هل يجب في الصوم المتتابع تجديد النية في كلِّ يومٍ، أو تَكْفِي نية واحدة للصوم كله؟
الصوم المتتابع تكفي فيه نية واحدة في أَوَّله إذا نوى صوم جميع الشهر أو ما عيَّنه، ومع ذلك فيستحب تجديد النية في كل ليلةٍ خروجًا مِن خلاف من أوجب ذلك من الفقهاء.
المحتويات
المقصود بالصَّوم المتتابع: صوم أيامٍ متتاليةٍ مِن غير فصلٍ بينها، وذلك كصوم رمضان، وكفارة القتل، والظهار، وكفارة الجماع في نهار رمضان.
إذا كان مِن المعلوم أَنَّ الصوم عبادة تفتقر إلى نيّةٍ؛ استنادًا لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» متفقٌ عليه، إلَّا أنَّ الفقهاء اختلفوا في إلزامية تجديد نية الصوم لكلِّ يومٍ في الصوم المتتابع:
فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة: إلى أَنَّ الصوم المتتابع يَلْزَم فيه تجديد نية الصوم لكلِّ يومٍ.
قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 380، ط. دار الفكر): [وعند علمائنا الثلاثة: لا يجوز إلَّا بنيةٍ جديدةٍ لكل يومٍ من الليل أو قبل الزَّوال مقيمًا أو مسافرًا.. لأنَّ صوم كلِّ يومٍ عبادة بنفسه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 288، ط. دار الفكر): «[وتجب النية لكلِّ يومٍ؛ لأنَّ صوم كلِّ يوم عبادة منفردة يدخل وقتها بطلوع الفجر، ويخرج وقتها بغروب الشمس، لا يَفْسُد بفساد ما قبله، ولا بفساد ما بعده، فلم يكفه نية واحدة كالصلوات] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 111، ط. مكتبة القاهرة) عند كلامه على نية الصوم: [وتعتبر النية لكل يومٍ، وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي.. ولنا: أنَّه صوم واجب، فوجب أن ينوي كل يوم من ليلته؛ كالقضاء] اهـ.
بينما ذهب فقهاء المالكية، وزُفَر من الحنفية، والإمام أحمد في روايةٍ عنه: إلى أَنَّ الصوم المتتابع تَكْفِي فيه نية واحدة في أَوَّله.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 60، ط. دار المعرفة) نقلًا عن أبي الحسن الكرخي في تحقيق قول زفر: [المذهب عنده: أَنَّ صوم جميع الشهر يتأدَّى بنيةٍ واحدة] اهـ.
وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 419، ط. دار الفكر): [(وكفت نية لما يجب تتابعه) ش: يعني أَنَّ الصوم الذي يجب تتابعه يكفي فيه نية واحدة في أول ليلة من بعد الغروب، والصوم الذي يجب تتابعه هو رمضان في حَقِّ الصحيح، وكفارة القتل والظهار والفطر في رمضان، والصوم المنذور، فتكفي في ذلك كله نية واحدة في أول ليلة منه على المشهور] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 111): [وعن أحمد: أنَّه تُجْزِئه نية واحدة لجميع الشهر، إذا نوى صومَ جميعه] اهـ.
والمُدْرَك في ذلك: أنَّ قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه﴾ [البقرة: 185] يُوجِب صوم رمضان الذي هو في معنى العبادة الواحدة؛ وذلك لأنَّ لفظ ﴿الشَّهْرَ﴾ في الآية الكريمة اسمٌ لزمانٍ واحدٍ، فكان صوم الشَّهْر على ذلك كالصلاة والحج، اللذين يتَأدَّيان بنيةٍ واحدةٍ.
بناءً على ذلك: فالصوم المتتابع تكفي فيه نية واحدة في أَوَّله إذا نوى صوم جميع الشهر أو ما عيَّنه، ومع ذلك فالأَوْلَى تجديد النية لكلِّ يومٍ خروجًا مِن الخلاف.
وفي واقعة السؤال: لا يجب عَليكَ في الصوم المتتابع تجديد النية في كل يومٍ، بل تَكْفِي نية واحدة للصوم كله، ورغم ذلك فيستحب تجديد النية في كل ليلةٍ خروجًا مِن خلاف من أوجب ذلك من الفقهاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما معنى تبييت النية في الصيام؟ وما كيفيتها الصحيحة؟
ما حكم إفطار رمضان بالنسبة للمرأة الحامل؟
ما حكم الفطر لطالب كلية الطب بسبب مشقة التدريب والعمل؟ فأنا طالب بالسنة النهائية بكلية الطب، وأعمل من الساعة السابعة صباحًا بدون رفق أو هوادة إلى ما بعد الساعة الرابعة بعد الظهر في التمرين بأقسام المستشفى وتلقى المحاضرات بالكلية، وذلك يستلزم منا الاستذكار بعد ذلك حوالي سبعة ساعات على الأقل فيكون مجموع ساعات العمل اليومي ست عشرة ساعة، ولا أستطيع أداءه إذا ما كنت صائمًا، ومن ناحية أخرى فلو لم أبذل هذا المجهود -ولا أستطيع ذلك وأنا صائم- فسوف تكون العاقبة وخيمة، وبما أني أؤدي واجباتي الدينية على قدر ما أستطيع ولم يسبق لي أن أفطرت في رمضان فلا أستطيع أن أقرر بنفسي ما يجب علي اتخاذه بحيث أن تكون الناحية الدينية سليمة، وأعتقد أن هذا الإشكال يواجه الكثيرين من زملائي، فأرجو فضيلتكم الاهتمام بإفتائنا سريعًا في هذا الموضوع.
ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر؟ فقد مَنَّ الله عليَّ بوظيفة مرموقة والآن أريد أن أصوم شهرًا بنية شكر الله تعالى على تلك المنَّة، كما أنِّي أُريد أن أتصدَّق أيضًا بقيمة شهرين من راتبي.
ما هو توقيت الفطر والفجر للصائم؟ حيث طلبت وزارة العدل المصرية الاستفسار عن الرأي الفقهي والفلكي بالنسبة لموعدي الإفطار والإمساك والفجر للصائم، وبيان صحة المواعيد المعمول بها حاليًّا.
هل يجب على المسافر الذي قدم بلده مفطرًا أن يمسك بقية اليوم؟ فقد سافرتُ في شهر رمضان المبارك قبل الفجر، ولَمَّا كان السفرُ طويلًا، أخذتُ بالرخصة فأفطرتُ في الطريق، وبعد أن وصَلْتُ إلى منزلي بعد العصر أكلتُ وشرِبْتُ، فهل كان واجبًا عليَّ الإمساك عن الطعام والشراب بمجرد وصولي إلى البيت؟