المُنْذِر في "الأوسط" (2/ 216، ط. دار طيبة).
وقال الإمام ابن عبد البَرِّ في "التمهيد" (16/ 68، ط. أوقاف المغرب) في بيان أحكام دم الاستحاضة: [حُكمه: أن تكون المرأة فيه طاهرًا، لا يمنعها مِن صلاة ولا صوم بإجماعٍ مِن العلماء، واتفاقٍ مِن الآثار المرفوعة إذا كان معلومًا أنه دم العِرق لا دم الحيض] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الدَّم النَّازل على المرأة المذكورة قَبْل الولادة بيومٍ مصحوبًا بشيءٍ مِن الآلام التي تَسبق الولادة، إنما هو دم فساد (استحاضة)، ومِن ثَمَّ فإن عليها أن تُكمِلَ صومَ يومها، وصومُها صحيحٌ شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الطهارة في الوضوء أو التيمم أو الغسل بالجمع بين مذاهب الفقهاء؟ كمن يترك النية مقلدًا مذهب الإمام أبي حنيفة، ويترك الدلك في الأعضاء مقلدًا مذهب الإمام الشافعي، ونحو ذلك.
ما مدى عدم صحة وصف المسلم بالنجاسة إذا تأخر في غسل الجنابة؟ فسائل يقول: هل المسلم الذي يُؤخِّر الاغتسال من الجنابة يكون نجسًا حتى يغتسل؟
ما حكم صيام من أصابها ورم في الرحم فهي تنزف طيلة شهر رمضان؟ فقد أصاب امرأة ورمٌ في الرحم فهي تنزف طيلة أيام الشهر، فكيف تصوم في رمضان؟
ما حكم الإجهاض بعد نفخ الروح مع وجود خطورة على الأم وتشوهات بالجنين؟ فزوجتي تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا، وهي حامل في منتصف الشهر السادس، وقد اكتشفنا أن حملها غير طبيعي من بداية الحمل؛ حيث أظهرت أشعة الموجات فوق الصوتية وجود توءمين أحدهما حي والآخر ميت، وتابعنا الحمل حتى اختفى التوءم الأخير واستمر التوءم الحي، ومنذ شهر تقريبًا اكتشفنا بواسطة أشعة الموجات الصوتية رباعية الأبعاد وجود استسقاء مائي كبير ومطرد بالجمجمة نتيجة ورم حميد بالمخ أدى إلى تضخم حجم جمجمة الجنين مع ضمور شبه كامل بالمخ، وأكد لنا الأستاذ الدكتور الذي يتابع الحالة وهو أستاذ التوليد والنساء بكلية طب عين شمس، والذي أجرى الأشعة، ضرورةَ إنهاء الحمل على الفور؛ حيث إن استمراره للنهاية قد يؤدي إلى تضخم الرأس بشكل كبير يصعب معه الولادة الطبيعية إضافة إلى أنَّ فرص بقاء الجنين حيًّا بعد الولادة منعدمة نظرًا لضمور المخ ضمورًا شبه كلي، وقد استشَرتُ اختصاصي الأمراض العصبية وأكد لي صعوبة بقاء الطفل وصعوبة إنقاذه حال ولادته مبكرًا في سبعة أشهر؛ لعدم وجود المخ القادر على القيام بالوظائف الحيوية والحركية وخلافه. إضافة إلى أن شقيقتي وهي طبيبة أمراض توليد ونساء متخصصة في رعاية الأجنة بكلية طب عين شمس أفادتني بخطورة استمرار الحمل حتى النهاية لاحتمالية تأثير الجمجمة المتضخمة على الأم، وقد يؤدي إلى نزيف رحمي حاد قد يؤدي إلى استئصال الرحم لا قدر الله، وزوجتي صغيرة في السن، ولم يُنعم علينا المولى — عز وجل — بنعمة الإنجاب بعدُ، إضافةً إلى خطورة ذلك على الأم. فما الحكم الشرعي في الإجهاض في هذه الحالة؟
سائلة تقول: يطلب مني زوجي أن أتزين وأتجمل له ونحن في المنزل. فما التوجيه الشرعي في ذلك؟
ما حكم مَن عاشرها زوجها وهي في فترة النفاس؟