ميراث وبيع حال الحياة ووصية واجبة

ميراث وبيع حال الحياة ووصية واجبة

 يقول السائل:
1- توفي والدي إلى رحمة الله تعالى في 18/ 6/ 1982م عن: والدتي، وأولاده: ستة ذكور وثلاث إناث.
وترك منزلًا مملوكًا مكونًا من ثلاثة أدوار إيجارًا، دوران منها يشغلهما سكان ودور يقيم فيه أخي الصغير وزوجته وأولاده وابن أخي الأول المتوفى، محل إيجار مانيفاتورة تم تحويله إلى ملابس جاهزة الآن ولم يتم توزيع الميراث بعد وفاة الأب، علمًا بأن الأب ليس له أي ممتلكات أخرى.
2- توفي ثلاثة من إخوتي ولم يتم توزيع مستحقاتهم في الميراث:
الأخ الأول عام 1988م عن: زوجة، وأم، وابن وبنت.
الأخ الثاني عام 1989م عن: أم، وزوجة، وثلاثة أبناء، وحصل على محل إيجار بالمنزل في حياة والده.
الأخ الثالث عام 1996م لم يتزوج.
3- قبل وفاة والدي قام ببيع المنزل لوالدتي بيعًا صوريًّا، كما قام بإشراكها في إدارة المحل شركة تضامن؛ وذلك خوفًا عليها وعلى البنات من حقوق بعض إخوتي الذكور.
4- مرضَتْ والدتي مرضًا شديدًا وترتب على ذلك إغلاق المحل وبيع البضاعة التي كانت فيها وإيداع مبلغ البيع بالبنك.
5- في عام 1992م قام أحد أشقائي وهو أخي الصغير والذي لم يكن له عمل أو مصدر للرزق بفتح المحل وتشغيله وإدارته بعد اتفاقنا على ذلك لكن دون تحديد نصيب له أو لأي أحد من الورثة في ذلك، علمًا بأنه عند قيامه بفتح المحل وتشغيله لم يدفع أي مبلغ فيه من ماله الخاص.
6- في عام 1993م تزوج أخي الصغير وأقام بالمنزل مع والدتي المريضة وتولى الإنفاق على المنزل: أي على والدتي وبنتين وولدَي أخي الأول المتوفى.
7- في عام 1995م تزوجت الأخت الصغرى وتركت المنزل، ثم تزوجت بنت أخي الأول المتوفى عام 1998م، ثم الأخت الكبرى عام 1999م، وبذلك أصبح المقيمون في المنزل والدتي وصابر وزوجته وأولاده، وابن أخي الأول المتوفى.
8- في ظل الوضع المبين بعاليه كان أخي صابر يقوم بالصرف على البيت وذلك نظير الأرباح المستحقة لنا في تشغيل المحل دون اتفاق من الورثة على ذلك ودون اعتراض أيضًا، علمًا بأن أولاد أخي الثاني المتوفى لم يستفيدوا بأي شيء من الأرباح المحققة عن تشغيل المحل، وذلك لعدم ترددهم على المنزل.
9- حصل أخ ثانٍ وبموافقة والدتي على محل بالإيجار بالمنزل ليعمل مشروعًا خاصًّا به مثل أخي الثاني المتوفى.
10- توفيت والدتي في سبتمبر 2003م ولم يبقَ بالمنزل ملك والدي غير أخي الصغير وزوجته وأولاده، كذا ابن أخي الأول المتوفى.
11- من هنا بدأت الخلافات بين الورثة وذلك لأكثر من سبب:
أ- تمييز بعضهم دون الآخرين بإعطائهم محلات بالمنزل: مثل أخي الثاني المتوفى وأخي الثاني الحي.
ب- علم الورثة بأن أخي الصغير الذي يدير المحل قام بشراء قطعة أرض ثم بنى عمارة عليها وعند مواجهته بذلك أخبرهم أن هذا البناء من خالص عمله وسفره وتجارته، ولا يحق للورثة أي شيء من ذلك.
ج- كان أخي الصغير يدفع شهريًّا مبلغ 150 جنيهًا لأخي الكبير وأختي الصغيرة وبنت أخي الأول المتوفى لكل منهم خمسون جنيهًا شهريًّا.
والمطلوب من فضيلتكم الإجابة على ما يلي:
1- بعد وفاة الإخوة الثلاثة ووالدي من هم الورثة المستحقون توزيع التركة عليهم؟ وما أنصبتهم في التركة؟
2- حكم الشرع في قيام والدي بإيجار محل بالمنزل لأخي المتوفى ثانيًا في حياته، ولم يتقاضَ منه أي مبلغ نظير ذلك، وكذا قيام والدتي بإيجار محل بالمنزل لأخي الثاني الحي ولم تحصل منه على أي مبلغ نظير ذلك إلا أنه قام بتجهيزه وإصلاحه من ماله الخاص، فهل يعتبر ذلك تمييزًا لبعض الإخوة دون غيرهما، ويكون والداي آثمين في ذلك، وإن كان ذلك صحيحًا فكيف يتم علاج الأمر وتصحيحه الآن؟
3- ما هو وضع الإيجار المحصَّل من الشقق المؤجرة، وكذا المحل بالمنزل الملك في التوزيع على الورثة والذي يقوم الأخ الصغير الآن بتحصيله دون توزيعه على الورثة؟
4- ما هو وضع أخي الصغير الذي يدير المحل الآن في مستحقاته ومستحقات الورثة الآخرين وكيفية توزيع أرباح المحل، والمال السابق حصوله عليه من المحل طيلة الفترة السابقة منذ توليه إدارته، كذا حق الورثة في المنزل الذي قام ببنائه أثناء إدارته للمحل خاصة في ضوء ادعائه بأنه من حقه بمفرده دون الورثة؟

أولًا: بيع الوالد المنزل والمحلات التجارية بيعًا صوريًّا للوالدة بالصورة المذكورة نافذٌ قضاءً وشرعًا، وتكون ملكًا خالصًا لها.
وبوفاة الأخ المتوفى أولًا عن المذكورين فقط يكون لأمه سدس تركته فرضًا، ولزوجته الثمن فرضًا، والباقي للابن والبنت تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين.
وبوفاة الأخ المتوفى ثانيًا عن المذكورين فقط يكون للأم السدس فرضًا، وللزوجة الثمن فرضًا، والباقي لأولاده تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين.
وبوفاة الأخ المتوفى ثالثًا عن المذكورين فقط يكون لأمه السدس فرضًا، والباقي للإخوة الأشقاء تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا شيء لأولاد الإخوة.
وبوفاة الأم عن المذكورين فقط يكون في تركتها لأولاد ابنيها المتوفيين قبلها وصية واجبة بمقدار ما كان يستحقه أصل كل منهم ميراثًا لو كان على قيد الحياة وقت وفاة أمه في حدود ثلث التركة، على أن يأخذ كل فرع نصيب أصله، والباقي لأولادها الأحياء للذكر مثل حظ الأنثيين.
ثانيًا: قيام الوالد بإيجار محل لأحد أولاده أثناء حياته دون أن يأخذ منه مالًا يعد تصرفًا صحيحًا شرعًا، وليس لأحد الورثة أو غيرهم حق الاعتراض على هذا التصرف، وكذلك الحال بالنسبة لقيام الأم بإيجار محل لأحد الأبناء إن كان هذا المحل ضمن ممتلكاتها، وإلا فالإجارة باطلة؛ لأنه تصرف في مال الغير بغير حق.
ثالثًا: الإيجار المحصل من البيت والمحل حق لكل الورثة يوزع عليهم كل بحسب حصته كما سبق تفصيله.
رابعًا: بالنسبة لإدارة المحل... إلخ؛ يُعْطَى الأخ الذي قام بإدارة المحل على مدار هذه الفترة "أجرة المِثل"، ويتم تقديرها بالتراضي، وإلا فيرجع في تحديدها لأهل الخبرة في هذا المجال، والباقي من الربح بعد مصروفات المحل وأجرة إدارته يكون لكل الورثة كل حسب حصته.
أما المنزل الذي قام الأخ الصغير ببنائه أثناء إدارته المحل فيُنظر فيه: إن كان البناء من مال المحل فهو حق لكل الورثة، وإن أثبت أنه من ماله الخاص كان ملكا له. 

التفاصيل ....

أولًا: أما عن بيع الوالد المنزل والمحلات التجارية بيعًا صوريًّا للوالدة بالصورة المذكورة في السؤال فهو بيعٌ نافذٌ قضاءً وشرعًا، وعليه فليس للوالد تركة تقسم على ورثته الشرعيين.
وبوفاة الأخ المتوفى أولًا عن المذكورين فقط يكون لأمه السدس فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، ولزوجته الثمن فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، والباقي للابن والبنت تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لعدم وجود صاحب فرض آخر.
وبوفاة الأخ المتوفى ثانيًا عن المذكورين فقط يكون للأم السدس فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، وللزوجة الثمن فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، والباقي لأولاده تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لعدم وجود صاحب فرض آخر.
وبوفاة الأخ المتوفى ثالثًا عن المذكورين فقط يكون لأمه السدس فرضًا؛ لوجود عدد من الإخوة، والباقي للإخوة الأشقاء تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لعدم وجود صاحب فرض آخر أو عاصب أقرب، ولا شيء لأولاد الإخوة؛ لحجبهم بالإخوة الأقرب منهم درجة بالنسبة للذكور، ولا شيء لبنات الإخوة؛ لكونهن من ذوي الأرحام المؤخرين في الميراث عن أصحاب الفروض والعصبات.
وبوفاة الأم سنة 2003م بعد أول أغسطس 1946م تاريخ العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946م عن المذكورين فقط يكون في ترِكتها لأولاد ابنيها المتوفيين قبلها وصية واجبة بمقدار ما كان يستحقه أصل كل منهم ميراثًا لو كانا على قيد الحياة وقت وفاة أمهما في حدود ثلث التركة، على أن يأخذ كل فرع نصيب أصله.
فبقسمة تركة هذه المتوفاة إلى ثلاثة عشر سهمًا: يكون لأولاد الابنين المتوفيين قبل أمهما أربعة أسهم يأخذ كل فرع نصيب أصله، فيكون لأولاد ابنها المتوفى ثانيًا سهمان يقسمان بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولابن وبنت ابنها المتوفى أولًا سهمان يقسمان بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي بعد إخراج الوصية وهو تسعة أسهم هو التركة التي تقسم على الورثة الأحياء للذكر مثل حظ الأنثيين، فيكون لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم واحد.
هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال، وليس هناك وارث آخر بفرض ولا تعصيب ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذكروا، ولم تكن المرأة المتوفاة قد أوصت لأولاد ابنيها بمثل نصيب والديهما أو أعطتهم شيئًا بغير عوض عن طريق تصرف آخر.
ثانيًا: أما عن قيام الوالد بإيجار محل لأحد أولاده أثناء حياته دون أن يتقاضى منه أية مبالغ على ذلك، فالإنسان ما دام على قيد الحياة ويحسن التصرف في أمواله ولم يكن محجورًا عليه بفلس أو سفه فمن حقه أن يتصرف في ماله كيف يشاء وحسبما يريد من بيع أو شراء أو هبة أو إيجار أو غير ذلك من أوجه التصرف المشروعة، ولا حرج عليه شرعًا في مثل هذا التصرف، وليس لأحد الورثة أو غيرهم الاعتراض على ما فعله صاحب المال في حياته؛ فلعله نظر إلى مصلحة راجحة عنده في هذا الأمر. والله من وراء القصد.
وبالنسبة لقيام الوالدة بإيجار محل لأحد الأبناء فإن كان المحل المشار إليه ضمن ممتلكات الأم سواء تملكته بمالها الخاص أو عن طريق هبة من زوجها أو عن طريق ميراث أو خلافه من أوجه التملك المشروعة فما قيل في إيجار المحل للابن المتوفى ثانيًا يقال هنا.
وإذا لم يكن المحل ضمن ممتلكات الوالدة تكون الإجارة باطلة؛ لأنه تصرف في مال الغير بغير حق، وقد نهى الله تعالى عن ذلك في قرآنه ونهى سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن مثل هذا التصرف، وليس على الوالدين إثم في ذلك إن شاء الله تعالى، والله غفور رحيم، وسعت رحمته كل شيء.
ثالثًا: أما عن وضع الإيجار المحصل من البيت والمحل فإنه حق لكل الورثة يجب على من يقوم بتحصيله أن يوزعه على الورثة الشرعيين كل بحصته كما سبق تفصيله، وليحذر من أكل أموال الناس بالباطل؛ لقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ» رواه الدارقطني في "سننه"، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهُمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذْ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فُطُرِحَتْ عَلَيْهِ» رواه البخاري.
رابعًا: أما عن وضع إدارة المحل... إلخ فإنه يجب أن يُعْطَى الأخ الذي قام بإدارة المحل على مدار هذه الفترة أجرة إدارته للمحل المعبر عنها في الفقه الإسلامي بـ"أجرة المثل"، وأن تقدروها فيما بينكم، وإلا فالمرجعية في تحديدها لأهل الخبرة في هذا المجال، والباقي بعد مصروفات المحل وأجرة إدارة المحل من الربح يكون لكل الورثة كل حسب حصته كما أوضحناه فيما سلف.
أما عن المنزل الذي قام الأخ الصغير ببنائه أثناء إدارته المحل فإنه ينظر فيه: إن كان البناء من مال المحل فهو حق لكل الورثة، وإن كان من ماله الخاص حسب ادعائه فليثبت ذلك بالطرق المشروعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» رواه الدارقطني وغيره. هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم. 

اقرأ أيضا

مواقيت الصلاة

الفـجــر
الشروق
الظهر
العصر
المغرب
العشاء