يسأل السائل عن المعراج؛ هل صعد الرسول الكريم فيه إلى السماوات العلا بالجسد والروح، أم كان رؤيا منامية؟
هل كان المعراج بالروح أم بالجسد؟
الإسراء والمعراج معجزة اختص الله بها النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم تكريمًا له وبيانًا لشرفه صلى الله عليه وآله وسلم وليطلعه على بعض آياته الكبرى؛ قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1]، وقال تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۞ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۞ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ۞ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ۞ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ۞ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ۞ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ۞ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ۞ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ۞ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ۞ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ۞ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ۞ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ۞ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ۞ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ۞ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ۞ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: 1-18].
وقد اتفق جمهور العلماء على أن الإسراء حدث بالروح والجسد؛ لأن القرآن صرَّح به؛ لقوله تعالى: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ والعبد لا يطلق إلا على الروح والجسد، فالإسراء تحدث عنه القرآن الكريم والسنة المطهرة، ويمكن للسائل أن يراجع الأحاديث التي وردت في مظانها، وأما المعراج فقد وقع خلاف فيه هل كان بالجسد أم بالروح -أي رؤيا منامية-، وجمهور العلماء من المحققين على أن المعراج وقع بالجسد والروح يقظة في ليلة واحدة، وما يراه بعض العلماء من أن المعراج كان بالروح فقط أو رؤيا منامية فإن هذا الرأي لا يعوَّل عليه؛ لأن الله عز وجل قادرٌ على أن يعرج بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بجسده وروحه كما أسرى به بجسده وروحه.
وإذا كان القرآن الكريم قد تحدث عن الإسراء صراحة وعن المعراج ضمنًا، فإن السنة جاءت مصرحة بالأمرين الإسراء والمعراج.
وفي واقعة السؤال: نفيد أن الرسول الكريم قد أُسْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا بروحه وجسده جميعًا، وأننا ننصح السائل إلى أن البحث في مثل هذا قد يلفت المسلم عما هو أجدر بالاهتمام في عصرنا هذا ويلفته عن الاشتغال بواجب العصر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.