ما حكم الإشارة على المريض بالإفطار في نهار رمضان ومدى حصول الإثم به؟ فقد كان أخي متعبًا جدًّا في نهار رمضان، وضغطه منخفض، فأشرتُ عليه بالفطر وأخذ الأدوية؛ خوفًا من أن يغمى عليه؛ لأنه كان قد حصل معي موقف مشابه، وقد استجاب لي وأفطر في هذا اليوم، وأرجو الإفادة عن حكم فعلي هذا.
لا مانع شرعًا من الإشارة على المريض الذي يجهده الصيام بالإفطار إذا كان المرض ممَّا يُرخّص لمثله بالفطر؛ لا سيَّما وأنها من باب التعاون على البر والتقوى المأمور بهما شرعًا، والنصيحة لله ورسوله؛ قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
المحتويات
صيام رمضان ركنٌ من أركان الإسلام، وفريضةٌ من فرائضه المحكمة التي لا يجوز للمكلَّف التفريط فيها إلا لعذرٍ، ولقد فَرَضَ الله الصيام على المكلَّف بشروٍط عدة لا بد أن تتوفر فيه؛ حتى يصيرَ من جملة المكلَّفين بالصيام الذين يخاطبهم ربُّ العزة تبارك وتعالى بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وقال تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185].
فإذا لم يستطع المكلَّفُ -لعذرِ معتبر شرعًا- الصومَ بالامتناع عن المفطرات من الطعام والشراب ونحوها من الفجر إلى المغرب، فإنَّ الشرع الشريف رخَّص له في الفطر، ولا سيَّما إذا كان الاستمرار في الصوم يضرُّ بصحته أو يؤخِّر من شفائه بقول الأطباء المختصين.
الأصل في رخصة الإفطار للمريض العاجز عن الصوم قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184].
وقد نقل ابن قدامة الإجماع على ذلك في "المغني" (3/ 155، ط. مكتبة القاهرة) فقال: [أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة] اهـ.
وقد تواردت نصوص فقهاء المذاهب الأربعة من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة على تقرير هذا المعنى.
قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 123-124، ط. دار إحياء التراث العربي): [ومن كان مريضًا في رمضان فخاف إن صام ازداد مرضه أفطر وقضى... ونحن نقول: إن زيادة المرض وامتداده قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه] اهـ.
وقال الإمام بدر الدين العيني في "البناية" (4/ 76، ط. دار الكتب العلمية) عن المرض المبيح للفطر: [نوعان: ما يوجب المشقة، وما لا يوجبها فوجب الفصل، فقلنا كل مرض يضره الصوم يوجب الإباحة، وما لا فلا، وكان خوف ازدياد المرض مرخصًا للفطر كخوف الهلاك. وذكر الإمام المحبوبي طريق معرفة ذلك إما باجتهاده أو بقول طبيب حاذق] اهـ.
وقال الإمام أحمد الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 535، ط. دار الفكر): [(و) جاز الفطر (بمرضٍ خاف) أي: ظنَّ لقول طبيبٍ عارف أو تجربة أو لموافق في المزاج (زيادته أو تماديه)، بأن يتأخر البُرء، وكذا إن حصل للمريض بالصوم شدة وتعب، بخلاف الصحيح، (ووجب) الفطر لمريضٍ وصحيحٍ (إن خاف) على نفسه بصومه (هلاكًا أو شديدَ أذًى)؛ كتعطيل منفعةٍ من سمعٍ أو بصرٍ أو غيرهما؛ لوجوب حفظ النفس] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 169، ط. دار الكتب العلمية): [(ويباح تركه) بنية الترخص (للمريض) بالنص والإجماع (إذا وجد به ضررًا شديدًا) وهو ما يبيح التيمم... وعبارة "المحرر" للمريض الذي يصعب عليه أو ينال به ضررًا شديدًا فاقتضى الاكتفاء بأحدهما، وهو كما قال الإسنوي الصواب... ويجب الفطر إذا خشي الهلاك كما صرح به الغزالي وغيره وجزم به الأذرعي] اهـ.
وقال العلامة الحجاوي في "الإقناع" (1/ 306، ط. دار المعرفة): [والمريض إذا خاف ضررًا بزيادة مرضه أو طوله -ولو بقول مسلم ثقة- أو كان صحيحًا فمرض في يومه أو خاف مرضًا لأجل عطش أو غيره: سن فطره وكره صومه وإتمامه، فإن صام أجزأه، ولا يفطر مريض لا يتضرر بالصوم] اهـ.
فعُلِم من ذلك أن الإشارة على المريض بالإفطار لا إثم فيها على الشخص الْـمُشير إذا كان المرض مما يرخص لمثله بالفطر؛ لا سيَّما وأنها من باب التعاون على البر والتقوى المأمور بهما شرعًا، والنصيحة لله ورسوله؛ قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
بناءً على ذلك؛ فلا مانع شرعًا من إرشاد المريض الذي يجهده الصيام إلى الإفطار في رمضان، ولا إثم في ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تركيب أطراف صناعية؟ حيث تذكر السائلة أن الله تعالى رزق ابنها الوحيد بطفلة جميلة إلا أنها وُلدت ببتر خِلْقي بالذراع اليسرى -نصف ذراع من دون كف- وأن الطبيب أفادها بأنه يمكن تركيب أطراف صناعية للطفلة عند بلوغها أربع سنوات، والسؤال: هل في مثل هذه الحالة يجوز تركيب الأطراف الصناعية أم يكون ذلك اعتراضًا على حكم الله تعالى؟
يقول السائل: خلقنا المولى سبحانه وتعالى مختلفين، ووجَّه الشرع الشريف اهتمامه وعنايته بكل فئة من فئات المجتمع، ومن هذه الفئات (ذوي الهمم)؛ فنرجو من فضيلتكم بيان اهتمام الشرع الشريف ورعايته لهم بتخفيفه عنهم في جانب التكليفات، وبيان حقوقهم بصفة خاصة.
هل استحمام الصائم في نهار رمضان يفطرأو لا؟
هل التخدير الطبي لإجراء العمليات في نهار رمضان يبطل الصيام؟ فقد قمت بإجراء عملية جراحية في نهار رمضان، وقد أخذت المخدر اللازم لإجراء هذه العملية حتى غبت عن الوعي تمامًا، وقد أفقتُ من هذا المخدر قبل أذان المغرب، ولم أتناول أكلًا ولا شُربًا، وكنت قد نويتُ الصيام من الليل، فما حكم صوم هذا اليوم؟ هل تؤثر هذه الفترة التي غبتُ فيها عن الوعي على صحة الصوم؟ أفيدوني أفادكم الله.
شخص أقام مدة عشر سنين لم يصم فيها رمضان؛ لأنه كان يعتقد أنه لا يستطيع الصوم، وأن الصوم يضر بصحته، ولم ينوِ صومًا في يوم من أيام رمضان في العشر سنين، ولا في ليلة من لياليه، وقد أوصى قبل وفاته بأن يعمل إسقاط بدلًا عما فاته من الصوم في المدة المذكورة من ماله الذي يموت عنه، وقد مات وترك ترِكة يسع ثلثها تنفيذ وصيته مهما بلغت قيمة هذا الإسقاط، وبما أن الوصي يرغب في تنفيذ هذه الوصية ويريد أن يعلم مقدار ما يخرجه عن كل يوم بدلًا عن صومه مقدرًا ذلك بالمكاييل المصرية أو القيمة، وهل تبرأ ذمة المتوفى من الصوم أو لا؟ فنرجو من فضيلتكم الجواب عن ذلك.
ما مدى تأثير ارتجاع السوائل إلى المريء على الصيام، وهل هو من المفطرات؟ حيث هناك رجلٌ يعاني مِن ارتجاع المريء، وأثناء الصيام خرجَت بعضُ السوائل الحمضية مِن المعدة، وَوَجَد طَعمَها في حَلْقِهِ، لكنها لَم تَصِلْ إلى الفم حتى يتمكن مِن إخراجها، ويسأل: هل يؤثر ذلك في صحة الصوم ويلزمه تبعًا لذلك قضاء هذا اليوم؟