ما حكم العمرة للمرأة إذا فاجأها دم الحيض؟ فأمٌّ تسأل وتقول إنها حجزت للعمرة هي وابنتها، وقبل الإحرام فاجأ البنت الحيض، وفترة الإقامة في مكة 4 أيام، وبعدها يومان في المدينة، والعادة لهذه البنت 8 أيام، فهل يجوز لها الإحرام في هذه الحالة؟
يجوز للمرأة الإحرام للعمرة حال حيضها مع استحباب اغتسالها قبله، ثم تنتظر حتى تطهر فتغتسل وتؤدي عمرتها، فإن تعذر الانتظار لكون مدة حيضها -بناء على عادتها- مساوية لمدة سفرها أو أكثر واعتادت انقطاع الدم أثناء مدة الحيض، أو أمكنها استعمال دواء لرفع الحيض تحت إشرافٍ طبي -حيث لا ضرر عليها منه- فانقطع دمُها: جاز لها حينئذ الاغتسال والطواف وأداء المناسك حتى وإن عاد الدم بعد ذلك في مدته، وإن تعذَّر كل ذلك: جاز لها الطواف بالبيت وأداء المناسك وعمرتها صحيحة، ولا شيء عليها.
المحتويات
من المقرر شرعًا أن الطهارة من الحيض ليست شرطًا من شروط صحة الإحرام، وأنه يصح إحرام الحائض بالحج أو العمرة مع استحباب اغتسالها، وعلى مشروعية ذلك تكاثرت النصوص من السنة النبوية المشرفة، والإجماع.
فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قدمتُ مكة وأنا حائضٌ، لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوتُ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطَّهَّرِي» متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ تَغْتَسِلانِ وَتُحْرِمَانِ، وَتَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند" واللفظ له، وأبو داود في "السنن"، والترمذي في "جامعه" وحسَّنه.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (2/ 120، ط. مكتبة الغرباء): [هذا قول جماعة أهل العلم، لا يعلم بينهم اختلاف فيه: أن الحائض يجوز أن تحرم بالحج والعمرة، وتفعل ما يفعله الطاهر سوى الطواف بالبيت] اهـ.
إذا أحرمت المرأة بالعمرة حال حيضها أو فاجأها الحيض بعد إحرامها فإن إحرامها صحيح، أما بالنسبة لطوافها فإن أمكنها الانتظار حتى تطهر فعليها أن تنتظر لتطوف على طهارة، قال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (26/ 205-206، ط. مجمع الملك فهد): [الذي لا أَعلَم فيه نزاعًا: أنه ليس لها أنْ تطوف مع الحيض إذا كانت قادرةً على الطواف مع الطُّهر، فما أَعلَم منازعًا أنَّ ذلك يَحرُمُ عليها وتَأثَمُ به] اهـ.
وإذا تعذَّر ذلك الانتظار أو تعسَّر بأن كانت مدة حيضها -بناء على عادتها- مساوية لمدة سفرها أو أكثر، فإن كانت معتادة انقطاع الدم أثناء مدة الحيض ولو لبعض يوم، أو أمكنها استعمال دواء لرفعه تحت إشرافٍ طبي -حيث لا ضرر عليها- فانقطع دمُها: جاز لها حينئذ الاغتسال والطواف وأداء المناسك، وطوافها صحيح حتى وإن رجع إليها الدم بعد ذلك في مدته، عملًا بما ذهب إليه المالكية والحنابلة مِن أن النقاءَ في أيام الحيض طُهْر، وهو أحد قولي الإمام الشافعي، ويُعرَف بـ "التلفيق"، ورجحه جماعة من الشافعية، وهو مذهب الإمام الحسن بن أبي الحسن البصري.
قال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (2/ 298، ط. دار الفكر): [ولا يُحبَسُ كَرِيٌّ ولا وَلِيٌّ لأجل طوافها، وتمكث وحدها بمكة حتى تطهر وتطوف إن أمكنها المُقام بها، وإلا رجعت لبلدها وهي محرمة وتعود في القابل. سند... وهذا كله إن لم ينقطع دمها أصلًا، وإلا اغتسلت وطافت حال انقطاعه ولو بعض يوم] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "حاشيته على شرح الإيضاح" للإمام النووي (ص: 387-388، ط. دار الحديث): [للبارزي كلامٌ في المسألةِ حسنٌ طويلٌ، حاصله: أن مَن استعملت دواءً فانقطع دمُها، أو انقطع لا لدواءٍ، فاغتسلت وطافت، ثم عاد الدم بعد سفرها: يجوز لها العمل بأحد قولي الشافعي فيمن انقطع دمُها يومًا ويومًا، فإن يوم النقاء طهرٌ على هذا القول المعروف بقول "التلفيق"، ورجحه جماعة من الأصحاب، ويوافقه مذهب مالك وأحمد: أن النقاءَ في أيام التقطعِ طُهْرٌ] اهـ.
وقال العلَّامة برهان الدين ابن مفلح الحنبلي في "المبدع" (1/ 253، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن طهرت في أثناء عادتها اغتسلت، وصلَّت) وصامت، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "أَمَّا مَا رَأَتْ الطُّهْرَ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِل"] اهـ.
وإن لم تعتد انقطاع الدم في مدة حيضها ولم يمكنها استعمال ما يرفعه، فيجوز لها حينئذ الطواف وأداء المناسك، وطوافها صحيح، كما هو قول جمهور الفقهاء؛ لأن "المشقة تجلب التيسير"، و"إذا ضاق الأمر اتسع"، كما في "الأشباه والنظائر" لتاج الدين السُّبْكِي (1/ 49، ط. دار الكتب العلمية)، ولما في ذلك مِن التخفيف ورفع الحرج ودفع المشقة في عذر الحيض الذي لا اختيار للمرأة فيه، خاصة أن الشريعة قد جاءت بالتيسير على المكلفين، رحمةً بهم، ورعايةً لأحوالهم، وقد أناطت أحكامها بقدر السعة والطاقة في نحو قول الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286].
ثم منهم من يُلزِمُها بشاة، وهم الحنفية في المعتمد، بناءً على أن ترك الطهارة يُجْبَرُ بدمٍ؛ لأنها مِن واجبات الطواف لا مِن شروطه، -وهو ما أجاز متأخرو المالكية والشافعية تقليده-، ومنهم مَن لا يُلزمها بدمٍ أصلًا؛ لأنها معذورة، كما هو مرويٌّ عن الإمام أحمد. ينظر: "بدائع الصنائع" (2/ 129، ط. دار الكتب العلمية)، و"الاختيار في تعليل المختار" (1/ 162، ط. مطبعة الحلبي)، و"منح الجليل" للعلامة عليش المالكي (2/ 298)، و"حاشية العلامة الشَّبْرَامَلِّسيِّ الشافعي على نهاية المحتاج" (3/ 317-318، ط. دار الفكر)، و"الفروع" للإمام ابن مفلح الحنبلي (6/ 40، ط. مؤسسة الرسالة).
المختار للفتوى هو صحة طوافها حينئذ ولا فدية عليها؛ لكونها معذورة لا متجنية بحيضها أو مسيئة، قال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (26/ 214): [إذا طافت حائضا مع التعمد توجه القول بوجوب الدم عليها. وأما مع العجز فهنا غاية ما يقال: إن عليها دما والأشبه أنه لا يجب الدم؛ لأن هذا واجب تؤمر به مع القدرة لا مع العجز فإن لزوم الدم إنما يجب بترك مأمور وهي لم تترك مأمورا في هذه الحالة ولم تفعل محظورا من محظورات الإحرام وهذا ليس من محظورات الإحرام؛ فإن الطواف يفعله الحلال والحرام فصار الحظر هنا من جنس حظر اللبث في المسجد واعتكاف الحائض في المسجد أو مس المصحف أو قراءة القرآن وهذا يجوز للحاجة بلا دم] اهـ.
بِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز لابنتِكِ الإحرام للعمرة حال حيضها مع استحباب اغتسالها قبله، ثم تنتظر حتى تطهر فتغتسل وتؤدي عمرتها، فإن تعذر الانتظار لكون مدة حيضها -بناء على عادتها- مساوية لمدة سفرها أو أكثر واعتادت انقطاع الدم أثناء مدة الحيض، أو أمكنها استعمال دواء لرفع الحيض تحت إشرافٍ طبي -حيث لا ضرر عليها منه- فانقطع دمُها: جاز لها حينئذ الاغتسال والطواف وأداء المناسك حتى وإن عاد الدم بعد ذلك في مدته، وإن تعذَّر كل ذلك: جاز لها الطواف بالبيت وأداء المناسك وعمرتها صحيحة، ولا شيء عليها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إجهاض الجنين قبل 120 يوما إذا كانت الأم مريضة بالحصبة الألمانية؛ فزوجة أخي حامل في أوائل الشهر الرابع، وقد أصيبت بمرض الحصبة الألمانية، وقد أجمع خمسة أطباء مسلمين من تخصصات مختلفة -حميات، جلدية، أطفال، نساء وولادة- على أن لذلك المرض تأثيرًا على الجنين، وأنه يُحدِث نسبة مرتفعة تقترب من تسعين بالمائة من العيوب الخلقية في الجنين، منها ضمور في المخ أو ثقب في القلب أو تشوهات سمعية أو بصرية، ونصحونا بإنزال الجنين. فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
ما حكم عدم تعيين النية في السعي الواجب في الحج؟ حيث حجَّ أبي العام الماضي مع أحد الأفواج المنظِّمة لرحلات الحج، وبعد طواف الإفاضة سعى مع الفوج من غير استحضارٍ لنية السعي الواجب في الحج؛ فهل يصحُّ السعي الواجب بعد طواف الإفاضة من غير استحضار النية له؟
ما حكم الحج والعمرة عن طريق المسابقات؟ فقد اشتركتُ وبعض أصدقائي في مسابقة ثقافية نظَّمتها إحدى الجهات الخيرية، وأعلنوا أنَّ جائزتها رحلةُ حَجٍّ أو عُمْرةٍ، فهل يجوز لي حال الفوز بهذه المسابقة أن أحجَّ أو أعتمر بهذه الكيفية؟
ما حكم المبيت بالمزدلفة؟ وما مقدار المُكُوث بها الذي يَفي بغرض المبيت؟ وما حكم مَن تركها بعذرٍ أو بدون عذر؟
نرجو منكم بيان الحكم الشرعي لما يفعله بعض الحجاج والمعتمرين من كثرة الانشغال بالتصوير خلال أداء مناسك الحج والعمرة؛ حيث إن هناك بعض الزائرين لهذه البقاع الطاهرة لأداء المناسك يُكثر من التصوير بهواتفهم بشكل فوق المعتاد كلَّما مرّوا على أحد المشاعر والأماكن المقدسة، وهذا قد يؤدي إلى تعطيل الفوج عن أداء المناسك في الوقت المطلوب، ويسبِّب أيضًا حرجًا للبعض من كبار السن والعجزة، فلمَّا طُلب منهم التخفيف من كثرة التصوير، فكان رد أحدهم عليَّ بأنه حريص على التقاط صور تذكارية مع المشاعر والأماكن المقدسة، واستمروا في ذلك حتى بلغ الأمر مسؤول تنظيم الرحلة، وهو بدوره تضجَّر من ذلك الفعل؛ لأنه يعطله أيضًا عن عمله ومهمته بسبب تأخر حركتنا، فما حكم الشرع في ذلك؟
شركة تسأل بخصوص منتج جديد خاص بالوضوء، حيث إنه في حالاتٍ كثيرةٍ عند وجود المصلين في الحرم المكي أو المدينة المنورة أو في طائرة تطير لمسافاتٍ وساعاتٍ طويلةٍ أو حافلةٍ تسير لمسافات طويلةٍ، يُنتَقضُ وضوء أحد المصلين وخاصَّة السيدات، وهو ما يسبب إحراجًا وإرباكًا لهم؛ لأن خروجهم للوضوء مرةً أخرى وعودتهم للصلاة مع الجماعة تكون صعبةً أو مستحيلةً.
وبعد دراسة مستفيضةٍ لحل هذا الوضع وصلنا إلى "منتجٍ جديد" تحت اسم: "Water Wipes" على هيئة مناديل ورقية صديقة للبيئة وتتحلل تلقائيًّا وهي مغموسة بماءٍ نظيفٍ 100% ومغلف تغليفًا جيدًا، ومقدار الماء للمغلف الواحد الذي يكفي لوضوءٍ شرعيٍّ -من وجهة نظرنا- هو: (60- 80 مللي لتر)، ومرفق طيُّه عيِّنة منه.
فهل يمكن أن يستعمل هذا المنتج كبديلٍ للوضوء في هذه الحالات؟