مدى ورود شيء مخصوص في صيام أيام العشر من ذي الحجة ومشروعية ذلك - الفتاوى - دار الإفتاء المصرية - دار الإفتاء

مدى ورود شيء مخصوص في صيام أيام العشر من ذي الحجة ومشروعية ذلك

مدى ورود شيء مخصوص في صيام أيام العشر من ذي الحجة ومشروعية ذلك

المحتويات

 

فضل العشر الأُوَل من ذي الحجة على سائر الأيام

فضَّل الله تعالى بعض الأشهر والأزمنة على بعض، فجعل أوقاتًا لمضاعفة الأجر والثواب جزاءَ فعل الخيرات رحمةً بعباده، وحثَّ على اغتنامها، والإكثار من الطاعات فيها، رجاءَ رحمته سبحانه، وابتغاء ثوابه؛ ومن ذلك: أنه ميَّز وفضَّل أيام العشر الأُوَل من ذي الحجة على سائر الأيام، فهي من الأيام المباركة التي يتضاعف فيها الأجر، وتغفر فيها السيئات، وقد جاءت بذلك نصوص الكتاب والسُّنَّة المطهرة:

قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [البقرة: 203].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رواه البخاري في "صحيحه".

وعَنِ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّحْمِيدِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّهْلِيلِ» أخرجه أحمد في "المسند"، والطبراني في "الدعاء"، والبيهقي في "الشُّعَب".

ولفظ العمل الصالح في الحديثين عارٍ عن التقييدات والمخصِّصَات مما يدل على شموله كافَّة أنواع الطاعات والقربات لله عزَّ وجلَّ، من: صومٍ، وصلاةٍ، وذِكْرٍ، واستغفارٍ، وتسبيحٍ، وتهليلٍ، وتكبيرٍ، وصلاةٍ على النبي الأمين، وتَصَدُّقٍ، وسماعِ قرآن وإنصاتٍ إليه، ودعاءٍ، وإطعامٍ، ونحوها من الطاعات.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 460، ط. دار المعرفة): [والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمَّهات العبادة فيه، وهي: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره] اهـ.

وبخصوص صيام العشر من ذي الحجة، فالمقصود بالصوم: التسع الأُوَل؛ السبعة الأولى منها، ويوم التروية، ويوم عرفة، وإنما عبَّر الشرع الشريف بالعشر على جهة التغليب؛ لأن صيامَ العاشر مُحَرَّمٌ إجماعًا؛ كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (2/ 460).

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ وَالنَّحْرِ» متفق عليه.

قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 383، ط. دار الكتب العلمية): [فلا خلاف بين العلماء في أن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى لا يجوز] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (8/ 71، ط. دار إحياء التراث العربي): [والمراد بالعشر: الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة] اهـ.

ما ورد في نصوص الشرع بخصوص صيام العشر من ذي الحجة

قد ثبت صيامُ العشر من ذي الحجة بنصوص الشريعة -العام منها والخاص-، وهو مروي عن مجاهد، وعطاء، ومحمد بن سيرين، وغيرهم، واتفقت كلمة الفقهاء على استحبابه.

فعَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن"، والبيهقي في "الشُّعَب".

وَعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: صِيَامَ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ" أخرجه النسائي في "السنن"، وأحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وابن حبان في "صحيحه".

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ؛ يَعْدِلُ صِيَامَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامَ كُلَّ لَيْلَةٍ بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» أخرجه الترمذي في "السنن"، والبيهقي في "الشُّعَب".

وعَنْ لَيْثٍ، قَالَ: "كَانَ مُجَاهِدٌ يَصُومُ الْعَشْرَ" قَالَ: "وَكَانَ عَطَاءٌ يَتَكَلَّفُهَا".

وعَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: "كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُومُ الْعَشْرَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ كُلِّهِ، فَإِذَا مَضَى الْعَشْرُ وَمَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَفْطَرَ تِسْعَةَ أَيَّامٍ مِثْلَ مَا صَامَ" أخرجهما ابن أبي شيبة في "المصنف".

وعَنْ عَطَاءٍ، كُرِهَ أَنْ يَتَطَوَّعَ الرَّجُلُ بِصِيَامٍ فِي الْعَشْرِ، وَعَلَيْهِ صِيَامٌ وَاجِبٌ؟ قَالَ: "لَا، وَلَكِنْ صُمِ الْعَشْرَ، وَاجْعَلْهَا قَضَاءً" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف".

وقد سُئل أبو هريرة، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وغيرهم عن التطوع بصيام العشر قبل قضاء رمضان، فقالوا: بتقديم قضاء رمضان أفضليَّةً لا إنكارًا لصيام العشر، وهو إقرار ضمني بها.

فَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهِبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: إِنَّ عَليَّ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ، أَفَأَصُومُ الْعَشْرَ تَطَوُّعًا؟ قَالَ: "لَا، وَلِمَ؟ ابْدَأْ بِحَقِّ اللَّهِ، ثُمَّ تَطَوَّعْ بَعْدَمَا شِئْتَ" أخرجه عبد الرزَّاق في "المصنف"، والبيهقي في "السنن".

وَعَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ، "أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِصِيَامٍ، وَعَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ إِلَّا الْعَشْرَ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".

وعَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ أَيَتَطَوَّعُ فِي الْعَشْرِ؟ قَالَا: "يَبْدَأُ بِالْفَرِيضَةِ" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف".

نصوص فقهاء المذاهب الفقهية في هذه المسألة

قد اتفقت كلمة الفقهاء أصحاب المذاهب المتبوعة وتواردت عباراتهم على استحباب صيام عشر ذي الحجة، ولا سيما يوم عرفة الذي قد تأكد فضل صومه بالنص عليه في الحديث الشريف؛ فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» رواه مسلم.

قال الإمام أبو بكر الحدادي الحنفي في "السِّراج الوهَّاج" (ق: 507، مخطوط): [ويستحب صوم تسعة أيام من أول ذي الحجة] اهـ.

وجاء في "الفتاوى الهندية" (1/ 201، ط. دار الفكر): [ويستحب صوم تسعة أيام من أول ذي الحجة، كذا في "السراج الوهاج"] اهـ.

وقال الإمام الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 402، ط. دار الفكر): [ص: (وعشر ذي الحجة) ش: يعني أنه يستحب صيام عشر ذي الحجة؛ لأنه روي أن صيامَ يومٍ منها كصيام شهر، هكذا قال في "المقدمات"، وقال في "الذخيرة": روي أن صيام كلِّ يوم منها يعدل سنة] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (2/ 254، ط. دار الكتب العلمية): [قلت: ومن المسنون: صوم عشر ذي الحجة، غير العيد] اهـ.

وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (3/ 454، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(و) يسن بل يتأكد صوم تسع الحجة] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 345، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله (ويستحب صوم عشر ذي الحجة) بلا نزاع، وأفضله: يوم التاسع، وهو يوم عرفة، ثم يوم الثامن، وهو يوم التروية، وهذا المذهب، وعليه الأصحاب] اهـ.

التوفيق والجمع بين ما ورد في صيام العشر من ذي الحجة

لا تعارض بين نصوص الإثبات السابقة وما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ"؛ لأن العلماء تأوَّلوه بوجوه عديدة، وكلها محتمَلة؛ منها:

- غاية ما أفاده حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه نفى صوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم للعشر من ذي الحجة، إلا أنه وردت النصوص بما يفيد ثبوت صيامه صلى الله عليه وآله وسلم لها، وقد تقرر في قواعد الشرع الحنيف أن: "الْمُثْبِت مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ"؛ كما في "الفروق" للإمام شهاب الدين القرافي (4/ 211، ط. عالم الكتب)، فتُقَدَّم النصوص التي أفادت الإثبات عمَّا عداها؛ لاشتمالها على زيادة علم قصر عنه النافي.

قال الإمام البيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 471، ط. دار الكتب العلمية) بعد ذكره حديث هُنَيْدَةَ بن خالد، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما: [والمُثْبِتُ أَوْلَى مِن النافي مع ما مضى من حديث ابن عباس رضي الله عنهما] اهـ.

- قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "لم يصم العشر" يُتأوَّل على أن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه لم يصمها لعارضٍ من مرضٍ أو سفرٍ أو غزوٍ أو نحوها.

قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (8/ 71-72) في شرح حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: [قال العلماء: هذا الحديث مِمَّا يوهِمُ كراهةَ صومِ العشر، والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من أول ذي الحجة. قالوا: وهذا مما يُتأوَّل؛ فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا لا سيما التاسع منها وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في "صحيح البخاري": أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ» يعني: العشر الأوائل من ذي الحجة، فيتأول قولها "لم يصم العشر" أنه لم يصمها لعارض مرض أو سفر أو غيرهما] اهـ.

- أن عدم رؤية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم صائمًا العشر إنما تنفى رؤيتها هي، ولا يلزم من ذلك عدم فعل ذلك منه صلى الله عليه وآله وسلم في الحقيقة.

قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (8/ 72) في شرح حديثها رضي الله عنها: [أو أنها لم تره صائمًا فيه، ولا يلزم من ذلك عدمُ صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل: حديثُ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَن بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، الاثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالخَمِيسَ" رواه أبو داود وهذا لفظه، وأحمد، والنسائي، وفي روايتهما: "وخميسين" والله أعلم] اهـ.

وقال أيضًا في "المجموع" (6/ 387، ط. دار الفكر): [(وأما) حديث أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ" وفي رواية "لم يصم العشر" رواهما مسلم في "صحيحه"، فقال العلماء: هو متأوَّل على أنها لم تره، ولا يلزم منه تركه في نفس الأمر؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يكون عندها في يومٍ من تسعةِ أيَّامٍ والباقي عند باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن] اهـ.

- أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يترك العمل وهو يحب أن يعمل به خشية إيجابه على أمته.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 460) في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: [ولا يرد على ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا العَشْرَ قَطَّ"؛ لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يُفْرَضَ على أمته؛ كما رواه "الصحيحان" من حديث أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أيضًا] اهـ.

- أن النفيَ الواردَ في حديث أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها لا ينفي صوم بعضها.

قال الإمام نور الدين السندي في "حاشيته على سنن ابن ماجه" (1/ 527، ط. دار الجيل): [قوله: (صام العشر قط) لا ينافي صوم بعضها] اهـ.

الخلاصة

بِناءً على ذلك: فإنه يُسنُّ صيامُ العشر الأُوَل من ذي الحجة، وهو من أجلِّ المستحبات وأعظم القربات، وقد وردت في ثبوته وأفضليته النصوص، العام منها والخاص، وأطبق عليه العلماء والفقهاء من أصحاب المذاهب المتبوعة، ويتأكد صيام يوم عرفة الذي يوافق يوم التاسع؛ لما ورد في فضل صيامه نصًّا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا