ما حكم هبة كلا الزوجين نصيبه للآخر بعد الوفاة؟ حيث كتب لي زوجي رحمه الله نصف شقة مملوكة له، على ألا يقوم أحدنا بالتصرف في الجزء المملوك له إلا بالرجوع للآخر، وفي حالة وفاة أحدنا تؤول الشقة بالكامل إلى الآخر، فما حكم ذلك؟
هبة كلا الزوجين نصيبه للآخر وإرجاء تملكه إلى ما بعد الموت تصرفٌ صحيحٌ شرعًا، لكنه يخرج من كونه هبةً بعد موت أحدهما ويصير وصيةً نافذةً في حُدودِ ثلث التركة للوارث وغيره، ولا يشترط في ذلك إجازة الورثة، فإن زادت على الثلث لا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصِي.
المحتويات
الأصل المقرر شرعًا أن الإنسان حر التصرف فيما يدخل تحت ملكه؛ ببيعه أو هبته أو وقفه أو إجارته أو غير ذلك من التصرفات الشرعية التي هي فرع عن الملك؛ وقد روى الدارقطني والبيهقي عن حِبَّان بن أبي جَبَلَة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «كُلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، فهذا الحديث يقرر أصل إطلاق تصرف الإنسان في ماله، ومن ذلك تصرفُه بالهبة.
والهبة في اللغة: من "وَهَبَ، يَهَبُ"، بمعنى أعطى؛ قال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (1/ 803، ط. دار صادر): [الهبة: العطية الخالية عن الأعواض والأغراض، فإذا كثرت سمي صاحبها وهابًا] اهـ.
واصطلاحًا: هي تمليك المال بلا عوض في حياة كل من الواهب والموهوب له؛ قال العلامة الكمال بن الهمام في "فتح القدير" (9/ 19، ط. دار الفكر): [هي تمليك المال بلا عوض في الحال] اهـ. وقوله: (في الحال) يُخْرِجُ الوصية؛ لأنها تمليك المال بلا عِوض أيضًا، لكنها مضافة لما بعد الموت.
وقال الإمام المواق في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (8/ 3، ط. دار الكتب العلمية): [الهبةُ تَمليكٌ بلا عِوض] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (15/ 370، ط. دار الفكر): [والهبة.. تمليك في الحياة بغير عوض] اهـ.
قد اختلف الفقهاء في حكم تعليق الهبة على شرط إلى قولين:
القول الأول: ذهب الحنفيَّةُ والشافعيَّةُ والحَنابلةُ إلى القول بالمنع؛ لأن الهبة عندهم كالبيع يراد بهما تمليك معين حال الحياة؛ فلا يجوز تعليقهما على شرط مستقبل، لكنهم اختلفوا في صحة هذه الهبة المشروطة على قولين؛ أحدهما: بطلان الهبة، والثاني: تصح الهبة ويبطل الشرط.
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (6/ 116، ط. دار الكتب العلمية): [وتمليك العين للحال من غير عوض هو تغيير الهبة، هذا إذا كان الإيجاب مطلقًا عن القرينة، فأما إذا كان مقرونًا بقرينة، فالقرينة لا تخلو (إما) إن كان وَقْتًا (وإما) إن كان شَرْطًا.. وإن كانت القرينة شرطًا نظر إلى الشرط المقرون، فإن كان مما يمنع وقوع التصرف تمليكًا للحال يمنع صحة الهبة وإلا فيبطل الشرط وتصح الهبة] اهـ.
وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان في مذهب الإمام الشافعي" (8/ 122، ط. دار المنهاج): [ولا يجوز تعليق الهبة على شرط مستقبل، كما قلنا في البيع. وهل تبطل الهبة بالشروط الفاسدة؟ فيه وجهان، حكاهما الطبري في "العدة": أحدهما: تبطل -وهو المشهور- كما قلنا في البيع. والثاني: تصح الهبة ويبطل الشرط] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (6/ 47، ط. مكتبة القاهرة): [ولا يصح تعليق الهبة بشرط؛ لأنها تمليك لمعين في الحياة، فلم يجز تعليقها على شرط كالبيع، فإن علقها على شرط كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم سلمة: «إنْ رَجَعَتْ هَدِيَّتُنَا إلَى النَّجَاشِيِّ فَهِيَ لَك» كان وعدًا] اهـ.
وقال الإمام المرداوي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (7/ 133، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ولا يجوز تعليقها -أي الهبة- على شرط). هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا ما استثناه وقطع به أكثرهم. وذكر الحارثي جواز تعليقها على شرط. قلت: واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله. ذكره عنه في الفائق. تنبيه: قوله: (ولا شرط ما ينافي مقتضاها، نحو: ألا يبيعها، ولا يهبها). هذا الشرط باطل بلا نزاع. لكن هل تصح الهبة أم لا؟ فيه وجهان.. والصحيح من المذهب: الصحة] اهـ.
القول الثاني: جواز تعليق الهبة على شرط مستقبلي، وهو رواية عن الإمام أحمد، كما أنه مذهب الحنفيَّة ما دام الشرط ملائمًا بحيث لا يمنع وقوع التصرف تمليكًا للحال.
قال العلامة ابن عابدين في "الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)" (5/ 249، ط. دار الفكر): [ويصح تعليق الهبة بشرط ملائم كوهبتك على أن تعوضني كذا] اهـ.
وقال أيضًا في (5/ 710): [امرأة تركت مهرها للزوج على أن يحج بها، فلم يحج بها، قال محمد بن مقاتل: إنها تعود بمهرها؛ لأن الرضا بالهبة كان بشرط العوض، فإذا انعدم العوض انعدم الرضا، والهبة لا تصح بدون الرضا] اهـ.
وقال الإمام المرداوي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (8/ 155): [ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي الحارث صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالًا على ألا يتزوج. أما الزوج: فمطلقًا. وأما الزوجة: فبعد موت زوجها. ومن لم يف بالشرط لم يستحق العوض؛ لأنها هبة مشروطة بشرط. فتنتفي بانتفائه] اهـ.
وقد استدل الشيخ ابن القيم لهذه الرواية عن الإمام أحمد في سياق ردِّه على القائلين بمنع تعليق الهبة على الشرط؛ فقال في "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" (2/ 16-17، ط. مكتبة المعارف): [الحكم في الأصل غير ثابت بالنص، ولا بالإجماع، فما الدليل على بطلان تعليق الهبة بالشرط؟ وقد صح عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه علَّق الهبة بالشرط في حديث جابر لما قال: «لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» ثلاث حثيات، وأنجز ذلك له الصديق رضى الله عنه لما جاء مال البحرين بعد وفاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. فإن قيل: كان ذلك وعدًا؟ قلنا: نعم، والهبة المعلقة بالشرط وعد. وكذلك فعل النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لما بعث إلى النجاشي بهدية من مسك، وقال لأم سلمة: «إني قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِي حُلَّةً وَأَوَاقٍ مِنْ مِسْكٍ، وَلَا أرى النَّجَاشِي إِلَّا قَدْ مَاتَ، وَلَا أرى هَدِيَّتِي إِلَّا مَرْدُودَةً عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ»، قَالَ: وَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليهِ وآله وَسَلَّم، وَرُدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةَ مِسْكٍ، وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ. رواه أحمد. فالصحيح: صحة تعليق الهبة بالشرط، عملًا بهذين الحديثين] اهـ.
بالقول الثاني حكمت محكمة النقض؛ حيث جاء في الطعن رقم (351) لسنة 44 قضائية، جلسة 16/ 3/ 1978م: [الالتزام في عَقدِ الهبةِ شأنه شأن سائر العقود قد يكون معلقًا على شرط فاسخ، فإذا تحقق الشرط ترتب على ذلك زوال الالتزام، وجاز للواهب أن يسترد ما وهبه، ولا يشترط في هذه الحالة أن يستند الواهب إلى عُذرٍ مقبول، وإنما يكفي تحقق الشرط، كما لا يجوز للموهوب له أن يتمسك بقيام مانع من الرجوع في الهبة؛ لأن العقد شريعة المتعاقدين ويجب عليهما تنفيذ ما اشتمل عليه] اهـ.
والهبة من عقود التمليكات، ومقتضى التمليك هو الجزم والتنجيز؛ لذلك فقد منع جمهور الفقهاء تعليق الهبة أو إضافتها إلى المستقبل؛ لأن الهبةَ تَمليكٌ في الحال، والتعليق والإضافة تنافيه، واشترطوا لصحة العقد الإيجاب والقبول والقبض.
قال الإمام شمس الدين البابرتي في "العناية شرح الهداية" (9/ 19، ط. دار الفكر): [(وتصح بالإيجاب والقبول والقبض) أما الإيجاب والقبول فلأنه عقد، والعقد ينعقد بالإيجاب والقبول، والقبض لابد منه لثبوت الملك] اهـ.
وبهذا أخذ قانون الأحوال الشخصية؛ حيث نصت المادة (171) منه على: [تكون الهبة بإيجاب من الواهب أو نائبه، وقبول من الموهوب له أو نائبه قبل الإعراض، ولا يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا صريحين أو في مجلس واحد، وإنما يشترط التراضي صراحةً واضحةً أو ضمنًا بما تدل عليه قرائن الأحوال، وتصح الهبة بالكتابة وبالرسالة والإشارة المفهمة من أخرس، ولا تتم الهبة إلا بقبول الموهوب له أو نائبه ويقوم القبض مقام القبول] اهـ.
إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل حيازة الموهوب بطلت الهبة؛ لأن تمام الهبة بالقبض؛ قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (12/ 56، ط. دار المعرفة): [فإن مات أحدهما إما الواهب أو الموهوب له قبل التسليم بطلت الهبة؛ لأن تمام الهبة بالقبض، وكان القبض في الهبة كالقبول في البيع من حيث إن الملك يثبت به، فكما أن موت أحدهما بعد الإيجاب قبل القبول يبطل البيع فكذلك الهبة] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "الرسالة" (ص117، ط. دار الفكر): [ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز عنه فهي ميراث] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" (3/ 566، ط. دار الكتب العلمية): [فلو مات أحدهما بين الهبة والقبض قام وارثه مقامه، وقيل: ينفسخ العقد] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (6/ 43): [وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض، بطلت الهبة، سواء كان قبل الإذن في القبض أو بعده. ذكره القاضي في موت الواهب؛ لأنه عقدٌ جائزٌ فبطل بموت أحد المتعاقدين، كالوكالة والشركة. وقال أحمد في رواية أبي طالب، وأبي الحارث، في رجل أهدى هدية فلم تصل إلى المهدى إليه حتى مات؛ فإنها تعود إلى صاحبها ما لم يقبضها] اهـ.
التكييف الفقهي لهبة كلا الزوجين نصيبه للآخر بعد الوفاة
الهبة عقد بين الأحياء، ومن ثَمَّ حظر القانون المصري أن يعقدَ الواهبُ هبةً باتةً ويرجئ في الوقت ذاته نقل ملكية الموهوب إلى ما بعد موته، ولا يستطيع أن يَفعلَ ذلك إلا عن طريق الوصيَّةِ وبإرادته المنفردة التي يجوز له الرجوع فيها.
- أما اشتراط الطرفين على بعضهما إيالة نصيب الذي يسبق بالموت إلى الآخر فهذا من قبيل الرقبى، وهي في اللغة: من الترَقُّب والارتقاب، أي: الانتظار، وهي من المراقبة؛ لأنَّ كل واحد من المتعاقدين يرقب موت صاحبه.
وقد عرفت الرقبى في اصطلاح الفقهاء بعدة تعريفات: فقال الإمام ابن مودود الموصلي في "الاختيار لتعليل المختار" (3/ 53، ط. مطبعة الحلبي): [(وهي أن تقول:) داري لك رقبى، ومعناه: (إن متَّ فهي لي، وإن متُّ فهي لك)، كأن كل واحد منهما يرقب موت الآخر] اهـ.
وعرفها العلامة ابن عرفة في "المختصر الفقهي" (8/ 513، ط. مؤسسة خلف أحمد الخبتور) فقال: [الرقبى هي تحبيس رجلين دارًا بينهما على أن من مات منهما أولًا فحظه حبس على الآخر] اهـ.
وعرفها الإمام النووي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (5/ 370، ط. المكتب الإسلامي)؛ فقال: [وأما الرقبى فهو أن يقول: وهبت لك هذه الدار عمرك، على أنك إن متَّ قبلي عادت إليَّ، وإن متُّ قبلك استقرت لك. أو: جعلت هذه الدار لك رقبى، أو أرقبتها لك] اهـ.
وقد اختلف الفقهاء في جوازها، فذهب الشافعيَّةُ والحَنابلةُ إلى أنها جائزة، وهي لمن أُرقِبها، ولا ترجع إلى المُرقِب، بل تصير هبة يشترط قبضها، ويلغو شرط إرجائها لما بعد موت الواهب لفساده.
واستدلوا لمذهبهم بما الإمام رواه أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لِمُعْمَرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ، وَلَا تُرْقِبُوا؛ فَمَنْ أَرْقَبَ شَيئًا فَهُوَ سَبِيلُهُ».
وبما رواه الإمام أبو داود أيضًا وغيره عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «العُمْرَى جَائِزَةٌ لأَهْلِهَا، وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ لأَهْلِهَا». فدلت هذه النصوص على جواز الهبة وبطلان التوقيت.
قال العلامة الشهاب الرملي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (5/ 410، ط. دار الفكر): [فعلى الجديد الأصح يصح ويلغو الشرط الفاسد فيشترط قبولها والقبض، وذلك لخبر أبي داود والنسائي: «لا تُعْمِرُوا ولا تُرْقِبُوا، فمن أرقب شيئًا أو أعمره فهو لورثته»؛ أي لا ترقبوا ولا تعمروا طمعًا في أن يعود إليكم فإن سبيله الميراث] اهـ.
وقال الإمام البهوتي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (4/ 309، ط. دار الكتب العلمية): [فهذه نُصوصٌ تدل على ملك المُعْمَر والمُرْقَب مع بطلان شرط العود؛ لأنه إذا ملك العين لم تنتقل عنه بالشرط، ولأنه شرطٌ ينافي مقتضى العقد، فصح وبطل الشرط كشرطه في البيع ألا يبيع] اهـ.
وذهب الحنفيةُ والمالكية إلى بطلان الرقبى، واستدلوا على صحة ما ذهبوا إليه من المعقول، فقالوا: معنى الرقبى أنها للآخر من العاقدين موتًا. وهذا تعليق للملك بخطر الوجود والعدم، ولا يجوز تعليق الملك بالخطر.
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (6/ 117): [معنى الرقبى أنه يقول: إن متُّ أنا قبلك فهي لك، وإن متَّ أنت قبلي فهي لي.. وذلك غير معلوم، فكانت الرقبى تعليق التمليك بأمر له خطر الوجود والعدم، والتمليكات مما لا تحتمل التعليق بالخطر فلم تصح هبة] اهـ.
وقال الإمام الكشناوي في "شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك" (3/ 98، ط. دار الفكر): [لا الرُّقْبَى، أي لا تجوز. وبيان حقيقتها كما قال: كذوي دارين قالا: إن متَّ قَبْلِي فهما لي وَإِلَّا فَلَكَ. قال الشارح: أي صاحبي دارين قال كلُّ واحدٍ منهما لصاحبه: إن مت قبلك فداري حبس عليك، فهذا لا يجوز؛ لأنه خطر، ولأنهما خرجا عن وجه المعروف إلى المخاطرة] اهـ.
الراجح: ما ذهب إليه فقهاء الحنفية والمالكية من القول ببطلان الرقبى؛ لأنه تمليكٌ باتٌّ أضيف إلى الزمان المستقبل فيبطل، ولأنه تبادل منفعة معلق على الخطر والضرر، وهو ما أخذ به القانون المصري؛ فقد جاء في قانون الأحوال الشخصية لسنة 1992م في المادة (224) منه ما نصه: [العمرى والرقبى.. الرقبى كالعمرى تأخذ حكمها، أما الرقبى بأن يتفق المتعاقدان على أن يكون مال من مات منهما أولًا للآخر فهي باطلة] اهـ.
إعمالًا لقاعدة: "إن إعمال الكلام أولى من إهماله"، وذلك لحمل تصرفات العقلاء على السلامة، وتنفيذ غايتهم وإن لم يتمكنوا من الأداء الشرعي الصحيح لاستخدام الألفاظ بإزاء معانيها، فإن اشتراط الطرفين على بعضهما إيالة نصيب الذي يسبق بالموت إلى الآخر يُكَيَّف على أنه هبة تؤول بهذا الشرط إلى كونها وصية، ويجري فيها ما يجري في الوصية، وما عليه العمل في الديار المصرية إفتاءً وقضاءً أن الوصيةَ جَائزةٌ للوَارثِ وغير الوَارثِ في حدود ثلث التركة، وإن زادت عن الثلث فتحتاج الزيادة إلى إجازة الورثة، وينبغي إشهاد الشهود عليها وتوثيقها؛ لعدم المنازعة بعد وفاة الموصي.
قال العلامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (8/ 147، ط. مكتبة الرشد): [أجمع العلماء على أن الوصية بالثلث جائزة] اهـ.
وعلى ذلك نصت المادة (37) من قانون الوصية رقم (71) لسنة 1946م أنه: [تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث، ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي، وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه] اهـ.
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن هبة كلا الزوجين نصيبه للآخر وإرجاء تملكه إلى ما بعد الموت تصرفٌ صحيحٌ شرعًا، لكنه يخرج من كونه هبةً بعد موت أحدهما ويصير وصيةً نافذةً في حُدودِ ثلث التركة للوارث وغيره، ولا يشترط في ذلك إجازة الورثة، فإن زادت على الثلث لا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
في أثناء عمل أبي في عمل خاص أعطاه أصحاب العمل سيارة للعمل بها، وبعد وفاته قمت بالعمل مكانه، فأصر أصحاب العمل على إعطائي السيارة وتسجيلها رسميًّا على سبيل الهدية، علما بأن لي أربعة إخوة من أُمٍّ أُخرى، وأصحاب العمل يعرفون ذلك. فهل لهم حق في السيارة؟
ما حكم رجوع الزوج في هبته لزوجته؟ حيث سافرت مع زوجي لمدة من الزمن، ثم طلب مني النزول إلى الوطن والتفرغ لرعاية الأولاد، ووعدني بأنه سيعوضني بعد أن تتحسن الظروف، وتفرغت للأولاد، وهو قام بالفعل بتنفيذ ما وعد به وأحضر لي شقة وسيارة، وبعد أن حدثت خلافات كثيرة بيننا يطلب مني استرجاع الشقة والسيارة بعد مرور سبعة عشر عامًا. فهل من حقه استرجاع السيارة والشقة؟
هل يجب على الإنسان التسوية بين الأولاد في العطاء حال الحياة؟
ما حكم تخصيص بعض الورثة بشيء زائد عن غيرهم؟ فقد توفي والدي وترك مبلغًا من المال وديعة بالبنك باسمي كان قد كتبه لي قبل الوفاة بعدة سنوات. فما الحكم؟
ما حكم تمييز أحد الأولاد بمساعدة مالية بسبب طلب العلم؟ حيث يقول السائل: لي ابن متزوج ويعمل مدرسًا، وترقَّى في دراسته إلى أن حصل على الماجستير، وهو ماضٍ في طريقه لنيلِ الدكتوراه، ولا يقدِرُ على مصاريفها.
فهل يجوزُ لي أن أساعدَهُ من مالي دون أَخَواته البنات: متزوجتين وثالثة لم تتزوج؟
ما حكم صرف جمعية خيرية من أموال الزكاة والصدقات على أنشطتها، فقد قال سائل: هناك اتحاد خيري تتكوَّن مواردُهُ من التبرعات المالية، وزكاة الأموال، والتبرعات العينية، ويتحمل مصروفات القائمين على إدارة نشاطه، وكلّ احتياجاته؛ ويطلب بيان الحكم الشرعي فيما يلي:
1- ما هي أوجه إنفاق التبرعات النقدية التي تَرد للاتحاد؟
2- ما هي نسبة المصروفات الإدارية التي تخصم من هذه التبرعات، وهل يحسب ضمن هذه النسبة إيجارات المقرات، ورسوم استهلاك الكهرباء والمياه والضرائب المقررة للدولة؟
3- هل تدفع رواتب العاملين من الزكاة إذا لم تتسع لذلك أموال الصدقات؟
4- هل يدخل ما يصرفه الاتحاد على ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن التبرعات المقررة أو ضمن المصروفات الإدارية؟
5- كيف يمكن التعامل مع نية المتبرع ؟ وهل للاتحاد مطلق الحرية في أن يتصرف وفقًا للمناطق الأشد احتياجًا أو يتقيد بهذه النوايا؟