حكم البناء على القبر إذا أوصى صاحبه بذلك

تاريخ الفتوى: 26 يونيو 2012 م
رقم الفتوى: 2309
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الوصية
حكم البناء على القبر إذا أوصى صاحبه بذلك

ما حكم تعليم القبر بالبناء عليه؟ وإذا كانت وصية الشخص المتوفى أن يُبنى على قبره هل نفعل ذلك؟

يجوز شرعًا أن يُبنى على هذا القبر بناءٌ ليعرفه الناس ويجوز الوصية بذلك ما دام هذا في الأرض الخاصة بصاحب البناء؛ لما جاء في سنن أبي داود أنه لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي».
وأما النهي الوارد في قول جابر رضي الله عنه: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ" فمحمول على من فعل ذلك مباهاةً وتفاخرًا.

المحتويات

 

حكم البناء على القبر إذا أوصى صاحبه بذلك

تعليم القبر بالبناء عليه جائز؛ لِمَا روى أبو داود في "سننه" من حديث كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ الْمُطَّلِبِ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي». قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "التلخيص الحبير": [وإسناده حسن] اهـ.
قال الإمام العيني في "شرح السنن" (6/ 157): [وفي الحديث من الفقه جوازُ وَضْع الحجارة ونحوها عند القبر للعلامة، وجواز جمع الرجل موتاه في حظيرة واحدة، وفي هذا المعنى ما يفعله الناس من وضع الألواح على القبور ونصبها عند رؤوس الموتى للعلامة] اهـ.
وأخرج البخاري عن سفيان التَّمَّار أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم مُسَنَّمًا.
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنَّف" عن عمران بن أبي عطاء قال: "شهدت وفاة ابن عباس، فوَلِيَه ابن الحنفية، فبنى عليه بناءً ثلاثة أيام".
وأخرج أيضًا عن محمد بن المنكدر: "أن عمر رضي الله عنه ضرب على قبر أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها فسطاطًا". مصنف ابن ابى شيبة.

وأما ما ذكره الفقهاء من الكراهة فهو محمولٌ على ما إذا كان ذلك للتباهي والمفاخرة، فإن كانت المقبرة مسبلةً فإن ذلك حرام؛ لِمَا في ذلك من التضييق على الناس، أما إذا كان لغرض تعليم القبر ومعرفته أو كان ذلك في ملك الباني فهو جائز.
وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (3/ 110، ط. دار المنهاج، جدة): [وإن كان في ملكه جاز له أن يبني ما شاء؛ لأنه لا يضيق على غيره، بخلاف المُسَبَّلة] اهـ.
وقال العلَّامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (3/ 380، ط. مؤسسة الرسالة): [وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: لا بَأْسَ بِقُبَّةٍ وَبَيْتٍ وَحَصِيرَةٍ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ مَأْذُونٌ فِيهِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَيُكْرَهُ فِي صَحْرَاءَ لِلتَّضْيِيقِ وَالتَّشْبِيهِ بِأَبْنِيَةِ الدُّنْيَا. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَيُكْرَهُ إنْ كَانَتْ مُسَبَّلَةً، وَمُرَادُهُ وَاَللهُ أَعْلَمُ: الصَّحْرَاءُ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: يُكْرَهُ الْبِنَاءُ الْفَاخِرُ كَالْقُبَّةِ، فَظَاهِرُهُ: لا بَأْسَ بِبِنَاءٍ مُلاصِقٍ؛ لأَنَّهُ يُرَادُ لِتَعْلِيمِهِ وَحِفْظِهِ دَائِمًا، فَهُوَ كَالْحَصَى، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ؛ لأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْمُعْتَادِ، أَوْ يُخَصُّ مِنْهُ] اهـ.
وَقَالَ فِي "الْفُصُولِ": [الْقُبَّةُ وَالْحَظِيرَةُ وَالتُّرْبَةُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَعَلَ مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ فِي مُسَبَّلَةٍ كُرِهَ؛ لِلتَّضْيِيقِ بِلا فَائِدَةٍ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالًا لِلْمُسَبَّلَةِ فِيمَا لَمْ تُوضَعْ لَه] اهـ. (3/ 381، ط. مؤسسة الرسالة).

بيان المقصود بالنهى الوارد عن النبي عليه السلام في البناء على القبر

أما الحديث الذي رواه مسلم وغيرُه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ". فهو محمول على مَنْ فعل ذلك مباهاةً وتفاخرًا على سبيل الزينة لا على جهة اتخاذه علامة، وكذلك الحديث الذي رواه مسلم أيضًا عن أَبِي الْهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ قَالَ: "قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ «أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ»"؛ فالمقصود به قبور المشركين؛ بدليل ذكر التماثيل مع القبور، أمَّا قبور المسلمين فهي شاخصة لا تُسوَّى بالأرض كما ورد آنفًا من فعله صلى الله عليه وآله وسلم وفعل كثير من السلف الصالح.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا أن يُبنى على هذا القبر بناءٌ ليعرفه الناس ما دام هذا في الأرض الخاصة بصاحب البناء، ويجوز الوصية بذلك وينبغي تنفيذها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الوصية بحج الفريضة؟ حيث وجبَ على والدي فريضة الحج، وعزم على أدائه، إلا أنه لم يقدر على ذلك لمرض أصابه قبل السفر، وأخبرني أنه إذا شفاه الله فإنه سوف يَحُجُّ عن نفسه العام القادم، وأوصى بأنه إذا وافته المنية أن نحج عنه من ماله، وظَلَّ في مرضه حتى مات، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


ما حكم تصرفات غير الولي في مال القاصر؟ فقد ورد سؤال نصه كالتي توفي الأب عن: زوجة، وثلاثة أبناء وبنت، وأختين شقيقتين، ثم توفيت زوجته بعده، وبعد أن كبر الابن الأكبر باع مال أمه، وهي أراضٍ زراعية، وجعل إخوته القُصَّر الباقين يوقِّعون على توكيل بالبيع رغم أنه لا يوجد وصيٌّ ولا وليٌّ عليهم جميعًا، ثم تجاوز وباع ورهن من أموال أبيه وهم أيضًا قُصَّرٌ. فما حكم الشرع في أفعال الأخ الأكبر وبيعه أموال أبيه وأمه وإخوته الباقين القُصَّر؟ ثم ما حكم البيع للأختين الشقيقتين قبل القسمة؟ علمًا بأنهما لم يعرفا الثمن ولا المبيع وهو مشاع. وما الحكم إذا قام الأخ الأصغر بعد بلوغه سن الرشد بالمطالبة بأمواله وإرجاع الأملاك المباعة؟


ما حكم الوصية غير الموثقة لأحد الورثة في حدود الثلث؟ مع العلم أن الورثة لا يشككون فيها من ناحية الثبوت، ولكن أجازها البعض دون البعض الآخر.


ما حكم الوصية الشفهية الزائدة عن الثلث مع إجازة الورثة لها؟


ما حكم الشرع والقانون في وصية سيدة يهودية الديانة أجنبية الجنسية مقيمة بالديار المصرية لشخص مصري مسلم؟ وهل هذه الوصية تعتبر صحيحة أو غير صحيحة؟


ما كيفية إخراج الوصية من التركة؟ فقد ترك رجل وصية قال فيها: "أوصيكم بعد وفاتي إلى أبنائي وبناتي وزوجتي أن يُوزَّع ثلثُ مالي -ما أملك من عقارات ودكاكين ومحلات تجارية وفلوس نقدية- أن يُوزَّع على الفقراء والمجاهدين والصدقات وجميع أفعال الخير والصدقات الجارية".
ولكنَّ ابنًا من أبنائه كان يعمل معه في التجارة، قام بتقدير التركة، ثم جَنَّبَ ثلث إجمالي التركة في عقارات فقط، وكان ذلك بموافقة جميع الورثة، ثم جعل هذه العقارات وقفًا في سبيل الله تعالى يخرج ريعها كصدقة جارية على الفقراء والمجاهدين، ثم قام بإنشاء شركة تجارية بين الورثة بباقي التركة، وذلك لمدة عشر سنوات، والآن بعض الورثة يريد تقسيمها طبقًا لما كانت عليه مما نص عليه الموصي.
فهل ما صدر من هذا الابن صحيح، أم يجب إعادة توزيعها طبقًا لنص الوصية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 أكتوبر 2025 م
الفجر
4 :40
الشروق
6 :8
الظهر
11 : 39
العصر
2:45
المغرب
5 : 9
العشاء
6 :27