ما حكم تغيير الوقف من الإنفاق على المسجد إلى الإنفاق على مصالح الناس؛ فقد أوقف أحد الأشخاص قطعة أرض للإنفاق على مسجد معين، ثم صار هذا المسجد تابعًا لوزارة الأوقاف فيما بعد، والتي أصبحت هي من يتولى الإنفاق عليه، وعائلة الواقف الآن في احتياج إلى قطعة الأرض هذه للإنفاق من ريعها على الجَبّانة الخاصة بالعائلة ودار مناسباتهم، فهل يصح نقل الوقف من الإنفاق على المسجد إلى الإنفاق على الجبانة ودار المناسبات؟
لا يجوز انتفاع عائلة الواقف المشار إليه بريع الأرض الموقوفة بصرفها إلى غير ما وقفت الأرض عليه من مصالح المسجد المعين، حتى وإن صار هذا المسجد تابعًا لوزارة الأوقاف وأصبحت هي من يتولى الإنفاق عليه، وكون المسجد قد أصبح مشمولًا بنفقة من وزارة الأوقاف لا يمنع من التبرع له بأي وجه من الوجوه.
المحتويات
الوقف هو والتحبيس والتسبيل بمعنى واحد، يقال: وقفت كذا؛ أي: حبسته.
وشرعًا: حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود. انظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (3/ 522، ط. دار الكتب العلمية).
والأصل في مشروعيته: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض خيبر التي سأله عنها: «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» رواه الشيخان.
مما قرره الفقهاء في كتبهم أن الأصل في شرط الواقف أنه يجب اتباعه، وأن مصرف الوقف يتبع فيه شرط الواقف، وكان مما جرى على ألسنتهم حتى صار ضابطًا من ضوابط باب الوقف وقاعدة من قواعده: قولهم: "شرط الواقف كنص الشارع"؛ أي: في كونه ملزمًا في العمل به وتنفيذه كما شرطه صاحبه، وكذلك في كونه يُفهم كما يُفهم نص الشارع، وعلى هذا الحكم تتابعت عبارات الكتب المعتمدة في المذاهب الأربعة المتبوعة.
فمن كتب الحنفية: ما جاء في "الأشباه والنظائر" للعلامة ابن نجيم (1/ 163، ط. دار الكتب العلمية) من قوله: [شرط الواقف يجب اتباعه؛ لقولهم: "شرط الواقف كنَص الشارع"؛ أي: في وجوب العمل به، وفي المفهوم والدلالة] اهـ.
ومن المالكية: قول سيدي أحمد الدردير في "الشرح الصغير على أوضح المسالك" (4/ 120، مع "حاشية الصاوي"، ط. دار المعارف): [شرط الواقف كنَص الشارع] اهـ.
وأما الشافعية: فقال الشيخ الخطيب الشربيني في "الإقناع" (3/ 253، مع "حاشية البجيرمي"، ط. دار الفكر): [مبنى الوقف على اتباع شرط الواقف] اهـ.
وأما الحنابلة: فجاء في "الإقناع" للحجاوي وشرحه "كشاف القناع" للعلامة البهوتي (4/ 268، ط. دار الكتب العلمية): [(ويتعين صرف الوقف إلى الجهة التي عينها الواقف) حيث أمكن؛ لأن تعيين الواقف لها صرفٌ عما سواها] اهـ.
الدليل على كون شرط الواقف كنص الشارع في لزوم العمل به أمور، منها: الأمر المطلق بالوفاء بالعقود في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، ومن الوفاء بالعقد والعهد: الوفاء بشرط الواقف على ما أراد بالخصوص.
ومنها: عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» رواه الترمذي.
وقال الإمام تقي الدين السبكي في "الفتاوى" (2/ 13، ط. دار المعارف): [والفقهاء يقولون: شروط الواقف كنصوص الشارع، وأنا أقول من طريق الأدب: شروط الواقف من نصوص الشارع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»، وإذا كانت مخالفة النص تقتضي نقض الحكم، فمخالفة شرط الواقف تقتضي نقض الحكم] اهـ.
أمَّا من ناحية النظر: فلو لم يجب اتباع شرط الواقف لم يكن في اشتراطه فائدة، ولأن الوقف مُتَلَقًّى مِن جهته فاتُّبِع شرطه. انظر: " كشاف القناع" (4/ 258، 259).
والواقف له غرض وقصد في تعيين الجهة التي يصرف إليها الوقف، وفي كيفية ذلك، فالواقف لم يُخرج مالَه إلا على وجه معين، وهذا الوجه هو الأصلح في اعتباره، وليس المنظور إليه عنده هو مطلق الأصلح، بل أصلحية اعتبارية؛ فلزم اتباع ما عَيَّنه في الوقف من ذلك الوجه، ولو لم يكن للواقف قصد معين، لجعل الوقف مطلقًا دون تقييد.
وقد عَدَّ الإمام ابن حجر الهيتمي في "الزواجر" (1/ 439، ط. دار الفكر) مخالفة شرط الواقف من الكبائر، وذلك في الكبيرة الثالثة والثلاثين بعد المائتين، وقال: [وذِكْري لهذا من الكبائر ظاهر، وإن لم يصرحوا به؛ لأن مخالفته يترتب عليها أكل أموال الناس بالباطل، وهو كبيرة] اهـ.
ومعلوم أن وجوب العمل بشرط الواقف مقيد بكونه لا يخالف الشرع الشريف؛ بأن لا يكون موقوفًا مثلًا على جهة معصية ونحو ذلك، وإلا لم يعمل به؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» رواه الترمذي.
عليه وفي واقعة السؤال: فلا يجوز انتفاع عائلة الواقف المشار إليه بريع الأرض الموقوفة بصرفها إلى غير ما وقفت الأرض عليه من مصالح المسجد المعين، حتى وإن صار هذا المسجد تابعًا لوزارة الأوقاف وأصبحت هي من يتولى الإنفاق عليه، وكون المسجد قد أصبح مشمولًا بنفقة من وزارة الأوقاف لا يمنع من التبرع له بأي وجه من الوجوه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل التبرع بأجهزة تكييف للمسجد يدخل في الصدقات الجارية؟
ما حكم استبدال مسجد جديد بمسجد قديم؟ فإشارة إلى خطاب معالي وزير الأوقاف الوارد إلينا، بخصوص ما ورد إليه من كتاب معالي وزير التربية والتعليم، والذي يلتمس فيه تسلم وزارة الأوقاف المسجد الجديد الذي بناه والده على مساحة 450 مترًا مربعًا، على أن تعيد له الوزارة أرض المسجد القديم التابع لوزارة الأوقاف وهو على مساحة 300 متر مربع؛ حيث تمت معاينة المسجدين، ووجد أن المسجد القديم يفصله عن المسجد الجديد شارع بعرض 6 أمتار، والمسجد القديم مغلق من قِبَل مديرية الأوقاف التابع لها المسجد لعدم صلاحيته لإقامة الشعائر، ولم تقم الأوقاف بإحلاله وتجديده حتى الآن، ويرغب سيادته في إعادة استغلال أرض المسجد لوجه الله تعالى لضمها إلى قطعة أرض أخرى يمتلكها لعمل مشروع متكامل لخدمة المجتمع يضم مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وعلوم الدين.
ومرفق بالخطاب المذكرة المعروضة على معاليكم من قِبَل رئيس قطاع المديريات، والتي اتضح منها بعد المعاينة أن مساحة المسجد القديم هي300م2، وأنه تابع للوزارة وقد أقيمت فيه الشعائر الدينية لعدة سنوات، وخرج عن ملك صاحبه ودخل في ملك الله تعالى طبقًا للمنشور رقم 48 لسنة 1946م، غير أنه الآن مغلق ومدرج بالخطة الاستثمارية للوزارة تحت رقم 13 لمساجد المديرية، وأن المسجد الحديث قد تم إنشاؤه على نفقة والد الدكتور وزير التربية والتعليم، ومساحته 450م2، ويفصله عن المسجد القديم شارع بعرض 6 أمتار، ويمتاز عن المسجد القديم من الناحية الإنشائية ومن حيث المساحة. وتأمل المديرية من معاليكم التفضل بالموافقة على إلحاق المسجد الحديث بالمسجد القديم؛ حيث لا يفصل بينهما إلا شارع بعرض 6 أمتار ويعتبر ملحقًا له.
ما حكم التصرف في التبرع على خلاف ما حدّده المتبرع دون إذن منه؟ فإنه يوجد مسجد أهالي يحتاج إلى خزان مياه، ويوجد متبرعان كل منهما يريد التبرع بقدر من الإسمنت، طلب القائمون على المسجد التبرع بالخزان فرفضا، وقالا لو لم تأخذوا الإسمنت فلن نتبرع، فهل يجوز للقائمين على المسجد أخذ الإسمنت ثم بيعه وشراء خزان المياه؟
ما حكم هدم مسجد بني في أرض مغتصبة؟ فقد طلبت وزارة التعمير- جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان - بكتابها أن دولة العلم والإيمان وهي تنشئ وتعمر تضع في مقدمة أعمالها تشييد دور العبادة لأداء الصلاة وإقامة شعائر الدين، لهذا وحين رخصت الدولة بإنشاء مدينة العاشر من رمضان على المساحة التي حددها قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 249 سنة 1977م أُعِدَّ تخطيط للمدينة مع تحديد مواقع المساجد على نحو كافٍ، وتم فعلًا بناء أول مسجد، وتم افتتاحه للصلاة، إلا أن نفرًا ممن احترفوا التمسح بالدين اعتدوا على جزء من هذه الأراضي بوضع اليد عليها لأغراض شتى جاعلين الدين واجهة لإخفاء نواياهم الحقيقية؛ وذلك باستيلائهم على مساحة قدرها سبعة عشر ألفًا وخمسمائة متر مربع من أرض المدينة، وخصصا منها ما لا يجاوز تسعين مترًا مربعًا لإقامة مسجد -زاوية صغيرة- وأما بقية المساحة فلإقامة كازينو وكافيتريا بجوار هذا المسجد، فما حكم الشريعة الغراء في مدى مشروعية إقامة مسجد أو زاوية على أرض الغير -أرض المدينة- غصبًا؟
ما حكم الإيجار المستحق قبل وفاة صاحب الوقف؟ فقد سأل شخصان في رجل وقف أطيانًا زراعية على نفسه أيام حياته، ثم من بعده على أُناسٍ اختارهم بمقتضى كتاب وقف سجل بالمحاكم الشرعية، ثم بعد ذلك أجرها لأناس مزارعين بمقتضى عقود إيجارات موقع عليها منه بختمه لمدة سنتين، ابتداؤهما أول نوفمبر سنة 1908، لغاية شهر أكتوبر سنة 1910 إفرنكية، واشترط على المستأجرين أن يكون دفع الإيجار على قِسطين؛ أحدهما يستحق في شهر يناير، والثاني يستحق في شهر أكتوبر من كل سنة، ولم يتحصل الواقف حال حياته على القسط الأول المشترط سداده في شهر يناير سنة 1910م، وما زال بطرف المستأجرين حتى توفي الواقف إلى رحمة الله تعالى في يوم 19 إبريل سنة 1910م.
فهل مبلغ القسط المذكور -والحال ما ذكر- تركة للواقف تورث عنه لورثته الشرعيين، أو يكون للمستحقين في وقفه المذكور؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب. أفندم.
يوجد مقبرة من المقابر قد أذن بالدفن فيها، ودفن فيها فعلًا.
هل تعتبر هذه المقبرة ملكًا لصاحبها وتورث عنه أو لا؟