من صور الإجارة المنتهية بالتمليك

تاريخ الفتوى: 03 ديسمبر 2024 م
رقم الفتوى: 8512
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: البيع
من صور الإجارة المنتهية بالتمليك

يرغب أحد الأشخاص [طرف ثان] في الحصول على آلات وأجهزة ما؛ لاحتياجه إليها في مشروع أقدم عليه، لكنه لا يمتلك ثمنها، ولديه صديق [طرف أول] يتعامل بنظام الإجارة المنتهية بالتمليك، فطلب الطرف الثاني من الطرف الأول أن يوفر له تلك الآلات والأجهزة، ثم حررا عقد إجارة اشتمل على الآتي:

1- يدفع الطرف الثاني ثمن الآلات والأجهزة على مدى عشر سنوات في صورة أجرة شهرية تزيد قيمتها عن أجرة المثل، زيادة متعارف عليها بسعر السوق والعرف بين التجار؛ نظرًا لتملك الطرف الثاني لها بعد مرور السنوات العشر دون دفع أي زيادة.

2- ضمان الآلات والأجهزة طوال السنوات العشر من مسئولية الطرف الثاني.

3- لا يحق للطرف الثاني التصرف في الآلات والأجهزة بالبيع أو الهبة أو أي تصرف فيه نقل للملكية طوال السنوات العشر.

4- العقد ملزم للطرفين، ليس لأحدهما فسخه أو الرجوع فيه إلا بالاتفاق والتراضي مع الطرف الآخر.

والسؤال: هل هذه الصورة التعاقدية جائزة شرعًا أو لا؟

المعاملة المسئول عنها من قبيل البيع بالتقسيط لا الإجارة، فـ"العبرة بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني"، وهي جائزةٌ شرعًا ولا حرج فيها، واشتراط عدم تصرف الطرف الثاني في الآلات والأجهزة بأي تصرف ناقل للملكية حتى انتهاء السنوات العشر وسداد كامل الثمن للطرف الأول من قبيل رهن المبيع للبائع حتى استيفاء جميع ثمنه، وهو جائزٌ شرعًا وقانونًا.

المحتويات

 

الحكمة من مشروعية الأحكام الفقهية المتعلقة بالمعاملات المالية

من المُقَرر شرعًا أن الأحكام الفقهية المتعلقة بالمعاملات المالية وغيرها قد شُرعت لتحقيق منافع الخلق وتلبية احتياجاتهم من خلال تلك المعاملات، وذلك في إطار من الأوامر والنواهي الشرعية التي تعمل على تحقيق العدالة في تحصيل كل طرفٍ لمنفعته بتعامله مع الطرف الآخر، ومنع ما يؤدي إلى الشقاق والخلاف والنزاع بين الطرفين؛ فإن قطع المنازعات ضرورةٌ؛ إذ هي مادة الفساد؛ كما في "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني الحنفي (5/ 143، ط. دار الكتب العلمية)، و"الفروق" للإمام القرافي المالكي (3/ 290، ط. عالم الكتب).

بيان التكييف والحكم الشرعي للمعاملة المسئول عنها

المعاملة المسئول عنها تُكيَّف من حيث طبيعة العلاقات التعاقدية بين أطرافها على أنَّها من قبيل البيع بالتقسيط؛ وذلك لأن الطرف الأول يدفع الآلات والأجهزة التي يمتلكها إلى الطرف الثاني الذي يرغب فيها ويحتاج إليها، مقابل دفع ثمنها على دفعات لمدة السنوات العشر، تحت ما أسمياه أجرة تزيد عن أجرة المثل، مع انتقال ضمان الآلات والأجهزة إلى الطرف الثاني، وهذا يتوافق مع عقد البيع لا الإجارة؛ إذ الأجرة المتفق عليها ليست أجرة المثل، وإنما روعي فيها -حسب ظاهر المعاملة- ثمن الآلات والأجهزة فزِيدَ فيها، ولو أنَّ المعاملة إجارةٌ ابتداءً وانتهاءً ما زِيدَ في الأجرة ولبقيت عند أجرة المثل.

كما أنَّ انتقال ضمان الآلات والأجهزة إلى الطرف الثاني يقوي اندراجها تحت البيع لا الإجارة؛ إذ السلعة في البيع تنتقل ملكيتها بتمام البيع إلى المشتري، وعليه تبِعتُها، ولا يضمنها البائع ما لم يكن بها عيب سابق على الشراء ولم يكن المشتري على علم به، أمَّا العين المؤجرة ففي ضمان المؤجر لا المستأجر، إلا إذا قصَّر وفرَّط المستأجر في حفظها فيضمنها حينئذٍ؛ لتقصيره وتفريطه لا لأنها من ضمانه ابتداء، وذلك بلا خلاف بين الفقهاء، قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (5/ 396، ط. مكتبة القاهرة): [والعين المستأجرة أمانة في يد المستأجر، إن تلفت بغير تفريط لم يضمنها. ولا نعلم في هذا خلافًا؛ وذلك لأنه قبض العين لاستيفاء منفعة يستحقها منها، فكانت أمانة] اهـ.

ولا يقدح في تكييف المعاملة أنها بيع بالتقسيط -ما جاء في السؤال من تعبير طرفيها بالإجارة؛ وذلك لأنَّ "العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني". ينظر: "درر الحكام في شرح مجلة الأحكام" للأستاذ علي حيدر أفندي (1/ 21، ط.  دار الجيل).

ومعنى القاعدة: هو الاعتداد بالمقاصد التي عيَّنتها القرائن التي توجد في عقد أو معاملة فتُكْسِبُه أو تُكسِبها حكم عقد آخر أو معاملة غير العقود أو المعاملات التي وُضعت لها هذه الألفاظ أصلًا إذا قصد العاقدان هذا المعنى، قال الإمام السَّرَخْسِي الحنفي: [الألفاظ قوالب المعنى؛ فلا يجوز إلغاء اللفظ وإن وجب اعتبار المعنى إلَّا إذا تَعذَّر الجمع] اهـ. ينظر: "المبسوط" للإمام السَّرَخْسِي (12/ 79، ط. دار الفكر).

وقال الإمام الشاطبي المالكي في "الموافقات" (3/ 7، ط. دار ابن عفان): [الأعمال بالنيات، والمقاصد معتبرة في التصرفات من العبادات والعادات، والأدلة على هذا المعنى لا تنحصر] اهـ.

ومن المقرر شرعًا حلُّ البيع الذي يحوز فيه المشتري المبيعَ المُعَيَّنَ ويؤجل أداءَ كُلِّ ثمنه أو بعضه على أقساط معلومة لأَجَلٍ معلوم؛ وهذا ثابت بالكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: 275]؛ والعموم في الآية الكريمة يدل على إباحة البيوع في الجملة والتفصيل ما لم يُخَصَّ بدليل.

قال الإمام الشافعي في كتاب "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اهـ.

ومن السنة حديث عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعامًا مِن يهوديٍّ إلى أَجَلٍ، ورهنه درعًا مِن حَديد" رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" واللفظ للبخاري.

وأخرج الشيخان في "صحيحيهما" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ بَرِيرَةَ رضي الله عنها كاتبت أهلها على تسع أواقٍ؛ في كل عام أوقية، فأقرَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصل هذا البيع.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (5/ 192-194، ط. دار المعرفة): [وفي حديث بريرة هذا من الفوائد... وفيه جوازُ الشراء بالنسيئة... وجواز الكتابة على قدر قيمة العبد وأقل منها وأكثر لأن بين الثمن الْمُنَجَّزِ وَالْمُؤَجَّلِ فرقًا، ومع ذلك فقد بذلت عائشة المؤجل ناجزًا فدلَّ على أن قيمتها كانت بالتأجيل أكثر مما كوتبت به وكان أهلها باعوها بذلك... وجوازُ شراء السلعة للراغب في شرائها بأكثر من ثمن مثلها؛ لأن عائشة بذلت ما قُرِّرَ نسيئةً على جهة النقد مع اختلاف القيمة بين النقد والنسيئة] اهـ.

وأما بخصوص اشتراط تقييد الطرف الثاني من عدم التصرف في الآلات والأجهزة بالبيع أو الهبة ونحو ذلك من التصرفات الناقلة للملكية حتى انتهاء السنوات العشر وسداد كامل الثمن، مع تسلمه إياها حقيقةً بمجرد إبرام العقد، فإن هذا الأمر يأتي على معنى رهن المبيع حتى استيفاء ثمنه، فقد نصَّ المالكية والحنابلة في الصحيح على أنه إذا كان البيع بثمن مؤجل إلى أجل معلوم -كالآلات والأجهزة في مسألتنا- فإنه يجوز للبائع أن يشترط على المشتري ألَّا يتصرف في المبيع ببيع أو هبة أو نحوهما حتى يستوفي منه كامل الثمن، وأنَّ ذلك يكون بمنزلة رهن المبيع ولا حرج فيه.

قال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (5/ 80، ط. دار الفكر): [ولا بأس بالبيع بثمن إلى أجل على ألَّا يتصرف ببيع ولا هبة ولا عتق حتى يعطي الثمن؛ لأنه بمنزلة الرهن إذا كان إعطاء الثمن لأجل مُسمًّى] اهـ.

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (11/ 251، ط. هجر): [يصح شرط رهن المبيع على ثمنه على الصحيح من المذهب؛ نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، فيقول: بعتُك على أن ترهنه بثمنه... وإن قال: إذا رهنتنيه على ثمنه وهو كذا فقد بعتُك، فقال: اشتريتُ ورهنتُها عندك على الثمن: صح الشراء والرهن] اهـ.

وهذا ما أخذ به القانون المدني المصري الصادر برقم 131 لسنة 1948م في المادة رقم (430) في الفقرة الأولى منها؛ حيث جاء فيها: [إذا كان البيع مؤجل الثمن جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفًا على استيفاء الثمن كلِّه ولو تم تسليم المبيع] اهـ.

وجاء في الفقرة الثالثة من المادة ذاتها: [وإذا وُفِّيَت الأقساط جميعًا فإن انتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مُسْتَنَدًا إلى وقت البيع] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالمعاملة المسئول عنها من قبيل البيع بالتقسيط لا الإجارة، فـ"العبرة بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني"، وهي جائزةٌ شرعًا ولا حرج فيها، واشتراط عدم تصرف الطرف الثاني في الآلات والأجهزة بأي تصرف ناقل للملكية حتى انتهاء السنوات العشر وسداد كامل الثمن للطرف الأول من قبيل رهن المبيع للبائع حتى استيفاء جميع ثمنه، وهو جائزٌ شرعًا وقانونًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تصرفات الأب في مال ولده الصغير؟ فقد سُئِل بما صورته: المسألة الأولى: هل ينوب الأب عن ولده الصغير إنابةً مطلقةً من غير قيدٍ ولا شرطٍ في التصرفات الشرعية التي يعقدها مع الغير بشأن أموال ولده الصغير سواء كانت منقولًا أو عقارًا، فيعتبر الأب في هذه الحالة حالًّا محلَّ ولده الصغير حلولًا شرعيًّا يترتب عليه آثاره، فتنفذ تصرفات هذا الأب في مال ولده على اعتبار هذا الأخير كأنه غير موجود، ولا يجوز للصغير نقض ما حصل من هذه التصرفات بعد بلوغه سن الرشد؟
المسألة الثانية: هل إذا باع الأب بما له من الولاية الشرعية على ولده الصغير عقارًا للصغير بثمن لا غبن فيه ولم يقبض كل الثمن، ثم أهمل مطالبة المشتري بباقي الثمن حتى مضت المدة المانعة من سماع الدعوى، فهل للصغير بعد بلوغه الرشد أن يطالب المشتري بباقي الثمن الذي لم يمكن إلزامه به قضاء لمضي المدة المانعة من سماع الدعوى قبل بلوغ الصغير سن الرشد، أم يرجع الصغير على والده بحساب ما أضاعه عليه بسبب إهماله المطالبة قبل مضي المدة من سماع الدعوى ولا رجوع له على المشتري؟
المسألة الثالثة: هل للأب غير الفاسد بما له من الولاية الشرعية على ولده الصغير أن يبيع كلَّ أو بعضَ عقار ولده بثمن لا غبن فيه وفاءً لديون عليه شخصيًّا؟ وهل له أن يرهن كلّ أو بعض عقار ولده الصغير لوفاء ذلك؟ وهل ينعقد البيع أو الرهن ويصبح نافذًا على الصغير بعد بلوغه سن الرشد ولو كان المشتري أو المرتهن يعلم بأن ثمن البيع أو الرهن سيوفي به الأب ديونًا ترتبت في ذمته لحساب نفسه لا لحساب ولده الصغير؟ وهل ينعقد هذا الرهن ويصبح نافذًا على الصغير ولو بعد بلوغ سن الرشد إذا كان العقار المرهون يملك فيه الأب جزء على الشيوع والجزء الآخر لولده الصغير فخلط الأب قيمة الرهن التي قبضها من المرتهن عمّا يخصه بحسب نصيبه في العقار المرهون، وما يخص ولده الصغير وتصرف فيه لحساب نفسه بأن دفعه لديون شخصية عليه لآخرين، أو تصرف فيه لمصلحة نفسه أو أضاعه؟ وهل للصغير في هذه الحالة الرجوع على والده بحساب ما قبضه من قيمة الرهن أو البيع الذي لا غبن فيه، أم يرجع على المشتري والمرتهن؟ أفتونا بالجواب، ولكم الأجر والثواب.


ما حكم الشرع في بيع الذهب المصوغ بالتقسيط؟


يقول السائل: هناك تطبيقٌ إلكتروني تابعٌ لإحدى المنصات يقوم بالبيع بالتقسيط اعتمادًا على المتجر الخاص بالتطبيق، فيقوم العميل من خلال التطبيق باختيار السلعة وطريقة التقسيط من حيث المدة والثمن، وبمجرد الضغط على خيارٍ معينٍ في التطبيق يكون الشخص قد اشترى ما اختاره؛ وفقًا لأنظمة التقسيط المتاحة والرصيد المتاح للعميل، وهذا كله يتم بعد التعاقد بين العميل والشركة مالكة المنصة الإلكترونية، والذي تشترط الشركة فيه بعض الشروط لمعرفة المقدرة المالية لكل عميلٍ، والذي على أساسه يتم إتاحة الرصيد الخاص به.
والسؤال: ما حكم الشرع في التعامل بهذا التطبيق الإلكتروني؟
 


أنا في صدد عمل دراسة أكاديمية في خصوص أحكام المعاملات البنكية في الشريعة الإسلاميَّة، واطلعت على رأي فضيلتكم بجواز ومشروعية التعامل مع البنوك؛ إيداعًا وتمويلًا، سواء كانت بنوكًا تجارية أو غيرها، وفي سياق آخر اطلعت على كثير من الشبهات والردود التي تُحرِّم هذا التعامل وتصفه بالرِّبَا، فأرجو الإفادة كتابة ببيان المستندات الشرعية التي استندتم إليها في فتواكم. أفيدونا أفادكم الله.


سائل يقول: أنا تاجرٌ خُضَرِيٌّ أشتري محاصيل زراعية مِن الخضراوات التي تُنتِج عدة مرات خلال الموسم الواحد، كالطماطم والباذنجان والخيار، علمًا بأن التعاقد يكون على نتاج الموسم كلِّه بناءً على معاينة الثمرة في بشايرها في بداية الموسم، فما حكم هذا البيع شرعًا؟


ما حكم بيع اللايكات؛ فقد انتشر بيع اللايكات (الإعجابات) على مواقع التواصل الاجتماعي حتى إنه أنشئت شركات للترويج تعمل خصيصًا في هذا المجال، وهذه الشركات المروِّجة لهذه الأشياء تحدِّد الأسعار في بيعها بناءً على الكَمِّ؛ وهو العدد الذي يُستَهدَفُ وصول الإعلان إليه، فيكون -مثلًا- شراء (1000 متابِعٍ) بسعر (0.5) دولار، وهكذا؛ إذْ كلما زاد العدد زادت ثقة الناس فيما يُروَّج له؛ فما حكم هذه المعاملة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20