حكم صلاة الغفلة وكيفيتها

تاريخ الفتوى: 19 يونيو 2025 م
رقم الفتوى: 8668
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الصلاة
حكم صلاة الغفلة وكيفيتها

سائلٌ يقول: هل هناك صلاة تسمى صلاة الغفلة؟ وما حكمها؟ وما وقتها؟ وما عدد ركعاتها؟

صلاة الغفلة من صلوات النوافل، وهي مستحبة شرعًا، ووقتها بين صلاتَي المغرب والعشاء، وإنما سميت بذلك لأن الناس يتشاغلون عنها بغيرها بالعَشَاء أو النوم فيغفلون بذلك عن أدائها، وقد ورد في عدد ركعاتها أقوالٌ كثيرة، فأقلُّها ركعتان، وقيل: أقلُّها أربع ركعات، وأوسطُها ست ركعات، وأكثرها عشرون ركعة.

المحتويات

 

بيان المراد بصلاة الغفلة وسبب تسميتها بهذا الاسم

صلاة الغفلة: هي صلاة تصلَّى بين المغرب والعِشاء، وسميت بذلك لأن الناس قد يتشاغلون عنها بغيرها؛ بالعَشَاء أو النوم، فيغفلون عن أدائها، وتسمى أيضًا بـ"صلاة الأوَّابين".

قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 206، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وصلاة الأوَّابين) وتُسمى صلاةَ الغفلة؛ لغفلة الناس عنها واشتغالهم بغيرها من عَشَاء ونوم وغيرهما] اهـ.

والأوَّاب: المطيع، وقيل: الراجع إلى الطاعة، وإنما سميت بذلك لأن فاعلها رجع إلى الله وتاب مما فعله في نهاره، فإذا تكرر ذلك منه دل على كثرة رجوعه إلى الله ولو لم يلاحظ ذلك المعنى، وهي المسماة بـ"صلاة الغفلة". ينظر: "شرح صحيح الإمام مسلم" للإمام النَّوَوِي (6/ 30، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"حاشية العلامة نور الدين الشَّبرَامَلِّسِي على نهاية المحتاج" (2/ 122، ط. دار الفكر).

حكم صلاة الغفلة وكيفيتها

هي من السُّنن التي وردت بشأنها جملةٌ من الأحاديث والآثار ونصوص الفقهاء في مشروعيتها وحكمها وفضلها، وأقلُّها ركعتان، وأوسطُها ست ركعات، وأكملها عشرون ركعة، ومما ورد في ذلك:

ما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن صَلَّى بَينَ المَغرِبِ وَالعِشَاءِ عِشرِينَ رَكعَةً بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا فِي الجَنَّةِ» أخرجه الإمامان: الترمذي وابن ماجه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن صَلَّى بَعدَ المَغرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَم يَتَكَلَّم بَينَهُنَّ بِسُوءٍ، عُدِلنَ لَهُ بِعِبَادَةِ ثِنتَي عَشرَةَ سَنَةً» أخرجه الإمامان: الترمذي وابن ماجه.

وعن محمد بن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: رأيتُ عَمَّار بن ياسر صلى بعد المغرب ست ركعات، فقلتُ: يا أَبَه، ما هذه الصلاة؟ قال: رأيتُ حبيبي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى بعد المغرب ست ركعات، وقال: «مَن صَلَّى بَعدَ المَغرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ غُفِرَت لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِن كَانَت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ» أخرجه الإمام الطبراني في "الأوسط".

وقيل لعُبَيدٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بالصلاة غير المكتوبة؟ قال: «بَينَ المَغرِبِ وَالعِشَاءِ» أخرجه الإمام عبد الله بن المبارك في "الزهد".

وعن عبد الرحمن بن الأَسود، عن أبيه قال: ما أتيتُ عبدَ الله بن مسعود في تلك الساعة إلا وجدتُه يصلي، فقلتُ له في ذلك، فقال: «نِعمَ سَاعَةُ الغَفلَةِ»، يعني: ما بين المغرب والعشاء. أخرجه الإمام عبد الله بن المبارك في "الزهد".

وهذه الأحاديث والآثار وإن كان في بعضها ضعفٌ، إلا أنها في جملتها يُقوي بعضُها بعضًا، ويُعمل بها في الفضائل، وقد تقرر عند أهل الحديث أنه يُكتفى في أحاديث الفضائل بأقل شرائط القبول في الرواة ليكون الحديث مقبولًا، كما في "فتح المغيث" للإمام الحافظ شمس الدين السَّخَاوِي (1/ 350، ط. مكتبة السُّنة).

إضافة إلى أن معنى هذه الروايات صحيحٌ وَرَدَ في جملة من الأحاديث المُسنَدَة، ومنها: ما روي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «فَصَلَّيتُ مَعَهُ المَغرِبَ، فَصَلَّى إِلَى العِشَاءِ» أخرجه الإمام النسائي. قال الإمام زكي الدين المُنذِرِي في "الترغيب والترهيب" (1/ 228، ط. دار الكتب العلمية): [رواه النسائي بسند جيد] اهـ.

وقد نص على ندب هذه الصلاة واستحبابها جمهورُ الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

قال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في "منحة الخالق" ومعه "البحر الرائق" (2/ 55، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وندب ست ركعات بعد المغرب -يعني: غير سُنة المغرب-؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَن صَلَّى بَعدَ المَغرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَم يَتَكَلَّم فِيمَا بَينَهُنَّ بِسُوءٍ عَدَلنَ عِبَادَةَ ثِنتَي عَشرَةَ سَنَةً»، كذا في "الإيضاح" اهـ. وفي "الغزنوية": وصلاة الأوَّابين -وهي ما بين العِشاءين- ست ركعات بثلاث تسليمات] اهـ.

وقال الإمام ابن أبي زيد القَيرَوَانِي المالكي في "الرسالة" (ص: 33، ط. دار الفكر) عند كلامه على صفة صلاة المغرب: [ويستحب أن يتنفل بعدها بركعتين، وما زاد فهو خير، وإن تنفل بست ركعات فحَسَن، والتنفل بين المغرب والعشاء مُرغَّب فيه] اهـ، والمعنى: "أي: حض عليه الشارع؛ لما قيل مِن أنها صلاة الأوَّابين وصلاة الغفلة"، كما قال الإمام النَّفَرَاوِي في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القَيْرَوَانِي" (1/ 198، ط. دار الفكر).

وقال الإمام المَاوَردِي الشافعي في "الحاوي الكبير" (2/ 287، ط. دار الكتب العلمية): [وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بين المغرب وعشاء الآخرة عشرين ركعة، ويقول: «هَذِهِ صَلَاةُ الأَوَّابِينَ، فَمَن صَلَّاهَا غُفِرَ لَهُ»، وكان الصالحون من السلف رحمهم الله يُصلُّونها ويُسمُّونها صلاةَ الغفلة، أي: الناس غفلوا عنها وتشاغلوا بالعشاء والنوم، وهذا كلُّه مختار، والمداومة عليها أفضل] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "الغرر البهية" (1/ 396، ط. المطبعة الميمنية): [وصلاة الغفلة -وتسمى صلاة الأوَّابين- عشرون ركعة بين المغرب والعشاء، قاله المَاوَردِي والرُّويَانِي، ورَوَيَا فيها حديثًا، ورُويَت ستًّا، وأربعًا، وركعتين، فهُما أقلُّها] اهـ.

وقال الإمام المَردَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 180، ط. دار إحياء التراث العربي): [يستحب أن يصلي غير الرواتب: أربعًا قبل الظهر، وأربعًا بعدها، وأربعًا قبل العصر، وأربعًا بعد المغرب، وقال المصنف: ستًّا، وقيل: أو أكثر] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإن صلاة الغفلة أو ما يعرف بـ"صلاة الأوَّابين" معدودة من صلوات النوافل، وهي صلاة مستحبة ومندوب إليها شرعًا، ووقتها بين صلاتَي المغرب والعشاء، وإنما سميت بذلك لأن الناس يتشاغلون عنها بغيرها بالعَشَاء أو النوم فيغفلون بذلك عن أدائها، وقد ورد في عدد ركعاتها أقوالٌ كثيرة، فأقلُّها ركعتان، وقيل: أقلُّها أربع ركعات، وأوسطُها ست ركعات، وأكثرها عشرون ركعة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم صلاة من صلى دون أن يتحرى جهة القبلة ثم ظهر له أنه كان مستقبلًا لها؟ فقد سافر شخص إلى مكان ما، وأقام فيه مدةَ شهرٍ، وأدى الصلوات المفروضة دون أن يتحرَّى القبلة، وفي نهاية مدة سفره ظهر له وتأكَّد أنه كان بالفعل مستقبلًا للقبلة الصحيحة في صلاته، فما مدى صحة صلاته؟ وهل يجب عليه إعادتها لكونه لم يتحرَّ القبلة منذ البداية؟


ما حكم ارتفاع مكان الإمام عن مكان المأمومين؟ فقد تم بناء مسجد بالقرية مكوَّن من دورين وتم بناء القبلة والمنبر بالدور الثاني، وبالتالي يكون الإمام في الدور الثاني والمصلون في الدور الأول والثاني، وللعلم الدور الثاني أكبر من الدور الأول، فهل يجوز صلاة الإمام في الدور الثاني؟ أم يتم هدم القبلة وإنشاء قبلة أخرى في الدور الأول؟ وإذا لم يتم ذلك هل تكون الصلاة باطلة؟


نرجو منكم بيان ما ورد في السنة النبوية الشريفة من الحث على المحافظة على صلاة سنة الفجر، وبيان فضلها، وما هو وقتها؟


ما حكم التقدم على الإمام بسبب ضيق المكان؟ فعندنا مسجد في القرية نصلي فيه الجمعة، ولكن هذا المسجد لا يتسع لمجموع المصلين؛ نظرًا لأنه يقع على الطريق العام، ولا يوجد مكان بجوار المسجد إلا من ناحية القبلة، أي أمام المسجد، وهو مكان يتوضأ المصلون فيه ويتسع لأكثر من خمسين مصلٍّ، مع العلم أن باب المسجد يقع في ناحية القبلة. فهل صلاة مَن يقف أمام الإمام في هذه الحالة صحيحة؟


رجلٌ يصلي مع الجماعة في المسجد مأمومًا، ويسأل: ما حكم قراءته آيةً فيها سجدةٌ، وذلك في صلاته السرية خلف الإمام؟ وهل يلزمه بذلك سجود التلاوة؟


هل المواظبة على الصلاة يغني عن قضاء ما فات منها؟ وما حكم الذي يواظب على صلاة الفرائض والسنة على قدر استطاعته، إلا أنه قد فاته كثير جدًّا من الصلوات والفرائض لمدة تكاد تصل إلى عشر سنين؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 يونيو 2025 م
الفجر
4 :11
الشروق
5 :57
الظهر
12 : 59
العصر
4:34
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33