حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد التلبية - الفتاوى - دار الإفتاء المصرية - دار الإفتاء

حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد التلبية

حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد التلبية

المحتويات

 

حكم التلبية في الحج

التلبية في الحجِّ مُستحبَّةٌ عند جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والشافعية والحنابلة، بينما ذهب المالكية إلى وجوبها. ينظر: "الدر المختار" للعلامة الحصكفي الحنفي (ص: 160، ط. دار الكتب العلمية)، و"نهاية المطلب" للإمام الجويني الشافعي (4/ 239، ط. دار المنهاج)، و"الكافي" للإمام ابن قدامة الحنبلي (1/ 483، ط. دار الكتب العلمية).

وهي من شعائر الحجِّ بالصيغة الواردة في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ تلبية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» أخرجه البخاري.

حكم الصلاة على النبي عليه السلام عقب التلبية

قد ذهب جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقب الفراغ من التلبية، وهو رواية عن الإمام مالك.

قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 347، ط. دار الكتاب الإسلامي): [إذا أحرم صلَّى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَقِبَ إحرامه سِرًّا، وهكذا يفعل عَقِبَ التلبية] اهـ.

وقال الإمام ابن فرحون المالكي في "إرشاد السالك إلى أفعال المناسك" (1/ 276، ط. مكتبة العبيكان): [قال مالك: وأكره أن يُزاد على تلبية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وروي عنه: لا بأس أن يزاد فيها] اهـ.

وقال الإمام الشافعي في "الأم" (2/ 171، ط. دار المعرفة): [اسْتُحِبَّ إذا سلَّم المصلي أن يُلبِّي ثلاثًا، واسْتُحِبَّ إذا فرغ من التلبية أن يُتْبِعَها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويسأل الله جلَّ ثناؤه رضاه والجنة والتَّعوُّذ من النار] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 241، ط. دار الفكر): [والمستحبُّ إذا فرغ من التلبية أن يُصلِّيَ على النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم؛ لأنَّه موضع شُرِع فيه ذكر الله سبحانه وتعالى، فَشُرِع فيه ذِكْر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالأذان] اهـ.

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 453، ط. دار إحياء التراث العربي): [يُستحَبُّ الدعاء بعد التلبية بلا نزاع، ويُستحَبُّ أيضًا بعدها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

بينما ذهب المالكية إلى أنَّ التلبية لا تُتبَع بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ اتباعًا للوارد عنه صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (3/ 231، ط. دار الغرب الإسلامي): [وليس فيها دعاء، ولا الصَّلاة عليه صلَّى الله عليه وآله وسلم؛ لأنَّه لم ينقل في تلبيته عليه السلام، والمناسك اتِّبَاع] اهـ.

وقال شهاب الدين النفراوي في "الفواكه الدواني" (1/ 355، ط. دار الفكر): [وليس في التلبية: دعاء ولا صلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم؛ لأنَّه لم يفعل عليه الصلاة والسلام في تلبيته شيئًا من ذلك، وأمر المناسك اتِّباع] اهـ.

وإنَّما ذهب المالكية إلى ذلك لعدم وروده عنه صلى الله عليه وآله وسلم، والاقتصار على تلبية الرسول أفضل لمداومته هو صلى الله عليه وآله وسلم عليها. ينظر: "شرح الموطأ" للزرقاني (2/ 364، ط. مكتبة الثقافة الدينية).

المختار للفتوى في هذه المسألة

الذي عليه الفتوى: أنَّه يستحبُّ ختم التلبية بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنَّ المُلَبِّي وافد الله تعالى، وأنَّ مَنْطِقَه بالتلبية مَنْطِقُه بإجابة داعي الله، وأنَّ تمام الدعاء ورجاء إجابته الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يسأل الله تعالى في إثر كمال ذلك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجنة ويتعوذ من النار، فإن ذلك أعظم ما يسأل، ويسأل بعدها ما أحب، كما في "الأم" للإمام الشافعي (2/ 171، ط. دار المعرفة).

وعن إبراهيم بن محمد: أنَّ القاسم بن محمد كان يأمر: «إذا فرغ من التلبية أن يُصلَّى على النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم» أخرجه الإمام البيهقي في "معرفة السنن والآثار".

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ ختم المحرم بالحجِّ التلبية بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم أمرٌ مستحبٌّ، كما ذهب إليه الكثير من العلماء.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا