كيفية المساواة في الصف بين المصلي قائمًا والجالس على الكرسي

تاريخ الفتوى: 23 يناير 2025 م
رقم الفتوى: 8548
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الصلاة
كيفية المساواة في الصف بين المصلي قائمًا والجالس على الكرسي

ما كيفية تسوية الصف في الصلاة بالنسبة للجالس على الكرسي؟ وهل لا بد مِن المساواة بالقَدِم بينه وبين مَن يصلي بجانبه قائمًا؟ فرجلٌ يصلي على كرسي في الصف خلف الإمام بجوار غيره من المأمومين، ويضع قدميه حذو قدم مَن يصلي بجواره حتى يكون مستويًا معهم على خط الصف، مع العلم أَنَّ الكرسي يعيق حركة سجود المصلي خلفه لتأخر الكرسي قليلًا عن الصف حتى أَخَذ مِن حيز مكان المصلي خلفه.

إن كان عذر الجالس على الكرسيّ هو الجلوس عند الركوع أو السجود بحيث يقدر على القيام؛ فإن الاعتبار حينئذٍ في مساواة الصف خلف الإمام تكون بالعقب الذي هو مُؤَخر القَدَمِ، وإن كان العذر الذي من أجله رُخِّص له بالصلاة على الكرسي هو الجلوس عند القيام من صلاته كلها، أو عند القيام والركوع والسجود؛ فإنَّ العبرة في مساواة الصف حينئذٍ إنما هو بمقعدته لا بأقدامه، وهذه التسوية مستحبة، إلَّا أَنَّ هذا الاستحباب مُقيَّد بعدم إلحاق الضرر أو التضييق على المصلين، فإن كان يُضَيِّق على المصلين صلاتهم لكون حجم الكرسيّ غير مناسب مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف؛ فإنه ينبغي له أن يصلي خلف الصفوف، أو في مكان لا يضيِّق على المصلين صلاتهم، ولا يؤذي به من خلفه، وحينئذ لن يفوته أجر استحباب المساواة بين الصفوف، أو ندب الصلاة في الصف الأول إن كان قد لحقه، ما دام قد قصد ذلك ونواه.

المحتويات

 

حكم تسوية الصفوف في الصلاة

حرص الشرع الشريف على تسوية الصفوف في صلاة الجماعة إظهارًا لشعيرة الصلاة التي توخَّت فيها الشريعة الترابطَ والتراصَّ بين المسلمين، حتى يتطابق الـمَظْهَر مع حضور القلب والـمَخْبَر، ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى استحبابها، وذهب بعضهم إلى إيجابها، مع اتفاق الجميع على عدم بطلان الجماعة بتركها.

فعن أَنَسٍ رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «سَوُّوا صَفُوفَكمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ» وفي رواية: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ؛ فَإِنِّي أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِي» متفق عليه، وفي رواية لمسلم: «فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ».

قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 347، ط. مكتبة الرشد): [هذا الحديث يدل أنَّ إقامة الصفوف سنة مندوب إليها، وليس بفرض؛ لأنه لو كان فرضًا لم يقل عليه السلام: «فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلاةِ»؛ لأن حسن الشيء زيادةٌ على تمامه، وذلك زيادة على الوجوب] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 288، ط. دار الكتب العلمية): [وأما تسوية الصفوف في الصلاة: فالآثار فيها متواترة من طرق شتى صحاح كلها ثابتة في أمرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسويةَ الصفوف، وعملِ الخلفاء الراشدين بذلك بعده، وهذا ما لا خلاف فيما بين العلماء فيه] اهـ.

كيفية الوقوف في الصف للمصلي على الكرسي لعذر

الـمُصَلِّي على الكرسيّ الـمُرَخَّص له في ترك القيام في صلاة الفريضة، أو ترك الركوع أو السجود، إن كان يُصلِّي في الصف خلف الإمام بجوار غيره من المصلين؛ فإنَّ وقوفَه محاذيًا للصف له حالان كل منهما يختلف حكمه حسب العذر الذي من أجله يصلي على الكرسي، وكذا المكان الذي يصلي فيه:

فإن كان العذر الذي من أجله رُخِّصَ له بالصلاة على الكرسي هو الجلوس محل الركوع والسجود، بحيث يقدر على القيام ولا يقدر على الركوع، أو السجود، أو عليهما معًا؛ فإنَّ الاعتبار حينئذٍ في المساواة والـمُصافَّة بين المأمومين حال القيام -من حيث الأصل- تكون بالعَقِب الذي هو مُؤَخَّر القَدَمِ.

والجالسُ على الكرسيّ ما دام قد استطاع االقيام فإنه بذلك يأخذ حكم القائمين في استحباب المساواة بمؤَخَّرِ القَدَمِ، إلَّا أنَّ هذا الاستحباب مقيدٌ بعدم الضرر بالمصلين.

قال الإمام ابن عابدين في حاشية "رد المحتار" (1/ 567، ط. دار الفكر) في معرض حديثه عن وقوف المأموم من الإمام إن كان يصلي بجواره: [(قوله: بل بالقَدم)، فلو حاذاه بالقَدم ووقع سجوده مُقدَّمًا عليه لكون المقتدي أطول من إمامه لا يضر؛ ومعنى المحاذاة بالقَدَم المحاذاة بعَقِبه، فلا يضر تَقدُّم أصابع المقتدي على الإمام حيث حاذاه بالعقب ما لم يفحش التفاوت بين القدمين] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 222، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(والاعتبار) في التقدم وغيره للقائم (بالعقب)، وهو مؤخر القدم (لا الكعب)] اهـ.

وقال الإمام ابن مفلح في "المبدع" (2/ 500، ط. ركائز) في معرض حديثه عن وقوف المأموم القائم من الإمام وغيره من المأمومين: [والاعتبارُ بمؤخِّر القَدَم] اهـ.

فإن كان خلف المصلي الجالس على الكرسيّ -والحالة هذه- مَن يتضرر ويتأذَّى مِن الكرسي، فإنه لا يستحب له المساواة بالأقدام لما أَنَّ ذلك يضر بغيره من المصلين، و"رَفْع الضرر واجبٌ" كما في "النوازل الكبرى" للإمام أبي عيسى الوزَّاني (4/ 525، ط. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية).

وإن كان العذر الذي من أجله رُخِّصَ له بالصلاة على الكرسي هو الجلوس محلَّ القيام من صلاته كلها، أو محل القيام والركوع والسجود؛ فإنَّ العبرة في المساواة بينه وبين القائم بجواره من المصلين خلف الإمام إنما هو بمقعدته لا بأقدامه، لما أَنَّ الجالسَ على الكرسيّ حكمه في الصلاة كالقاعد، والقاعد يساوى بينه وبين القائم بجواره بمحل القعود؛ لأن استقرار البدن يكون على القدم حال القيام، وفي حال الجلوس يكون استقراره على المقعدة، والأصل هو القيام، ولمَّا تعذر الأصل وهو القيام صير إلى البدل وهو القعود.

قال الإمام جمال الدين الإسنوي في "المهمات" (3/ 321، ط. دار ابن حزم): [فإن صلى قاعدًا فالاعتبار بمحل القعود، وهو الإِلْية] اهـ.

وقال الإمام ابن مفلح في "المبدع" (2/ 500): [فإن صلَّى قاعدًا فالاعتبارُ بمَحلِّ القُعود] اهـ.

وهذا الكلام ينطبق ما إذا كان حجم الكرسي متناسبًا مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف، أَمَّا إذا كان غير متناسب مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف؛ فإن الأَوْلَى له والأليق به أن يُصلِّي خلف الصفوف، أو في صف مستقل لأصحاب الكراسي، أو أن يُصَلِّي في مواضع مُحدَّدة على طَرَفي الصَّفِّ بحيث لا يضيِّق على المصلين صلاتهم.

قال الشيخ الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 334، ط. دار الفكر): [جاز (صلاة منفرد خلف صف) إن تَعَسَّر عليه الدخول فيه، وإلا كُرِه، ويحصل له فضل الجماعة مطلقًا] اهـ.

ويفيد قوله: [ويحصل له فضل الجماعة مطلقًا] أنَّ الـمُصَلِّي على الكرسيّ إِنْ صَلَّى في الخلف أو في صفٍّ مستقل أو في مواضعَ محدَّدة، فلا يضيع عليه أجر استحباب المساواة في الصفوف، وأجر الصف الأول إن كان قد لحقه؛ إذ الاعتبار بالقَصْد والنية، وهو أَصلٌ مُقرَّر عند الفقهاء، ولذلك نَصُّوا على أنَّ مَن صَحَّت نيته في فعل طاعةٍ فعَجَز عنها لمانعٍ مَنَع منها فلا يَبْعُد مساواة أَجْر ذلك العاجز لأجر القادر الفاعل ويزيد عليه، على ما قَرَّره الإمام أبو عبد الله القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (8/ 293، ط. دار الكتب المصرية)، ويستدل على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» رواه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري.

الخلاصة

بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن الجالس على الكرسيّ إن كان العذر الـمُرخِّص له هو الجلوس محل الركوع أو السجود بحيث يقدر على القيام؛ فإن الاعتبار حينئذٍ في المساواة بينه وبين القائم في الصف خلف الإمام تكون بالعقب الذي هو مُؤَخر القَدَمِ، وإن كان العذر الذي من أجله رُخِّص له بالصلاة على الكرسي هو الجلوس محل القيام من صلاته كلها، أو محل القيام والركوع والسجود؛ فإنَّ العبرة في المساواة بينه وبين القائم بجواره من المصلين خلف الإمام إنما هو بمقعدته لا بأقدامه، وهذه التسوية مستحبة، إلَّا أَنَّ هذا الاستحباب مُقيَّد بعدم إلحاق الضرر أو التضييق على المصلين، فإن كان يُضَيِّق على المصلين صلاتهم لكون حجم الكرسيّ غير مناسب مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف؛ فإنه ينبغي له أن يصلي خلف الصفوف، أو في مكان لا يضيِّق على المصلين صلاتهم، ولا يؤذي به من خلفه، وحينئذ لن يفوته أجر استحباب المساواة بين الصفوف، أو ندب الصلاة في الصف الأول إن كان قد لحقه، ما دام قد قصد ذلك ونواه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الإشارة على المريض بالإفطار في نهار رمضان ومدى حصول الإثم به؟ فقد كان أخي متعبًا جدًّا في نهار رمضان، وضغطه منخفض، فأشرتُ عليه بالفطر وأخذ الأدوية؛ خوفًا من أن يغمى عليه؛ لأنه كان قد حصل معي موقف مشابه، وقد استجاب لي وأفطر في هذا اليوم، وأرجو الإفادة عن حكم فعلي هذا.


ما حكم رد الإمام أو الفتح عليه؛ لتصحيح القراءة أثناء الصلاة؟ وما شرط ذلك؟ وما هو العلاج الصحيح لما قد يسببه ذلك في معظم الأحيان من ضوضاء وهرج وخلاف بين المصلين أثناء الصلاة وبعدها في المسجد وخارجه؟


ما مدى صحة الصيام في حال إجراء التصوير بالنوكليدات المُشِعَّة؟ حيث يقوم الأطباء بذلك عن طريق واحد من ثلاثة أمور: حقنة، أو غاز يستنشقه، أو شيء يبتلعه؟


ما حكم الجهر بالنية عند الصلاة؛ كأن يقول المصلي: أصلي صلاة الصبح فرضًا لله تعالى نويت الله أكبر؟


ما الحكم لو شككتُ هل بدأتُ المسحَ لصلاة الظهر أو للعصر لكي أحسب المدة، أو شككتُ في كوني بدأتُ المسح في السفر أو الحضر؟ فأنا ألبس الخفَّ وأمسح عليه للصلاة، وعلمتُ أن مدَّةَ المسح عليه يوم بليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.


نَشَأَت فِتنةٌ في أحد المساجد بإحدى القرى بين المُصَلِّين حول فترةِ الانتظارِ بين الأذان والإقامة في صلاةِ الفجرِ؛ حيث كان أهلُ المسجد معتادين على إقامة الصلاة بعد ربع ساعةٍ مِن الأذان مع إذاعة القرآن الكريم، فأتى فريقٌ مِن المُصَلِّين وزَعَمَ أنَّ الصلاةَ باطِلَةٌ، وأنه لا بُدَّ مِن الِانتظار نِصفَ ساعةٍ على الأقل حتى يَدخُلَ وقتُ الفجرِ الصادق، حتى وصل الأمر إلى إقامة جماعتين مُنفَصِلَتَيْن، فاتَّفَقَ أهلُ المسجد على الاحتكام إلى دار الإفتاء المصرية.
فنرجو الإفادة بكيفية دَرْءِ هذه الفِتنةِ، وأيُّ الرأيين هو الأصحُّ، عِلمًا بأنَّ أغلبَ المُصَلِّين يَمكُثُون في المسجد إلى وقت الشروق.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 يوليو 2025 م
الفجر
4 :12
الشروق
5 :58
الظهر
12 : 59
العصر
4:35
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33