حكم صكوك الأضاحي وتوزيع لحم الأضاحي المختلط على المضحين

تاريخ الفتوى: 28 مايو 2025 م
رقم الفتوى: 8651
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الذبائح
حكم صكوك الأضاحي وتوزيع لحم الأضاحي المختلط على المضحين

جمعية للخدمات الاجتماعية تخضع لأحكام قانون ممارسة العمل الأهلي ولائحته التنفيذية، تمارس العديد من الأنشطة، منها: صكوك الأضاحي، لذا نرجو إفادتنا بالحكم الشرعي فيما يأتي:

- هل يجوز شرعًا أن يحصل كل مضحٍّ على الكمية المخصصة له من اللحوم (18 كيلو جرامًا من صك العجل، و15 كيلو جرامًا من صك الخروف) من أي ذبيحة تم ذبحها في اليوم نفسه، وذلك بعد توثيق ذبح الأضحية عن طريق الفيديو وتسمية المشتركين في هذه الأضحية قبل ذبحها وعددهم، أو يجب شرعًا أن تصله لحوم من نفس الذبيحة التي اشترك فيها تحديدًا؟ علما بأن محاولة المطابقة التامة قد تؤدي إلى وقوع أخطاء تنظيمية بسبب كثرة الذبائح والإجراءات في ذات اليوم.

- وهل يجوز للجمعية التصرف في حواشي الذبائح التي تبرع بها المضحي ضمن صكه، مثل: الكرشة، الكبدة، الجلد، وغير ذلك، وذلك ببيعها واستخدام العائد في تغطية مصروفات تنفيذ المشروع، أو توجيهها للفئات المستحقة للدعم داخل الجمعية؟

صكوك الأضاحي عبارةٌ عن توكيلٍ في شرائها وذبحها وتوزيع لحومها، وهو أمرٌ جائزٌ شرعًا، وتخصيص (18 كيلو جرامًا من صك العجل، و15 كيلو جرامًا من صك الخروف) لكل مضحٍّ مبناه على الاتفاق والتراضي بين الجمعية والمضحِّين، والأصل أن يأخذ كلُّ مضحٍّ نصيبه من أضحيته التي عيِّنت له عند الذبح لا من أضحية غيره وإن كلَّف ذلك مزيد جهد وتعب في ترتيبه وتنظيمه، فإن تسبب ذلك في مشقة شديدة وحرج لا يستطيع معهما المسؤولون ضبط هذا الأمر عند كثرة الذبائح واختلاط لحمها ببعضه بعد الذبح فيجوز حينئذٍ إعطاءُ كلِّ مُضحٍّ حصتَه المتفقَ عليها من اللحم من إجمالي لحوم الأضاحي، وأما حواشيها (مثل: الكرشة، الكبدة، الجلد، وغير ذلك) فلا يجوز للجمعية بيع أي شيءٍ منها لصالح نفسها، ولا للإنفاق منها على تغطية مشروع الأضاحي أو تنفيذه، وإنما يتم توزيعها كاللحوم، أو بيعها والتصدق بثمنها على الفقراء والمساكين، أو استبدال لحم بها، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقوانين المقررة في هذا الشأن.

المحتويات

 

حكم صكوك الأضاحي عن طريق الجمعيات الرسمية

صكوك الأضاحي هي نوعٌ مِن أنواع الوكالة في شراء وذبح الأضحية، وهي جائزة شرعًا، حيث يجوز للإنسان أن يشتري ويُضحِّي -أي يذبح أضحيته- بنَفْسه وبغيره بإذنه؛ لأنها قُربةٌ تتعلق بالمال، فتُجزئ فيها النيابة، كأداء الزكاة وصدقة الفطر، ولأنَّ كلَّ أَحَدٍ لا يَقدر على مباشَرَة الشراء أو الذبح بنفسه، فلو لَم تَجُز الاستنابةُ لَأَدَّى إلى الحرج.

والأصل في جواز التوكيل في شراء الأضاحي: ما روي عن عروة بن الجعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» أخرجه الإمام البخاري.

وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَةً» أخرجه الأئمة: الحميدي، وأبو داود، والبيهقي.

وهذا ما اتفق عليه الفقهاء، حيث أجازوا الوكالة في البيع والشراء، وحفظ المتاع، وقبض الحقوق من الأموال، ودفعها، ونحو ذلك، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حَزْم (ص: 61، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة (5/ 64، ط. مكتبة القاهرة).

وأما عن جواز الاستنابة في ذبح الأضحية: فالأصل في ذلك ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، وَأَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ» أخرجه الأئمة: ابن ماجه، والنسائي، والبيهقي.

وهو ما عليه جماهير الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، كما في "بدائع الصنائع" للإمام الكَاسَانِي الحنفي (5/ 67، ط. دار الكتب العلمية)، و"التمهيد" للإمام ابن عبد البَر المالكي (2/ 107، ط. أوقاف المغرب)، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (8/ 405، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (3/ 383).

ومن ثَمَّ يجوز للمضحي أن يُنيب عنه الجمعيات القائمة على شراء وذبح الأضاحي وتوزيعها عن طريقِ هذا الصَّكِّ أو نحوه، وعلى تلك الجمعيات -باعتبارها وكيلًا عن المُضَحِّي- عَمَلُ ما يَلزم لاختيار الأضاحي وذبحها طِبقًا للأحكام الشرعية، وتوزيعها وَفقًا لِمَا يتم الاتفاق عليه بينها وبين المُضحِّين.

وتوثيق ذبح الأضحية عن طريق الفيديو وتسمية المشتركين فيها قبل ذبحها وعددهم هو ما يعرف بتعيين الأضحية، وهو أمر لا بد منه شرعًا -على خلاف بين الفقهاء فيما تتعين به-، وتخصيص نسبة كل مضحٍّ في صكه هو أمر مبني على الاتفاق والتراضي بين الجمعية وأصحاب الصكوك.

حكم توزيع اللحم المختلط على المضحين

أما بخصوص ما يحصل بعد الذبح من إعطاء نصيب المضحين من أي ذبيحة تم ذبحها في اليوم نفسه -سواء كانت ذبيحته أو غيرها من ذبائح المضحِّين-، فالأصل أن يأخذ كل مضحٍّ نصيبه من أضحيته التي عيِّنت له، لا من أضحية غيره، ولو كلف ذلك زيادةَ جهد أو تعب في ترتيبه وتنظيمه من المسؤولين؛ خروجًا من خلاف من نص على أن لحم الأضحية إذا اختلط بعد الذبح بغيره من الأضاحي فإن على المضحي أن يتصدق به ولا يأكل منه.

قال الإمام أبو عبد الله المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 380، ط. دار الكتب العلمية): [الذي لِابْنِ يونس: إذا اختلطت أُضْحِيَتَا رجلين بعد ذبحهما فإنهما يُجزِئَانِهِمَا، ولا يأكلان لَحمهما، ولْيتصدَّقَا به... إنما أجزأناهما؛ لأنهما بالذبح وَجَبَتَا أضحية، فلا يقدح اختلاطُهما في الإجزاء، وإنما لم يأكلا لحمهما؛ لأن كل واحد قد يأكل لحم شاة صاحبه، فيصير بيعًا للحم أضحيته بلحم أضحية صاحبه] اهـ.

فإن اختلط لحم الأضاحي بعضه ببعض وشق تمييز لحم كل أضحية عن غيره من لحوم الأضاحي الأخرى ورضي المضحون بأن يأخذ كل واحد منهم نصيبه من مجموع اللحم المختلط فلا حرج في ذلك شرعًا، ولا يؤثر في صحة الأضحية وإجزائها كما هو مذهب الحنفية وبعض فقهاء المالكية.

جاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 306، ط. دار الفكر): [ولو اشترى عشرةٌ عشرَ أغنام بينهم فضحَّى كلُّ واحدٍ واحدةً جاز، ويُقسم اللحم بينهم بالوزن، وإن اقتسموا مجازفةً يجوز إذا كان أخذ كل واحد شيئًا من الأكارع أو الرأس أو الجلد، وكذا لو اختلطت الغنم فضحَّى كلُّ واحدٍ واحدةً ورضُوا بذلك جاز، كذا في "خزانة المفتين"] اهـ.

وقال الشيخ عِلِيش في "منح الجليل" (2/ 482، ط. دار الفكر) نقلًا عن الإمام ابن عرفة: [ولو اختلطت أُضْحِيَتَا رجلين بعد ذبحهما أجزأتاهما، وفي وجوب صدقتهما بهما وجواز أكلهما إياهما قول يحيى بن عمر وتخريج اللَّخْمِي. ابن عبد السلام: والجواز أقرب] اهـ.

حكم بيع حواشي الأضحية

أما عن مسألة بيع الحواشي كـ(الكرشة، والكبدة، والجلد، ونحوها)، فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية، والحنابلة في المعتمد إلى عدم جواز بيع شيءٍ من الأضحية، كما في "الكافي" للإمام ابن عبد البَر المالكي (3/ 424، ط. مكتبة الرياض الحديثة)، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (2/ 239)، و"الكافي" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (1/ 545، ط. دار الكتب العلمية).

بينما يرى الحنفية جواز بيع الحواشي وغيرها من الأضحية إذا كان الغرضُ من ذلك هو التصدُّق بأثمانها على الفقراء والمساكين، أو استبدال لحم بها، لا أن يبيع لينتفع بالمال العائد من البيع في النفقة على نفسه ومَن يعول.

قال الإمام الزَّيْلَعِي في "تبيين الحقائق" (6/ 8، ط. المطبعة الكبرى الأميرية، مع "حاشية الإمام الشِّلْبِي") في مسألة بيع جلد الأضحية: [ولا يبيعه بالدراهم لينفق الدراهم على نفسه وعياله، والمعنى فيه: أنه لا يتصرف على قصد التموُّل، واللحم بمنزلة الجلد في الصحيح، حتى لا يبيعه بما لا ينتفع به إلا بعد الاستهلاك، ولو باعهما بالدراهم ليتصدق بها جاز؛ لأنه قُربةٌ، كالتصدق بالجلد واللحم] اهـ.

قال الإمام الشِّلْبِي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: ولو باعهما) أي: الجلد واللحم] اهـ.

وجاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 301) في معرض الحديث عن بيع جلد الأضحية: [ولا يبيعه بالدراهم لينفق الدراهم على نفسه وعياله، واللحم بمنزلة الجلد في الصحيح حتى لا يبيعه بما لا ينتفع به إلا بعد الاستهلاك، ولو باعها بالدراهم ليتصدق بها جاز؛ لأنه قُربةٌ كالتصدق، كذا في "التبيين"، وهكذا في "الهداية" و"الكافي"، ولو اشترى بلحم الأضحية جرابًا لا يجوز، ولو اشترى بلحمها حبوبًا جاز، ولو اشترى بلحمها لحمًا جاز] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ صكوك الأضاحي عبارةٌ عن توكيلٍ في شرائها وذبحها وتوزيع لحومها، وهو أمرٌ جائزٌ شرعًا، وتخصيص (18 كيلو جرامًا من صك العجل، و15 كيلو جرامًا من صك الخروف) لكل مضحٍّ مبناه على الاتفاق والتراضي بين الجمعية والمضحِّين، والأصل أن يأخذ كلُّ مضحٍّ نصيبه من أضحيته التي عيِّنت له عند الذبح لا من أضحية غيره وإن كلَّف ذلك مزيد جهد وتعب في ترتيبه وتنظيمه، فإن تسبب ذلك في مشقة شديدة وحرج لا يستطيع معهما المسؤولون ضبط هذا الأمر عند كثرة الذبائح واختلاط لحمها ببعضه بعد الذبح فيجوز حينئذٍ إعطاءُ كلِّ مُضحٍّ حصتَه المتفقَ عليها من اللحم من إجمالي لحوم الأضاحي، وأما حواشيها (مثل: الكرشة، الكبدة، الجلد، وغير ذلك) فلا يجوز للجمعية بيع أي شيءٍ منها لصالح نفسها، ولا للإنفاق منها على تغطية مشروع الأضاحي أو تنفيذه، وإنما يتم توزيعها كاللحوم، أو بيعها والتصدق بثمنها على الفقراء والمساكين، أو استبدال لحم بها، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقوانين المقررة في هذا الشأن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الجمع بين الوفاء بنذر ذبيحة لله تعالى ووليمة الزواج؟ فأنا نذرت لله نذرًا وهو ذبح (عجل من البقر) لأعمل به ليلة لله، ثم إنني أريد زواج أحد أولادي في هذه ‏الليلة؛ فهل يجوز ذبحه في هذه الليلة؟ علمًا بأنني أثناء ‏نذري كان ولدي الذي أرغب في زواجه مريضًا، وقد نذرت ‏ذلك إن شفاه الله وعافاه من مرضه.‏


ما حكم الأضحية عن الميت؟ فقد توفي جدي السنة الماضية وكان قد تعوَّد على التضحية كلَّ سنة؛ فهل يجوز لنا أن نشتري من تركته عجلًا كما تعود ونضحي به عنه؟


ما هو مذهب الحنفية في قتل الصيد بالبُندُقية؟ وهل يباح أكل الصيد إذا تم رميه بالبندقية؟


ما حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد؟ فنحن مجموعة من الشباب خرجنا معًا في رحلة، وجلسنا في استراحة الطريق لنتناول الغداء، فكنا نأكل في طبق واحد، ونتناوب زجاجة الماء نشرب منها جميعًا، فأَنِف أحدنا من هذا الفعل، وأنكر علينا إنكارًا شديدًا بحجة أنه قد تنتقل بسبب ذلك الأمراض، فرد عليه أحد الزملاء بأن ما نقوم به من التشارك في إناء الطعام والشراب سنة نبوية، فلا يجوز أن تنكر علينا ذلك، فما صحة هذا الكلام؟


ما حكم بيع ما يؤكل من الحيوان وتحديد ثمنه بالوزن وهو حي؟ فرجلٌ يعمل في تجارة المواشي، ويقدِّر ثمن الحيوان حيًّا بحسب وزنه بالكيلو جرام القائم ساعة بيعه وفقًا للعُرف الجاري بين التُّجار، على أن الكيلو جرام القائم بكذا، بحيث يَزِنُهُ قبل البيع، ويحدد ثمنه بضرب ثمن الكيلو جرام الواحد في الوزن القائم، ويَعرضه على المشتري فيرضى به أو يُفاوضُه فيه، ثم يتم بينهما البيع بالثمن الذي يَتَرَاضَيَان عليه، فهل يصحُّ هذا البيع شرعًا؟


ما حكم الاشراك في النية في ذبيحة واحدة بين الأضحية وعمل الوليمة ودعوة الناس إليها بمناسبة بناء منزلٍ جديدٍ وهي التي تُسمَّى بالوكيرة، أو أن الأولى عمل هذه الوكيرة من الثلث الخاص بي وبأهل بيتي في الأضحية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :28