ما حكم بلع البلغم أثناء الصيام؟ حيث يضطر الصائم أحيانًا إلى فعل ذلك، وهل هناك فرق في ذلك بين أن يكون البلغم كبيرًا أو صغيرًا؟ وهل يختلف ذلك إذا كان البلغم في الفم أو على طرف اللسان؟
ابتلاع الصائم للبلغم أو النخامة لا يفطر عند جماعة من الفقهاء، ولا يضر الصائم أن يبتلع بلغَمَهُ أو نخامته، سواء كان البلغم صغيرًا أم كبيرًا، وسواء كان في الفم أم على طرف اللسان، والصوم صحيحٌ، ولا قضاء على فاعل ذلك؛ عملًا في هذه المسألة بمذهب من أجازها من فقهاء المسلمين.
المحتويات
ذهب فقهاء الحنفية والمالكية، ورواية عند الحنابلة، إلى أنَّ الصائم إذا ابتلعَ بلغمًا أو نخامةً لم يفطر به، على اختلافٍ وتفصيلٍ بينهم:
نصَّ الحنفية على أن البلغم إن كان أقل من ملء الفم لا ينقض الصوم بالإجماع، أمَّا إذا كان ملء الفم: فالإمام أبو حنيفة على أنه لا ينقض، وهو المعتمد.
قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "حاشيته على درر الحكام" (1/ 202، ط. دار إحياء الكتب العربية): [ولم أرَ حكم البلغم إذا ابتلعه بعد ما تخلص بالتنحنح من حلقه إلى فمه، ولعله كالمخاط، فلينظر. ثم وجدتها بحمد الله في "التتارخانية": سُئل إبراهيم عمن ابتلع البلغم قال: إن كان أقل من ملء فيه لا ينقض إجماعًا، وإن كان ملء فيه ينتقض صومه عند أبي يوسف، وعند أبي حنيفة لا ينتقض] اهـ.
وقال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 662، ط. دار الكتب العلمية): [قوله: "وعند أبي حنيفة لا ينقض" هو المعتمد] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (2/ 400، ط. دار الفكر): [هذه الفائدة نبَّه عليها ابن الشحنة، ومفاده: أنه لو ابتلع البلغم بعدما تخلص بالتنحنح من حلقه إلى فمه لا يفطر عندنا.
قال: في "الشرنبلالية": ولم أره، ولعله كالمخاط، قال: ثم وجدتها في "التتارخانية"] اهـ.
نصَّ المالكية في المختار عندهم أن البلغم لا يُفطِّرُ مُطلقًا، حتى ولو أمكن طرحه، وكذلك لو كان بعد وصوله إلى طرف اللسان.
قال العلامة أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل" (3/ 348، ط. دار الكتب العلمية): [وأما البلغم فقال اللخمي: لا شيء في البلغم إذا نزل إلى الحلق، وإن كان قادرًا على طرحه.
القباب –أبو العباس أحمد-: بعض من لم يقف على هذا كان يتكلف في صومه إخراج البلغم مهما قدر عليه، فلحقته بذلك مشقة لتكرره عليه] اهـ.
وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 250، ط. دار الفكر): [المختار: أنه لا قضاء في البلغم، ولو أمكن طرحه، ولو بعد وصوله إلى طرف لسانه] اهـ.
وقال العلم شهاب الدين النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 309، ط. دار الفكر): [البلغم يخرج من الصدر إلى طرف اللسان ويبلعه لا قضاء عليه، ولو تمكن من طرحه، ومثله النخامة ولو وصلت إلى طرف اللسان وتعمد ابتلاعها لا قضاء عليه في شيء من ذلك] اهـ.
ذهب الإمام أحمد في رواية إلى أن الصائم لو ابتلع النخامة لا يفطر؛ لأنه معتادٌ في الفم، غيرُ واصلٍ من خارج الفم، فأشبهَ الريق.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي في "المسائل الفقهية" (1/ 258، ط. مكتبة المعارف): [مسألة: واختلف في النخامة إذا ازدردها بعد أن حصلت في فيه هل يفطر أم لا؟
نقل المروزي، وأبو طالب: لا يفطر، وهو اختيار أبي بكر؛ لأنَّ الفطر إنما يحصل بالازدراد، دون ما يحصل في فيه، ولو ازدرد ما اجتمع في فيه من غير جمعه لم يفطر كذلك إذا ازدرد ما جمعه، وهذا التعليل في الريق إذا جمعه، وحكمه وحكم النخامة سواء] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 36، ط. دار الفكر): [فصل: وإن ابتلع النخامة ففيها روايتان.. الثانية: لا يفطر، قال في رواية المروزي: ليس عليك إذا ابتلعت النخامة وأنت صائم؛ لأنه معتادٌ في الفم، غيرُ واصلٍ من خارج، أشبهَ الريق] اهـ.
مظنة الحرج تفتح باب الرخصة والتيسير، وقد نصَّ الفقهاء والأصوليون على أن للمكلف أن يقلد من أجاز، وعلى أن أفعال العوام بعد صدورها منهم محمولة على ما صح من مذاهب المُجتهدين ممن يقول بالحل أو بالصِّحة؛ فإن مراد الشرع الشريف تصحيح أفعال المكلَّفين وعباداتهم وعقودهم ومعاملاتهم مهما أمكن ذلك؛ حتى تقرر في قواعد الفقه أن "إعمال الكلام أولى من إهماله"، فإذا صدر من العامي فعلٌ مُعين: فيكفي في صحة فعله أن يوافق أحد آراء المذاهب وأقوال المُجتهدين، وهو الذي جرت عليه الفتوى.
قال العلامة محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة): [متى وافق عمل العامي مذهبًا من مذاهب المجتهدين ممن يقول بالحل أو بالطهارة كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه اتفاقًا] اهـ.
بناء على ذلك: فابتلاع الصائم للبلغم أو النخامة لا يفطر عند جماعة من الفقهاء، ولا يضر الصائم أن يبتلع بلغَمَهُ أو نخامته، سواء كان البلغم صغيرًا أم كبيرًا، وسواء كان في الفم أم على طرف اللسان، والصوم صحيحٌ، ولا قضاء على فاعل ذلك؛ عملًا في هذه المسألة بمذهب من أجازها من فقهاء المسلمين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
أنا مصري مقيم في دبي، وكنت في رحلة عمل إلى أمريكا، وأنا صائم صيام رمضان، ويوم رحلة العودة كان يوم الجمعة وبدأته بالصيام ولم أفطر حتى بعد أن صعدت الطائرة؛ حيث بدأت رحلتي قبل المغرب بحوالي 3 ساعات، واستغرقت رحلتي 14 ساعة بالطائرة، ولم أشهد غروب الشمس طوال الرحلة، فأكملت الصيام حتى وصلت الطائرة وقت المغرب من يوم الغد إلى دبي.
ونظرًا لفروق التوقيت بين البلدين وصلت يوم السبت إلى دبي، وعلى الرغم من أنه كان يوم صيام طويلًا حوالي 28 ساعة، ولكن كان بالنسبة لي يومًا واحدًا بدلًا من يومين، فما حكم صيامي؟ وهل يجب عليَّ أن أقضيَ اليوم الناقص؟
ما فضل شهر رمضان الكريم؟
ما حكم إفطار طلاب المدارس والجامعات أيام الامتحانات؟ فإنهم سيؤدون بعض الامتحانات هذا العام في أيامٍ من رمضان، ولا بد لهم فيها من بذل الجهد في المذاكرة والتحصيل استعدادًا للامتحان. فهل يُعَدُّ ذلك عذرًا يبيح لهم الفطر شرعًا في هذه الأيام؟
ما حكم إخراج زكاة الفطر عن الابن الكبير الموسر؟ فقد اعتدتُ إخراج زكاة الفطر عن نفسي وزوجتي وجميع أبنائي، ولي ابنٌ كبيرٌ يعمل وله مالٌ ولله الحمد؛ فهل يجوز لي شرعًا إخراج زكاة الفطر عنه مع كونه قادرًا على إخراجها عن نفسه ويجزئ ذلك عنه؟تجب زكاة الفطر على المسلم إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، فإن تَطَوَّع الأب فأداها عن ابنه الكبير جاز ذلك شرعًا على جهة التبرع والإحسان، لا على جهة الوجوب والإلزام، وسواء أَأَعْلَمَهُ بذلك أو لا؛ لوجود الإذن منه عادةً، وإن كان إعلامه هو الأَوْلَى؛ خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه.
ما حكم الهدي لمن صام ثلاثة أيام في الحج ثم قدر عليه؟ فهناك رجلٌ أحرم بالحج متمتعًا، ولم تكن لديه القدرة المالية على شراء الهدي، فصام ثلاثة أيامٍ في الحج، ثم تيسَّرت حالُه، فهل يجب عليه الهدي؟
ما حكم من أفطرت من صيام يوم عرفة لعذر، وهل يُكتَب لها الأجر كاملًا، وما المراد بالسنتين في أجر صيامه؟ فإن ابنتي نوت الصيام وفاجأها الحيض بالنهار فأفطرت.