ما هو الحكم الشرعي في تلقين المتوفَّى بعد دفنه وفي إلقاء درس على القبر والدعاء له؟
تلقين المتوفى والدعاء له بعد دفنه سنةٌ؛ لحديث أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ، فَسَوَّيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ ليَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ. فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللهُ، وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ، فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمْا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا مَا نَقْعُدُ عِنْدَ مَنْ قَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، فَيَكُونُ اللهُ حَجِيجَهُ دُونَهُمَا» رواه الطبراني.
ولا بأس أن يُسبق الدعاء بموعظة موجزة تُذكر بالدار الآخرة لترقيق القلوب وتهيئتها للتضرع إلى الله تعالى وجمع الهمة في الدعاء.
يُسنُّ الوقوف عند القبر ساعة بعد دفن الميت والدعاء له؛ لما رواه أبو داود والحاكم وقال: (صحيح الإسناد)، عن عثمان رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ؛ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ»، وروى مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: "إِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي"، وذلك إنما يكون بعد الدفن.
ولا بأس أن يَسبق الدعاء موعظة موجزة تُذكر بالموت وبالدار الآخرة؛ لما في ذلك من ترقيق القلوب وتَهيِئَتِها للتضرع إلى الله تعالى وجمع الهمة في الدعاء، فعن علي كرم الله وجهه قال: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً»، فَقَالَ رَجلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا؟ فقال: «اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» متفق عليه، وقد بوَّب على ذلك البخاري في "صحيحه" بقوله: (باب مَوْعِظَةِ الْمُحَدِّثِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ).
ويُسنُّ تلقين الميت بعد الدفن؛ لما رُوي عن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وحكيم بن عُمير وهم من قدماء التابعين من أهل حمص قالوا: "إذا سوي على الميت قبره وانصرف الناس عنه كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره: يا فلان، قل: لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، ثلاث مرات، يا فلان، قل: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ينصرف" رواه سعيد بن منصور في "سننه".
ورُوي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: إِذَا أَنَا مُتُّ، فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نصْنَعَ بِمَوْتَانَا، أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ، فَسَوَّيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ ليَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللهُ، وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمْا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا مَا نَقْعُدُ عِنْدَ مَنْ قَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، فَيَكُونُ اللهُ حَجِيجَهُ دُونَهُمَا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ؟ قَالَ: «فَيَنْسُبُهُ إِلَى حَوَّاءَ، يَا فُلَانَ بْنَ حَوَّاءَ»، رواه الطبراني وابن شاهين وغيرهما، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وإسناده صالح، وقد قوَّاه الضياء في "أحكامه".
وقال الإمام النووي رحمه الله في "الروضة" و"المجموع": [وقد اتفق علماء المحدثين وغيرهم على المسامحة في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب، وقد اعتضد بشواهد من الأحاديث؛ كحديث: «اسألوا له التثبيت»، ووصية عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهما صحيحان، ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا في زمن من يُقَتَدى به وإلى الآن] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما الكيفية الصحيحة لتغسيل الميت؟ وهل يختلف غسل الصغير المتوفى عن الكبير؟
سائلة تقول: لم أذهب إلى مقبرة والدي سوى مرات قليلة، وظروفي لا تسمح لي أن أذهب دائمًا؛ فهل يجب علي أن أذهب باستمرار؟ وهل صحيح أنَّ الميت يفرح بزيارة أهله له؟
ما حكم بناء مقبرة تحت طريق مروري؟ فنحن نملك مقبرة وقد امتلأت عن آخرها بالجثث ونرغب في بناء حجرة في الشارع المار من أمام المقبرة ومسقوفة بسقف خرسانة بسمك عشرين سنتيمترًا، علمًا بأن هذه الحجرة تكون تحت الأرض في الشارع وسيمر من فوقها أناس غيرنا لدفن موتاهم في المقابر المجاورة، فهل يجوز البناء ووضع الجثث القديمة بها، علمًا بأننا لا نستطيع بناء مقابر جديدة في الأرض الزراعية، وإذا كان الأمر غير جائز فما هو الحال في إيواء الجثث القديمة؟
سائل يقول: هل المقصود من الإسراع بالجنازة الوارد في الحديث الشريف الإسراع في تجهيز الميت والصلاة عليه ودفنه أو المقصود الإسراع بالميت بعد الصلاة عليه إلى الدفن؟
حضرت صلاة جنازة، وصلى الإمام -وهو في هذه الحالة ابن المتوفى- وكبر ثلاث تكبيرات فقط وسلَّم، فكبرت أنا ومن معي في الصفوف المتأخرة التكبيرة الرابعة، فما حكم صلاة الإمام ومن معه؟
ما الذي ينبغي أن يقال عند المرور على مقابر المسلمين؟ فإني أمرُّ على المقابر كثيرًا لقربها من الطريق في بلدتي، فأرجو من فضيلتكم بيان الأذكار أو الأدعية التي تُقال عند المرور على مقابر المسلمين؟ وهل هذا خاص بالرجال؟