ما معنى تبييت النية في الصيام؟ وما كيفيتها الصحيحة؟
معنى تبييت النية في الصيام وكيفيتها الصحيحة
الصوم عبادة محضة تحتاج إلى نيةٍ، والقدر اللازم في النية هو العزم بالقلب على الامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولا يشترط التلفظ بها بل يستحب ذلك تأكيدًا لها، وينبغي تبييت النية قبل الصيام بإيقاعها في جزء من الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
التفاصيل ....المحتويات
الحكمة من مشروعية النية
من المقرر شرعًا أن النية مطلوبة في كلِّ الأعمال، سواء كانت من قبيل العبادات أو العادات؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» متفقٌ عليه، فدَلَّ ذلك على أنَّ ثواب الأعمال وجزاءها متوقف على النية.
وقد شُرعت النية للتمييز بين العبادات والعادات، وكذلك لتمييز رُتب العبادات، قال الإمام القرافي في "الذخيرة" (3/ 136، ط. دار الغرب الإسلامي): [حِكمة إيجاب النية: إنما هو تمييز العبادات عن العادات، وتمييز مراتب العبادات، فتفتقر للنية؛ لتمييزها عن الهبات والكفارات والتطوعات] اهـ. وبما أن الصوم من جملة العبادات فيفتقر إلى نية كسائر العبادات.
المقصود بالنية في الصيام
المقصود بالنية في الصوم: العزم بالقلب على الامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس؛ لأن النية محلها القلب، ولا يشترط النطق فيها باللسان، بل يستحب ذلك تأكيدًا لها ودفعًا للوسواس.
وكذلك تحديد وصف المَنْوِيِّ، للتمييز بين صيام الفرض والنفل والقضاء.. وغيره.
كيفية تبييت النية في الصيام
أما كيفية تبييت النية: فيكون بإيقاعها قبل الصيام في جزءٍ من الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
قال العلَّامة الشُّرُنْبُلَالِيُّ الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 238، ط. المكتبة العصرية): [وحقيقة النية: قصده عازمًا بقلبه صوم غدٍ، ولا يخلو مسلم عن هذا في ليالي شهر رمضان إلا ما ندر، وليس النطق باللسان شرطًا] اهـ.
وقال العلامة الحدادي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 136، ط. المطبعة الخيرية): [ثم النية هي معرفته بقلبه؛ أيَّ: صومٍ يصوم، والسُّنَّة أن يتلفظ بها بلسانه فيقول إذا نوى من الليل: نويت أن أصوم غدًا لله تعالى من فرض رمضان] اهـ.
وقال العلامة الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 419، ط. دار الفكر): [والتبييت: أن ْ يَطْلَعَ الفجر وهو عازمٌ على الصيام] اهـ.
وقال العلامة شهاب الدين النَّفَرَاوِي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 304، ط. دار الفكر): [(ويبيت الصيام)؛ أي: ينوي الصوم وجوبًا.. وصفتها: أن ينوي التقرب إلى الله تعالى بأداء ما افترض عليه من استغراق النهار في كل أيامه بالإمساك عما يفطر، ولا يلزم تعيين سَنَة رمضان كاليوم للصلاة، فالمراد بالتبييت: نية الصوم ليلًا الذي أوله الغروب وآخره طلوع الفجر] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 290، ط. دار الفكر): [تبييتُ النية شرطٌ في صوم رمضان وغيره من الواجب، وكذا قال المصنف: لا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصيام الواجب إلا بنيةٍ من الليل، وتقديره لا يصح صوم رمضان من أحد إلا بنية من الليل، ولا يصح الواجب إلا بنية من الليل، (الرابعة) تصح النية في جميع الليل ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (3/ 387، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(التبييت)؛ أي: إيقاع النية ليلًا؛ أي: فيما بين غروب الشمس وطلوع الفجر ولو في صوم المميز وإن كان نفلًا] اهـ.
وقال العلامة ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (3/ 109، ط. مكتبة القاهرة): [(ولا يجزئه صيام فرضٍ حتى ينويه أَيَّ وقتٍ كان من الليل) وجملته: أنه لا يصح صومٌ إلا بنيةٍ إجماعًا فرضًا كان أو تطوعًا؛ لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية، كالصلاة، ثم إن كان فرضًا كصيام رمضان في أدائه أو قضائه، والنذر والكفارة، اشترط أن ينويه من الليل] اهـ.
الخلاصة
بناءً على ذلك: فإن الصوم عبادة محضة تحتاج إلى نيةٍ، والقدر اللازم في النية هو العزم بالقلب على الامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولا يشترط التلفظ بها بل يستحب ذلك تأكيدًا لها، وينبغي تبييت النية قبل الصيام بإيقاعها في جزء من الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.