الثلاثاء 02 ديسمبر 2025م – 11 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم التعاقد على شراء المحاصيل من الفلاحين قبل الحصاد

تاريخ الفتوى: 13 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 8267
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم التعاقد على شراء المحاصيل من الفلاحين قبل الحصاد

ما حكم التعاقد على شراء المحاصيل من الفلاحين قبل الحصاد؟ فهناك رجلٌ يعمل تاجرًا للحبوب (من نحو القمح والأرز وغيرهما)، ويتعامل معه الفلاحون على محاصيلهم قبل الحصاد بشهرين أو ثلاثة، بحيث يتفق معهم على شراء كمية محددة من المحاصيل ويعطيهم المال في مقابل تسلم الكميات المتعاقد عليها بعد ذلك، ويسأل: ما حكم هذه المعاملة شرعًا؟

شراء التاجر محاصيلَ الحبوب مِن نحو القمح أو الأرز أو غيرهما مِن الفلاحين قبل حصادها بشهرين أو ثلاثة، هو عبارةٌ عن عقد بيعٍ على موصوفٍ في الذِّمَّةِ بثمن عاجلٍ، وهو ما يعرف بـ"بيع السلم"، وهو جائز شرعًا ولا حرج فيه متى توافرت شروطُه، مِن بيان كمية المَبِيع ونَوْعه وصِفَتِه ومقداره ووقتِ التسليم ومكانِه والثمن المقبوض وكلِّ ما مِن شأنه أن يَرفع الجهالة ويَمنع النزاع بين البائع والمشتري، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.

المحتويات

 

حكم التعاقد على شراء المحاصيل من الفلاحين قبل الحصاد

الأصل في عقد البيع أن يكون المبيع مملوكًا للبائع وحاضرًا وقت التعاقد عليه؛ وذلك لما رواه أصحاب "السُّنَنِ" عن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي، أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ».

إلا أنَّ الشرع الشريف قد استثنى من هذا العموم بعضَ أنواع البيوع التي يَصِحُّ فيها بيع المعدومات -كما في مسألتنا-، والتي تعرف ببيع "السَّلَمِ أو السَّلَفِ"، وهو عبارةٌ عن "عقدٍ على موصوفٍ في الذِّمَّةِ ببدلٍ يُعطَى عاجلًا"، كما عَرَّفَهُ الإمام النَّوَوِي في "روضة الطالبين" (4/ 3، ط. المكتب الإسلامي).

والأصل في مشروعية هذا النوع من البيوع: الكتاب، والسُّنَّة، وإجماع الأُمَّة.

فمِن الكتاب العزيز قولُ الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282].

قال الإمام شمس الدين أبو عبد الله القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 377، ط. دار الكتب المصرية) عند تفسير هذه الآية: [قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: هذه الآيةُ نزلت في السَّلَمِ خاصَّة] اهـ.

ومِن السُّنَّة المطهرة ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وقد نقل الإجماعَ على جوازه غيرُ واحدٍ من الأئمة، وممن نص على ذلك الإمامُ ابن المُنْذِر في "الإشراف" (6/ 101، ط. مكتبة مكة الثقافية)، ولا يُعرف مخالِفٌ لهذا الإجماع إلا ما جاء عن التابعي الجليل سعيد بن المُسَيِّب رضي الله عنه، كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حَجَر العَسْقَلَانِي (4/ 428، ط. المكتبة السلفية).

الحكمة مِن مشروعية بيع السلم وبيان شروط صحته

الحكمة مِن مشروعية هذا البيع على خلاف الأصل هي دفعُ حاجة الناس بتوفير رأس المال المطلوب للنفقة على الأعمال وأصحابها، ولهذا سُمِّي بـ"بيع المَفَالِيس".

قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 207، ط. مكتبة القاهرة) في بيان الحكمة مِن مشروعية السَّلَم: [لأنَّ بالنَّاس حاجةً إليه؛ لأنَّ أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النَّفَقَةِ على أنْفُسهم وعليها لِتَكْمُلَ، وقد تُعْوِزُهُم النَّفَقَةُ، فَجُوِّزَ لهم السَّلَمُ ليَرْتَفِقُوا، ويرتفق المُسْلِمُ بالاسْتِرْخَاصِ] اهـ.

وقد اتفق الفقهاء على أنه يُشترط لصحة بيع السلم عدةُ شروط، وهي معرفة جنس الشيء المُسْلَمِ فيه (المبيع)، وبيان صفته، وقَدْره، والأَجَل المضروب له، ومعرفة ثمنه وتسليمه في مجلس العقد، وتعيين مكان التسليم إذا كان المبيع مما له حملٌ ومؤونة، كلُّ ذلك بما يَرفع الجهالة ويَمنع وقوع النزاع، فمتى توافرت هذه الشروط في هذا البيع كان صحيحًا وجائزًا شرعًا ولا حرج فيه.

وقد نقل الإجماعَ على ذلك الإمامُ ابن المُنْذِر، فقال في "الإشراف" (6/ 101-102، ط. مكتبة مكة الثقافية): [وأجمَعَ كلُّ مَن نَحفظ عنه مِن أهل العلم على أنَّ السَّلَمَ الجائزَ أنْ يُسْلِمَ الرجلُ على صاحبه في طعامٍ معلومٍ موصوفٍ مِن طعامِ أرضٍ عامَّةٍ لا يُخطئُ مثلها، بكيلٍ معلومٍ أو وزنٍ معلومٍ إلى أَجَلٍ معلومٍ دنانير أو دراهم معلومة، يدفع ثمن ما أّسْلَمَ فيه قبل أنْ يَتَفَرَّقَا مِن مقامهما الذي تَبَايَعَا فيه، ويُسَمَّى المكانُ الذي يُقبض فيه الطعام، فإذا فَعَلَا ذلك وكَانَا جَائِزَيِ الأمر، كان سَلَمًا صحيحًا، لا أَعلم أحدًا مِن أهل العلم يُبْطِلُهُ] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن شراء التاجر المذكور محاصيلَ الحبوب مِن نحو القمح أو الأرز أو غيرهما مِن الفلاحين قبل حصادها بشهرين أو ثلاثة، هو عبارةٌ عن عقد بيعٍ على موصوفٍ في الذِّمَّةِ بثمن عاجلٍ، وهو ما يعرف بـ"بيع السلم"، وهو جائز شرعًا ولا حرج فيه متى توافرت شروطُه، مِن بيان كمية المَبِيع ونَوْعه وصِفَتِه ومقداره ووقتِ التسليم ومكانِه والثمن المقبوض وكلِّ ما مِن شأنه أن يَرفع الجهالة ويَمنع النزاع بين البائع والمشتري، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم اشتراط البائع البراءة من عيوب السلعة التي يقوم ببيعها؟ فقد ورد سؤال نصه كالتالي: سائل يقول: حصل عقد بيعٍ بيني وبين أحد الأشخاص، واشترط عليَّ البائع أنَّه لا يَلْزَمه ما اشتريتُه منه إن وجدتُ فيه عيبًا، فهل هذا الذي اشترطه البائع يُعدُّ صحيحًا شرعًا؟


ما حكم بيع المنتجات منتهية الصلاحية؟


ما حكم الشرع في الكسب المبني على الغش والخداع والتحايل على الناس؟


يرغب أحد الأشخاص [طرف ثان] في الحصول على آلات وأجهزة ما؛ لاحتياجه إليها في مشروع أقدم عليه، لكنه لا يمتلك ثمنها، ولديه صديق [طرف أول] يتعامل بنظام الإجارة المنتهية بالتمليك، فطلب الطرف الثاني من الطرف الأول أن يوفر له تلك الآلات والأجهزة، ثم حررا عقد إجارة اشتمل على الآتي:

1- يدفع الطرف الثاني ثمن الآلات والأجهزة على مدى عشر سنوات في صورة أجرة شهرية تزيد قيمتها عن أجرة المثل، زيادة متعارف عليها بسعر السوق والعرف بين التجار؛ نظرًا لتملك الطرف الثاني لها بعد مرور السنوات العشر دون دفع أي زيادة.

2- ضمان الآلات والأجهزة طوال السنوات العشر من مسئولية الطرف الثاني.

3- لا يحق للطرف الثاني التصرف في الآلات والأجهزة بالبيع أو الهبة أو أي تصرف فيه نقل للملكية طوال السنوات العشر.

4- العقد ملزم للطرفين، ليس لأحدهما فسخه أو الرجوع فيه إلا بالاتفاق والتراضي مع الطرف الآخر.

والسؤال: هل هذه الصورة التعاقدية جائزة شرعًا أو لا؟


ما هو الرأي الشرعي حول بيع السمك في الماء في الحالات الآتية:
- المزارع السَّمكية: تُعرَض عيّنةٌ من السمك على المشتري، ويُتَّفق على الكمية والسعر، ثم يتم التسليم.
- أسماك الزينة في الأحواض الزجاجية: تُعرَض الأسماك بأسعارها وهي في الحوض.
- الأحواض في المطاعم الكبرى: يختار الزبائن الأسماك وهي في الأحواض، ويكون البيع بالوزن أو بالعدد.
والسؤال: هل تتفق هذه البيوع -التي يتم فيها بيع السمك في الماء- مع ما هو موجودٌ في الفقه الإسلامي الموروث من نصوصٍ تُفيدُ النهيَ عن بيع السمك في الماء؟ مع العلم بأنَّ هذه الأحواض محددة المساحة ومُقسَّمة؛ بحيث يتم الوصول إلى ما فيها من أسماك بسهولةٍ ويسر حسب الكمية المتفق عليها بين البائع المشتري.


ما حكم المشاركة المتناقصة بحيث يبيع الشريك حصته لشريكه شيئا فشيئا؟ فقد تشاركت أنا وصديقي واشترينا محلًّا تجاريًّا، وقسَّمناه إلى 10 أسهم (بلاطات)، أنا اشتركتُ بسبعة أسهم، وصديقي بالثلاثة الباقية، ثم اتفقنا على أن يبيع لي نصيبَه المذكور في المحل سهمًا فسهمًا بثمن معلوم على ثلاثة مواسم معلومة، على أن يتم سدادُ ثمنِ كلِّ سهمٍ عند إتمام بيعه، وتم توثيق ذلك بيننا وتحديد مواعيد السداد، وأنا قد اشتريتُ محلًّا آخر بالتقسيط ورتبتُ مواعيد الأقساط على مواعيد سداد المبالغ المستحقة لي لدي شريكي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :2
الشروق
6 :34
الظهر
11 : 44
العصر
2:35
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :17