هل يفسد الصوم بسبب قيام الإنسان بتنظيف أذنه عند الطبيب أثناء صيامه؟
تنظيف الأذن بمائعٍ -سواءٌ كان عند الطبيب أو بواسطة الإنسان نفسه- أثناء الصوم: لا يُفطِّر ما دامت طبلةُ الأذن سليمةً تمنع وصول مكوناتها إلى الحلق مباشرةً، والصوم حينئذٍ صحيحٌ، سواء ظَهَرَ أثرُ النقط في الحلق أو لم يَظْهَر، وهذا هو المختار للفتوى، فإن قرر الطبيب أن فيها ثقبًا بحيث يَسمَحُ بوصول تلك المكونات إلى الحلق مباشرةً فإنها حينئذٍ تُفطِّر.
المحتويات
حقيقة الصوم أنه: إمساك الصائم عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع النية، ولا يتحقَّق الإمساك المذكور بدخول شيءٍ ذِي جِرمٍ إلى المنافذ المفتوحة إلى الجوف، وإلَّا كان ركن الصيام منعدمًا، وأداء العبادة بدون ركنها لا يُتصوَّر؛ لما رواه البخاري موقوفًا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ» أي: الإمساكُ واجبُ مما يدخُل إلى الجَوف لا مما يخرج، ووصله ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحجامة للصائم قال: «الفطر مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ».
تنظيف الأذن أثناء الصيام لا يخلو من حالين، فإما أن يكون بجامدٍ -كمنديلٍ وعودٍ ونحو ذلك-: فلا تأثير له على صحة الصوم، وإما أن يكون بمائعٍ: وهو محل السؤال، فقد اختلف الفقهاء في صحَّة صوم مَن صَبَّ في أذنه شيئًا أثناء الصوم تبعًا لاختلافهم فيما إذا كانت الأذن منفذًا مفتوحًا موصلًا إلى الدماغ أو الحلق أو لا، والاختلاف في التصوير والتكييف ينبني عليه اختلافٌ في حكم المسألة، فمن اعتبرها منفذًا مفتوحًا موصلًا إلى الدماغ أو الحلق قال بفساد الصوم بالتقطير فيها إذا وصل شيءٌ من ذلك إلى الدماغ أو الحلق، ومن لم يعتبرها كذلك قال بعدم فساد الصوم بالتقطير فيها، سواء وجد أثر ذلك في الحلق أو لا.
فذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة، والمالكية، والشافعية في الأصح، والحنابلة، إلى أن استعمال النُّقَطِ ووضعها في أُذُن الصائم مُفسِدٌ لصومه إذا وَصَلَ شيءٌ إلى الدماغ أو إلى الحلق على تفصيلٍ بينهم في ذلك، فإذا لَم يُجَاوِز شيءٌ من ذلك إلى الحلق فلا يفسد الصيامُ. ويستدل له بما أخرجه ابن وهبٍ في "جامعه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يكره الكحل للصائم، وكره السعوط أو شيئًا يصبه في أذنيه.
قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 334، ط. دار الكتب العلمية): [فإن استعط أو صبَّ الماء في أذنه فوصل إلى دماغه بطل صومه؛ لما روى لقيط بن صبرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا اسْتَنْشَقْتَ فَبَالِغْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»، فدلّ على أنه إذا وصل إلى الدماغ شيءٌ بطل صومُه؛ ولأن الدماغَ أحدُ الجوفين فبطل الصوم بالواصل إليه كالبطن] اهـ. وينظر: "بدائع الصنائع" للكاساني الحنفي (2/ 93، ط. دار الكتب العلمية)، و"منح الجليل شرح مختصر خليل" للشيخ عليش المالكي (2/ 132، ط. دار الفكر)، و"كفاية النبيه" لابن الرفعة الشافعي (6/ 314، ط. دار الكتب العلمية)، و"دقائق أولي النهى لشرح المنتهى" للبهوتي الحنبلي
وذهب جماعةٌ من فقهاء الشافعيَّة، كالقاضي حسين، وأبي علي السِّنجي، والفوراني -وهو مقابل الأصح لدى المذهب وصححه الإمام الغزالي- إلى أنه لا يَفسد الصوم بالتقطير في الأذن مطلقًا، ظهر أثره في الدماغ أو لا؛ لأنه لا يوجد منفذٌ مفتوحٌ من الأذن إلى الدماغ، فالواصل إلى الدماغ واصلٌ عن طريق المسام كما يصل الكحل من العين إلى الحلق.
قال إمام الحرمين الجويني في "نهاية المطلب" (4/ 63، ط. دار المنهاج): [ولو قطّر شيئًا في أذنه فانتهى إلى داخل الأذن الباطن، فقد كان شيخي يقطع بأنه مفطر، والذي قطع به الشيخ أبو علي وطوائفُ من علماء المذهب: أنه لا يفطر] اهـ.
وهو أيضًا مذهب أهل الظاهر، قال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى" (4/ 335، ط. دارالفكر): [ولا ينقض الصومَ حجامةٌ... ولا حقنةٌ ولا سعوطٌ ولا تقطيرٌ في أذن] اهـ. وعزاه أيضًا العلامة ابن مفلح الحنبلي إلى الأئمة: الأوزاعي، والليث بن سعد، والحسن بن صالح الكوفي؛ حيث قال في "الفروع" (5/ 6، ط. مؤسسة الرسالة ومعه "تصحيح الفروع" للمرداوي): [وإن قطر في أذنه شيئًا فدخل دماغَهُ أفطر، خلافًا للأوزاعي والليث والحسن بن صالح وداود] اهـ.
ويؤيد هذا القولَ ما أثبته علماء التشريح والطب مِن عدم وجود منفذٍ مفتوحٍ مباشرٍ يُمكن للمائع المقطَّر عند صبه في الأذن النفاذُ إلى الجوف أو الدماغ؛ حيث يوجد غشاءٌ حيويٌّ مخروطيُّ المستوى يسمى "الغشاء الطبلي" أو "طبلة الأذن" يفصل بين الأذن الخارجية وبين الأذن الوسطى، ويقوم بحماية الأجزاء الداخلية للأذن من دخول الميكروبات والأتربة والماء إليها من الخارج، وتنتقص تلك الحماية في حالة وجود تمزقٍ في هذا الغشاء أو حدوث ثقبٍ به فحينئذٍ تصبح الأذنُ متصلةً بالبلعوم مباشرة كالأنف. يُنظر: "تشريح الأذن وفيزيولوجيا السمع" للدكتور/ ناصر محيي الدين الملوحي (ص: 15، ط. دار الغسق).
وبذلك فلا يكون الواصلُ من المائعِ في الأذن إلى الحلق أو الدماغ حالَ سلامةِ طبلة الأذن نافذًا عبر منفذٍ مفتوحٍ، إنما هو حاصلٌ بخاصية التشرب عن طريق المسام كما هو الحاصل في وصول الكحل من العين إلى الحلق، ومن ثَمَّ يترجح القول بصحة الصوم في مثل هذه الحال، سواء ظهر أثر النقط في الدماغ أو لا؛ لأن الواصل عن طريق المسام لا يُبنَى عليه شيءٌ، وهو ما نصَّ عليه السادة الشافعية.
قال العلامة ابن الرفعة الشافعي في "كفاية النبيه" (6/ 314، ط. دار الكتب العلمية): [لا خلاف عندنا في أن ما وصل إلى الجوف والدماغ والمثانة من المسامّ لا يفطر به، ومنه الكحل الحادّ يجد الإنسان طعمه في الفم ولا يفطر به، وكذا شم الروائح الزكيَّة، وأُلْحِقَ به إدراكُ الذوق مع مجِّ جِرْمِ الْمَذُوقِ، قاله الإمام والمتولي وغيرهما] اهـ.
بناءً على ذلك: فإن تنظيف الأذن بمائعٍ -سواءٌ كان عند الطبيب أو بواسطة الإنسان نفسه- أثناء الصوم: لا يُفطِّر ما دامت طبلةُ الأذن سليمةً تمنع وصول مكوناتها إلى الحلق مباشرةً، والصوم حينئذٍ صحيحٌ، سواء ظَهَرَ أثرُ النقط في الحلق أو لم يَظْهَر، وهذا هو المختار للفتوى، فإن قرر الطبيب أن فيها ثقبًا بحيث يَسمَحُ بوصول تلك المكونات إلى الحلق مباشرةً فإنها حينئذٍ تُفطِّر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما كيفية الصيام فى الأماكن التى يطول فيها النهار؟ حيث تزيد ساعات الصيام في بلادنا (المملكة المتحدة) إلى نحو 19 ساعة.
ما حكم التبرع بالدم وثوابه؟
ما حكم تناول عقار الكبتاجون؟ حيث انتشر في الآونة الأخيرة تناول بعض الفئات لعقار "الكبتاجون" (Captagon)؛ فما حكم الشرع في تناول هذا العقار وتداوله؟
جمعية ومنظمة مصرية أهلية مشهرة بالوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي، وتخضع لقانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية.
وحيث إن الجمعية تمارس العديد من الأنشطة التي تتلخص في الآتي:
أولًا: دُور رعاية الأيتام، حيث تقوم الجمعية برعاية الأيتام الأسوياء والمعاقين، ويقوم على رعايتهم أمهات بديلات ومجموعة متكاملة من المشرفين.
ثانيًا: دار ضيافة مرضى الأورام، حيث تقدم خدماتها للمرضى من جميع أنحاء الجمهورية ممن يتلقون العلاج، وتستضيف الدار المريض والمرافق.
ثالثًا: المساعدات الإنسانية المتمثلة في: زواج اليتيمات بتقديم مساعدات عينية ومساعدات نقدية للحالة المستفيدة، ومساعدات نقدية شهرية لغير القادرين على العمل وذوي الاحتياجات الخاصة الذين ليس لهم مصدر دخل، وتبرعات عينية من الأثاث المنزلي للفقراء، وسداد مصروفات المدارس للأيتام، وتوزيع أجهزة لاب توب على ذوي الإعاقة البصرية في الجامعات المصرية.
رابعًا: الأنشطة الصحية، ومنها: عمليات القلب المفتوح والقسطرة العلاجية للمرضى غير القادرين، وعمليات العيون للمرضى من المحافظات المختلفة من مختلف الأعمار في كبرى المستشفيات المتخصصة، وتوفير الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وكراسي متحركة، وتوفير السماعات الطبية للمرضى غير القادرين، وتوفير الأدوية المستمرة بصفة شهرية للمرضى غير القادرين.
خامسًا: المشروعات التنموية تحت شعار (اكفُل قريةً فقيرة)، ومنها: مشروع تسليم رؤوس المواشي للأرامل والأُسر الأكثر احتياجًا في القرى المختلفة، شاملة التغذية لمدة سنة ونصف، والتأمين، ومشروع تسليم الأكشاك (الكشك شامل الثلاجة والبضاعة) إلى الأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والأُسر الأكثر احتياجًا، وإعادة إعمار ورفع كفاءة المنازل في القرى الأكثر فقرًا، وذلك عن طريق بناء دورات مياه، وتعريش أسقف المنازل، وإضافة مواد عازلة للأسقف، وتركيب أبواب وشبابيك، ومحارة داخلية، وسيراميك للأرضيات، وتزويد هذه المنازل بالأثاث الخشبي والأجهزة الكهربائية، والمفروشات، وإقامة محطات تنقية المياه في القرى التي لا يوجد بها مصادر لمياه الشرب النقية لخدمة أهالي القرية بالمجان، وحفر آبار مياه في المناطق الصحراوية لخدمة أهالي المنطقة، وتوصيل كهرباء إلى المنازل التي لا يوجد بها كهرباء، والمساهمة في بناء واستكمال المساجد، وتأسيس المعاهد الأزهرية في المحافظات، وتكريم حفظة القرآن الكريم والمتفوقين.
سادسًا: الأنشطة الموسمية، وتتمثل في الآتي: توزيع كرتونة رمضان سنويًّا على الأُسر الأكثر احتياجًا، وذبح الأضحية وتوزيع لحومها على الأُسر الأكثر احتياجًا، وتوزيع البطاطين في موسم الشتاء على الأُسر الأكثر احتياجًا، وقوافل الخير الأسبوعية للجمعيات الصغيرة (معارض ملابس مجانًا في الجامعات والمدارس، وتوزيع مواد تموينية).
سابعًا: مستشفى لعلاج الأورام، حيث تقوم الجمعية بالإشراف على تمويل المستشفى بالمجان، ويهدف ذلك المستشفى إلى تقديم خدمات طبية متميزة طبقًا لأحدث المعايير والاعتمادات الطبية في العالم، ليكون هدية إلى أهلنا مرضى السرطان في صعيد مصر.
فهل تعد هذه الأنشطة سالفة الذكر ضمن مصارف الزكاة؟
ما حكم نشر الوصفات الطبية لفيروس كورونا بواسطة غير المتخصصين؟ حيث إنه في ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من "فيروس كورونا المستجد"، وفي إطار جهود الدولة المصرية لتوفير المعلومات والبيانات الرسمية للخطوط العلاجية من هذا الفيروس؛ يَعْمَد غير المختصين إلى نشر وصفات طبية للوقاية من هذا الفيروس دون التَّثبُّت من جدواها الطبي؛ فهل هذا جائز شرعًا؟
ما حكم الصيام تطوعًا في رجب وشعبان دون غيرهما؟ فلقد تعودنا على صيام أيام من شهر رجب وشعبان من مدة طويلة، ولكن حضر إمام أفتى بعدم جواز هذا الصيام بحجة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يصوم هذه الأيام؛ أي إنها ليست سنَّة، وقال: إن من لم يصم تطوعًّا خلال أيام السنة فلا يجوز له صيام أيام من رجب وشعبان.