حكم الإجارة بأجرة شهرية متزايدة كل سنة

تاريخ الفتوى: 19 مارس 2025 م
رقم الفتوى: 8591
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الإجارة
حكم الإجارة بأجرة شهرية متزايدة كل سنة

ما حكم الإجارة بأجرة شهرية متزايدة كل سنة؟ فإن لي زميلًا يقوم باستئجار شقق سكنية لمدة خمس سنين فقط، وهي قابلة للزيادة وفقًا لما يتفق عليه الطَّرَفان نهاية هذه المدة، لكنه فوجئ بوضع صاحب العقار بندًا في عقد الإيجار بينهما يَقضِي بزيادة الأُجْرة الشهرية كل عام خلال هذه المدة بنسبة 10%، وتَمَّ التوافق بينهما على هذا البند، فما مدى جواز هذا الإجراء في هذه الزيادة؟

اتفاقُ المؤجر مع صاحب العقار في عقد الإيجار على زيادة سنوية بنسبة 10% من قيمة آخر أجرة اتفاقٌ معلومٌ لا يُفْضِي إلى النزاع، وهو جائزٌ شرعًا ولا حَرجَ فيه.

المحتويات

 

تعريف الإجارة وبيان الحكمة من مشروعيتها

الإجارة من العقود التي شُرِعت تيسيرًا على الناس لقضاء حاجياتهم، فبعضهم يريد منفعة معينة وآخر يملكها ويريد المال، فشُرِعت الإجارة تيسيرًا عليهم ولحصول كلٍّ منهم على ما يحتاج إليه.

والإجارة في اصطلاح الفقهاء: عقد على منفعة معلومة مقصودة قابلة للبَذْل والإباحة بعوض معلوم، وأركانها عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، هي الصيغة من إيجاب وقبول، والعاقدان من مؤجر ومستأجر، والمعقود عليه من منفعة وأجرة، بينما يرى الحنفية أَنَّ للإجارة ركنًا واحدًا وهو الصيغة. ينظر: "بدائع الصنائع" للعلامة علاء الدين الكاساني الحنفي (4/ 174، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الصغير" للشيخ الدردير المالكي (4/ 7-8، ط. دار المعارف)، و"روضة الطالبين" للإمام محيي الدِّين النووي (5/ 173، ط. المكتب الإسلامي)، و"شرح منتهى الإرادات" للعلامة أبي السَّعَادات البُهُوتي (4/ 8، ط. مؤسسة الرسالة).

حكم الإجارة بأجرة شهرية متزايدة كل عام

مِن شروط عقد الإجارة أن تكون الأجرة معلومة علمًا تامًّا نافيًا للجهالة المفضية إلى النزاع؛ فإِنْ توافر ذلك مع بقية الشروط وتمام الأركان كانت الإجارة صحيحة؛ وكون اشتراط الأجرة معلومة هو ما تواردت عليه عبارات الفقهاء:

قال العَلَّامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (4/ 179-180): [وأما الذي يرجع إلى المعقود عليه فضروب: منها: أن يكون المعقود عليه وهو المنفعة معلومًا علمًا يمنع من المنازعة، فإن كان مجهولًا ينظر إن كانت تلك الجهالة مفضية إلى المنازعة تمنع صحة العقد، وإلا فلا؛ لأن الجهالة المفضية إلى المنازعة تمنع من التسليم والتسلم فلا يحصل المقصود من العقد، فكان العقد عبثًا لخلوه عن العاقبة الحميدة، وإذا لم تكن مفضية إلى المنازعة يوجد التسليم والتسلم فيحصل المقصود] اهـ.

وقال العَلَّامة الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (4/ 8) عند حديثه عن أركان الإجارة: [(و) الثالث: (أجر؛ كالبيع) من كونه طاهرًا منتفعًا به مقدورًا على تسليمه معلومًا ذاتًا وأجلًا أو حلولًا] اهـ.

قال العلامة الصاوي مُحَشِّيًا على ذلك: [قوله: معلومًا ذاتًا، أي إمَّا برؤية أو بوصف كالبيع، قوله: وأجلًا، أي إن أُجِّل فلا بد من علم الأجل وجهله مفسد للعقد] اهـ.

وقال العَلَّامة شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (5/ 266، ط. دار الفكر): [(ويشترط) لصحة الإجارة (كون الأجرة معلومة) جِنسًا وقَدْرًا وصفةً] اهـ.

وقال العَلَّامة أبو السَّعَادات البُهُوتي في "شرح منتهى الإرادات" (4/ 10): [(الشرط الثاني معرفة أجرة)؛ لأنه عوض في عقد معاوضة فاعتبر علمه كالثمن، ولخبر: «مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ»، ويصح أن تكون الأجرة في الذمة، وأن تكون معينة، (فما بذمة) من أجرة حكمه (كثمن) أي: فما صح أن يكون ثمنًا بذمة صح أن يكون أجرة في الذمة] اهـ.

فمِن شروط الأجرة أن تكون معلومة علمًا تامًّا نافيًا للجهالة، فكل اتفاق يؤدي إلى المنازعة يُفقِد الأجرة أحد شروطها، أما إن كان الاتفاق نافيًا للجهالة ولا يفضي إلى المنازعة فيكون صحيحًا وعلى الأطراف الالتزام به ما لم يخالف القانون، فإذا اتفق الطرفان على أجرة معينة تتزايد بنسبة 10% كل سنة كما في صورة السؤال، فالأجرة حينئذٍّ معلومة عِلْمًا تامًّا نافيًا للجهالة، وعليهم الالتزام بها؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].

قال العَلَّامة ابن جُزَيٍّ في "التسهيل لعلوم التنزيل" (1/ 219، ط. شركة دار الأرقم): [﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، قيل: إنَّ العقود هنا عقدة الإنسان مع غيره من بيع ونكاح وعتق وشبه ذلك] اهـ.

ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» رواه الترمذي في "سننه" من حديث عمرو بن عَوف المُزَني رضي الله عنه.

قال العَلَّامة ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 402، ط. مكتبة الرشد): [قد أحكمت السنة أنه لا يجوز من شروط المسلمين شرط أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا، وأما معنى قوله: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» يعني: الجائزة بينهم] اهـ.

وهذا هو ما أخذ به القانون المدني حيث وضع مبدأ عامًّا وهو أَنَّ العقد شريعة المتعاقدين فتنص المادة (147 مدني) على أَنَّ [العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلَّا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يُقرِّرها القانون] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فاتفاقُ زميلِكَ مع صاحب العقار في عقد الإيجار على زيادة سنوية 10% من قيمة آخر أجرة اتفاقٌ معلومٌ لا يُفْضِي إلى النزاع، وهو جائزٌ شرعًا ولا حَرجَ فيه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم امتداد عقد الإيجار بقوة القوانين المعمول بها في البلاد؟ وموقف الشريعة الإسلامية من غلاء ورخص وسيط التبادل بين الناس؟


رجلٌ كان يمتلك أرضًا، ثم غرس ‏فيها نخيلًا، وكانت زوجته تقوم بسقي ‏أشجار النخيل كما هي العادة في ‏هذه البلاد من أن الزوجات ‏يذهبن مع أزواجهنَّ إلى الأراضي ‏التي لهم ويساعدنهم في الزراعة ‏وسقي الأشجار.
ثم توفِّيت الزوجة ‏المذكورة فقام ورثتها وهما بنتها ‏من غيره وأخوها شقيقها يدَّعون ‏على ورثة الزوج الذي توفي ‏بعدها بأن لهم حق الربع في هذه ‏الأشجار بسبب أنه آل إليهم من ‏والدتهم؛ لكونها أجرة سقي ‏النخيل المذكور، مع كون العرف ‏في هذا البلد أن الزوجة تساعد ‏الزوج في الزراعة وفي سقي ‏النخيل. فهل لهم الحق في ذلك ‏‏-كما يدَّعون- أم كيف الحال؟ ‏مع العلم بأن الرجل المذكور لم ‏يؤجِّر زوجته المذكورة لسقي ‏النخيل ملكه الكائن في أرضه ‏المملوكة له لا بعقدٍ ولا بغيره، ‏وإنما كانت تسقي هذا النخيل ‏مساعدةً له بدون أجرة كما هو ‏العرف في بلدنا من أن الزوجات ‏يساعدن أزواجهن في الزراعة ‏وسقي النخيل بدون أجرة.


ما مدى إلزام الأم بإرضاع ولدها حال قيام الزوجية؟ حيث إن هناك رجلًا رزقه الله بمولود، وزوجته ترضع ولده هذا، ويخاف من الوقوع في الظلم في حال عدم إعطائها أجر على الرضاعة؛ فهل تستحق الزوجة الأجرة على ذلك؟ وهل لها الحق في المطالبة بالأجرة؟


ما حكم تلقيح الحيوان مقابل مال؛ فأنا مهندس مصري الجنسية بالولايات المتحدة الأمريكية، ولدي مزرعة لتربية الخيول العربية الأصيلة، وتوجد في ولاية أخرى مزرعة لتربية الخيول العربية ولديهم حصان عربي أصيل، وقد صرف عليه صاحبه مبلغًا من المال حتى أصبح في مستوى عال، ويريد السائل أن يرسل أحد خيوله من مزرعته إلى هذه المزرعة الأخرى؛ لتنجب من هذا الحصان المشهور لمدة شهرين تقريبًا حتى يتم اللقاح مقابل مبلغ من المال يدفعه السائل لصاحب الحصان وإعادة الخيول إلى مزرعته. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي، وهل هذا حلال أم حرام؟


ما حكم أجرة مستودع في مشروع بين شريكين؟ فشخصان تشاركا على تعهُّدِ بناءٍ للحكومة أحدهما مهندس والآخر عامل ومُموِّل، وبعد عقد الشركة بينهما تذاكرا في استئجار مستودع لموادِّ البناء وآلاتِه، ثم فَطن العاملُ أن عنده مكانًا يصلح لأن يكون مستودعًا فذكره لشريكه المهندس فرضي شريكُه بذلك، وقد استعملا هذا المكان ولكن لم يذكرا شيئًا عن مقدار أجره، وبقي هذا الأجرُ مجهولًا إلى أن انتهت شركتهما وأرادا الانفصال. وقد طالب صاحب المستودع شريكه المهندس بدفع نصف أجرة المستودع فرضي شريكه بذلك بادئ الأمر، وبعث رجلًا مُختصًّا فخمَّن أُجرَته ورضي صاحبُ المستودع بذلك التخمين أيضًا، ثم قال له بعضُ أهلِ العلمِ إن هذا طالما من الشريك يعتبر تبرُّعًا، وإنكم سُئلتُم بوصفكم أمين إفتاء حماة فأفتيتم بأن هذا من قبيل الإجارة الفاسدة وفيها أجرُ المِثل؛ حيث لم يُذكر فيها بدلُ الإيجار، وليس هذا من قبيل التبرُّع؛ حيث لم يُذكر التبرع نصًّا ولا دلالةً ولا العرفُ يدلُّ عليه، بل يدل على الإجارة، وفي آخر الكتاب الرغبةُ في الإجابة عن هذه الواقعة.


ما حكم أخذ ما تركه المستأجر بعد انتهاء عقد الإجارة ومغادرة المكان؟ فهناك إحدى الشركات استأجرَت قطعةَ أرضٍ كمخزنٍ للمعدات والمؤن، وبعد انتهاء مدة الإجارة انصرفت الشركة وغادرت المكان، لكنها تركت بعض الأدوات، ومَضَت مدةٌ ولَمْ تَطلُبها، فهل يجوز لصاحب الأرض أن يأخذها لنفسه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :18
الشروق
6 :44
الظهر
12 : 47
العصر
4:13
المغرب
6 : 49
العشاء
8 :6