ما حكم التثويب في غير أذان الفجر؟ فقد أَذَّنتُ لصلاة الظهر، وبعد الانتهاء منه قال لي صديقي: لماذا لم تثوب في الأذان مثل صلاة الفجر؟، فقلت: له هذا ليس سُنَّة، فقال: بل هو سنة في الصلوات كلها، فاختلفنا في الحكم، فهل ما قاله صديقي صحيح أو لا؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.
التثويب في الأذان هو قول الـمُؤذِّن بعد الحيعلتين: "الصلاة خير من النوم"-، وهو سنةٌ ثابتةٌ بإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحله في أذان الفجر خاصة دون غيره من الصلوات، وينبغي ألَّا تكون مِثْل هذه المسائل مثار خلافٍ بين الناس في المساجد، والتي يجب الالتزام فيها بالتعليمات الصادرة مِن ذي الاختصاص في هذا الشأن.
المحتويات
"التثويبُ" في الأذان هو أَن يقول الـمُؤذِّن: "الصلاة خير من النوم" مَرَّتين بعد الحيعلتين، -أي: بعد قوله: "حي على الصلاة"، وقوله: حي على الفلاح"-.
وسُمِّي بهذا المعنى لأنَّ التثويبَ يُطْلَق على معنى "العودة"، لذا يقال: "ثاب إليَّ مالي"، أي: عاد إليَّ، ويقال: ثاب إلى المريض جسمه، أي: عاد إليه، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: 125]، أي: يأتون للبيت الحرام، ثُمَّ يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه مَرَّة أخرى.
فهذا الملحظُ اللغويُّ هو الذي أراده الفقهاء في معنى التثويب في الأذان، حيث أطلقوا اسم "التثويب" على ما يقوله الـمُؤذِّن في صلاة الفجر، فكأنَّ الـمُؤذِّن دعا الناسَ إلى الصلاة، ثم عاد إلى دعائهم مَرَّة أخرى. يُنظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 155، ط. المطبعة العلمية)، و"غريب الحديث" لابن قتيبة (1/ 173، ط. مطبعة العاني)، و"الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" لأبي منصور الأزهري، (ص: 54، ط. دار الطلائع).
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية في الصحيح، والحنابلة إلى أن التثويب في أذان الفجر حسن مسنون؛ لأنه وقت ينام الناس فيه غالبًا.
قال العَلَّامة برهان الدين المَرْغيناني الحنفي في "بداية المبتدي" (ص: 12، ط. مكتبة محمد علي صبيح): [ويزيد في أذان الفجر بعد الفلاح: "الصلاة خير من النوم" مرتين] اهـ.
وقال العَلَّامة أبو عبد الله الموَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (2/ 74، ط. دار الكتب العلمية): [يُزَاد قبل التكبير الأخير في نداء الصبح: "الصلاة خير من النوم" مَرَّتين] اهـ.
وقال الإمام محيي الدين النَّووي الشافعي في "المجموع" (3/ 92، ط. دار الفكر): [وأَمَّا التثويب في الصُّبْح ففيه طريقان، الصحيح الذي قَطَع به الـمُصنِّف والجمهور: أنَّه مسنون قطعًا] اهـ.
وقال العَلَّامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 296، ط. مكتبة القاهرة): [يُسَنُّ أن يقول في أذان الصبح: "الصلاة خير من النوم" مرتين، بعد قوله: "حي على الفلاح"، ويُسَمَّى التثويب] اهـ.
واستدلوا على ذلك بما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الأذان أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ اسْتَشَارَ النَّاسَ لِمَا يُهِمُّهُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَذَكَرُوا الْبُوقَ، فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ، ثُمَّ ذَكَرُوا النَّاقُوسَ، فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ النَّصَارَى، فَأُرِيَ النِّدَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَطَرَقَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ لَيْلًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ بِلَالًا بِهِ، فَأَذَّنَ. قَالَ: الزُّهْرِيُّ: وَزَادَ بِلَالٌ فِي نِدَاءِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ: "الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ"، فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ. قَالَ عُمَرُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى، وَلَكِنَّهُ سَبَقَنِي» أخرجه بهذا اللفظ ابن ماجه في "سننه"، وأصله في "الصحيحين".
أَمَّا التثويب بعد الحيعلتين في غير أذان الفجر، أو مجرد النداء بين الأذان والإقامة بكل ما يحصل به الإعلام فقد كَرِهه جمهور الفقهاء من مُتقدِّمي الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة؛ وذلك لما رواه الترمذي، وابن ماجه، والدَّارقطني في "سننهم"، والبيهقي في "الكبرى" أنَّ بلالًا رضي الله عنه قال: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ أَنْ أُثَوِّبَ فِي الْفَجْرِ، وَنَهَانِي أَنْ أُثَوِّبَ فِي الْعِشَاءِ».
فالحديث نَصٌّ في النهي عن التثويب في غيرِ صلاة الفجر، والمعنى في اختصاص صلاة الفجر بالتثويب دون غيرها: أنَّ صلاة الفجر وقت نومٍ في أغلب الأحوال، فاحتاج الناس للتثويب في هذا الوقت، بخلاف غيرها مِن الصلوات، وذلك كما أفادته عبارة العَلَّامة الموصلي الحنفي في "الاختيار" (1/ 43، ط. مطبعة الحلبي)، والعَلَّامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 431، ط. دار الفكر)، والإمام محيي الدين النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 208، ط. المكتب الإسلامي)، والعلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 296).
كما أن الحكمة من الأذان هي الإعلام بدخول وقت الصلاة، وأنَّ الأمر ينبغي فيه مراعاة ما اعتاده الناس وما تعارفوا عليه، فلا يجوز فعل ما يخالف تلك العادة والعرف، لما تقرر من أن "العادة محكمة" وأنها "لو اطَّردت أدير الحكم عليها". ينظر: "الأشباه والنظائر" للعلامة السيوطي (ص: 89، ط. دار الكتب العلمية)، "تحفة المحتاج" للعَلَّامة ابن حجر الهيتمي (9/ 207، ط. المكتبة التجارية)، وعادة التثويب في غير أذان صلاة الفجر لم تطرد في زماننا، لا سيما وأنَّ عادة الناس في غير صلاة الفجر هي اليقظة وعدم الغَفْلة، وهو الذي تتبعه الجهات المختصة في هذا الشأن في هذا الوقت.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالتثويب في الأذان هو قول الـمُؤذِّن بعد الحيعلتين: "الصلاة خير من النوم"-، وهو سنةٌ ثابتةٌ بإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحله في أذان الفجر خاصة دون غيره من الصلوات، وينبغي ألَّا تكون مِثْل هذه المسائل مثار خلافٍ بين الناس في المساجد، والتي يجب الالتزام فيها بالتعليمات الصادرة مِن ذي الاختصاص في هذا الشأن.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: أقوم بتذكير أصدقائي في بعض الأوقات بين الحين والآخر وأدعوهم إلى تلاوة القرآن الكريم وذكر الله تعالى. فهل لي أجر على ذلك؟
ما ثواب قراءة القرآن الكريم في حال ما إذا لم يكن القارئ ملمًّا إلمامًا كافيًا بمعانيه وأهدافه؟
ما حكم الشرع الشريف فيما يأتي؟
أولًا: إقامة الحضرة التي تشتمل على قراءة القرآن والذكر، وتكون مساء يَوْمَيِ الأحد والخميس مِن كلِّ أسبوع بعد صلاة العشاء، وذلك على النحو الآتي:
البداية: قراءة سورة الفاتحة.
ثم نقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله (عدة مرات).
ثم نقول: الله دايم باقي حي (عدة مرات).
ثم نقول: صلِّ وسلِّمْ يا ألله، على النبي ومَن وَالَاه (عدة مرات).
ثم نقول: يا لطيف الطف بنا (عدة مرات).
ثم الدعاء.
ثانيًا: الحضرة الصمدية، وذلك على النحو الآتي:
قراءة سورة الإخلاص (5 مرات).
الاستغفار (5 مرات).
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم (٥ مرات).
ثم الدعاء.
ثم قراءة سورة الإخلاص (3 مرات).
ثم نقول: حسبي الله والنبي (٣ مرات).
ثم قراءة سورة الفاتحة.
في سورة "يَس" استخدم القرآن اسم الله (الرَّحْمَن)؛ فقال تعالى: ﴿قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ﴾ [يس: 15]، وكان من الممكن استخدام لفظ الجلالة (الله) دون أن يتغير المعنى؛ فما دلالة ذلك؟ وما معنى ﴿إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ في قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: 12]؟
هل يصح سماع القرآن أثناء العمل؟