حكم قضاء صيام يوم عاشوراء

تاريخ الفتوى: 30 يونيو 2025 م
رقم الفتوى: 8673
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الصوم
حكم قضاء صيام يوم عاشوراء

ما حكم قضاء صيام يوم عاشوراء؟ فقد اعتاد رجلٌ صيامَ عاشوراء عملًا بالسُّنة، وابتغاءً للأجر والفضل، غير أنه عرَض له سفرٌ في اليوم العاشر من شهر الله المُحرَّم، ففاتَه الصيام، فهل يُشرَع له قضاء صيام يوم عاشوراء؟

صيام يوم عاشوراء مستحب شرعًا، وهو مِن النفل الراتب الذي يُشرَع قضاؤه، ويستحب للرجل للمعتاد على صيامه الذي فاته صيام هذا اليوم بسببِ عارِضِ ما أن يقضيه طلبًا للأجر والمثوبة.

المحتويات

 

فضل يوم عاشوراء

اختصَّ الله تبارك وتعالى بَعضَ أيامِ العام بمزيدٍ من النفحات والبركات، وإجزال المثوبة والعطاء على الإحسان والطاعات، ومن تلك الأيام المباركات يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر مِن شهر الله المُحرَّم؛ لاختصاصه بأن نَجَّى اللهُ فيه سيدَنا موسى عليه السلام ومَن مَعَهُ مِن بطش عدُوِّهم، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ۝ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ [الصافات: 114- 115].

وقد سنَّ لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيام هذا اليوم، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينةَ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هَذَا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يومٌ نجَّى اللهُ بَنِي إسرائيل من عدُوِّهم، فصامه موسى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.

حكم قضاء صيام يوم عاشوراء

لصيام ذلك اليوم عظيم الأجر، والمغفرة للذنوب، فمن اعتاد صيامه كلَّ عامٍ حرصًا على تحصيل الأجر والفضل، واتباعًا لسُنة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ظفر بالأجر والغفران، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ» أخرجه الإمام مسلم.

فإن فاته صومه -سواء كان هذا الفوت لعذرٍ مِن مرضٍ أو سفرٍ أو غير ذلك أو لغير عذر، وسواء كانت له عادة في صوم ذلك اليوم ولم يمنعه عنها إلا العذر أو لم يكن كذلك- فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يستحب له في تلك الحالة أن يقضي هذا الصوم، وهو المختار للفتوى؛ لأنه صوم نافلة راتب، وقضاء النوافل الرواتب وردت به السُّنة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فمن ذلك قضاؤه صلى الله عليه وآله وسلم سُنةَ الفجر لَمَّا حبسه النوم ومَن معه عن أدائها حتى طلعت الشمس، في حديث رواه أبو قتادة رضي الله عنه، وفي هذا الحديث: فَمَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأسَهُ، ثُمَّ قَالَ: «احفَظُوا عَلَينَا صَلَاتَنَا»، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ استَيقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمسُ فِي ظَهرِهِ، قَالَ: فَقُمنَا فَزِعِينَ، إلى أن قال: "ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَكعَتَينِ، ثُمَّ صَلَّى الغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصنَعُ كُلَّ يَومٍ. أخرجه الإمام مسلم.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح الإمام مسلم" (5/ 186، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفيه: قضاء السُّنة الراتبة؛ لأن الظاهر أن هاتين الركعتين اللتين قبل الغداة هما سُنة الصبح] اهـ.

ومنه قضاؤه صلى الله عليه وآله وسلم اعتكاف العام الذي أراد نساؤه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن الاعتكافَ معه فيه، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: فَلَمَّا انصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغَدَاةِ أَبصَرَ أَربَعَ قِبَابٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، فَأُخبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا؟ آلبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلَا أَرَاهَا»، فَنُزِعَت، فَلَم يَعْتَكِف فِي رمَضَانَ حَتَّى اعتَكَفَ فِي آخِرِ العَشرِ مِن شَوَّالٍ. أخرجه الإمام البخاري.

قال الإمام الحافظ ابن حَجَر العَسقَلَانِي في "فتح الباري" (4/ 276-277، ط. دار المعرفة): [في اعتكافه في شوال دليلٌ على أنَّ النوافل المعتادة إذا فاتت تقضى استحبابًا] اهـ.

واستحباب قضاء السُّنن -كصوم عاشوراء- هو ما نصَّ عليه فقهاء الشافعية في الأوجَه وهو المفتى به عندهم، والحنابلة.

قال شيخ الإسلام ابن حَجَر الهَيتَمِي الشافعي في "تحفة المحتاج" مع "حاشية الإمام الشَّروَانِي" (2/ 237، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(ولو فات النفل المؤقت) كالعيد، والضحى، والرواتب (ندب قضاؤه) أبدًا (في الأظهَر)] اهـ.

قال الإمام الشَّروَانِي محشِّيًا عليه: [قال (ع ش): انظر هل يقضي النفل من الصوم أيضًا إذا فاته كيوم الإثنين ويوم عاشوراء؟ فيه نظر، وينبغي أن يُندب القضاء؛ أخذًا مما هُنا، ثم رأيتُ في (سم) على شرح البهجة ما نصُّه: وفي "فتاوى الشارح" أنه إذا فاته صوم مؤقت أو اتخذه وِردًا سُنَّ له قضاؤه انتهى. وهو يفيد سَنَّ قضاء نحو الخميس والإثنين وست شوال إذا فات ذلك] اهـ. ورمز بـ(ع ش) للشيخ نور الدين بن علي الشَّبرَامَلِّسِي، و(سم) للشيخ ابن قاسم العَبَّادِي.

وقال الإمام شمس الدين الرَّملِي الشافعي في "نهاية المحتاج" (2/ 211، ط. دار الفكر) موجهًا القول باستحباب قضاء صوم النافلة الفائتة: [مَن فاته وله عادةٌ بصيامه كالإثنين فلا يُسن له قضاؤه؛ لفقد العلة المذكورة على ما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، لكنه مُعارَض بما مرَّ من إفتائه بقضاء ستٍّ مِن القعدة عن ستٍّ مِن شوال، معلِّلًا له بأنه يستحب قضاء الصوم الراتب، وهذا هو الأوجَه] اهـ. وهو عامٌّ في كلٍّ صومٍ راتبٍ، ومن ذلك قضاء صوم عاشوراء.

وقال الإمام برهان الدين بن مُفلحٍ الحنبلي في "المبدع" (2/ 20، ط. دار الكتب العلمية): [ومن فاته شيءٌ من هذه السُّنن سُنَّ له قضاؤه] اهـ. وهو وإن كان في معرِض الكلام على سُنن الصلوات الراتبة، إلا أنه عامٌّ في كل سُنة ونافلة؛ حيث لم ينصوا على تخصيصه، إضافةً إلى ما تقدَّم ذكره في السُّنة النبوية المُشرَّفة من فِعل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن صيام يوم عاشوراء مستحب شرعًا، وهو مِن النفل الراتب الذي يُشرَع قضاؤه، ويستحب للرجل المذكور الذي فاته صيام هذا اليوم بسببِ عارِضِ السفر أن يقضيه طلبًا للأجر والمثوبة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الذي يجب على المسلم المريض في حالة عدم القدرة على الصيام في رمضان؟


ما حكم استعمال السواك أو المعجون وفرشاة الأسنان أثناء الصيام؟


شخص أقام مدة عشر سنين لم يصم فيها رمضان؛ لأنه كان يعتقد أنه لا يستطيع الصوم، وأن الصوم يضر بصحته، ولم ينوِ صومًا في يوم من أيام رمضان في العشر سنين، ولا في ليلة من لياليه، وقد أوصى قبل وفاته بأن يعمل إسقاط بدلًا عما فاته من الصوم في المدة المذكورة من ماله الذي يموت عنه، وقد مات وترك ترِكة يسع ثلثها تنفيذ وصيته مهما بلغت قيمة هذا الإسقاط، وبما أن الوصي يرغب في تنفيذ هذه الوصية ويريد أن يعلم مقدار ما يخرجه عن كل يوم بدلًا عن صومه مقدرًا ذلك بالمكاييل المصرية أو القيمة، وهل تبرأ ذمة المتوفى من الصوم أو لا؟ فنرجو من فضيلتكم الجواب عن ذلك.


ما حكم صوم من أخذت دواء لمنع الحيض حتى تتمكن مِن صيام شهر رمضان كلِّه دون انقطاع؟


ما مدى صحة نية صيام التطوع آخر النهار؟ فقد أذَّن العصر ولم أفعل شيئًا يفسد الصيام، وفي هذا الوقت نويت الصيام؛ فهل ما فعلته صحيح شرعًا؟


هل ثبت في صيام أيام العشر من ذي الحجة شيء مخصوص؟ ثم إن لم يثبت شيء فهل يعني هذا عدم مشروعية صيامها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 12 يوليو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
6 :2
الظهر
1 : 1
العصر
4:37
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :30