 
                                ما حكم شراء الوكيل لنفسه من مال موكله؟ فهناك شخصٌ وكَّلَ غيرَه في شراء قطعة أثاثٍ معيَّنةٍ يملكُها شخصٌ آخَر، وأعطاه المالَ اللازم لذلك، إلا أنَّ الوكيل عند معاينته للمبيع تملَّكه الإعجاب به والرغبة في الحصول عليه لنفسه، فهل يجوز له أنْ يشتري قطعة الأثاث المذكورة لنفسه بالمال الذي أعطاه الموكِّل له دون الرجوع إليه، وذلك خشية أن يشتريها غيرُه بينما يُحضر ثمنها مِن ماله الخاص، مع عزمه على ردِّ المال لصاحبه (الموكِّل)؟
لا يجوز للوكيل أنْ يستخدم مالَ موكِّله لصالح نفسه في شراء قطعة الأثاث المعيَّنة التي وُكِّلَ في شرائها دون إذن موكِّله، ويجب عليه شرعًا أن يلتزم بشرائها لصالح الموكِّل بالسعر والحالة اللتين وجدها عليهما، حتى وإن أعجَبَتْهُ ورَغِبَ فيها لنفسه، وهذا ما عليه العمل إفتاءً وقضاءً.
المحتويات
كَسَتِ الشريعةُ الإسلاميَّةُ المعاملاتِ الماليةَ بكِسَاءٍ مِن الأخلاق والضَّوابط اللازم مراعاتها؛ حتى تكتسب المعاملات مشروعيَّتها، ويَسلَم أفرادها مِن المؤاخذة والإثم شرعًا، ومِن ذلك: حفظُ الأمانات والقيامُ بحقِّها، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وقال جَلَّ وَعَلَا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» أخرجه الإمامان: أبو داود والترمذي في "السنن".
ومِن العقود التي مبناها على الأمانة والثِّقة بين الطَّرفين: عقد الوكالة، وهو "عبارةٌ عن إقامةِ الإنسانِ غيرَه مَقامَ نَفسِه في تصرُّفٍ معلومٍ"، كما في "العناية" للإمام أَكْمَل الدين البَابَرْتِي (7/ 499، ط. دار الفكر)، أو "تفويضُ أَمرِك إلى مَن وَكَّلتَه اعتمادًا عليه فيه، تَرَفُّهًا منكَ أو عجزًا عنه"، كما في "فتح القدير" للإمام كمال الدين ابن الهُمَام (7/ 499-500، ط. دار الفكر).
المقرر شرعًا أنَّ "للوكالة حكم الأمانة"، كما قال الإمام النَّوَوِي في "روضة الطالبين" (4/ 325، ط. المكتب الإسلامي)، وأنَّ "الْوَكِيل أَمِينٌ فِيمَا دَفَعَهُ الْمُوَكِّلُ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ"، كما قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (14/ 40، ط. دار المعرفة)، ومِن ثَمَّ فلا يَجوز له شرعًا التصرُّفُ في مال الموكِّل لمصلحة نَفْسه، وإلا كان مُتَعدِّيًا.
والأصل أنَّ الوكيل لا يفعل إلا ما فيه مصلحةٌ لموكِّلِه، فالموكِّل ما أَقامَ الوكيلَ مقامَه وأنزَلَه منزلته إلا ليقضي له مصلحته التي وكَّله في قضائها عنه، فغرضُه مِن التوكيل أنْ يفعل ما يريده هو لا ما يريد الوكيل.
قال الإمام أبو عبد الله المَوَّاق في "التاج والإكليل" (7/ 161، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الوكالةُ فيما يحتاجُ إليه الرجلُ لمنفعةِ نفسهِ، فذلك كتوكيله على البيع والشراء] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (2/ 46، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ومعلومٌ أنَّ الوليَّ أو الوكيلَ لا يفعل إلا ما فيه المصلحةُ] اهـ.
والوكيل بعملٍ معيَّنٍ -كما في مسألتنا- لا يجوز له التصرُّف إلا في حدودِ ما أَذِنَ له الموكِّلُ؛ لأنَّ الوكيلَ مُؤتَمَنٌ، وهو سفيرٌ ومعبِّرٌ عن إرادة موكِّلِه، وتصرُّفه فيما أخذه مِن مالٍ لا يكون بولاية نَفسه، وإنما هو بولايةٍ مستفادةٍ مِن مُوَكِّله، ومِن ثَمَّ فلا يتصرف الوكيلُ فيما تحت يده مِن مال الوكالة لمصلحته الخاصة دون مصلحة موكِّله.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (14/ 61): [والدنانير المقبوضة أمانةٌ في يدهِ للموكِّل، فلا يتصرَّف فيها بغير أمرٍ] اهـ.
وقال الإمام ابن رُشْدٍ المالكي في "البيان والتحصيل" (8/ 189، ط. دار الغرب الإسلامي): [ليس للوكيل أن يتعدَّى في وَكالتِه مَا سُمِّي له ويتجاوز ذلك إلى مَا لَمْ يُسمَّ لَه] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكرِيَّا الأنصَارِي الشافعي في "فتح الوهاب" (1/ 260، ط. دار الفكر): [لو (أمرَه ببيعٍ لمعيَّنٍ) مِن الناس (أو بِهِ) أَيْ: بِمُعَيَّنٍ مِن الأموال... (تَعيَّن) ذلك وإن لَمْ يتعلَّق به غَرضٌ؛ عمَلًا بالإِذن] اهـ.
وقال الإمام بَهَاءُ الدِّين المَقْدِسِي الحنبلي في "العدة شرح العمدة" (ص: 280، ط. دار الحديث): [(وليس للوكيل أن يفعل إلا ما تناوله الإِذنُ لفظًا أو عرفًا)؛ لأنَّ الإنسانَ ممنوعٌ مِن التَّصرف في حقِّ غيره، وإنما أُبِيحَ لوكيلِه التَّصرف فيه بإذنِه، فيجب اختصاص تصرُّفِه فيما تناوَلَهُ إذنُه] اهـ.
هذا بالإضافةً إلى أنَّ الموكِّل حين وَكَّل الوكيلَ في شراءِ شيءٍ بعَيْنه قد اعتَمَد على هذا الوكيل في إتمام شراء ذلك الشيءِ الذي عَيَّنه له، واطمأنت نَفْسُه إلى أنه سوف يُتِمُّ شراءه لصالحه، ومِن ثَمَّ فإنه لا يصح للوكيل أن يشتريه لنَفْسه؛ لأن ذلك يؤدي إلى التغرير بالموكِّل وخِداعِه، وهذا لا يجوز شرعًا، كما في "العناية" للإمام أَكْمَل الدين البَابَرْتِي (8/ 44)، وفيه إضرارٌ بالموكِّل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الضرر بقوله: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه الإمامان: أحمد في "مسنده"، وابن ماجه في "سننه"، وهذا الحديثٌ أصلٌ في الشريعة الإسلامية، ومُقرِّرٌ للقاعدةِ الكليَّة مِن أنَّ "الضَّرَرَ يُزَالُ"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام الحافظ جلال الدين السُّيُوطِي (ص: 83، ط. دار الكتب العلمية).
على ذلك جرى القانون المدني المصري الصادر برقم (131) لسَنَة 1948م، حيث نصَّ في الفقرة الأولى مِن المادة رقم (706) على أنَّه: [ليس للوكيل أنْ يستعمل مال موكِّله لصالح نفسه] اهـ.
وهو عَيْن ما جاءت بتقريره أحكامُ محكمة النقض المصرية، إذ قَضَت في الطعن رقم (1745) لسَنَة 79 قضائية، جلسة: 20/ 5/ 2017م، بأنَّ "كلَّ وكيلٍ... يمتنع عليه قانونًا أن يستأثر لنفسه بشيءٍ وُكِّل في أن يَحصُل عليه لحساب موكِّله"، كما قَضَت في الطعن رقم (32750) لسَنَة 73 قضائية، جلسة: 30/ 9/ 2004م، بأن الوكيل يُعَدُّ مُرتَكِبًا لجريمة خيانة الأمانة "إذا اعتدى على مِلكِية الأشياء التي سُلِّمَت له بصفته وكيلًا لكي يستعملها في مصلحة موكِّلِه ولحسابه".
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز للوكيل أنْ يستخدم مالَ موكِّله لصالح نفسه في شراء قطعة الأثاث المعيَّنة التي وُكِّلَ في شرائها دون إذن موكِّله، ويجب عليه شرعًا أن يلتزم بشرائها لصالح الموكِّل بالسعر والحالة اللتين وجدها عليهما، حتى وإن أعجَبَتْهُ ورَغِبَ فيها لنفسه، وهذا ما عليه العمل إفتاءً وقضاءً.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما الحكم الشرعي في ظاهرة "المستريح"؟ حيث انتشر في الآونة الأخيرة بشكل واسع نماذج جديدة ممَّن يطلق عليهم "المستريح"، وهو لَقبٌ يطلقه الشخص على نفسه ليجذب أكبر عدد من ضحاياه، والصورة المعتادة للمستريح قيامه بجمع الأموال بحجة الاستثمار، وظهرت نماذج جديدة عن طريق شراء المواشي والحيوانات بأعلى من سعرها في السوق، غير أنَّه لا يُسلِّم للبائع كامل الثمن، وإنما يعطيه عربون، وباقي الثمن يُسدِّده في خلال ثلاثة أسابيع، ثم يبيع هذه المواشي بأقل مِن سعرها في السوق، والبعض يقوم بمثل هذه المعاملة في السيارات، أو في الفاكهة والخضروات ونحو ذلك؛ فما حكم الشرع في هذه الظاهرة؟
ما حكم الشراء الوهمي لمنتجات بعض التجار لزيادة رواج بضاعتهم وأخذ عمولة على ذلك؟ حيث أعمل على موقع على الإنترنت، لمساعدة التجار على إظهار السلعة بسرعة على مواقع بيع السلع، حيث نقوم بشراء وهمي لمنتجاتهم، حيث إنه كلما زادت مبيعاتهم تظهر أسرع؛ لكي يراها الناس بسرعة، ونأخذ عمولة على ذلك، فما الحكم؟
سائل يقول: أمتلك مزرعة نخيل فيأتي أحد الأشخاص في بداية الموسم فيتفق معي على أن يشتري مني الثمرة، ويدفع لي ثمنها، على أن أتحمل كلَّ تكاليف الزرع، ويتم تحديد موعد للتسليم، وفي الموعد المحدد أسلمه المحصول المتفق عليه؛ فما حكم هذه المعاملة شرعًا؟
سائل يقول: اشتريت شقة عن طريق التمويل العقاري من البنك، ومن ضمن بنود العقد اشتراط البنك على العميل عدم بيع محل التمويل العقاري حتى يقوم بسداد كامل الثمن؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
تقول السائلة: نظرًا لغيابي في عملي بالخارج فقد كنت أسندت وكالة قانونية إلى شقيقي منذ أكثر من عشرين عامًا وذلك للقيام بتيسير شؤوني أثناء غيابي، وبعد عشر سنوات من إسنادي الوكالة لشقيقي اشتركت في عضوية جمعية تعاونية للإسكان وخصّصت لي وحدة سكنية بها، وكان شقيقي المذكور يقوم بتسديد أقساطها المستحقة من مالي الخاص للجمعية، وبعد وفاة شقيقي -الوكيل- أبرزت زوجته عقد بيع يُشير إلى أنه باعها هذه الوحدة منذ عشر سنوات قبل وفاته وذلك دون علمي. وتطلب السائلةُ حكم الشرع في عقد البيع المشار إليه من حيث الصحة والبطلان.
ما حكم هلاك المبيع عند المشتري في فترة الخيار؟ فقد اشترى رجل جاموسة من أحد الأشخاص على فرجة بمبلغ 73 جنيهًا، ودفع من ثمنها مبلغ 60 جنيهًا وقت استلامها، وبقي من الثمن 13 جنيهًا على حساب المعاينة والفرجة، وأحضرها إلى منزله الساعة 12 ظهرًا، فلما وضع لها الأكل أكلت خفيفًا، وعند المساء وقت الحلاب عاكست، وفي منتصف الليل أراد أن يضع لها برسيمًا فوجدها ميتة، وقد طالبه البائع بباقي الثمن وهو 13 جنيهًا، وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعي في هذا الموضوع.