حكم الصوم للمرأة التي يأتيها دم الحيض مرتين في الشهر

تاريخ الفتوى: 22 سبتمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8007
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
حكم الصوم للمرأة التي يأتيها دم الحيض مرتين في الشهر

ما حكم الصوم للمرأة التي يأتيها دم الحيض مرتين في الشهر؟ فقد نزل الحيض لامرأة في شهر رمضان، وطَهُرَت منه، ثم نزل عليها الدم مرة أخرى لعدة أيام في نفس الشهر، فهل تترك الصيام في هذه الأيام أو يجب عليها الصوم؟

إذا رأت المرأةُ الدمَ في الشهر الذي سَبَق لها الحيض فيه، وذلك قبل مرور خمسة عشر يومًا كاملةً طهرًا، فإن هذا الدمَ يكون استحاضةً ويجب عليها الصوم، أما إذا رأته وقد مَرَّ على طُهرها مِن الحيضة الأولى خمسة عشر يومًا فأكثر، واستمر نزوله ثلاثة أيام بلياليها (72 ساعة كاملة) فأكثر، فإنَّه يكون دم حيض ويجب عليها الفطر حينئذٍ.

المحتويات 

 

الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم

اختَصَّ اللهُ تعالى النساءَ بالحيض، حتى جعله سبحانه مِن أصل خِلقَتِهنَّ، وسببًا لاستقرار صِحَّتهنَّ وبقاء النسل الإنساني، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَحِضْتُ، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، فقال: «مَا لَكِ؟ أنَفِسْتِ؟»، قلت: نعم، قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» متفق عليه.

فـ"هذا الحديث يدلُّ على أنَّ الحيض مكتوب على بنات آدم فمن بعدهن من البنات، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مِن أصل خلقتهن الذي فيه صلاحُهُنَّ، قال الله تعالى في سيدنا زكريا عليه السلام: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾ [الأنبياء: 90].

قال أهل التأويل: يعنى ردَّ الله إليها حيضها لتحمل، وهو مِن حكمة الباري الذي جعله سببًا للنسل، ألَا ترى أنَّ المرأة إذا ارتفع حيضها لم تحمل، هذه عادةٌ لا تنخرم"، كما قال الإمام ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (1/ 411، ط. دار الرشد).

بيان المختار للفتوى في مسألةِ أقلِّ مدة الحيض وأكثره

المختار للفتوى في مسألةِ أقلِّ مدةِ كلٍّ مِن الحيض والطُّهر بين الحيضتين: أنَّ أقلَّ مدَّة الحيض ثلاثةُ أيامٍ بلياليها (72 ساعة كاملة)، وأنَّ أقلَّ مدَّة الطُّهر بين الحيضتين خمسةَ عشر يومًا كاملةً تَرى فيها المرأةُ نقاءً تامًّا؛ لما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَقَلُّ الْحَيْضِ: ثَلَاثٌ، وأَكْثَرُهُ: عَشْرٌ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا» رواه الأئمة: أبو يوسف الفسوي في "المعرفة والتاريخ"، والبيهقي في "الخلافيات"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"، مِن حديث أمير المؤمنين الإمام عليٍّ وأبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنهما.

وهذا الحديث وإنْ كان فيه مَقَال، إلا أنَّه مُعْتَبَرٌ عند الفقهاء؛ لِتَوَارُد الصحابة رضي الله عنهم على العمل بمَضمُونه، ولأنَّ هذا الأمر لا يَثبت إلا توقيفًا.

وهو مذهب الحنفية:

قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي في "بداية المبتدي" (ص: 8-9، ط. محمد علي صبح): [أقل الحيض ثلاثة ايام ولياليها... وأقل الطهر خمسة عشر يومًا] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين الحَصْكَفِي في "الدر المختار" (ص: 43، ط. دار الكتب العلمية): [و(أقلُّه ثلاثةُ أيام بلياليها) الثلاث، فالإضافة لبيان العدد المقدَّر بالساعات الفَلَكِيَّة لا للاختصاص، فلا يلزم كونها ليالي تلك الأيام... (وأقل الطهر) بين الحيضتين، أو النفاس والحيض (خمسة عشر يومًا) ولياليها إجماعًا (ولا حَدَّ لأكثره)... وعَمَّ كلامُه: المبتدأة، والمعتادة، ومَن نَسِيَت عادتها، وتُسمَّى: المحيرة والمضلة، وإضلالها: إما بعدد، أو بمكان، أو بهما] اهـ.

حكم من تأتيها الدورة مرتين في الشهر فهل تترك الصيام

إذا حاضت المرأة، ثم طَهُرَت مِن الدم، ورأت نقاءً استمر معها خمسة عشر يومًا فأكثر، ثم رأت الدم مرةً ثانيةً لمدةٍ لا تَقلُّ عن ثلاثة أيام بلياليها، فإن هذا الدم يكون حيضًا.

وقد تقرر شرعًا بالإجماع أنَّه يجب على الحائض ترك الصيام في أيام حيضها إلى أن تطهر، فتغتسل، وتكمل صيام ما بقي مِن الشهر، ثم تقضي ما أفطرته مِن أيام بسبب حيضها بعد رمضان.

قال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 354، 355، ط. دار الفكر): [أجمَعَت الأمةُ على تحريم الصوم على الحائض والنفساء، وعلى أنه لا يَصِحُّ صومُها... وأجمَعَت الأمةُ أيضًا على وجوب قضاء صوم رمضان عليها، نَقَلَ الإجماعَ فيه: الترمذي، وابن المُنْذِر، وابن جرير، وأصحابنا، وغيرهم] اهـ.

أما إذا نقصت مدة الطهر عن خمسة عشر يومًا، بأن رأت دمًا قبل تمامها بعد حيضة كاملة، وكانت قد تجاوزت أكثر مدة الحيض، وهي عشرة أيام بلياليها، فإن هذا الدم لا يكون حيضًا شرعًا؛ لعدم مرور أقل مدةٍ للطهر بين الحيضتين، ويكون استحاضةً حينئذٍ.

قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني في "المبسوط" المعروف بـ"الأصل" (1/ 341، ط. إدارة القرآن بكراتشي): [الطهر أقل ما يكون خمسة عشر يومًا، فإذا رأت الدم في أقلَّ من ذلك فهي مستحاضة] اهـ.

وكذا إذا نقص الدم عن ثلاثة أيام بلياليها بعد طُهرٍ كاملٍ لا يقل عن خمسة عشر يومًا، فإنه يكون استحاضةً أيضًا؛ لأن أقلَّ مدة الحيض ثلاثةُ أيام بلياليها بعد طُهرٍ كاملٍ، كما سبق بيانه.

قال الإمام محمد بن الحسن الشَّيْبَانِي في "الأصل" المعروف بـ"المبسوط" (1/ 458): [وأقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام ولياليها، لا ينقص مِن ذلك شيئًا... فإن رأت المرأةُ الدمَ يومين وثُلُثَي يومٍ، ثم انقَطَع ذلك، لم يكن ذلك حيضًا حتى يكون ما بين أول الدم وآخره ثلاثة أيام ولياليها، لا ينقص مِن ذلك شيء] اهـ.

والمرأة المستحاضة ينزل منها الدم لا على سبيل الصحة، بل لاعتلالها ومرضها، فتترك الصيام وقت حيضتها المعلومة لها فقط، وتصوم في أيام استحاضتها، حيث أجمع الفقهاء على أنَّ المستحاضة معدودةٌ مِن أهل العبادات شرعًا، مثلها في ذلك مثل الطاهرة الخالية من الدَّمِ سواء بسواء، فتفعلُ كلَّ ما تفعلُه الطاهراتُ كأنها ليس بها علة، ولا يثبت لها أيُّ شيءٍ مِن أحكام الحيض، فتصوم، وتصلي، وتعتكف، وتجلس في المسجد، وتقرأ القرآن، وتمس المصحف، وتطوف بالبيت، وتفعل كل ما تفعله الطاهرات من العبادات؛ لما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، جاءت فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني امرأةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أَطْهُر. أَفَأَدَعُ الصلاةَ؟ فقال: «لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» أخرجه الشيخان.

قال الإمام ابن المُنذِر في "الأوسط" (2/ 218، ط. دار طيبة): [قد أجمع أهلُ العلم على التَّفريقِ بينهما، قالوا: دمُ الحَيضِ مانعٌ من الصَّلاةِ، ودمُ الاستحاضة ليس كذلك، ودمُ الحيض يمنعُ الصِّيامَ والوطء، والمستحاضةُ تصوم وتصلِّي، وأحكامُها أحكامُ الطَّاهر] اهـ.

وقال الإمام ابن عبدِ البَرِّ في "التمهيد" (16/ 68، ط. أوقاف المغرب) في أحكام الاستحاضة: [تكونُ المرأةُ فيه طاهرًا، لا يمنَعُها من صلاةٍ ولا صومٍ، بإجماعٍ من العلماءِ] اهـ.

وقال الإمام النوويُّ في "شرحه على صحيح مسلم" (4/ 17، ط. دار إحياء التراث العربي): [أمَّا الصَّلاةُ والصِّيامُ، والاعتكافُ وقراءةُ القرآنِ، ومسُّ المصحَفِ وحملُه، وسجودُ التِّلاوةِ وسُجودُ الشُّكرِ، ووجوبُ العبادات عليها، فهي في كلِّ ذلك كالطَّاهرةِ، وهذا مُجْمَعٌ عليه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا رأت المرأةُ المذكورةُ الدمَ في الشهر الذي سَبَق لها الحيضُ فيه، وذلك قبل مرور خمسة عشر يومًا كاملةً طهرًا، فإن هذا الدمَ يكون استحاضةً ويجب عليها الصوم، أما إذا رأته وقد مَرَّ على طُهرها مِن الحيضة الأولى خمسة عشر يومًا فأكثر، واستمر نزوله ثلاثة أيام بلياليها (72 ساعة كاملة) فأكثر، فإنَّه يكون دم حيض ويجب عليها الفطر حينئذٍ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يسأل عن حكم الخروج من البيت على حال الجنابة؟ وهل هذا يجوز أو أنه لا بد من الاغتسال قبل الخروج؟


أنا مصري مقيم في دبي، وكنت في رحلة عمل إلى أمريكا، وأنا صائم صيام رمضان، ويوم رحلة العودة كان يوم الجمعة وبدأته بالصيام ولم أفطر حتى بعد أن صعدت الطائرة؛ حيث بدأت رحلتي قبل المغرب بحوالي 3 ساعات، واستغرقت رحلتي 14 ساعة بالطائرة، ولم أشهد غروب الشمس طوال الرحلة، فأكملت الصيام حتى وصلت الطائرة وقت المغرب من يوم الغد إلى دبي.
ونظرًا لفروق التوقيت بين البلدين وصلت يوم السبت إلى دبي، وعلى الرغم من أنه كان يوم صيام طويلًا حوالي 28 ساعة، ولكن كان بالنسبة لي يومًا واحدًا بدلًا من يومين، فما حكم صيامي؟ وهل يجب عليَّ أن أقضيَ اليوم الناقص؟


أخذ زوج بنتي شبكتها وباعها بحجة أنه كان قد اشتراها من مال والده، فهل هذا من حقه؟


شاب في الثانية والثلاثين من عمره متزوج منذ خمس سنوات من زميلته بالمدرسة، ولزوجته أختان أكبر منها ومنه متزوجتان وفاضلتان إحداهما محجبة -ترتدي الحجاب-، والأخرى منتقبة، إلا أنهما عندما يزورهما زوج أختهما -السائل وغيره من أزواج أخواتهما- يظلَّان على حالهما كما هما مرتديتين ملابس البيت من غير حجاب ولا نقاب، وأحيانًا تكونان عاريتي الرأس وبملابس نصف كم، وعندما ناقشهما في هذا الأمر قالت له كل منهما: إنك أخونا الصغير ونحن محرمات عليك، ويريد أن يعرف الحكم الشرعي في ذلك، كما أن لزوجته أختين إحداهما في مثل سنه ومتزوجة وتعمل في السعودية ومنتقبة -تلبس النقاب كاملًا وجوانتي في يديها وجوربًا في رجليها-، وتلبس نظارة سوداء حتى لا يرى أحد منها شيئًا، وجاءت من السعودية وهي على هذا الحال، لا تتكلم مع أحد من الرجال حتى من أزواج أخواتها وإذا اجتمعت مع الأسرة في مكان فإنها تُسلِّم على الرجال أزواج أخواتها باللسان فقط وعلى بعد منهم، ولا تتحدث مع أحد منهم، أما الأخرى فهي طالبة جامعية وهي أصغر منه بحوالي عشر سنوات وحملها كثيرًا وهي صغيرة ويعتبرها في منزله بنته، والآن هي محجبة، وإذا زارهم أحد من أزواج أخواتها ومنهم السائل فإنها ترتدي الحجاب والملابس الطويلة الساترة لجسمها ولا تُسلِّم أيضًا على أحد منهم أي لا تصافح أحدًا، ويريد السائل معرفة الحكم الشرعي في هذه التصرفات، وهل أخوات زوجته المحجبات والمنتقبات على صواب أم لا؟


سائلة تقول: أريد أن أقوم بتهذيب حاجبيّ؛ لأنهما غير مهذبين؛ وقد سمعت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك. فقال: «لَعَنَ اللهُ النَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ»؛ فهل هذا النهي على إطلاقه؟


ما فضائل شهر المحرم؟ فإني أودّ الاعتناء فيه بمزيد من العبادات، وقد سمعتُ في بعض الدروس الدينية أنَّه لا يصح صومه كاملًا، فهل هذا صحيح؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28