ما حكم ضمان الوكيل مال الزكاة إذا تلف المال في يده؟ فهناك رجلٌ وكَّلَتْه أختُه في توزيع مال زكاتها، وفي اليوم الذي قَبَضَ فيه المال سُرِقَ منزلُه في ليلته، ومِن جملة المسروقات هذا المبلغُ، فهل يضمنه شرعًا، وفي حالة عدم ضمانه هو، هل يجب على هذه الأخت أن تُخرج زكاة مالها مرة أخرى؟ علمًا بأنها قد سلَّمت إليه المال عند تمام الحول ولم تتأخر في إخراجه.
الرجل المذكور الذي وكَّلَتْه أختُه في توزيع مال زكاتها، وسُرق منه، لا يَضمن هذا المال ولا شيء عليه، إلا إذا ثبت أنه تَعَدَّى أو فَرَّط في حِفْظِه؛ لأن الوكيلَ أمينٌ، والأمين لا يَضمن إلا بالتفريط، وضابطُ التفريط عدمُ حفظه فيما يحفظ فيه مثله، أو ما جَرَت به عادةُ الناس في حفظ أموالهم، ولا يجب على أخته المذكورة (المزكية) أن تُخرج مال الزكاة مرةً أخرى بدلًا عن الذي سُرق، ما دامت قد سلَّمَت مالَ الزكاة إلى أخيها (الوكيل) عند تمام الحول ولم تتأخر في إخراجه، ولم يكن منها تقصيرٌ أو تَعَدٍّ على هذا المال بعد تسليمه، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج.
المحتويات
الوكالة في اللغة: بفتح الواو وكسرها، اسم مصدر من التوكيل، ووكيل الرجل: الذي يقوم بأمره، وسمي وكيلًا؛ لأن موكله قد وَكَّلَ إليه القيام بأمره، فهو موكولٌ إليه الأمر، كما في "لسان العرب" للعلامة جمال الدين ابن مَنْظُور (11/ 736، مادة: و ك ل، ط. دار صادر).
وفي الشرع: "عبارة عن إقامةِ الإنسانِ غيرَه مَقامَ نَفْسه في تصرُّفٍ معلومٍ"، كما في "العناية" للإمام أَكْمَل الدين البَابَرْتِي الحنفي (7/ 499، ط. دار الفكر)، أو هي "تفويضُ أَمْرِك إلى مَن وَكَّلتَه اعتمادًا عليه فيه، تَرَفُّهًا منكَ أو عجزًا عنه"، كما في "فتح القدير" للإمام كمال الدين ابن الهُمَام الحنفي (7/ 499- 500، ط. دار الفكر)، وينظر: "المختصر" للإمام ابن عَرَفَة المالكي (7/ 54، ط. مؤسسة خلف أحمد الحبتور)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (3/ 231، ط. دار الكتب العلمية)، و"المبدع" للإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي (4/ 325، ط. دار الكتب العلمية).
ومِن المقرر شرعًا أنه يصح التوكيل في إخراج الزكاة عن الغير، وهذا ما عليه جماهير الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة؛ لأنها عبادةٌ ماليةٌ يَصِحُّ فيها التوكيل. ينظر: "البحر الرائق" للإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي (2/ 226، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"منح الجليل" للشيخ عِلِيش المالكي (6/ 357، ط. دار الفكر)، و"التنبيه" للإمام الشِّيرَازِي الشافعي (ص: 108، ط. عالم الكتب)، و"شرح منتهى الإرادات" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 184، ط. عالم الكتب).
لَمَّا صَحَّ التوكيلُ في دفع الزكاة عن الغير عند الفقهاء، كانت يَدُ المُوَكَّل على مال الزكاة يَدَ أمانةٍ ما لَم يُفَرِّط في حِفْظِها، فإنْ فَرَّط تَحَوَّلَت يدُه مِن أمانٍ إلى ضمانٍ، وذلك كغيرها مِن سائر الأموال، وقد نص الفقهاء على أن الوكيلَ أمينٌ فيما دَفَعَه إليه الموكِّل مِن المال؛ لأنه نائبٌ عنه في اليد والتصرُّف، ولهذا لا يَضمن ما تَلِفَ أو هَلَكَ في يده إلا إذا كان مُتَعَدِّيًا ومُفَرِّطًا في حِفْظِه؛ لأن هلاكَه في يده كهلاكِهِ في يد الموكِّل. ينظر: "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي (14/ 40، ط. دار المعرفة)، و"الذخيرة" للإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي (8/ 15، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"المهذب" للإمام الشِّيرَازِي الشافعي (2/ 177، ط. دار الكتب العلمية)، و"المبدع" للإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (4/ 347).
ومِن ثَمَّ فيُنظر في أمر الوكيل عن الغير في توزيع الزكاة -كما في مسألتنا-، فإذا وُجد أنه قد فَرَّط في حِفظ مال الزكاة أو تَعَدَّى عليه ضَمِنَه، وعليه حينئذٍ بَدَلُه، أما إذا ثَبَت عدمُ تَعَدِّيه عليه أو تفريطِه في حِفْظِه فلا شيء عليه؛ لأنه أمينٌ، وقد تقرر أن الأمينَ لا يَضمن إلا بالتفريط أو التعدي.
وضابط الحِفظ والتفريط بالنسبة للوكيل -أي: الأمين- يُقاس على غيره مِن الأُمَناء في حِفظ ودائعهم وأماناتهم، وهو حِرْز المِثل، أو ما جَرَت به عادةُ الناس في حِفظ أموالهم، والوكالةُ وإن كانت تخالِف الوديعة في أن الوديعة لا يجوز التصرُّف فيها، والوكالة تُثبت للوكيل تصرُّفًا معلومًا في حدود تفويض الموكِّل، إلا أنهما يشتركان في كونهما أمانةً، إذا فَرَّط الأمينُ ضَمِنَهَا، وإذا لَم يُفَرِّط لَم يَضمَن، وقد "أجمع أكثر أهل العلم على أن المودَع إذا أحرَزَ الوديعةَ حيث يجب أن تُحْرَزَ الودائعُ، ثم تَلِفَت مِن غير جنايةٍ منه عليها ولا استهلاكٍ لها، أنْ لا ضمان عليه"، كما قال الإمام ابن المُنْذِر في "الأوسط" (11/ 307-308، ط. دار الفلاح)، وينظر: "بداية المجتهد" للإمام أبي الوليد ابن رُشْد (4/ 95، ط. دار الحديث)، و"الكافي" للإمام ابن قُدَامَة (4/ 95، ط. دار الحديث).
أما ما يكون من أمر صاحبة المال (المزكية)، فإن ما قامت به من عَزْل مقدار الزكاة بعد بلوغه نصابًا شرعيًّا فائضًا عن حاجتها الأصلية، وذلك يوم تمام الحول أو بعده بيوم أو يومين -باعتبار أنَّ "مَا قَارَبَ الشَّيْءَ أُعْطِيَ حُكْمَهُ"، كما في "المنثور" للإمام بدر الدين الزَّرْكَشِي (3/ 144، ط. أوقاف الكويت)-، ومِن ثَمَّ قامت بتسليمه لأخيها (الوكيل) لتوزيعه إلى مستحقيه نيابةً عنها، فسُرق منه ليلةَ استلامه منها، دون أيِّ تقصيرٍ منها أو تَعَدٍّ في إخراجه فَوْر وجوبه، فإنه لا يلزمها حينئذٍ إخراجُ بَدَل ما فُقد مِن مال الزكاة المذكور؛ لكونها لم تُقَصر أو تُفَرط في إخراجه في وقته، وكذلك لَم تَتَعَدَّ عليه بعد تسليمه لأخيها (الوكيل).
ووجه ذلك: أنَّ هلاك مال الزكاة بعد إخراجه بعد تمام الحول بيوم أو يومين أو عند تمامه من غير تقصير مِن المُزَكِّي أو تَعَدٍّ منه على المال في إيصاله إلى الفقراء -لا يجعله ضامنًا له؛ لئلَّا يَجتمع عليه غرامتان: غرامةُ ضياع المال بعد إخراجه، وغرامةُ إلزامه ببَدَله مع عدم تفريطه أو تقصيره أو تَعَدِّيه عليه.
أما في حالة ثبوت تفريط مِن قِبَلِ المزكي أو تقصير أو تعدٍّ على مال الزكاة -بتأخير تسليمها للوكيل بعد تمام الحول بأيام كثيرة، أو بأن يكون له يدٌ في سرقتها-، فإنه يَضمن هذه الزكاة ولا تسقط عنه؛ حفاظًا على حق الفقير الذي فَرَّط فيه، واعتُبر التفريط بوقت تمام الحول كما سبق بيانه لا قَبل ذلك؛ لأن الزكاةَ لا تتعلق بذمة المزكي إلا بتمام الحول، فلو فرَّط قبل تمام الحول كان تفريطه في ماله قبل وجوب الزكاة فيه، لا في مال الزكاة بعَيْنه؛ لأنها لم تجب بَعْدُ، وهذا مذهب المالكية، وهو المختار للفتوى. ينظر: "الكافي" للإمام ابن عبد البَرِّ (ص: 99، ط. دار الكتب العلمية)، و"التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق (3/ 253، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح مختصر خليل" للإمام الخَرَشِي (2/ 225-226، ط. دار الفكر).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الرجل المذكور الذي وكَّلَتْه أختُه في توزيع مال زكاتها، وسُرق منه، لا يَضمن هذا المال ولا شيء عليه، إلا إذا ثبت أنه تَعَدَّى أو فَرَّط في حِفْظِه؛ لأن الوكيلَ أمينٌ، والأمين لا يَضمن إلا بالتفريط، وضابطُ التفريط عدمُ حفظه في حرز مثله، أو ما جَرَت به عادةُ الناس في حفظ أموالهم، ولا يجب على أخته المذكورة (المزكية) أن تُخرج مال الزكاة مرةً أخرى بدلًا عن الذي سُرق، ما دامت قد سلَّمَت مالَ الزكاة إلى أخيها (الوكيل) عند تمام الحول ولم تتأخر في إخراجه، ولم يكن منها تقصيرٌ أو تَعَدٍّ على هذا المال بعد تسليمه، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
رجل كبير في السن مريض، عليه فدية عن أيام أفطرها من رمضان، ويسأل:
هل يجوز له شرعًا أن يعطي فدية الأيام التي أفطرها في رمضان لأخيه الذي يبلغ من العمر 76 عامًا، والمقيم بدار مسنين، والمصاب بضغط دم مرتفع، ويحتاج إلى أموال يشتري بها الأدوية اللازمة له؟
ما هو مقدار الزكاة الواجب دفعه على شركتنا التي تمارس نشاطًا صناعيًّا؟
صاحب منشأة لتجارة الأدوات ومستلزمات طب الأسنان، ويسأل عن إخراج الزكاة عن البضاعة الموجودة لديهم بالآتي:
أولًا: بالنسبة لتقدير قيمة البضاعة، هل يكون على أساس سعر الشراء أم حسب السعر الذي تباع به؟
ثانيًا: بالنسبة لعملية توزيع حصيلة الزكاة:
1- هل يجب إخراجها وتوزيعها فورًا عندما يحول الحول؟ وماذا يفعل إذا لم تتوافر سيولة نقدية؟ وهل يجوز صرف بعض أو كل الزكاة عن البضاعة من البضاعة نفسها وهي عبارة عن أدوات ومستلزمات طبية؟
2- هل يجوز تخصيص جزء من الزكاة لشراء ملابس ولوازم تحتاج إليها بعض العائلات الفقراء؟
3- بعد الانتهاء من توزيع الزكاة توجد بعض حالات في احتياج للمساعدة وفقراء فهل يجوز تجنيب جزء من الزكاة للصرف منها لمثل هذه الحالات؟
4- هل يجوز صرف جزء من الزكاة مقدمًا أي قبل أن يحل موعد إخراج الزكاة؟
5- إذا لم يكن جائزًا إخراج الزكاة على هيئة البضاعة المذكورة والمعروضة إلينا ولم يجد نقودًا لإخراج الزكاة، فهل يمكن تقسيط القيمة؛ لصرفها على مدى عدة أشهر كلما تيسرت المبالغ النقدية؟
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي.
هل يجب إخراج زكاة المال وزكاة الفطر من المال المدَّخَر للزواج؟
هل يُحسب مال الإيفاء بالنذر من جملة زكاة المال؟ حيث قام السائل بإيداع مبلغ خمسمائة ألف جنيه في أحد البنوك للإيفاء بنذور قد قطعها على نفسه إن فرَّج الله كربه، وهي ذبح ذبيحة بمبلغ خمسة آلاف جنيه وتوزيعها على الفقراء والمساكين، ونذر إخراج مبلغ ستمائة جنيه، كما قام ببناء قبرين صدقةً: أحدهما للرجال، والثاني للنساء من فقراء المسلمين بمبلغ عشرين ألف جنيه، كما نذر أداء عمرة له ولبناته الثلاث بمبلغ ثلاثين ألف جنيه، كما ساهم في بناء مسجد بمبلغ ثمانية آلاف جنيه، كما أخرج مبلغ سبعة آلاف جنيه لمرضى السرطان، وألفَي جنيه لدار أيتام، وثلاثة آلاف جنيه للفقراء والمساكين. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في هذه المبالغ: هل تدخل ضمن زكاة المال؟ وهل تحسب فيما عليه من زكاة لأكثر من حَوْل؟ وما هي قيمة الزكاة المفروضة على هذا المبلغ المودع بالبنك وهو خمسمائة ألف جنيه؟
ما حكم تأخير إخراج زكاة الفطر عن وقتها لعذر؟ حيث يتأخرُ بعض الأهالي بالمنطقة في وضع زكاة الفطر بصناديق لجنة الزكاة بالمساجد أو التقدم بها إلى أعضاء اللجنة إلى ما بعد صلاة الفجر صبيحة يوم عيد الفطر، ممَّا يضع اللجنة في حرجٍ في كيفية التصرف في هذه الأموال بإخراجها إلى الفقراء قبل صلاة العيد؛ حيث لا يتسع الوقت لذلك، وغالبًا ما تُضطر اللجنة إلى توصيل هذه الأموال إلى مستحقيها خلال أيام العيد أو الأيام التالية. فما هو التصرف الشرعي المطلوب في مثل هذه الظروف؟