01 يناير 2017 م

الفن الإسلامي

الفن الإسلامي

(المآذن نموذجًا)

 

الجمال مجلى الحضارة الإسلامية وروحها الذي به تنطلق محلقة في آفاق الفنون والعلوم، شاهدة على أن الله تعالى يحب الجمال ويدعو إليه لأنه جميل. والإسلام يشجع على إبراز المعاني الجمالية في الأشياء من حولنا، حتى تبعث على النفس الإنسانية الأنس والراحة والسكينة والسعادة؛ ذلك أن الفن في الحضارة الإسلامية مرتبط بسبب متين بالجمال المعنوي الذي ينفذ إلى أسرار وحقائق الأشياء التي أبدعها الخالق في كونه وصوَّرها بقدرته في أبدع وأجمل تصوير، وأودع فيها من مظاهر الانجذاب والجمال ما يكون موصلًا إلى الله تعالى، فالفن في الإسلام له وظيفة عمرانية ووظيفة أخلاقية ودعوية، وقد كانت الشخصية الحضارية الإسلامية شخصية فنية متكاملة في العمارة والفنون وإقامة المدن وتوسيع رقعة العمران، وكان للشخصية الفنية في الحضارة الإسلامية خصائصها التي تميزها من غيرها من الحضارات في كل بقعة من البقاع التي انتشر فيها الإسلام. وتميز الفن الإسلامي بالاستيعاب والاستفادة من طرق وفنون المدارس التي كانت قبله، فتعلم منها ونهل من تراثها، وأضاف الكثير إلى ما أخذه من روح الفن الإسلامي الخاص، وتميزت العمارة الإسلامية بِغنى مفرداتها المعمارية، واهتمامها بالنواحي الحياتية جميعها، فظهرت المباني الدينية من مساجد ومدارس وتكايا، وزوايا، والقباب، والمآذن، والصحن، والإيوان، والمحاريب، والمشربيات، والسراديب، والقصور، والخناقات، والأسبلة، والأبنية المدنية كالدور والقصور، والأبنية عامة كالبيمارستانات (المشافي) والخانات، والحمامات والأسواق. كما ظهر الاهتمام بالحدائق والسبُل المائية على صعيد تخطيط المدن إضافة إلى العمارة العسكرية، وبُنيت القلاع والتحصينات والأربطة (قلاع دفاعية تقام على امتداد الشريط الساحلي)، وتميز الفن الإسلامي بنوع من الرمزية والتجريد.

وإذا نظرت إلى المآذن الإسلامية تلاحظ قوة التأثير العجيب الساحر على نفوس وقلوب الناظرين إليها بما فيها من المخزون الروحي والتاريخي والعقائدي والحضاري، ففي مآذن الجامع الأموي بدمشق، كانت المآذن الأولى في العمارة الإسلامية مربعة الشكل، وتنتهي بشرفات أربع ينطلق منها الأذان للصلاة، ولقد أكد التاريخ على أنَّ المماليك والسلاجقة والعثمانيين تركوا تأثيرات فنية معمارية واضحة حين رمموا المآذن الأموية، أما في العصر العباسي فيبدو أن المآذن قد تأثرت بالعمارة الرافدية القديمة، كما تأثرت المآذن في شرق آسيا بالعمارة الفارسية، فأدخلت في بناء المآذن الأقواس المدببة ذات الصفة التزيينية وأدخلت عدة أنواع للزخارف والمنحوتات والخطوط. ومع بداية العصر العثماني شهد بناء المآذن تطورًا جديدًا، وظهرت المآذن العثمانية بطرازها المميز، فأخذت المآذن العثمانية القاعدة المربعة ثم الجذع المضلع أو الدائري تليها شرفة أو اثنتان أو ثلاث، ويصل ارتفاع المئذنة العثمانية في بعض الأحيان إلى خمسين مترًا، وتنتهي الشرفة الأخيرة بشكل مدبب يغطى بصحيفة من الرصاص. والمآذن في العمارة الإسلامية لها قيم ثلاث:

أولها القيمة النفعية أو الوظيفية، بمعنى أن تكون كل مأذنة مهيأة للقيام بوظيفتها للدلالة على أن هذا المبنى مسجد؛ لذلك يطلق على المآذن منارات، وأيضًا فإن المآذن العالية ذات السُّلم الداخلي الذي يصعد عليها المؤذن للوصول إلى ارتفاع كافٍ يسمح بإيصال صوت المؤذن إلى القرية كلها.

والقيمة الثانية أنَّ المآذن لها قيمة جمالية أيضًا، فإن الله تعالى خلق النفس مجبولة على حب الجمال، وقد جمعت المآذن في الحضارة الإسلامية بين الجمال الذي يدرك بالحواس، والجمال الذي يُتذوق بالقلب والروح، ويدرك بالعقل.

والقيمة الثالثة التي تقوم عليها فلسفة بناء المآذن في الإسلام هي القيمة المعنوية، وهي قيمة لها ارتباط بالقيمة الوظيفية والقيمة الجمالية معًا، ففي عهد أحمد بن طولون رتب جماعة من النوبة يكبرون ويسبحون ويحمدون ويقولون القصائد الزهدية من فوق المنائر، وفي عهد صلاح الدين الأيوبي أمر المؤذنين في وقت التسبيح بالسحر، أن يعلنوا بذكر العقيدة الأشعرية، فواظب المؤذنون على ذكرها كل ليلة. إن حقيقة القيمة المعنوية للمآذن تكمن في أن صورتها وهيئتها يكون فيها من الإشارات ما يذكر بالمعاني السامية والعوالم العلوية.

من العلوم التجريبية التي أسهمت فيها الحضارة الإسلامية بنصيب كبير علوم الطبيعة (الفيزياء)، وشأن كل العلوم بدأ المسلمون في استيعاب ما وصلت إليه الحضارات القديمة في هذا العلم، ثم ما لبث المسلمون حتى قاموا بالتجديد والتطوير والإضافات الفريدة التي قامت على أسس البحث التجريبي الصرف الذي كان لعلماء المسلمين فضل السبق في إرساء دعائمه. وكان من نتائج المنهج التجريبي لدى المسلمين استنتاج نظريات جديدة وبحوث مبتكرة في قوانين الحركة، والقوانين المائية، وقانون


عرفت الحضارة الإسلامية القضاء منذ ظهور الإسلام؛ فلقد حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وخلفاؤه الراشدون بين الناس، وبعث النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم عليًّا رضي الله عنه إلى اليمن للقضاء بين الناس، وبعث كذلك معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، وبعث الخليفةُ الصدِّيقُ أبو بكر رضي الله عنه أنسَ بن مالك إلى البحرين ليقضي بين الناس، وبعث الفاروقُ عمر رضي الله عنه أبا موسى الأشعري إلى البصرة قاضيًا، وبعث عبدَ الله بن مسعود إلى الكوفة قاضيًا.


اهتم الإسلام بأمر العلم والعناية به، وقد كان ذلك من أوائل التوجيهات الإلهية للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والمسلمين أيضًا، فكان أول ما نزل من القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]، من هذا المنطلق كانت الرؤية واضحةً بالنسبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوجيهاته للمسلمين، باتخاذ وسيلة ومفتاح تحصيل هذا العلم ونشره عن طريق تعلُّم الكتابة، والتي أوصى الله باستخدامها في موضع آخر، منها مثلًا ما يتعلق بتوثيق الحقوق؛ حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ﴾ [البقرة: 282].


الإنسان هو محور هذا الكون، وهو معجزة الله العظمى في هذا النظام المتقن الفسيح، خلقه الله تعالى على هيئة تختلف كليةً عن سائر المخلوقات، وخصه الله سبحانه بالنعمة العظمى؛ ألا وهي نعمة العقل


اهتمت الحضارة الإسلامية بإعمار الأرض انطلاقًا من المنظور القرآني لوظيفة الإنسان في الكون وفي الحياة؛ وهو الاستخلاف في الأرض لعمارتها وإقامة عبادة الله عز وجل في ربوعها، فالإنسان هو خليفة الله في أرضه؛ قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30]، وقال تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾ [ص: 26] وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ [هود: 61]. ونهى الله تعالى الإنسان


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :14
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 48
العشاء
9 :15