ما حكم دفع الزكاة لدور المسنين؟ فأنا أريد أن أدفع زكاة مالي لدار المسنين المجاورة لمحل سكني، وسمعتُ في بعض الدروس الدينية أنَّه لا يجوز ذلك، فهل هذا صحيح؟
لا مانع شرعًا من إعطاء المؤسسات التي تقوم على رعاية المسنين من مال الزكاة ما دامت تقوم على رعاية المسنين، وذلك عند انعدام أموال الصدقات والتبرعات في هذا المجال، مع تقديم الأشد احتياجًا منهم على غيرهم، شريطة التَّأكُّد من مراعاتها للشؤون التنظيمية الخاصة بهذا الأمر.
المحتويات
حَدَّد الله تعالى مصارف الزكاة في ثمانية أصناف، لا يستحق أن يأخذ من الزكاة أحدٌ غيرهم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة 60].
وروى أبو داود في "سننه" عن زياد بن الحارث رضي الله عنه، أنَّه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبايعته فذَكَر حديثًا طويلًا، قال: فأتاه رجلٌ فقال: أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الله تعالى لم يَرْضَ بحكم نبيٍّ ولا غيره في الصدقات، حتى حكم فيها، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنتَ مِن تلك الأجزاء أعطيتُك حقَّك».
وهذا هو ما اتفق عليه فقهاء المذاهب الأربعة، على خلافٍ بينهم فيما إذا كان الواجب أن تُقَسم الزكاة على الثمانية، أم يجوز أن تُقَسم على بعض الأصناف دون بعض. ينظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي الحنفي (1/ 299، ط. دار الكتب العلمية)، و"منح الجليل" للشيخ عليش المالكي (2/ 92، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (4/ 173، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (2/ 446، ط. دار العبيكان).
قد توسَّع كثير من العلماء في مفهوم مصرف الصنف السابع في الآية، وهو قول الله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، فجعلوه مجالًا لصرف الزكاة عند الحاجة في كل القُرَب وسُبُل الخير ومصالح الناس العامة؛ أخذًا بظاهر اللفظ في الآية الكريمة.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 45، ط. دار الكتب العلمية): [وأَمَّا قوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فعبارة عن جميع القُرَب، فيدخل فيه كل مَن سعى في طاعة الله وسبيل الخـيرات إذا كان محتاجًا] اهـ.
وقال الإمام الفخر الرازي الشافعي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (16/ 87، ط. دار إحياء التراث العربي): [واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ لا يوجب القصر على كل الغزاة؛ فلهذا المعنى نقل القَفَّال في "تفسيره" عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد؛ لأنَّ قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ عامٌّ في الكل] اهـ.
وهذا هو ما نقله أيضًا الإمام ابن قدامة الحنبلي عن أنسِ بن مالك، والحسن البصري، فقال في "المغني" (2/ 497، ط. مكتبة القاهرة)، قال: [وقال أنس والحسن: ما أعطيت في الجسور والطرق فهي صدقة ماضية] اهـ.
ولم يتعرَّض الفقهاء في كلامهم عن مصارف الزكاة إلى كبار السِّن بعينهم، وإنما اكتفوا بالأصناف التي يندرج فيها كبار السِّن وغيرهم، ومع ذلك فمن الممكن أن نُدرِج المحتاجين من كبار السِّن تحت الصنف المناسب لهم، فالمسن قد يكون مندرجًا تحت أحد الأصناف التي تستحق الزكاة بأن يكون فقيرًا أو مسكينًا أو غارمًا مثلًا، وقد لا تشمله إذا كان غنيًّا، وذلك على مستوى الأفراد، أي: بالنظر للمُسِنِّ مِن حيث هو.
أَمَّا على مستوى المؤسسات التي تقوم على رعاية كبار السِّن، فإنَّ الدُّور التي تنشأ لرعاية المسنين قد تضم الفقراء فقط، وقد تضم إلى جوارهم الأغنياء، والغني لا يجوز دفع الزكاة له اتفاقًا. يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (2/ 160، ط. دار المعرفة)، و"التاج والإكليل" لأبي عبد الله الموَّاق (3/ 247، ط. دار الكتب العلمية)، و"كفاية الأخيار" لتقي الدين الحصني (ص: 194، ط. دار الخير)، و"المغني" لابن قدامة (2/ 493، ط. مكتبة القاهرة).
وعلى ذلك: فإذا كانت هذه الدور تقوم على رعاية المسنين الفقراء، فحينئذٍ يجوز دفع الزكاة لها تحت مصرف "الفقراء".
هذا فضلًا عن أنَّ هذه المؤسسات تقوم بأعمال البر العامة التي يجوز دفع الزكاة إلى مَن يقوم بها؛ إذ إنها تُوفِّر لهم المسكن والرعاية اللازمة لهم مِن طعامٍ ودواءٍ ومأوى وغير ذلك، فيجوز صرف الزكاة لها تحت مصرف ﴿وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ وَفْق ما نَصَّ عليه الفقهاء -كما سبق- في تفسير هذا المصرف، لكن ينبغي في سياق ذلك الالتزام بمراعاة الشؤون التنظيمية الخاصة بهذا الأمر، وعدم مخالفة القانون في ذلك.
ومقتضى هذا أَنَّ الأخذ بهذا القول مقيدٌ بما إذا تَوقَّف الإنفاق في دور رعاية المسنين -كما هي مسألتنا- على مال الزكاة، وذلك في الحالة التي يَنعَدِم عندها أموال الصدقات والتبرعات، وإلَّا ففيهما -أي: الصدقات والتبرعات- الغُنْيَة إذا تيسَّرا.
وسواء قُلْنا بدفع الزكاة مِن مصرف "في سبيل الله" أو من مصرف "الفقراء" فينبغي أن يُرَاعَى في الإنفاق أَشَدُّ المسنين حاجةً إليه، فهُم أَوْلَى مِن غيرهم بمال الزكاة.
بناء على ذلك: فلا مانع شرعًا من إعطاء المؤسسات التي تقوم على رعاية المسنين من مال الزكاة ما دامت تقوم على رعاية المسنين، وذلك عند انعدام أموال الصدقات والتبرعات في هذا المجال، مع تقديم الأشد احتياجًا منهم على غيرهم، شريطة التَّأكُّد من مراعاتها للشؤون التنظيمية الخاصة بهذا الأمر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم حمل الناس في سيارة لزيارة قبر السيدة آمنة وأخذ الأجرة على ذلك؟ حيث إن زوجي يملك سيارة أجرة، ويقوم بحمل الزوَّار لزيارة قبر السيدة آمنة بنت وهب أم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويأخذ مقابل ذلك أجرة مالية يشترطها قبل إركاب الزائرين والحجاج والعمَّار معه، أو يتفق مع المسؤول عن حَمْلَةِ من يقومون بالمناسك على ذلك، فهل عمله ذلك جائز شرعًا؟ وهل ما يأخذه من أجرة تجوز له؟
ما مدى وقوع طلاق مريض الوسواس القهري؟ وهل يشترط لوقوعه التوثيق؟
ما حكم الاقتصار في إخراج الزكاة على صنفٍ واحد من الأصناف الثمانية المستحقة للزكاة؟ وهل يجوز إخراجها لشخص واحد من هذا الصنف أو يجب استيعاب أهل هذا الصنف؟
ما حكم استرداد العارية قبل انتهاء المدة المتفق عليها؟ فرجلٌ استعار سيارةً مِن جاره لقضاء بعض المصالح بها لمدة ثلاثة أيام، إلا أن صاحب السيارة طلب استردادها بعد يومٍ مِن أخذها لسفر ضروري طرأ له في عمله، ولا يملك غير هذه السيارة للسفر، لكنِ المستعيرُ امتنع عن رَدِّها، وتمسك باتفاقه مع صاحب السيارة، وأنه قد استأذنه فيها لمدة ثلاثة أيام، والسؤال: هل يجوز شرعًا ما فعله المستعير مِن الامتناع عن تسليم السيارة إلا بمضي المدة المتفق عليها؟ علمًا بأن رَدَّها لا يَضُره في شيء، فهي موجودة عند البيت ولا يستعملُها حين طُلِبَت منه، وإنما المتضرر هو صاحب السيارة؛ لأنه لو استأجر سيارة للسفر سوف يتكلف كثيرًا من المال، ولو امتنع عن السفر تضرر في عمله.
ما الرأي الشرعي فيما يأتي:
أولًا: هل يستحق المريض عقليًّا الذي لا يستطيع الحصول على حقوقه شيئًا من الزكاة؟
ثانيًا: إذا وُجد طفل معاق في أسرة غنية، ولكنه محروم من حقوقه ومن الإنفاق عليه لرعايته وعلاجه. فهل يُصرَف له من الزكاة؟
ثالثًا: هل يجوز صرف الزكاة في شراء الأجهزة الطبية لذوي الهمم، وتوفير سيارة لنقلهم من منازلهم للمؤسسات التي ترعاهم؟
ما حكم الزكاة في المنتجات التي يتم زراعتها في الماء؟ فسائل يقول: عندي بعض الأحواض المائية، وأستغلها في زراعة بعض أنواع الطحالب والأشينيات المائية، ثم أبيعها بعد ذلك، فهل تجب فيها الزكاة؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.