ما حكم تعليم القبر بالبناء عليه؟ وإذا كانت وصية الشخص المتوفى أن يُبنى على قبره هل نفعل ذلك؟
يجوز شرعًا أن يُبنى على هذا القبر بناءٌ ليعرفه الناس ويجوز الوصية بذلك ما دام هذا في الأرض الخاصة بصاحب البناء؛ لما جاء في سنن أبي داود أنه لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي».
وأما النهي الوارد في قول جابر رضي الله عنه: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ" فمحمول على من فعل ذلك مباهاةً وتفاخرًا.
المحتويات
تعليم القبر بالبناء عليه جائز؛ لِمَا روى أبو داود في "سننه" من حديث كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ الْمُطَّلِبِ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي». قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "التلخيص الحبير": [وإسناده حسن] اهـ.
قال الإمام العيني في "شرح السنن" (6/ 157): [وفي الحديث من الفقه جوازُ وَضْع الحجارة ونحوها عند القبر للعلامة، وجواز جمع الرجل موتاه في حظيرة واحدة، وفي هذا المعنى ما يفعله الناس من وضع الألواح على القبور ونصبها عند رؤوس الموتى للعلامة] اهـ.
وأخرج البخاري عن سفيان التَّمَّار أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم مُسَنَّمًا.
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنَّف" عن عمران بن أبي عطاء قال: "شهدت وفاة ابن عباس، فوَلِيَه ابن الحنفية، فبنى عليه بناءً ثلاثة أيام".
وأخرج أيضًا عن محمد بن المنكدر: "أن عمر رضي الله عنه ضرب على قبر أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها فسطاطًا". مصنف ابن ابى شيبة.
وأما ما ذكره الفقهاء من الكراهة فهو محمولٌ على ما إذا كان ذلك للتباهي والمفاخرة، فإن كانت المقبرة مسبلةً فإن ذلك حرام؛ لِمَا في ذلك من التضييق على الناس، أما إذا كان لغرض تعليم القبر ومعرفته أو كان ذلك في ملك الباني فهو جائز.
وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (3/ 110، ط. دار المنهاج، جدة): [وإن كان في ملكه جاز له أن يبني ما شاء؛ لأنه لا يضيق على غيره، بخلاف المُسَبَّلة] اهـ.
وقال العلَّامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (3/ 380، ط. مؤسسة الرسالة): [وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: لا بَأْسَ بِقُبَّةٍ وَبَيْتٍ وَحَصِيرَةٍ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ مَأْذُونٌ فِيهِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَيُكْرَهُ فِي صَحْرَاءَ لِلتَّضْيِيقِ وَالتَّشْبِيهِ بِأَبْنِيَةِ الدُّنْيَا. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَيُكْرَهُ إنْ كَانَتْ مُسَبَّلَةً، وَمُرَادُهُ وَاَللهُ أَعْلَمُ: الصَّحْرَاءُ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: يُكْرَهُ الْبِنَاءُ الْفَاخِرُ كَالْقُبَّةِ، فَظَاهِرُهُ: لا بَأْسَ بِبِنَاءٍ مُلاصِقٍ؛ لأَنَّهُ يُرَادُ لِتَعْلِيمِهِ وَحِفْظِهِ دَائِمًا، فَهُوَ كَالْحَصَى، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ؛ لأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْمُعْتَادِ، أَوْ يُخَصُّ مِنْهُ] اهـ.
وَقَالَ فِي "الْفُصُولِ": [الْقُبَّةُ وَالْحَظِيرَةُ وَالتُّرْبَةُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَعَلَ مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ فِي مُسَبَّلَةٍ كُرِهَ؛ لِلتَّضْيِيقِ بِلا فَائِدَةٍ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالًا لِلْمُسَبَّلَةِ فِيمَا لَمْ تُوضَعْ لَه] اهـ. (3/ 381، ط. مؤسسة الرسالة).
أما الحديث الذي رواه مسلم وغيرُه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ". فهو محمول على مَنْ فعل ذلك مباهاةً وتفاخرًا على سبيل الزينة لا على جهة اتخاذه علامة، وكذلك الحديث الذي رواه مسلم أيضًا عن أَبِي الْهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ قَالَ: "قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ «أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ»"؛ فالمقصود به قبور المشركين؛ بدليل ذكر التماثيل مع القبور، أمَّا قبور المسلمين فهي شاخصة لا تُسوَّى بالأرض كما ورد آنفًا من فعله صلى الله عليه وآله وسلم وفعل كثير من السلف الصالح.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا أن يُبنى على هذا القبر بناءٌ ليعرفه الناس ما دام هذا في الأرض الخاصة بصاحب البناء، ويجوز الوصية بذلك وينبغي تنفيذها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تعيين القاضي وصيًّا بدلًا من الوصي الغائب؛ حيث سئل بإفادة من مديرية الفيوم مضمونها أن امرأة أقيمت وصية شرعية على بنتها القاصرة من مطلقها بناحية العدوة بتاريخ 13 رجب سنة 1312هـ، وقبل تسليمها نصيب بنتها القاصرة المذكورة في تركة والدها المذكور لضبطها بمعرفة بيت المال قد تغيبت مع هذه القاصرة، وبالتحري عن جهة غيابهما فلم يعلم مستقرهما، وباستفتاء مفتي المديرية فيما يجريه بيت المال في نصيب هذه القاصرة أفتى بما نصه: "المنصوص إذا غاب الوصي المختار غيبة منقطعة بلا وكيل عنه مع تصريحهم بأن المفقود الذي لا يعلم مكانه ولا موته ولا حياته غيبة منقطعة حكمًا، وقد صرحوا بأن وصي القاضي، كوصي الميت إلا في ثمانٍ ليست هذه منها. فبناء على ذلك فالقاضي في هذه الحالة ينصب وصيًّا في نصيبها وعليها، ويسلم إليه ليتصرف لها، ويخاصم فيما يتعلق بها، وإن كان وقع الاختلاف في جواز نصب القاضي وصيًّا مع غيبة الأيتام؛ لما في ذلك من المصلحة".
وحيث إن نائب محكمة المديرية أجاب بالاشتباه في هذه الفتوى عند تلاوتها بمجلس حسبي المديرية؛ لكونها مذكورًا بها أنه يقام وصي على القاصرة المذكورة وفي نصيبها؛ ليتصرف الوصي المذكور لها، ويخاصم فيما يتعلق بها مع أن القاصرة المذكورة ووصيها مفقودان؛ لغيابهما غيبة منقطعة، ولا تعلم حياتهما من مماتهما، وقال إنه هل يقام وصي على القاصرة المفقودة مع فقد وصيها أيضًا ليتصرف لها كما ذكر بهذه الفتوى، أو يقام قيم لحفظ مالها فقط بمعرفة القاضي الشرعي؟ ولذا رأى مجلس حسبي المديرية بجلسته المنعقدة في 8 أبريل سنة 1896م لزوم الاستفتاء من فضيلتكم عن ذلك. فالأمل إصدار الفتوى عما ذكر.
ما حكم الوصية للزوجة؟ فقد أوصى لي زوجي قبل وفاته بشقة ومحل في عقاره الذي بناه، وهو خمسة أدوار، وأودع الوصية في الشهر العقاري. فهل من حقي أن آخذ هذه الوصية؟ وهل لي حق في ميراثه؟
ما حكم الوصية بحرمان الولد من الميراث؟ فهناك رجلٌ له بنت، وله ورثة آخرون، قال في حال صحته إنه أخرج بنته من تَرِكته بعد وفاته، وأحضر شهودًا، وكتب كتابةً بذلك لديهم، وإن السبب في إخراج بنته المذكورة أنها خارجة من طاعته في كل أمر من الأمور التي تجب فيها الطاعة على الولد لوالده شرعًا، وأنها لم تسمع قوله، ولم تَنْقَدْ له، وأنها ناشزة منه كل النشوز، وأن سبب إخراجها من تَرِكته هو ما ذكر من عدم إطاعتها، وتنفيذ أوامره لها. وقال في الكتابة التي كتبها لدى الشهود المذكورين: إن بِنته بعد انتقال والدها من دار الغرور إلى دار البقاء لا حق لها فيما يتركه والدها المذكور من كل شيء يوجد مما ذكر، ثم بعد مُضيِّ سنتين من تاريخ الكتابة المذكورة، رضي عن ابنته، وزوَّجها برضاه، وقَبِلَ عقد زواجها بتوكيله في زواجها بمقتضى قسيمة أميرية، ثم بعد مدة توفِّيَ المشهِّد المذكور عن: ابنته المذكورة، وعن ولد، وزوجة، فهل بهذا الإشهاد المسطَّر على الوجه المذكور تحرم بنته المذكورة من استحقاقها في تَرِكة أبيها المشهِّد المذكور، أو لا؟
توفي أبي عن زوجة وأولاد، وترك عقارًا أوصى في الشهر العقاري بتقسيمه على الجميع ما عدا ابنًا من أبنائه كان قد أخذ منه في حياته أشياء كثيرة دون بقية الورثة، فأراد أن يجعل الميراث في الآخرين دونه تحقيقًا للعدالة. فهل تصح هذه الوصية؟
ما حكم الوصية غير الموثقة لكن عليها شهود؟ فقد توفي رجل عن: إخوة أشقاء: ذكر وأنثيين. ولم يترك المتوفى المذكور أي وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحق وصية واجبة. وقد ترك المتوفى المذكور وصية مكتوبة وغير موثقة مرفقة بالطلب بثلث أمواله إلى أولاد أختيه الشقيقتين. فما حكم هذه الوصية؟ وما نصيب كل وارث؟