حكم الصيام بالنسبة لمسلمة جديدة تصوم سرًّا

تاريخ الفتوى: 14 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 8334
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم الصيام بالنسبة لمسلمة جديدة تصوم سرًّا

ما حكم الصيام بالنسبة لمسلمة جديدة تصوم سرًّا؟ فأنا أعيش في إحدى الدول الغربية وقبل حلول شهر رمضان بفترة زمنية قصيرة أسلمتُ جديدًا ولم أعلن إسلامي لوالديَّ، ويحتاج الأمر إلى فترة زمنية حتى أُمهد لهم خبر إسلامي؛ فهل عليَّ حرج إن صمتُ سرًّا؟ وهل يصح صومي في حال قمتُ بذلك؟

إذا تم الصوم بأركانه وشروطه من وجود النية، والإمساك عن المفطِّرات في وقت الصيام المحدد شرعًا، ولم يكن عند المرأة ما يمنعها من الصيام كالحيض والنفاس، وخلَا صومها عمَّا يفسده، فإن الصيام يكون صحيحًا، سواء أعلنته أو أخفته؛ فإنه ليس من شروط صحة الصيام ولا من أركانه: إظهاره وإعلام الآخرين به.

المحتويات

 

بيان منزلة الصوم

شرع الله سبحانه وتعالى الصيام لمعانٍ جليلة، ومقاصد عظيمة، وليرتقي العبد إلى درجة تقوى الله سبحانه وتعالى ومراقبته وإخلاص العبودية له وحده؛ قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣]، والصوم سر بين العبد وربِّه، ولأجل ذلك لم يكن كسائر العبادات التي يفعلها الإنسان، ولذلك يكون الجزاء عليه من الله تعالى وحده؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله: « كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» متفقٌ عليه.

قال الإمام أبو عُبيد القاسم بن سلَّام في "غريب الحديث" (1/ 325-326، ط. مطبعة دائرة المعارف العثمانية): [قد عَلِمْنا أنَّ أعمال البر كلها لله تعالى، وهو يجزي بها، فنرى -والله أعلم- أنه إنما خص الصوم بأن يكون هو الذي يتولى جزاءه لأن الصوم لا يظهر من ابن آدم بلسان ولا فعل فتكتبه الحفظة، وإنما هو نية بالقلب وإمساك عن حركة المطعم والمشرب والنكاح، يقول: فأنا أتولى جزاءه على ما أحب من التضعيف وليس على كتاب كتب له، ومما يبين ذلك قوله عليه السلام: «ليس في الصوم رياء»، وذلك أن الأعمال كلها لا تكون إلا بالحركات إلا الصوم خاصة فإنما هو بالنية التي قد خفيت على الناس، فإذا نواها فكيف يكون ههنا رياء، هذا عندي والله أعلم وجه الحديث] اهـ.

حكم الصيام بالنسبة لمسلمة جديدة تصوم سرًّا

إذا صامت المرأة مُحققةً أركان الصيام من النية، والإمساك عن المفطرات، وخلَا صومها عما ينافيه أو يفسده، فإن الصيام يكون صحيحًا، فليس من شروط صحة الصيام ولا من أركانه الإظهار والإعلام؛ إذ ماهيته كف النفس على وجه مخصوص، فكان الفعل المكلف به هو ذات الإمساك عن المفطرات حتى صارت ماهيته اعتبارية في الظاهر حقيقة في الباطن. يُنظر: "مراقي الفلاح" للعلامة الشرنبلالي الحنفي (ص: 234، ط. المكتبة العصرية)، و"حاشية العدوي المالكي على شرح الخرشي على مختصر خليل" (1/ 442، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 162، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية العلامة سليمان الجمل على شرح المنهج" (1/ 329، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للإمام شمس الدين ابن قدامة الحنبلي (7/ 354-355، ط. هجر).

يضاف إلى ذلك أن الله تعالى قد خصَّ الصوم بإضافته إلى نفسه دون غيره من سائر العبادات ليكون له وحده، ولا يطلع عليه غيره؛ لكونه تركًا خفيًّا، فلا يدخل فيه الرياء، بل هو سِرٌّ بين العبد وربه، فلا يحتاج إلى إعلان؛ ففي الحديث القدسي: عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ» متفقٌ عليه.

فيظهر من ذلك أن إعلام الآخرين أو مجرد معرفتهم بكون المرأة صائمة أو لا: ليس مؤثرًا ولا مطلوبًا في الصوم أصلًا، والمقرر شرعًا أن العبادة إذا وقعت على الهيئة المطلوبة، ومستوفية للأركان والشروط، فإنها تقع صحيحة ومجزئة.

قال العلامة الزركشي في "تشنيف المسامع" (1/ 179، ط. مكتبة قرطبة): [العبادة إن وقعت مستجمعة الأركان والشروط كانت صحيحة، وإلا ففاسدة] اهـ.

وقال العلامة علاء الدين السمرقندي في "تحفة الفقهاء" (1/ 351، ط. دار الكتب العلمية): [متى وجد الركن مع وجود ما ذكرنا من الشرائط من الأهلية، والوقت، وغير ذلك: يكون صومًا شرعيًّا] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإذا تم الصوم بأركانه وشروطه من وجود النية، والإمساك عن المفطِّرات في وقت الصيام المحدد شرعًا، ولم يكن عند المرأة ما يمنعها من الصيام كالحيض والنفاس، وخلَا صومها عمَّا يفسده، فإن الصيام يكون صحيحًا، سواء أعلنته أو أخفته؛ فإنه ليس من شروط صحة الصيام ولا من أركانه: إظهاره وإعلام الآخرين به.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما كيفية الصيام فى الأماكن التى يطول فيها النهار؟ حيث تزيد ساعات الصيام في بلادنا (المملكة المتحدة) إلى نحو 19 ساعة.


ما حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام؟


ما حكم قطع التتابع في صيام كفارة القتل الخطأ بسبب صيام شهر رمضان والعيد؟ حيث إن هناك رجلًا وجبت عليه كفارة صيام شهرين متتابعين بسبب القتل الخطأ، فصام شهر شعبان، ومِن بعده رمضان وشوال، ولم يفطر سوى يوم عيد الفطر، فهل يُعدُّ صيام رمضان وفطر يوم العيد قاطعًا لتتابع صيام كفارته؛ بحيث يجب عليه إعادة صيام الشهرين المتتابعين من جديد؟ علمًا بأنه قضى يوم العيد الذي أفطره في الأول من ذي القعدة.


ما حكم إتمام من شَرَع في صومِ التطوعِ وحكم قضائه إن أفسده؟ فأنا اعتدتُ على الإكثار من صيام التطوع كنحو يومي الإثنين والخميس من كلِّ أسبوع ما أمكن ذلك، ولكن أفسدت صومي في أحد هذه الأيام بعد الشروع فيه، فهل عليَّ إثم في ذلك؟ وهل يجب عليَّ قضاء هذا اليوم؟


ما حكم اشتراط النية في صيام التطوع؟ وما هو وقتها؟ فقد كان لدي عمل مهم، وانتهيت منه بعد آذان العصر، ولانشغالي في هذا العمل لم أتناول شيئًا، فأردت أن أصوم هذا اليوم تطوعًا؛ فهل تشترط النية لذلك؟ وهل تصح إذا نويت الصيام بعد العصر؟


ما حكم صيام من انقطع حيضها قبل الفجر واغتسلت بعد الفجر؟ فإن زوجتي كانت حائضًا، وانقطع عنها دم الحيض أثناء الليل، ونَوَت الصيام من الليل، ولم تغتسل إلا بعد الفجر؛ فهل صيامها صحيح شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28