26 سبتمبر 2017 م

علم الصوت

علم الصوت

كان لعلماء الحضارة الإسلامية دور مهم في التعرُّف على طبيعة الصوت وإدراك حقائقه العلميَّة من حيث كيفيةُ انبعاثه وانتشاره، ولا نكاد نعرف أحدًا من الأمم السابقة توصَّل إلى هذا المستوى من المعرفة العلميًّة.

لقد نشأت الصوتيَّات العربيَّة في أحضان لغة القرآن، وحفاظًا على هذا الكتاب الكريم، كما أدرك علماء العربية أهمية الدِّراسة الصوتية في العلوم اللغويَّة، وارتباطها بما عالجوا من قضايا نحويَّة وصرفيَّة ودلاليَّة وبلاغيَّة، ومن المهم الأخذ في الاعتبار أن علوم العرب اللغوية نشأت أول ما نشأت على السَّماع، ولم تنتشر الكتابة على نطاقٍ واسعٍ بين العرب إلا بعد ظهور الإسلام، وبالتالي فإنَّ الدراسة الصوتيَّة عند العرب هي دراسة أصيلة وليست متأثرةً بالأمم الأخرى؛ كالهند واليونان -كما يزعم بعض المستشرقين-.

لقد أدرك العلماء العرب والمسلمون أن الصَّوت ينبعث من اهتزاز جسمٍ لإحداث موجاتٍ صوتيَّة، كما يحدث في وتر العود والأحبال الصوتية للإنسان، أما انتشار الصوت فإنه يتم في وسطٍ مادِّيٍّ كالهواء أو الماء تنتقل من خلاله إلى أن تصل إلى الأذن فيحدث الإحساس بالسَّمع.

يقول الشيخ الرئيس ابن سينا: [ولكي يحدث الصوت لا بد من أن تكون الأجسام التي تُقرع أو تقلع اجسامًا صلبة، وإلا فإنَّ بعض التصادم لا يحدث صوتًا؛ لخلو أحد الجسمين من المقاومة] اهـ.

وينوِّه ابن سينا إلى أنَّه عند احتكاكِ جسمينَ صلبين، ينتج انفلات في الهواء وانضغاط بينهما فيعنف، والصَّلابة والملامسة كلاهما يساعدان على شِدَّة ضغط الهواء، ونتيجة ذلك تَعْرِضُ للهواء أعْراض ينشأ عنها وضوح الصوت، وتنشأ عنها قوته.

وقدَّموا تفسيرًا جيدًا لحدوثِ صدىَ الصُّوتِ؛ حيث اعتبروا ذلك نتيجةً لانعكاسِ الموجات الصَّوتيَّة عندما يعترضُ مسارَها عائقٌ فتحدث في ارتدادها رجعًا يشبه الصوت الأصليَّ، وأنَّ السَّببَ في عدم سماعِ صدى الصوت بين البيوت أنَّ المسافة إذا كانت قريبة من المصدر وعاكس الصوت سُمعا معًا في زمانٍ واحدٍ أو قريبٍ جدًّا.

وَبَيَّنَ "إخوانُ الصَّفا" أنه عند اصطدام جسمٍ بجسمٍ آخر فإنَّ الهواء الذي بينهما يخرج ويتحرك في جميع الجهات ويشكِّلُ حركة كُرويَّة تظل تتَّسع، وكلما اتَّسعت تضعف حتى تسكن وتضمحل.

وتحدث البيروني عن سرعة الصَّوت وكشف أنها أقل بكثير من سرعة الضوء، ولذلك نرى وميض البرق ثم يتأخر عنه صوت الرعد، وإن كان لم يتم تحديد مقدار هذه السرعة كَمًّا لعدم التوصل إلى اختراع أجهزةٍ لقياس مقدار هذه السرعة كما حدث لاحقًا.

وإلى جانب الاعتناء بالخصائص الفيزيائية للصوت -السابق ذكرها-، فإنَّ علماء اللغة العربية؛ مثل ابن جنِّي وسيبويه والزَّجاج وغيرهم، اجتهدوا أيضًا في الحديث عن الصوتيات وكيفية النُّطق بها وخصائصها؛ ليتوصلوا بذلك إلى كيفيَّةِ النُّطق بالحروف، وضبط النَّغم والجَرْسِ واللَّحن في الشِّعر والإلقاء والتِّلاوة وسائر أقسام الكلام، وضبط مخارج الحروف وتحديد صفاتها.

المصادر:

-"الصوتيات" للدكتور أحمد فؤاد باشا، ضمن "موسوعة الحضارة الإسلامية" (ص: 581-582، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).

-"التراث العلمي للحضارة الإسلامية" للدكتور أحمد فؤاد باشا (ص: 87-90، ط. دار المعارف، مصر).

-"الصوتيات عند ابن جنِّي في ضوء الدراسات اللغوية العربية والمعاصرة" للدكتور عبد الفتاح المصري، "مجلة التراث العربي"، سوريا (ج: 4، عدد: 15-16، يوليو سنة 1984م (ص: 231-276).

-"الصوتيات عند ابن جنِّي" لبدر الدين قاسم الرفاعي، "مجلة التراث العربي"، سوريا (ج: 4، عدد: 15-16، يوليو سنة 1984م (ص: 71-85).

-"صوتيات ابن سينا" للدكتور إبراهيم خليل، "مجلة دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية"، الأردن (ج: 32، عدد: 3، سنة 2005م (ص: 541-553).

 

يمُرُّ الإنسان بأطوار مختلفة في حياته؛ حيث ينشأُ طفلًا ضعيفًا مفتقرًا إلى غيره في أبسط الأمور، ثم يزداد قوَّةً ومعرفةً ومهارةً بمرور الوقت، حتى يصير شابًّا فتيًّا يقدر على الكسب والكفاح في الحياة، ثم يعتريه الضعف مرةً أخرى ويَغْلِبُ عافيتَه البدنية والعقلية رويدًا رويدًا، ولقد بيَّنَ الله تعالى هذه المراحل في قوله تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ [الروم: 54]، فهذا الانتقال من طَورٍ إلى طَورٍ سُنَّةٌ من سُنَنِ الله في خَلقه.


عرفت الحضارة الإسلامية القضاء منذ ظهور الإسلام؛ فلقد حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وخلفاؤه الراشدون بين الناس، وبعث النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم عليًّا رضي الله عنه إلى اليمن للقضاء بين الناس، وبعث كذلك معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، وبعث الخليفةُ الصدِّيقُ أبو بكر رضي الله عنه أنسَ بن مالك إلى البحرين ليقضي بين الناس، وبعث الفاروقُ عمر رضي الله عنه أبا موسى الأشعري إلى البصرة قاضيًا، وبعث عبدَ الله بن مسعود إلى الكوفة قاضيًا.


علم الجرح والتعديل أو علم الرجال، هو أحد العلوم التي تميَّزَ بها المسلمون عن سائر الأمم، وقد كان الهدف منه التثبت من نقل الأخبار والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتوقف على هذا العلم الحكم بصحة الخبر أو الحديث أو ضعفه أو كذبه، وهو توجيه إلهي حث الله سبحانه عليه المؤمنين حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6].


لم تكن الرِّسالةُ الإِسلاميَّة داعيةً للانغلاق والانكفاء على الذَّات، بل إنَّ هذا الانغلاقَ والانكفاءَ يتناقضُ مع كونها دعوةً للعالمين، تخاطب كافَّة الأجناس وتتواصل مع مختلف الثَّقافات، وهذا التَّواصل مُنبنٍ على أساسٍ راسخٍ من رؤية نقيَّةٍ للكون والحياة والوجود، ثم بعد ذلك يمكن أن يتم تطعيم أدوات هذه الرؤية ووسائلها بما توصَّلت إليه من أدوات ووسائل تنفع ولا تخالف هذه الرؤية الذَّاتيَّة الإسلاميَّة.


كان للمسلمين دورٌ كبيرٌ في نهضة علم الجغرافيا والتعرف على تضاريس الأرض ومعرفة خواصها، لقد دعا القرآن الكريم الناس إلى السير في الأرض للتعرف على أدلة خلق الله تعالى وعظمة إبداعه وآثار الأمم السابقة، فقال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20]، وقال جل شأنه: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 20]، وقال أيضًا:


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :59
الشروق
6 :31
الظهر
11 : 43
العصر
2:35
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :17