صرحت محكمة القضاء الإداري باستخراج فتوى من دار الإفتاء المصرية عن الرأي الشرعي في وضع الزوجة في ضوء عريضة الدعوى المرفقة، وبمطالعة هذه العريضة وجد أنَّ موضوعها هو إلزام زوجة سعودية متزوجة من سعودي وكانا يقيمان بالأراضي المصرية، وعاد الزوج السعودي إلى السعودية دون أن ترافقه، ويطلب بدعواه هذه أن يلزمها القضاء بالذهاب معه إلى الأراضي السعودية.
ما دام الأمر بين الزوجين قد وصل إلى مرحلة التقاضي، فإن الحكم في هذه المسألة يتوقف على ما يترجَّح للقاضي مِن وجه المصلحة فيها، وتحققه من انتفاء المضارة للزوجة، وذلك وفقًا لما يثبت لديه من وقائع الدعوى وعناصرها، من خلال إعمال سلطته المخولة له في الإثبات؛ من استجلابٍ لبينات الدعوى وقرائنها وسماع شهودها.
اختلف الفقهاء في حكم إلزام الزوجة بالسفر مع زوجها، وخلافهم في هذه المسألة دائرٌ إباحةً وحظرًا مع المصلحة كيفما دارت، وهو مشروط بألَّا يكون في السفر إضرارٌ بالزوجة، كما أن ذلك يعتمد أيضًا على العرف الجاري، والضرورة القائمة، وطبيعة عمل الزوج، وعلى مدى فساد الزمان أو صلاحه، بحيث تأمن الزوجة في السفر وفي الإقامة في البلد التي يطلبها الزوج فيها، ولا بد أن يكون الزوج مأمونًا على الزوجة في نفسها ومالها، وأن يكون المسكن المراد نقلُها إليه مستوفيًا لشرائط المسكن الشرعي للزوجة؛ بأن يكون مستقلًّا، خاليًا من سكنى الغير، بين جيران مسلمين صالحين.
وقد نصَّ المحققون من العلماء على أن القاضي أو المفتي مفوَّض بالنظر فيما تقتضيه كل حالة يقضي فيها أو يُستَفتَى حسب ظروفها الخاصة بها؛ بما يحقق ضابط المصلحة، ويضمن انتفاء الضرر والضِّرَار، ويراعي العرف الجاري. وهذا هو الرأي المختار، وعليه العمل.
قال العلامة الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (2/ 156، ط. الأميرية): [وإذا أوفاها مهرها، أو كان كلُّه مؤجلًا، ينقلها حيث شاء؛ لقوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ﴾ [الطلاق: 6]، وكذلك إذا دخل بها برضاها عندهما؛ لسقوط حق الحبس، وعند أبي حنيفة: ليس له ذلك؛ لبقائه، وكان أبو القاسم الصفار يفتي بقول أبي حنيفة في المنع من السفر، وبقولهما في عدم المنع من الوطء، وقيل: لا يخرجها إلى بلد غير بلدها إلا برضاها؛ لأن الغربة تُؤذِي إذا لم يكن لها فيها عشيرة، واختاره أبو الليث، وقال صاحب "ملتقى البحار": وأفتي أنا بأنه يتمكن من نقلها إذا أوفاها المعجل والمؤجل وكان مأمونًا، ولا يمكَّن منه إذا أوفاها المعجل دون المؤجل؛ لأنها لا ترضى بالتأجيل إذا أخرجها إلى بلاد الغربة؛ لعلمها أن الغربة تؤذي] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 147، ط. دار الفكر): [الذي حط عليه كلام البزازي: تفويض الأمر إلى المفتي؛ فإنه قال: وبعد إيفاء المهر إذا أراد أن يخرجها إلى بلاد الغربة يمنع من ذلك؛ لأن الغريب يؤذَى ويتضرر لفساد الزمان:
ما أذل الغريب ما أشقاه ... كل يوم يهينه من يراه
كذا اختار الفقيه وبه يفتَى، وقال القاضي: قولُ الله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ﴾ أَوْلَى مِن قول الفقيه، قيل: قولُه تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ﴾ [الطلاق: 6] في آخره دليل قول الفقيه؛ لأنا قد علمنا من عادة زماننا مضارةً قطعية في الاغتراب بها، واختار في "الفصول" قولَ القاضي، فيفتي بما يقع عنده من المضارة وعدمها؛ لأن المفتي إنما يفتي بحسب ما يقع عنده من المصلحة. اهـ.
فقوله: فيفتي إلخ صريح في أنه لم يجزم بقول الفقيه ولا بقول القاضي، وإنما جزم بتفويض ذلك إلى المفتي المسئول عن الحادثة، وأنه لا ينبغي طردُ الإفتاء بواحد من القولين على الإطلاق، فقد يكون الزوج غيرَ مأمون عليها يريد نقلها مِن بين أهلها ليؤذيَها أو يأخذ مالها، بل نقل بعضهم أن رجلًا سافر بزوجته وادعى أنها أَمته وباعها، فمن علم منه المفتي شيئًا من ذلك لا يحلُّ له أن يفتيه بـ"ظاهر الرواية"؛ لأنا نعلم يقينًا أن الإمام لم يقل بالجواز في مثل هذه الصورة، وقد يتفق تزوجُ غريبٍ امرأةً غريبةً في بلدة ولا يتيسر له فيها المعاش، فيريد أن ينقلها إلى بلده أو غيرها وهو مأمون عليها، بل قد يريد نقلها إلى بلدها، فكيف يجوز العدولُ عن "ظاهر الرواية" في الصورةِ والحالُ أنه لم يوجد الضرر الذي علل به القائل بخلافه، بل وجد الضررُ للزوج دونها، فنعلم يقينًا أيضًا أن من أفتى بخلاف "ظاهر الرواية" لا يقول بالجواز في مثل هذه الصورة، ألا ترى أن من ذهب بزوجته للحج فقام بها في مكة مدة ثم حجَّ وامتنعت من السفر معه إلى بلده هل يقول أحد بمنعه عن السفر بها وبتركها وحدها تفعل ما أرادت! فتعين تفويضُ الأمر إلى المفتي، وليس هذا خاصًّا بهذه المسألة، بل لو علم المفتي أنه يريد نقلها من محلة إلى محلة أخرى في بلدة بعيدة عن أهلها لقصد إضرارها لا يجوز له أن يعينه على ذلك] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ سفرَ الزوج بزوجته مسألة يتوقف الحكم فيها على ما ترجح للقاضي مِن وجه المصلحة فيها وتحققه من انتفاء المضارة للزوجة، وذلك وفقًا لما ثبت لديه من وقائع الدعوى وعناصرها، من خلال إعمال سلطته المخولة له في الإثبات؛ من استجلاب لبينات الدعوى وقرائنها وسماع شهودها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما مدى حجية الإقرار في الشريعة بشأن دعوى قضائية؛ فقد أقمتُ استئنافًا ضد هيئة الإصلاح الزراعي التي قامت بالاستيلاء على أملاكي والأطيان الزراعية، وهذا قَدَر من عند الله، وقدمت ضمن أوراق الدعوى مستندين مهمين هما إقراران موثقان من الإصلاح الزراعي -إدارة الاستيلاء تفيد ملكيتي واحتفاظي بمساحة قدرها 49ف، 10ط، 20 س، ناحية الأخماس مركز السادات محافظة المنوفية- وحيث إن المركز القانوني لهذا الإقرار هو قرينة قانونية قاطعة على حقيقة المقر به واعتراف بالحق الذي في ذمة الإصلاح الزراعي، وحيث إن هذا الإقرار هو أمر وإخبار بأمر وكاشف للحق وليس منشئًا له، وإذ طلبت من عدالة المحكمة التصريح لي باستخراج واستصدار فتوى تشريعية من دار الإفتاء المصرية حول مدى حجية الإقرار في الشريعة الإسلامية الغراء ومدى حقي في المطالبة بملكي الثابت بموجب الإقرارين المقدمين والثابت منهما من خلال الإصلاح الزراعي ملكيتي لهذه المساحة، وقد تأجلت جلسة الاستئناف لاستصدار فتوى من سيادتكم. لذلك أتشرف بأن أرفع لمعاليكم هذا الأمر لاستصدار فتوى شرعية حول الإقرارين سندي في الدعوى.
هل إشهار الإسلام يبدأ من تاريخ الإشهار أم من تاريخ تحرير المستندات الدالة على الإشهار؟ علمًا بأن الشهادة الصادرة من هيئة مسلمي المجر تشهد فيها بأن السائلة قد اعتنقت الدين الإسلامي يوم 10 أبريل 2007م، وذُيِّلت الشهادة بعبارة: حرر في بودابست 8 سبتمبر 2012م.
ما حكم شهادة من يعمل بالموسيقى في المحكمة؟ حيث يوجد شخص يمتهن الموسيقى ويتكسَّب من الألحان تقدم للشهادة في محكمة الأحوال الشخصية. وطلب السائل الإفادة عما إذا كانت شهادته تقبل أو لا تقبل.
ما مدى مشروعية التحكيم طبقًا للشريعة الإسلامية في الأحوال الآتية:
أولًا: عدم تحديد موضوع النـزاع في وثيقة التحكيم؛ كأن يُنص في صك التحكيم أن هناك نـزاعًا بيننا نحن الأخوين فلان وفلان دون تحديد موضوع هذا النـزاع على وجه الدقة خاصة مع وجود نـزاعات أخرى متعددة بين طرفي خصومة التحكيم.
ثانيًا: الحكم في النـزاع دون تحديد جلسة لنظره ولا مكان انعقاد ولا موعد تقديم المستندات والمذكرات وأوجه الدفاع، وغير ذلك مما يُعدّ من المبادئ الأساسية لكفالة حق الدفاع وضماناته في سائر النظم القانونية.
ثالثًا: عدم تقديم قرار التحكيم للجهات المختصة للتصديق عليه ومراقبة مدى مطابقته للقوانين وقواعد التحكيم، وكذلك التأكد من عدم وجود مانع من تنفيذه.
رابعًا: عدم شمول قرار التحكيم على ملخص أقوال الخصوم ودفوعهم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقه وتاريخه والمصدر الذي استقت منه المحكمة قضاءها، وغير ذلك من الشروط التي يوجبها القانون عادة في قرارات التحكيم بما يطمئن المطّلع عليه بإحاطة المحكمة لوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة، وأنها استنفدت كل سلطانها لكشف وجه الحق.
خامسًا: مدى اعتبار تفسير المحكم لقراره جزءًا مندمجًا في ذلك القرار؛ بمعنى أنه إذا قام المحكم بإضافة ملاحظة إلى قراره في تاريخ لاحق على صدور ذلك القرار بما يفيد معنى معينًا، هل يُعدُّ ذلك جزءًا من القرار أم لا؟
في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين»، وكان متكئًا فجلس، فقال: «ألَا وقول الزور، وشهادة الزور، ألَا وقول الزور، وشهادة الزور». فما معنى شهادة الزور؟ وما هي نتائجها الضارة؟ وما هي الآيات القرآنية في ذلك؟
ما حكم عزل وصي بحكم محكمة؛ حيث سئل بإفادة من نظارة الحقانية مضمونها: أنه لصدور حكم من محكمة مديرية الغربية بعزل أحد الأوصياء من وصايته على أولاد وترِكة أحد الأشخاص، وحصول الطعن من المعزول المذكور في ذلك تحول النظر فيه على المجلس الشرعي بمحكمة مصر، وقرر: بأن الحكم بعزل الوصي المذكور على الوجه المسطور بالصورة المذكورة غير صحيح لعدم توفر ما يقتضيه شرعًا، ولما بلغ هذا القرار لمحكمة المديرية المذكورة، وطلب التأشير بمضمونه على الإعلام وسجله، فقاضي المديرية أرسل للحقانية مكاتبة بأن الحكم بعزل الوصي المذكور مبني على مذهب أبي يوسف -المفتى به- من أن القاضي إذا اتهم الوصي يعزله، وعلى ما صرح به في كثير من كتب المذهب من أن الوصي إن عزل نفسه لدى الحاكم ينعزل، وحينئذٍ يكون ما ذكر بالقرار المذكور من عدم توفر ما يقتضي العزل محل نظر. ورغب إحالة هذه المسألة على هذا الطرف للنظر فيها وفصلها شرعًا. ولذا ها هي الأوراق المختصة وبها الإفادة عما يقتضيه الوجه الشرعي، ومضمون صورة الإعلام المذكورة: أنه لدى قاضي المديرية المذكورة بالمجلس الحسبي المنعقد بديوان المديرية حضر بالمجلس الرجل الوصي المكلف، وأنهى لدى القاضي المذكور أنه تنازل عن وصايته على تركة المرحوم المذكور، وعلى القصَّر من أولاده المحرر بوصايته المذكورة إعلام شرعي من محكمة مركز بيلة الشرعية لعجزه عن القيام بها، وعدم قدرته عليها، وبعد أن تحقق لدى القاضي المذكور عجزه عن القيام على الوصاية المذكورة، وسوء تصرفه في تلك التركة، واتهامه بشهادة شاهدين، وتحقق معرفة الوصي المذكور عينًا، واسمًا، ونسبًا، وأنه هو الحاضر بالمجلس بشهادة الشاهدين المذكورين؛ عزَله من وصايته المذكورة، ومنعه من التصرف فيها منعًا كليًّا، وقبل منه ذلك لنفسه قبولًا شرعيًّا بحضورهما، وامتثل المنع المذكور بالمجلس المشار إليه بعد أن تقرر بالمجلس الحسبي المذكور عزل الوصي المذكور.