شاب في الثانية والثلاثين من عمره متزوج منذ خمس سنوات من زميلته بالمدرسة، ولزوجته أختان أكبر منها ومنه متزوجتان وفاضلتان إحداهما محجبة -ترتدي الحجاب-، والأخرى منتقبة، إلا أنهما عندما يزورهما زوج أختهما -السائل وغيره من أزواج أخواتهما- يظلَّان على حالهما كما هما مرتديتين ملابس البيت من غير حجاب ولا نقاب، وأحيانًا تكونان عاريتي الرأس وبملابس نصف كم، وعندما ناقشهما في هذا الأمر قالت له كل منهما: إنك أخونا الصغير ونحن محرمات عليك، ويريد أن يعرف الحكم الشرعي في ذلك، كما أن لزوجته أختين إحداهما في مثل سنه ومتزوجة وتعمل في السعودية ومنتقبة -تلبس النقاب كاملًا وجوانتي في يديها وجوربًا في رجليها-، وتلبس نظارة سوداء حتى لا يرى أحد منها شيئًا، وجاءت من السعودية وهي على هذا الحال، لا تتكلم مع أحد من الرجال حتى من أزواج أخواتها وإذا اجتمعت مع الأسرة في مكان فإنها تُسلِّم على الرجال أزواج أخواتها باللسان فقط وعلى بعد منهم، ولا تتحدث مع أحد منهم، أما الأخرى فهي طالبة جامعية وهي أصغر منه بحوالي عشر سنوات وحملها كثيرًا وهي صغيرة ويعتبرها في منزله بنته، والآن هي محجبة، وإذا زارهم أحد من أزواج أخواتها ومنهم السائل فإنها ترتدي الحجاب والملابس الطويلة الساترة لجسمها ولا تُسلِّم أيضًا على أحد منهم أي لا تصافح أحدًا، ويريد السائل معرفة الحكم الشرعي في هذه التصرفات، وهل أخوات زوجته المحجبات والمنتقبات على صواب أم لا؟
قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ۞ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 30-31].
ففي الآية الأولى أمر من الله سبحانه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأن يأمر المؤمنين بأن يغضوا من أبصارهم أي يمنعوها من التطلع إلى ما لا يحل النظر إليه، وبأن يحفظوا فروجهم مما لا يحل لهم فإن ذلك دليل على كمال الإيمان وعلى حسن المراقبة وشدة الخوف من الله تعالى، وجمع الله سبحانه بين غض البصر وحفظ الفرج باعتبارهما كالسبب والنتيجة؛ إذ إن عدم غض البصر كثيرًا ما يؤدي إلى الوقوع في الفواحش؛ ولذا قدم سبحانه الأمر بغض البصر على الأمر بحفظ الفرج ﴿ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ أي غض البصر وحفظ الفرج أزكى لقلوبهم وأطهر لنفوسهم وأنفع لهم في دنياهم وأخراهم، ﴿إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ تحذير من مخالفة أمره سبحانه، ثم يأتي معنى الآية الأخرى وفيها أرشد الله سبحانه وتعالى النساء إلى ما أرشد إليه الرجال، فالواجب عليهن أن يكففن أبصارهن وفروجهن عما لا يحل لهن، ولا يظهرن شيئًا مما يتزين به إلا ما جرت العادة بإظهاره؛ كالخاتم في الأصبع والكحل في العين وما يشبه ذلك من الأمور التي لا غنى للمرأة عن إظهارها، ومع أن النساء يدخلن في خطاب الرجال على سبيل التغليب، إلا أن الله تعالى خصهن بالخطاب هنا بعد الرجال؛ لتأكيد الأمر بغض البصر وحفظ الفرج، ولبيان أنه كما لا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة إلا في حدود ما شرعه الله؛ فإنه لا يحل للمرأة كذلك أن تنظر إلى الرجل؛ لأن علاقته بها كعلاقتها به، ومقصده منها كمقصدها منه، ونظر أحدهما للآخر على سبيل الفتنة وسوء القصد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
وقوله تعالى: ﴿وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ﴾ بيانٌ لكيفية إخفاء بعض مواضع الزينة بعد النهي عن إبدائها، والخُمُر: جمع خِمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها وعنقها وصدرها، والجُيوب: جمع جَيب وهو فتحة في أعلى الثياب يبدو منها بعض صدر المرأة وعنقها، والمراد به هنا محله وهو أعلى الصدر، أي: وعلى النساء المؤمنات أن يسترن رؤوسهن وأعناقهن وصدورهن بخمرهن حتى لا يطلع أحدٌ من الأجانب على شيءٍ من ذلك.
والمقصود بزينتهن في قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ الزينة الخفية وهي ما عدا الوجه والكفين؛ كشعر الرأس والذراعين والساقين، فقد نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنات عن إبداء مواضع الزينة الخفية لأحدٍ إلا من استثناهم سبحانه بعد ذلك، وهم اثنا عشر نوعًا؛ بدأهم بالأزواج؛ لأنهم هم المقصودون بالزينة، ولأن كل بدن الزوجة حلال لزوجها؛ أي: وعلى النساء المؤمنات أن يلتزمن الاحتشام في مظهرهن ولا يبدين مواضع زينتهن الخفية إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو أخواتهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن، فهؤلاء الأصناف الذين ذكرهم الله تعالى بعد الأزواج كلهم من المحارم الذين لا يحل للمرأة الزواج بواحد منهم، وقد جرت العادة باحتياج النساء إلى مخالطتهم، كما جرت العادة بأن الفتنة مأمونة بالنسبة لهم، فمن طبيعة النفوس الكريمة أنها تأنف من التطلع إلى المحارم بالنسبة لها، ويلحق بهؤلاء المحارم الأعمام والأخوال، والمحارم من الرضاع، والأصول وإن علوا، والفروع وإن سفلوا، أما من عدا هؤلاء؛ كزوج الأخت أو أخي الزوج فإنهم أي أزواج الأخوات أو إخوة الأزواج فليسوا من المحارم بالنسبة للمرأة؛ لأن المقصود بالمحارم في الآية هم ذوو الرحم المحرم والذين يحرم عليهم الزواج بالمرأة حرمة مؤبدة، أما زوج الأخت أو أخو الزوج فإن الحرمة بالنسبة لهما حرمة مؤقتة، والفتنة ليست مأمونة بالنسبة لهما؛ فيجب على المرأة المؤمنة ألَّا تظهر أمام زوج أختها أو أخي زوجها إلا ساترةً لجميع بدنها عدا وجهها وكفيها. وقال بعض العلماء: إن المرأة إذا كانت جميلةً وَخِيفَ من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك.
وبناءً على ما ذكر نقول للسائل: إن أخوات زوجتك -صغيرات وكبيرات- بالنسبة لك ولغيرك من أزواج بعضهن للأخريات منهن أجنبيات عنكم؛ فلا يجوز شرعًا أن تنظر إلى شيء من أجسامهن عدا الوجه والكفين، وعليك بغض البصر عن ذلك إلا لحاجةٍ، ولا تغضب ممن تتشدد معك منهن بوضع النقاب على وجهها وعدم مصافحتها لك، ولا تستخف بشأنها أو تسخر منها ما دامت قد رأت ذلك واقتنعت به ورضي بحالها زوجُها، واعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصافح امرأة أجنبية عنه قط، وليس معنى ذلك أن مصافحة المرأة حرام، ولكن الأوْلى والأفضل التنزه عن ذلك درءًا للشبهة، ولكن إذا اضطررت لمصافحة المرأة أو اضطرت المرأة لمصافحة الرجل فلا حرمة في ذلك، ولا يمنع المرأة من أن ترتدي قُفَّازًا -جونتي- حتى إذا اضطرت لمصافحة الأجانب كان حائلًا ودافعًا للشهوة متى تيسر ويكتفى بالسلام قولًا من المرأة أو عليها كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام ونساء السلف الصالح. وفقنا الله إلى ما فيه رضاه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجب لامرأة تُوفِّيت على ورثتها الشرعيين أكثر من تكفينها وبناءِ لَحْدٍ لها لدفنها فيه، أو يلزم الورثة عمل حفل تجتمع فيه المعزّون يتناولون القهوة ويتسامرون في سرادق يقام لذلك ومصاريف فراش وطبّاخ وخدم وإحياء أخمسة وليلة أربعين مما يكلف الورثة مبالغ طائلة مما ورثوه عنها؟ مع العلم بأنها ليست مدينة للغير.
وهل لمن تولّى الصرف بهذا التبذير حق الرجوع على الورثة بمثل ما صرف بنسبة نصيب كل منهم في تركة مورثتهم، أم أنهم لا يُلزَمون إلا بثمن الكفن الشرعي، وثمن اللحد، وأن ما صرف من ذلك إنما كان من مال زوجها الخاص؟ ولم يوافق أحد من الورثة شركائه في التركة على ما قام به من مصاريف زائدة عن التجهيز والتكفين الشرعي. أفتونا عن ذلك، ولكم الشكر.
ما حكم تحمل الزوج مصاريف ولادة زوجته؛ فأنا أعيش مع زوجي في محافظة بعيدة عن المحافظة التي يقيم فيها كلٌّ من أسرتي وأسرة زوجي، وأردت الذهاب للولادة في المحافظة التي تقيم فيها الأسرتان، فأخبرني زوجي أن تكاليف ولادتي ستكون على والدي لأني سوف أقوم بالوضع في بيته، ولن يتحمل الزوج مصاريف الولادة، فهل هذا الكلام صحيح شرعًا؟
ما المعنى المراد من حديث: «دم الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم»؟ فهناك سائلة تقول: خلال جلسة مع أحد أصدقائي قالت إحداهن: إن دم الحيض عقوبة للنساء؛ فقالت لها أخرى: إن هذا من سنن الله تعالى في خلقه، وممَّا اقتضته طبيعة التكوين الجسدي للمرأة، وهو أمر قد كتبه الله على النساء جميعًا؛ فنرجو منكم بيان ذلك.
ما حكم إجراء عملية تجميل لإرجاع الأنف لشكلها الأول قبل تعرضها لحادث؟ فقد أُصبتُ بحادث أدى لبعض التشوهات في وجهي، وقمت بعمل عمليات جراحية وتعافيت بحمد الله، لكن أثرت العمليات على وجهي وبرزت الأنف بشكل مختلف أثر على جمالي، ونصحني الطبيب بإجراء عملية تجميلية لإرجاع الأنف لشكلها الأول قبل الحادث، وأريد ذلك بشدة ليعود جمال وجهي، لكن أخبرني زوجي أن هذا تغييرٌ لخلق الله وهو حرام، فهل يجوز لي عمل العملية؟ وهل يكون ذلك تغييرًا لخلق الله؟ أفيدوني أفادكم الله.
ما حكم الغسل بعد عملية التلقيح الصناعي؟ فهناك طبيبة تسأل: أجريت اليوم عملية تلقيح صناعي لإحدى الزوجات، وفيها يتم تجهيز عينة من السائل المنوي للزوج وحقنها في رحم الزوجة، وأثناء ذلك سألتني: هل يلزمها الغُسل بعد حقن السائل المنوي كغُسل الجنابة؟
سئل بخطابي المحافظة أنه قد توفيت امرأة في 24 يولية سنة 1925م، ومستحق لها نفقة زوجية عن شهور: مايو، يونية، يولية، وأغسطس سنة 1925م. نرجو من فضيلتكم التكرم بالإفادة عمن تصرف إليه النفقة سواء كان لورثائها أم للمخصوم منه النفقة؟