حكم زكاة مال المحجور عليها

تاريخ الفتوى: 18 مايو 2014 م
رقم الفتوى: 2703
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
حكم زكاة مال المحجور عليها

السؤال عبارة عن قرار إحدى المحاكم المصرية الاستعلام مِن دار الإفتاء المصرية عمَّا إذا كان يجوز للمحجور عليها إخراج زكاةِ مالٍ مِن عدمه، مع بيان النسبة والإفادة للأهمية.

على عدالة المحكمة أن تَنظر أَوَّلًا في مالِ المحجور عليها: فإن بلغ النصاب الشرعي، وهو ما قيمتُه 85 جرامًا من الذهب عيار 21، وحال عليه الحول من غير أن ينقص عن النصاب في أثنائه، وكان فاضلًا عن حاجة المحجور عليها الأصلية في نفقاتها وعلاجها ورعايتها ونحو ذلك، فإنه يجب إخراج الزكاة في مالها، وهي حينئذٍ ربع العشر.

من شروط وجوب الزكاة في المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول أن يكون فاضلًا عن الحاجة الأصلية، فالمال المُعَدُّ لشراء الحاجة الأصلية لا زكاة فيه؛ لأن صاحبه لا يكون حينئذ غنيًّا عنه، بل هو مِن ضرورات حاجة البقاء وقوام البدن.

ومال اليتيم ومجهول النسب وناقص الأهلية المدخر له يُعَدُّ مِن حاجاته المهمة؛ لتعلقه بما مِن شأنه أن يسد حاجته في حياته؛ كالطعام والشراب والكسوة والسكن والزواج، والله تعالى يقول: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: 219]، والعفو: هو ما فضل عن حاجة الإنسان ومَن يعوله، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا صَدَقةَ إلَّا عَن ظَهْرِ غِنًى» رواه أحمد، وهو عند "البخاري" بمعناه، وقد فسر العلَّامة ابنُ مَلَك الكرماني الحنفي [ت801هـ] الحاجةَ الأصلية بأنها: [ما يَدفَع الهلاك عن الإنسان تحقيقًا: كالنفقة، ودور السكنى، وآلات الحرب، والثياب المحتاج إليها لدفع الحر أو البرد، أو تقديرًا: كالدَّين؛ فإن المَدِين محتاج إلى قضائه بما في يده من النصاب دفعًا عن نفسه الحبس الذي هو كالهلاك. فإذا كان له دراهم مستحقة بصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة؛ كما أن الماء المستحق بصرفه إلى العطش كان كالمعدوم وجاز عنده التيمم] اهـ. كما نقله عنه العلَّامة ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار" (2/ 262، ط. دار الفكر).

ونص فقهاء الحنفية على أن المال المعدَّ للحوائج الأصلية ليس فيه زكاة، فقال العلامة المرغيناني الحنفي في "الهداية شرح البداية" (1/ 96، ط. دار احياء التراث العربي): [(وليس في دور السكنى وثياب البدن وأثاث المنازل ودواب الركوب وعبيد الخدمة وسلاح الاستعمال زكاة)؛ لأنها مشغولة بالحاجة الأصلية وليست بنامية أيضًا] اهـ.

وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (1/ 253، ط. المطبعة الأميرية ببولاق): [وأمَّا كونه حوليًّا؛ أي: تم عليه حولٌ؛ فلقوله عليه الصلاة والسلام: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيهِ الحَولُ»؛ ولأن السبب هو المال النامي لكون الواجب جزءًا من الفضل لا من رأس المال؛ لقوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: 219]، أي الفضل، والنمو إنما يتحقق في الحول غالبًا، أما المواشي فظاهر، وكذا أموال التجارة؛ لاختلاف الأسعار فيه غالبًا عند اختلاف الفصول، فأقيم السبب الظاهر وهو الحول مقام المسبب وهو النمو. وأما كونه فارغًا عن الدَّين، وعن حاجته الأصلية؛ كدور السكنى وثياب البذلة وأثاث المنازل وآلات المحترفين وكتب الفقه لأهلها؛ فلأن المشغول بالحاجة الأصلية كالمعدوم؛ ولهذا يجوز التيمم مع الماء المستحق بالعطش] اهـ. ومفهومه: أن المال المشغول باستحقاق الصرف إلى حاجةٍ أصلية هو بالنسبة إلى نصاب الزكاة كالمعدوم، فلا زكاة فيه؛ إذْ لا يصدق عليه أنه فضلٌ وزيادة؛ لتعلقه بالحاجة الأصلية.

وضابط ذلك: أن لا يكون في وسع صاحبه أن يوقفه للتجارة والنماء مُحافِظًا على أصله، ونصَّ الفقهاء على اعتبار هذا الضابط مقياسًا للحاجة وعدمها، يقول العلامةُ الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 11): [ومنها: كون المال فاضلًا عن الحاجة الأصلية؛ لأن به يتحقق الغنى ومعنى النعمة، وهو التنعم، وبه يحصل الأداء عن طيب النفس؛ إذ المال المحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون صاحبه غنيًّا عنه ولا يكون نعمة إذ التنعم لا يحصل بالقدر المحتاج إليه حاجة أصلية؛ لأنه من ضرورات حاجة البقاء وقوام البدن فكان شكره شكر نعمة البدن، ولا يحصل الأداء عن طيب نفس، فلا يقع الأداء بالجهة المأمور بها؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ طَيبة بِهَا أنفُسِكُم» فلا تقع زكاة؛ إذ حقيقة الحاجة أمر باطن لا يوقف عليه، فلا يعرف الفضل عن الحاجة، فيقام دليل الفضل عن الحاجة مقامه، وهو الإعداد للإسامة والتجارة، وهذا قول عامة العلماء] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 262): [التقييد بالحوائج الأصلية احترازًا عن أثمانها، فإذا كان معه دراهم أمسكها بنيَّة صرفها إلى حاجته الأصلية لا تجب الزكاة فيها إذا حال الحول وهي عنده، لكن اعترضه في "البحر" بقوله: ويخالفه ما في "المعراج" في فصل زكاة العروض: أن الزكاة تجب في النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة، وكذا في "البدائع" في بحث النماء التقديري. اهـ. قلت: وأقره في "النهر" و"الشرنبلالية" و"شرح المقدسي"، وسيصرح به الشارح أيضًا، ونحوه قوله في "السراج": سواء أمسكه للتجارة أو غيرها، وكذا قوله في "التتارخانية": نوى التجارة أوْ لا، لكن حيث كان ما قاله ابن ملك موافقًا لظاهر عبارات المتون كما علمت، وقال ح -يعني في "الإيضاح": إنه الحق، فالأولى التوفيق بحمل ما في "البدائع" وغيرها على ما إذا أمسكه لينفق منه كلَّ ما يحتاجه، فحال الحول وقد بقي معه منه نصاب، فإنه يزكي ذلك الباقي وإن كان قصده الإنفاق منه أيضًا في المستقبل؛ لعدم استحقاق صرفه إلى حوائجه الأصلية وقت حولان الحول، بخلاف ما إذا حال الحول وهو مستحق الصرف إليها] اهـ.

وما دامت الحوائج الأصلية لا تزال قائمةً بالشخص، فإن هذا المال مستحَقُّ الصرف إليها؛ لكونه موقوفًا لها خاصة، قال العلامة الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 714، ط. دار الكتب العلمية - بيروت): [قوله: (وعن حاجته الأصلية) كثيابه المحتاج إليها لدفع الحر والبرد وكالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والحرفة وأساس المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها؛ فإذا كان عنده دراهم أعدها لهذه الأشياء وحال عليها الحول لا تجب فيها الزكاة] اهـ.

وهذا هو مقتضى تقييد الشرع لتصرفات الولي في مال القاصر ومَن نقَصَت أهليتُه بأن تكون بالغبطة أو بالضرورة؛ أي: بمحض المصلحة؛ قال الإمام الرافعي في "شرح الوجيز" (10/ 290، ط. دار الفكر): [(و) ولا يتصرف الوليُّ إلا بالغِبطة، ولا يستوفي قصاصَه، ولا يعفو عنه ولا يَعتِقُ ولا يُطَلِّقُ بعِوضٍ وغيرِ عوض ولا يَعفُو عن حقِّ شُفعتِه إلا لمصلحته] اهـ.

وقال الإمام محيي الدين النووي في "منهاج الطالبين" (ص: 114، ط. دار الفكر): [لا يرهن الولي مال الصبي والمجنون ولا يرتهن لهما إلا لضرورة أو غبطة ظاهرة] اهـ.

ولا يخفى أن التصرف بالضرورة في مال القاصر وناقص الأهلية يقتضي عدم إخراج الزكاة مِن ماله الذي تتعلق به حاجةٌ أصلية له.

ومِن مظاهر حرص الشرع الشريف على تمام المصلحة للقاصر وناقص الأهلية أن ماله إذا كان كثيرًا فائضًا عن حاجته الأصلية فإنه يجب على الوصي تنميته لئلا تُنقصه الزكاة، نص على ذلك السادة الشافعية، فقال الإمام البجيرمي في حاشيته على "شرح منهج الطلاب" المسماة: "التجريد لنفع العبيد" (2/ 442، ط. مطبعة الحلبي): [يجب على الولي أن ينمي ماله بقدر الكفاية أي نفقته والزكاة] اهـ.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن على عدالة المحكمة أن تَنظر أَوَّلًا في بلوغ مالِ المحجور عليها النِّصابَ؛ والنصابُ الشرعي هو ما قيمتُه 85 جرامًا من الذهب عيار 21، ثم في مدى زيادة هذا المال على حاجتها الأصلية في نفقاتها وعلاجها ورعايتها ونحو ذلك، ثم في حَوَلان الحول على المال مع مراعاة ألَّا ينقُص عن النصاب في أثناء الحول؛ وذلك حتى تَأمُر بإخراج الزكاة الواجبة في المال، وهي حينئذٍ ربع العشر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إنشاء صندوق لجمع الزكاة والتبرعات للمتضررين من التغيرات المناخية؟ لأنه بعد ما حدث من كثرة المتضررين من الزلازل فكَّر مجموعة من الأشخاص في تخصيص جزء من الأموال لصالح المتضررين من التغيرات المناخية والظواهر الطبيعية، بحيث يوضع هذا في صناديق مخصصة لذلك. فهل يصح أن يكون هذا من أموال الزكاة؟ وما المسلك الشرعي المقترح لهذا الأمر؟ وما ضوابطه؟


ما حكم إخراج زكاة المال في المساهمة في مستشفى متخصص في علاج الأطفال؟ فلقد منَّ الله عليَّ بمبلغ من المال وحال عليه الحول واستوجب الزكاة، وقد علمتُ أنه يجوز أن تُدفَع زكاة المال في بناء مستشفى متخصص في علاج الأطفال (أطفال السرطان)، فقمت بإخراج زكاة المال للجهة المشرفة على هذا العمل، وبعد فترة قليلة سمعت أنه لا يجوز صرف زكاة المال في هذه الأعمال كزكاة، ولكنها تصبح من أبواب الصدقة الجارية، فما مدى صحة هذا الكلام وجوازه؟ وإن كان لا يجوز فماذا تشيرون عليه بعمله؟


ما حكم الزكاة في القمح والشعير؟ وما قيمتها؟ وهل ينطبق ذلك على كل البلاد الإسلامية؟ 


ما حكم إخراج الزكاة في محصول "قصب السكر"؟ وما الدليل على ذلك؟


ما حكم الرجوع في التبرعات الموجهة لبعض للمؤسسات الخيرية؟ فنحن مؤسسة خيرية أهليةٌ غير هادفةٍ للربح، ونسعى إلى تعظيم قيمة الإنسان وتحسين مستويات المعيشة.

وفي سبيل حرصنا على تنفيذ أنشطتنا المجتمعية في المجالات المشار إليها، نقبل التبرعات بكافة أشكالها، سواء النقدية منها والعينية، ومِن ضِمنها التبرعات المقدمة كصدقةٍ جارية.

وحيث إنه قد ورد إلينا طلباتٌ مِن بعض المتبرِّعِين يُعرِبُون فيه عن رغبتهم في الرجوع في التبرع المقدَّم منهم كصدقةٍ جارية منذ فترةٍ زمنيةٍ دون إبداء أسباب قانونية سائغة، فضلًا عن أن بعضهم ذكر أنه قد تبرع للمؤسسة عن طريق الخطأ بماكينات الصراف الآلي (ATM)، وهو ما وجدناه أمرًا غريبًا؛ نظرًا لتَعَقُّد العمليات الإلكترونية التي تسبق تنفيذ التبرع من خلال تلك الماكينات الآلية، مما يصعب معه الخطأ في هذا الأمر.

وحيث يُهِمُّ المؤسسةَ الرجوعُ إلى دار الإفتاء المصرية قبل الرد على السادة المتبرعين بشأن مدى جواز تحقيق طلباتهم هذه من الناحية الشرعية، وبناءً عليه يرجى التكرم بالإفادة بالفتوى الشرعية في مدى جواز رد تلك التبرعات للسادة المتبرعين الراغبين في الرجوع في تبرعهم المقدَّم منهم كصدقةٍ جاريةٍ لتنفيذ أحد أنشطة المؤسسة المجتمعية.


تُوفِّي أبي وترك معاشًا، حُدِّدَ على حسب الإعلام الشرعي لأختٍ لي معوقة ذهنيًّا يرعاها أخي الأكبر في شقته، وذلك من خلال معاش أبيها، ولي أخ متزوج ويعُول أسرةً مكونةً من أربعة أبناء وزوجته وليست له فرصة عمل دائمة.
فهل يجوز له أخذ جزء من معاش والده لحين الحصول على عمل؟ حيث إن أخي الآخر الأكبر وزوجته موظفان.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :59
الشروق
6 :30
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 22
العشاء
8 :43