حكم ناظر الوقف إذا مات مجهلا لمال الوقف

تاريخ الفتوى: 15 سبتمبر 1932 م
رقم الفتوى: 2081
من فتاوى: فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم
التصنيف: الوقف
حكم ناظر الوقف إذا مات مجهلا لمال الوقف

الناظرُ إذا مات مجهلًا لمال الوقف. ما الحكم في ذلك؟

إذا مات ناظر الوقف وكان مجهلًا لمال الوقف، التزمَ بأَداءِ ما قصَّر في أدائه بذلك التجهيل ما دامت غلة الوقف لمستحقين مالكين لها مطلقًا؛ وذلك لأنه بالامتناع عن دفع الحقِّ لمستحقِّيه تصبح يدُه على مال الوقف يدَ ضمان.

قد اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد:
أولًا: أنه لا ريب في أن الناظر إذا مات مجهلًا لمال البدل أو للعين الموقوفة؛ كالنقود -على القول بجواز وقفها- يكون ضامنًا بالتجهيل.

وثانيًا: أن بعض الفقهاء نصَّ على أن الأمانات تنقلب مضمونةً بالموت عند التجهيل إلا في مسائلَ، منها: الناظر إذا مات مجهلًا غلَّات الوقف، وقد اختلفت كلمة العلماء في هذا القول؛ أهو مُجرًى على إطلاقه أم مقيدٌ بغلَّات المسجد.

قال ابن عابدين في "تنقيح الحامدية" ما نصه: [هَكَذَا أُطْلِقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي كَثِيرٍ مِن الْكُتُبِ وَوَقَعَ فِيهَا كَلَامٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ قَاضِيَ خَانْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا أَخَذَ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: أَمَّا إذَا كَانَت الْغَلَّةُ مُسْتَحَقَّةً لِقَوْمٍ بِالشَّرْطِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ بِدَلِيلِ اتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ فِيمَا إذَا كَانَت الدَّارُ وَقْفًا عَلَى أَخَوَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَبَضَ الْحَاضِرُ غَلَّتَهَا تِسْعَ سِنِينَ، ثُمَّ مَاتَ الْحَاضِرُ وَتَرَكَ وَصِيًّا، ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَالَبَ الْوَصِيَّ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْغَلَّة، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إذَا كَانَ الْحَاضِرُ الَّذِي قَبَضَ الْغَلَّةَ هُوَ الْقَيِّمُ عَلَى هَذَا الْوَقْفِ كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْقَيِّمُ إلَّا أَنَّ الْأَخَوَيْنِ آجَرَا جَمِيعًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ آجَرَ الْحَاضِرُ كَانَت الْغَلَّةُ كُلُّهَا لَهُ فِي الْحُكْمِ وَلَا يطيب. اهـ كَلَامُهُ، وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: غَلَّةُ الْوَقْفِ، وَمَا قَبَضَ فِي يَدِ النَّاظِرِ لَيْسَ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَلْ هُوَ مَالُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالشَّرْطِ، قَالَ فِي "الْأَشْبَاهِ": (مِن الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ) اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِغَلَّةِ الْمَسْجِدِ مَا إذَا شَرَطَ تَرْكَ شَيْءٍ فِي يَدِ النَّاظِرِ لِلْعِمَارَةِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. كَذَا حَرَّرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى.

الثَّانِي: أَنَّ الْإِمَامَ الطَّرَسُوسِيَّ فِي "أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ" ذَكَرَ بَحْثًا أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا طَالَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ ثُمَّ مَاتَ بِلَا بَيَانٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يُطَالِبْ فَإِنْ مَحْمُودًا مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ، وَأَقَرَّهُ فِي "الْبَحْرِ" عَلَى تَقْيِيدِ ضَمَانِهِ بِالطَّلَبِ؛ أَيْ فَلَا يَضْمَنُ بِدُونِهِ، أَمَّا بِهِ فَيَضْمَنُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا بِالْمَنْعِ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ صَالِحٌ فِي "زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ" أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمُسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ مُجْهِلًا فَقَدْ ظَلَمَ، وَقَيَّدَهُ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ يَمُتْ فَجْأَةً، أَمَّا إذَا مَاتَ عَلَى غَفْلَةٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيَانِ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَأَقَرَّهُ الْعَلَائِيُّ فِي "الدُّرِّ الْمُخْتَارِ" وَكَتَبْتُ فِيمَا عَلَّقْتُه عَلَيْهِ أَنَّ عَدَمَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيَانِ لَوْ مَاتَ فَجْأَةً إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ قَبْضِهِ الْغَلَّةَ، تَأَمَّلْ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا قَبَضَ غَلَّةَ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ مُجْهِلًا بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا صَنَعَ بِهَا لَا يَضْمَنُهَا فِي تَرِكَتِهِ مُطْلَقًا -كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ أَغْلَبِ عِبَارَاتِهِمْ- وَلَا كَلَامَ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِق،ِّ وَلَا فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ لَوْ كَانَتِ الْغَلَّةُ لِمَسْجِدٍ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ غَلَّةَ وَقْفٍ لَهَا مُسْتَحِقُّونَ مَالِكُونَ لَهَا هَلْ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا -عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِ قَاضِي خَانْ- أَوْ إذَا كَانَ غَيْرَ مَحْمُودٍ وَلَا مَعْرُوفٍ بِالْأَمَانَة- كَمَا بَحَثَهُ الطَّرَسُوسِيُّ- أَوْ إذَا كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ مَرَضٍ لَا فَجْأَةً -كَمَا بَحَثَهُ فِي "الزَّوَاهِرِ"، فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا فِي عَيْنِ الْوَقْفِ] انتهت عبارة "تنقيح الحامدية" (207/1).

وقال ابن عابدين أيضًا في كتاب الإيداع من "رد المحتار" -بعد أن ساق خلاصةَ ما سبق نقله عن مُنلا علي- ما نصه: [وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ] اهـ. (667/5)، يريد أن إطلاق صاحب "التنوير" وشارحه: أن الناظر إذا أودع غلَّاتِ الوقف ثم مات مجهلًا لا يضمن إطلاقه في محل التقييد.

وكتب الشيخ الرافعي على هذه العبارة في "تقريره" ما نصه: [الذي تحرَّر لنا في هذه المسألة اعتماد إطلاق عباراتهم في عدم الضمان ولو لغلة غير المسجد كما يظهر ذلك من الاطلاع على أطراف كلماتهم، وقد أفتى ابن عبد العال شيخ صاحب "البحر" في ناظر على وقف غلته مستحقَّة لقوم معلومين بعدم ضمان بموته مجهلًا، وليس في قولهم غلَّات الوقف ولا في عبارة "أنفع الوسائل" ما يفيد التقييد؛ بل ما فيها يدل على أن الوقف على مستحقين] اهـ.

ولا شك أن كلام الشيخ الرافعي محمولٌ على ما إذا لم يمتنع الناظر قبل وفاته من إعطاء المستحقِّ حقَّه بعد طلبه،
أما في هذه الحالة فيجب أن لا يكون في ضمانه خلاف، كما أشار إلى ذلك ابن عابدين في عبارته السابقة؛ وذلك لأنه بالامتناع عن دفع الحقِّ لمستحقِّيه انقلبت يده يد ضمان.
وقال الطحطاوي -بعد أن ذكر كلامًا لا حاجةً لنا إلى ذكره- ما نصه: [فإنه لا خلاف في عدم ضمانه بموته مجهلًا غلَّات المسجد، وأما إذا مات مجهلًا استحقاق المستحقِّين ففيه اختلاف المشايخ، وما عليه مشايخ المذهب أنه يضمن مطلقًا، خلافًا لتفصيل الطرسوسي] اهـ.
وقد ذكر هذه العبارة صاحب تكملة "رد المحتار" وأقرَّها وإن لم يعزُها إلى الطحطاوي.
هذا ما وقفنا عليه من أقوال العلماء في هذا الموضوع. والذي أميل إليه هو القول بالضمان بالتجهيل فيما إذا كانت الغلة لمستحقين مالكين لها مطلقًا، كما ذهب إلى ذلك البيري، وقال الطحطاوي إنه هو ما عليه مشايخ المذهب، هذا ما ظهر لنا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الوقف على العلماء والفقهاء وطلبة العلم؟ فقد سأل شيخ الجامع الأحمدي في أن رجلًا وقف نحو 52 فدانًا على مستحقين، آلَ منها الثلثُ إلى أربعةٍ وعشرين من الفقهاء، وخمسةٍ وعشرين من طلبة العلم، وخمسةٍ وعشرين من العلماء، ويصرف ريعه حسب البيان الآتي: نصف الثلث المذكور لأربعة وعشرين شخصًا يعينهم الناظر من الفقهاءِ قراءِ القرآن المواظبين على قراءته إلا لعذر في كل عصر يوم الخميس مع ليلة الجمعة في مقام سيدي عبد المتعال رضي الله عنه الكائن بجامع سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه بمدينة طنطا سوية بينهم، والنصف الثاني يكون لخمسة وعشرين من العلماء الفقراء بالجامع الأحمدي بطنطا، ولخمسة وعشرين من طلبة العلم الشريف الفقراء بالجامع الأحمدي المذكور سوية بينهم يعينهم الناظر بمعرفته.
فهل للناظر إذا كان عدد الفقهاء بمقرأة سيدي عبد المتعال أكثر من العدد المستحق في الوقفية، وكذلك عدد العلماء والطلبة بالجامع الأحمدي أن يعين من الفقهاء والعلماء والطلبة كل سنة بالدور بحيث إن من يأخذ في هذه السنة يجوز الإعطاء لغيره في السنة التالية، أو إذا عين في أول سنة عددًا من الأنواع الثلاثة ينطبق عليه شرط الواقف لا يجوز أن يعين في السنة التالية غيره من هذه الأصناف؟ وهل للفقيه أن يأخذ بوصف كونه فقيهًا وبوصف كونه عالمًا أو طالبًا بحيث يأخذ نصيبين؟ أرجو التكرم بالإفادة عن ذلك، ولفضيلتكم المثوبة والشكر.


ما حكم الشرع في أخذ الأجرة لناظر الأموال الموقوفة؟


ما حكم تحويل المصلى إلى محل تجاري؟ وماحكم الصلاة خلف الإمام في مكان مستقل عنه؟ فقد قام أبي وعمي ببناء عمارةٍ سكنيةٍ سنة 1983م، وتم تجهيز الدور الأرضي فيها كمسجدٍ منقسمٍ إلى جزأين: أحدهما للرجال والآخر للنساء، يفصل بينهما مدخل العمارة بلا اتصال بينهما، وتقام الشعائر الدينية في الجزء الخاص بالرجال: من صلاة واعتكاف ودروس، وذلك منذ إنشاء العمارة، ولم تتم الصلاة في الجزء المخصص للنساء من المسجد إلا أيامًا معدودة، ومن عشر سنوات قام عمي باستخدام الجزء المخصص للنساء كمخزن، ولم يوافق على استخدامه كمدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، والآن يريد استخدامه كمحل تجاري. فهل يجوز له ذلك؟ وهل يمكن للمصلين في الجزء المخصص للنساء أن يأتمُّوا بإمام في الجزء المخصص للرجال؟ مع العلم أن للجزء الخاص بالنساء بابَين: أحدهما يفتح على مدخل العمارة، والآخر يفتح على الشارع، ولجزء الرجال بابان: أحدهما يفتح على الشارع، والآخر على خارج العمارة من الناحية الأخرى منها بالنسبة لجزء النساء؛ بحيث إذا أرادت واحدة من النساء أن تَصِلَ إلى مصلَّى الرجال فلا بد لها أن تنحرف عن القِبلة بشكل عمودي عليها وعكسي.


ما هو حق الورثة في أرض تبرعت بها المتوفاة حال حياتها؛ حيث تبرعت امرأة حال حياتها وهي بكامل صحتها بقطعة أرض -قدرها قيراط وقصبتان- من ميراثها لوالدها مُبَيَّنة المعالم والحدود بعقدِ تبرُّع مُحَرَّرٍ وَقَّع عليه الشهود؛ لبناء مسجد لله تعالى، ولم يتم بناء المسجد حتى وفاتها، فهل لأحد من الورثة حقّ في قطعة الأرض المذكورة؟


ما حكم بناء مسجد على أرض زراعية تحايلًا للبناء عليها؟ حيث صدر قانون لمنع البناء على الأراضي الزراعية، ويلجأ بعض الأهالي إلى بناء مسجد (بناء مسجد أو معهد ديني تعليمي) ثم منازل حوله -تحايلًا على القانون-. فهل بناء المسجد بهذا الشكل حرام أم حلال؟


هل يجوز التبرع بريع أرض موقوفة بما يخالف شرط الواقف؟ حيث أوقف والدي أرضًا زراعية وقفًا خيريًّا للصرف منه على مسجد عائلته بحيث يزرعها زوجي ناظرُ الوقف ويُنفِق الريعَ لإمام المسجد وما يحتاجه المسجد من مصروفات وإصلاحات. وقد تم ضم المسجد للأوقاف، وأصبحت الوزارة مسؤولة عنه، والعائلة التي يوجد بها المسجد ثرية وقادرة على الإنفاق على المسجد، فهل يجوز لي أن أتبرع بريع هذه الأرض إلى أي مؤسسة خيرية أو أي دار أيتام؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20